عندما يحق القول على جماعة من البشر قد أنذرهم الله تعالى بعدم الكذب عليه واتخاذ دينه العظيم الاسلام مطية للوصول إلى الحكم بزعم أنهم ظل الله في الأرض ، ومن أجل هذا فهم يبدلون شرع الله ويحرفون الكلم عن مواضعه من بعد ماعقلوه وهم يعلمون.. مدعين أنهم الحصن الحصين للدين.
حتى ولو وصلوا إلى غايتهم الدنيئة.. فهم قد باؤوا بغضب من الله تعالى.. وعندها .. تصيبهم مصيبة الغشاوة عن الحق والصواب والعدل.. وهذا ما نشاهده اليوم في مصرنا المحروسة فبعد أن عاث العسكر في ربوعها فسادا لمدة ستين عاماً وبعد أن انتشر الفكر الوهابي على أنه الاسلام وهو ما يعرف بالاسلام السياسي، نجح الاسلام السياسي في كسب عقول المصريين مسطحي الثقافة والوعي وهم بعشرات الملايين.. واستطاع الاخوان أن يخططوا لانتخابات رئاسية كان عامل الحسم فيها كره المصريين للنظام العسكري البوليسي الفاسد وخوفهم من أن يكونوا قد عصوا الله بعدم تزكيتهم مرشح الاسلام السياسي.. ومع الدعم السعودي والخليجي للإسلام السياسي.. أدت كل تلك العوامل ..إلى جعل الاخوان يفوزون ويفوز معهم مرشحهم الاحتياطي بمنصب الرئاسة.
لكنهم قد فازوا بمنصب الرئاسة وفازوا أيضا بغضب من الله لهذا فقد حق عليهم القول بغشاوة البصيرة و وعدم معرفة الحق من الضلال في الدين وفي الدنيا.. وكان عقابا لهم من الله تعالى أن تكون هذه الغشاوة هى لعنة أصابتهم وهم لايدركون كنهها.
وعلى هذا الأساس القرآني يمكن أن نتأمل حال مصر اليوم والصراع المحموم الخبيث بين الاخوان بقيادة الرئيس المنتخب وبين العسكر.. وجهازهم الأمني.. حول الإحتفاظ بعرش مصر.
وإذا كان الرئيس المنتخب قد فاز بفارق 1,7% عن مرشح العسكر.، فمعنى ذلك ان هذا الفارق البسيط يمكن أن يتحول إلى النقيض في غضون شهور معدودة لو لم يتدارك السيد الرئيس هذه الشعبية المتقاربة..
كيف يزيد السيد الرئيس وفصيل الاخوان شعبيتهم في الشارع المصري؟
فبدلا من التشدق بإشاعة أن الرئيس ليست له صلاحيات كاملة. وهذا عجب العجاب فالرئيس المنتخب في كل الدول الحرة ليست له صلاحيات كاملة.. أم أنهم يريدون ان يحكموا كآلهة على الأرض .!؟
إن الصلاحيات التي في يد الرئيس اليوم يمكن أن تجعله زعيماً جماهيريا مصرياً على جميع المستويات .. لو زالت الغشاوة عن عينيه وعقله العلمي فهو يحمل درجة الدكتوراة في العلوم الهندسية.
يمكن للسيد الرئيس / محمد مرسي أن ينتقي فريق عمل همه الأول صالح المصريين ويكون معهم همه الأول صالح ملايين المصريين الذين انتخبوه.. وملايين أخرى سوف تكون دعماً له في فترة رئاسية أخرى لو أبلى بلاءاً حسناً..
كيف يبلي الرئيس البلاء الحسن.؟
أولاً أن أن يتخلى عن التكريس لدولة الاخوان وعن التكريس لهاجس الخلافة الذي أرق عقول ومضاجع الاخوان لمدة ثمانين عام.
