في كهوف تحت الأرض.. الاحتياطي الأميركي للنفط قد يستخدم لمواجهة ارتفاع أسعار الطاقة

في الثلاثاء ٢٣ - نوفمبر - ٢٠٢١ ١٢:٠٠ صباحاً

مع ارتفاع أسعار البنزين والضغوط التضخمية في الأسابيع الأخيرة، تزايدت الدعوات في الكونغرس إلى أن تستفيد إدارة بايدن من الاحتياطي الإستراتيجي للنفط في البلاد.

حيث ضم زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر، صوته إلى هذه الدعوات في منتصف الشهر، وقال شومر في مؤتمر صحفى: "إننا نحتاج إلى تقليل أسعار فوري في محطات البنزين، والمكان الذي يجب البحث فيه هو احتياطي النفط الإستراتيجي".

وأما وزيرة الطاقة جنيفر غرانهولم فقالت إن مثل هذا الإجراء هو أحد التدابير التي تدرس الإدارة الأميركية تهدئة أسواق الطاقة بها، إلى جانب حث المملكة العربية السعودية وغيرها من المنتجين الأجانب على زيادة إنتاج النفط.

وقال الأشخاص الذين يؤيدون مثل هذا الإجراء إن البيع من الاحتياطي بأسعار نفط تزيد على 80 دولارا للبرميل لن يزيد الإمدادات ويقلل الأسعار في محطات البنزين فحسب، بل سينتج أيضا مليارات الدولارات من الإيرادات للحكومة الفدرالية.

زعيم الأغلبية في مجلس الشيوخ، تشاك شومر: "إننا نحتاج إلى تقليل أسعار فوري في محطات البنزين، والمكان الذي يجب البحث فيه هو احتياطي النفط الإستراتيجي"

ما الاحتياطي الإستراتيجي للنفط؟
يحتفظ الاحتياطي الإستراتيجي للنفط بأكبر إمدادات طارئة في العالم، إذ يخزن ما يقرب من 620 مليون برميل من مختلف درجات النفط الخام في كهوف تحت الأرض في 4 مواقع بتكساس ولويزيانا. وهي كهوف قادرة على تلبية احتياجات البلاد الاستهلاكية لمدة شهر تقريبا في حالة توقف جميع الواردات والإنتاج المحلي.

وقد تم استخدامه بعد الحظر النفطي الذي فرضه الأعضاء العرب في منظمة البلدان المصدرة للنفط (أوبك) في الفترة 1973-1974، وفي عدد قليل من حالات الطوارئ، بما في ذلك الحشد لحرب الخليج في عام 1991 وما تلا إعصار كاترينا في عام 2005، عندما تضرر جزء كبير من البنية التحتية النفطية لخليج المكسيك.

وفي كثير من الأحيان، استخدم الاحتياطي لتبادل النفط أو إعارته إلى المصافي عندما كانت قنوات السفن معطلة بسبب حوادث الصنادل أو العواصف.

ما الحجة لاستخدام هذا النفط؟
مع تعرّض الاقتصاد العالمي وممرات الشحن للوباء، تواجه الولايات المتحدة ضغوطا تضخمية لم تشهدها البلاد منذ عقود. والآن بعد أن أصبحت الولايات المتحدة منتجا رئيسيا للنفط، فإنها لا تحتاج إلى الإبقاء على الاحتياطي كاملا كما كانت الحال في الأيام التي كانت فيها البلاد أكثر اعتمادا على النفط الأجنبي.

وجاء في رسالة بعث بها 11 عضوا ديمقراطيا في مجلس الشيوخ إلى الرئيس جو بايدن في مطلع نوفمبر/تشرين الثاني أن "ارتفاع أسعار البنزين ألقى عبئا لا مبرر له على الأسر والشركات الصغيرة التي تحاول تغطية نفقاتها"، وجاء في الرسالة: "وقد ثبت ذلك أنه مرهق بشكل خاص مع استمرار ناخبينا في التعافي من التداعيات الاقتصادية لوباء كوفيد-19".

