اعتبرت مجلة «فورين بوليسي» الأمريكية أن حملة مكافحة التدخين في إيران هي مثال على ضعف سيطرة الحكومة على سكانها.
وفي تقرير لها، أشارت المجلة إلى «آية الله سيد حسن معين شيرازي»، الذي قال إنه كان يرتدي عمامة سوداء، حتى تظهر نسبه إلى الرسول، (وفق ما يعتقدون)، وهو واحد من عدد من الملالي الذين يحاولون مكافحة التدخين ويقوم وعدد من الملالي منذ ثمانينيات القرن الماضي بمحاولة إقناع الإيرانيين بترك عادة التدخين.
وكانت إيران قد شرعت قبل أكثر من عقد من الزمان قانوناً يعتبر من أكثر القوانين الشاملة في العالم لمكافحة التدخين، ويمنع قانون 2007 التدخين داخل الأماكن مثل المباني، الفنادق، المطاعم والسيارات.
وتحتل إيران المرتبة التاسعة بين أكثر عشر دول تقول منظمة الصحة العالمية إنها تبذل جهداً من خلال القوانين وإجراءات أخرى لمنع التدخين.
ويقول المتخصص بأمراض الرئة ورئيس جمعية مكافحة التدخين الإيرانية «محمد رضا مسجدي»، «لقد شاهدنا تغيرات جذرية وأصبحت المباني خالية من التدخين نتيجة لحملات التوعية والإعلامية».
ومع كل هذا لا يزال استخدام التدخين في إيران بالمستوى نفسه الذي كان عليه وقت تشريع القانون.
ورأت المجلة أن جهود إيران لمكافحة التدخين تعكس مصاعب أخرى أوسع: فالتدخين هو عادة متجذرة والاعتماد على القيم الإسلامية كوسيلة فشلت في إقناع السكان كما حصل في موضوعات أخرى. وتواجه الحكومة صعوبة في ممارسة السلطة على المدخنين وكذا العمال المحتجين.
ارتفاع النسبة
ففي عام 2005 وقبل تغيير القوانين كانت نسبة المدخنين في إيران 15% وبحلول عام 2007 تراجعت النسبة إلى 11% أما اليوم فقد وصلت إلى 14% حسب أخر إحصائيات من وزارة الصحة.
ولم يحقق القانون كل شيء، فلا يزال ملاك المطاعم يتجاهلونه وهناك إقبال على استخدام النرجيلة التي تسبب نفس المضار التي تنجم عن السجائر.
لكن ليست هذه هي الرؤية التي يحملها الإيرانيون «لا ندخن”، قالت إمراة في مطعم كانت تشارك صديقاتها في نرجيلة و«لا نستخدم السجائر أبداً أما النرجيلة فهي مجرد مزاح».
وأشارت الكاتب إلى أن إيران لديها تاريخ في المعارضة للتدخين، ففي عام 1890 حصلت شركة تنباك (نوع من التبغ) البريطانية على صفقة مع الشاه الإيراني الفاسد لاحتكار زراعة التنباد ومبيعاته في كل البلاد.
وعلق «آية الله معين شيرازي» على تنازلات الشاه بالقول: «لقد أثرت على سيادة البلد».
وأصدرت المرجعية عام 1891 فتوى تمنع فيه التدخين في كل أنحاء إيران. ورافق المنع تظاهرات عارمة في كل أنحاء البلاد بشكل أفشلت الصفقة مع الشركة البريطانية.
وكانت المعركة بمثابة أول مواجهة للإمبريالية في تاريخ إيران ولكنها لم تؤد إلى تخلي السكان عن عادة تناول التنباك. وبناء على الدراسات التي قام بها رجال الدين للنصوص الدينية فلم يجدوا فيها، خاصة القرآن ما يمنع التدخين إلا أن «معين الشيرازي» يعلق أن «القرآن يعلمك أن لا تقتل نفسك» و«عندما ألتقي مع الناس أذكرهم أن التدخين مضر لهم وعلى أطفالهم».
وأصدر «معين الشيرازي» فتوى (التدخين ينتهك مباديء الإسلام).
فورين بوليسي رأت أن الفتاوى الدينية لا تردع الكثير من الناس، فالتوعية أكثر نجاحا عندما يشرح لهم المضار الصحية خاصة الدخان المصنع من تنباك رديء ويؤكد لهم أن ثمن التنباك يستهلك الميزانية خاصة العائلات الفقيرة.
انتشار التدخين
وتحمل حملات مكافحة الفساد شركة صناعة التنباك مسؤولية انتشار التدخين. وكذا وزارة الصناعة التي تسيطر على مصانع التنباك وتعارض زيادة الضرائب وتقول إن هذا سيزيد من عمليات التهريب.
وتسهم شركات التنباك الدولية في المشكلة، حيث تبيع رخص إنتاج أنواع من الدخان مثل وينستون وكينت وبال مول إلى الشركات الإيرانية ويتم إعادة انتاجها في المصانع الإيرانية. وهي ليست عرضة للعقوبات الدولية لأنها جزء من المنتجات الزراعية.
وتسمح العقوبات للمواد الطبية، مع أن إيران تجد صعوبة في استيراد المواد الدوائية والطبية. ولا تستطيع المستشفيات استيراد الأقنعة المتخصصة لمختبرات السل لأن الولايات المتحدة تمنعها لأنها قد تستخدم لأغراض عسكرية مع أن السجائر الأمريكية متوفرة.
وتركز جمعية مكافحة التدخين على تنظيم أيام دراسية. وتقيم مخيمات قرب العاصمة طهران لتوعية الأطفال من سن السادسة وما فوق. ويواصل «معين شيرزاي حملته لمكافحة عادة التدخين بكل أنواعه. ويتحدث بفخر عن مجموعته من علب التدخين القديمة.