كيف يلبي الرئيس البلاء الحسن .؟
. إذا كان العسكر يلاعبونه هم وجهازهم الأمني وكوادر النظام السابق بافتعال المشكلات العويصة بالنسبة له ولحكومته التي سوف يكلف أحد اتباعه بتشكيها.. وبالنسبة لمصر فهى جرائم في حق المصريين دأب الجهاز الأمني على ارتكابها. ومن هذه الجرائم حوادث السلب والنهب التي تدور الآن في بورسعيد من حرق لكثير من الأحياء التجارية ومحلات المواطنين.. واستغاثة شعب بورسعيد بالمحافظ الذي تقاعس عن نجدتهم وهو وجهاز المن وهم بذلك خائنين للمصريين ولمهام وظيفتهم ولكنه من العسكر هدفه أن ينفذ سياسة المجلس لإسقاط مرسي أو تحجيمه وتحديد خطواته لإرساء دولة الاخوان.
منع المحافظ قوات الأمن من أن تتحرك لنجدة أصحاب المحلات والشقق التي تعرضت للسلب والنهب على أيدي بلطجية وزارة الداخلية وعصابات جهاز امن الدولة.
اعتصم المواطنين في مسيرات تطالب برحيل المحافظ.. وما دام قام الشعب البورسعيدي.. سوف يرحل المحافظ الخائن.
حوادث قتل أخوين بالشرقية مهنتهم الاشتغال بعزف الموسيقى.. !!
من الجائز أن تكون جماعات الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هى من فعلت ذلك.. ولكن هناك احتمال قوي أن يكون جهاز الأمن هو من قام بذلك لتشويه سمعةالاخوان وجهازهم الغير آمر بالمعروف.
حرائق في مناطق صناعية كبرى يعمل بها مئات الآلاف من العمال وتهديد مصدر رزقهم..
أزمات المرور المفتعلة عن عمد لجعل كل من يقود مركبة يلعن اليوم الذي انتخب فيه مرسي..رئيساً..
وغيرها وغيرها من الجرائم التي يرتكبها العسكر وجهازهم الأمني وفلول النظام.. لإشاعة الفوضى والأزمات وجرائم القتل والسرقة وإشعال الحرائق في المصانع والمحلات والأحياء السكنية في السويس وغيرها.
ومن تدمير البنية التحتية من المجاري وتعمد إلإساد نظام الصرف الصحي بالمدن الكبرى الذي يحدث هذه الأيام ، ومن اشعال نار الفتنة الطائفية من جديد والتي يساعدهم في ذلك شباب الاخوان والسلفية من تحقيرهم لأبناء مصر الأقباط.
يعني بالبلدي العسكر وجهازهم الأمني يبعثوا رسالة لمرسي معناها .. انشغل بحل هذه المشاكل والكوارث التي نصنعها.. خصيصاً لك ولفريق العمل الذي سوف تختاره بعيداً عنا .. انشغل بكل ذلك عن تكريس دولة الاخوان.؟
وإن كنت بارعًا في حل هذه المشاكل ..
هذا هو التحدي لك سيدي الرئيس.. فهل تقبل التحدي بعقل رجل الدين أم بعقل رجل العلم الذي أنت محسوب على رجاله.؟
وأهمس لك بأفكار كانت يجب ألا تغيب عن ذهنكم وأنتم العالم في مجال تخصصه.. وتحمل درجة الدكتوراة التي من ضمن أسسها هو فلسفة هذا العلم الذي تحمله هذه الدرجة العلمية ..
من يحمل تلك الدرجة العلمية لا يحمل علماً فقط في مجال معين ولكنه يحمل مع العلم حكمة وفلسفة ورؤية شاملة كيف أن هذا العلم يخدم باقي مناحي الحياة اليومية والمستقبلية للمجمتع.وللانسانية جميعاً.
ما هى حكمتك وما هى حنكتك.. في أول زيارة تقوم بها وأنت رئيس مصر.. لماذا السعودية.. لماذا السعودية.؟؟!!