ومن شأن فتح الاحتياطي أن يعيد معايرة معادلة العرض والطلب، مما يخفف من نقص سوق النفط. وحتى التخفيض المؤقت في الأسعار المحلية للنفط والبنزين والديزل من شأنه أن يخفف الضغوط التضخمية على الأغذية وغيرها من السلع المنقولة بالشاحنات في جميع أنحاء البلاد.

ومع ارتفاع أسعار النفط إلى أكثر من الضعف منذ الانهيار الاقتصادي الذي صاحب أقسى أشهر الوباء، ارتفع متوسط سعر غالون البنزين العادي في الولايات المتحدة إلى 3.42 دولارات (تقريبا منتصف نوفمبر/تشرين الثاني) من 2.13 دولار قبل عام، وفقا لشركة "إيه إيه إيه" (AAA).

يذكر أن الإمدادات على مستوى العالم ناقصة لأن أعضاء أوبك حافظوا على غطاء الإنتاج من أجل دعم الأسعار. كما كان المنتجون الأميركيون حذرين، ويرجع ذلك جزئيا إلى أن المستثمرين يطالبونهم بالتركيز على خفض الديون وزيادة أرباح الأسهم بدلا من زيادة الإنتاج فقط بغرض إغراق المعروض في السوق ومن ثم خفض الأسعار مرة أخرى.

ما الحجة ضد استغلال الاحتياطي إذا؟
ينبغي أن يكون الاستخدام للاحتياطي محجوزا لحالات الطوارئ الحقيقية. تم إنشاء الاحتياطي وتصميمه لمعالجة الاضطرابات الطارئة الناجمة عن الحروب والعواصف، وليس الزيادة الدورية في الأسعار في محطات البنزين. وعندما تكون الإمدادات شحيحة، ترتفع الأسعار بشكل طبيعي، وعادة ما تستجيب الشركات من خلال إنتاج المزيد لحل مشكلة الأسعار في نهاية المطاف على الأقل.

بعد أن أصبحت الولايات المتحدة منتجا رئيسيا للنفط، فإنها لا تحتاج إلى الإبقاء على الاحتياطي كاملا كما كانت الحال في الأيام التي كانت فيها البلاد أكثر اعتمادا على النفط الأجنبي

هل سيكون استخدام الاحتياطي فعالا؟
يعتقد معظم الخبراء أن استخدام الاحتياطي سوف يخفض الأسعار بشكل متواضع، على الأقل لفترة قصيرة.

ويتوقف السعر على كمية ما سيتم استخدامه من الاحتياطي وما إذا كان مثل هذا الإجراء منسقا مع الدول الحليفة مثل اليابان وألمانيا اللتين يمكنهما أيضا الإفراج عن الاحتياطيات. ولن يكون لاستخدام 30 مليون برميل، على سبيل المثال، أكثر من تأثير مؤقت لأن أسعار النفط محددة عالميا ويبلغ متوسط الاستهلاك العالمي نحو 100 مليون برميل يوميا.

وقالت لويز ديكسون، كبيرة محللي أسواق النفط في شركة "ريستاد إنيرجي" (Rystad Energy)، وهي شركة استشارية، "إن استخدام الاحتياطي، والذي يخزن معظمه في شكل النفط الخام وليس المنتجات النفطية مثل البنزين، من شأنه أن يوفر بعض التخفيف لأسعار البنزين، ولكن من المرجح أن يكون التأثير معتدلا وقصير الأجل".

هل سيقلل الاستخدام أسعار التدفئة المنزلية؟
ربما في بعض الأماكن، لكن معظم المنازل تستخدم الكهرباء أو الغاز الطبيعي للتدفئة، فحوالي 5 ملايين منزل لا تزال تستخدم زيت التدفئة، ومعظمها في الشمال الشرقي.

ويمكن أن يساعد الإفراج عن الاحتياطي الإستراتيجي بشكل متواضع، ولكن أي تأثير يجب أن ينتظر حتى وقت متأخر من فصل الشتاء حتى تتم معالجة النفط من قبل المصافي ثم شحنه.
اجمالي القراءات 318