ولماذا نشرت الصحف السعودية قبل زيارتك صورة الأب الروحي للإخوان المسلمين الزعيم حسن البنا.. وهو يقبل يدي الملك عبدالعزيز آل سعود مؤسس الدولة السعودية في أوائل القرن الماضي..!؟
هل هذه الصورة لها دلالات وهل هذه الزيارة للسعودية معناها
أنك تجدد العهد بالبيعة للخلافة التي تخطط لها السعودية وأن تكون مصر إمارة سعودية يحكمها أحد كوادر الاخوان الذين انشقوا من عباءة الاخوان النجديين الذين أسس بهم محمد بن الوهاب المليشيات وجعلها طوع يدي عبدالعزيز آل سعود و التي كانت سببا في تأسيس السعودية..
إن كثيرا من المصريين الذين كانوا قاب قوسين أن ينضموا إلى مريديك قد انفضوا عنك بهذه السقطة الأولى.،
وهل نشهد سريعاً سقوطاً مدويا لجماهيرية للإخوان
وسقطة أخرى.. هى تمسكك بمجلش شعب وإن كان قد أتى بالانتخاب ولم تزور فيه أصوات الناخبين إلا أن دعاة تيار الاسلام السياسي قد زوّرُوا ارادات المصريين بتوعدهم بالكفر والخروج عن دين الله إن هم انتخبوا أحداً غير مرشحي الاسلام السياسي.
لهذا كان عقاباً من الله بأن يحق القول عليهم بأن يجعل الله تعالى من بين أيديهم سدا ومن خلفهم سداً حاجزين معنويين يمنعان كل من يتاجر بدين الله ويشتري به ثمنا قليلاً (الخلافة والحكم) كان وعداً من الله أن يجعل هذين السدين المنيعين من بين الأيدي في عصرهم وممن يخلفهم بعدهم بأن يمنعهم من أن يُبصروا الحق والعدل والتقوى.. و بالتالي تكون هناك غشاوة فلا يصلوا إلى الحق والهدى أو أن يقيموا القسط ابتغاء مرضاة الله.
كان من القسط أن يسارع الرئيس مرسي بإرساء دولة القانون وأن يحترم أحكام المحكمة الدستورية العليا ..
كان من الدهاء السياسي ونفاذ البصيرة وليس غشاوتها.. أن يسارع الدكتور مرسي لكسب شعبية وجماهيرية منقطعة النظير بأن:
يلقي قراراً سيادياً محتكماً إلى حكم المحكمة الدستورية ومستندا إلى دولة القانون .. في أول بيان له بأن يقول استناداً إلى أحكام المحكمة الدستورية وإلى إرساء دولة القانون .. بأن يأمر بالإفراج الفوري عن أكثر من أربعة عشرة ألف معتقل وسجين سياسي تم الزج بهم في المعتقلات بعد أن حكم عليهم القضاء العسكري منذ أحداث يناير قبل الماضي.. كان يمكن للرئيس أن يٌحرج ويٌخزي القضاء العسكري والمحاكم العسكرية والمجلس العسكري وأمن الدولة ويعلن بعدم دستورية محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري. ويسير بعد بيانه الأول في مسيرات مليونية إلى معتقلات مصر ويُفرج فورا عن كل المعتقلين منذ بدايات عصر مبارك الملعون.. ويفرج عن معتقلي الاخوان والسلفية المرميين في المعتقلات منذ عشرات السنين..
أُنظر سيدي الرئيس كم الجماهير التي سوف تبصم لك بالزعامة والوطنية وأنك رئيس لكل المصريين ..
أنظر كم التيارات السياسية والفكرية التي كانت سوف تنضم إليك لو أنك قمت بمثل هذا الاجراء العاجل..
ألا يهمك ويؤرق مضجعك معتقلي الإخوان المرميين في السجون منذ عشرات السنين ,, ألا يؤرق مضجعك كل المصريين الشرفاء الذي قاوموا مبارك من ليبراليين وعلمانيين وحتى يساريين وأقباط ومعهم شباب الاخوان في الثلاثين عاماً الماضية ..
كان يجب عليك منذ اليوم الأول لإعلانك رئيسا لمصر أن تقوم بذلك.. لكنك بدلاً من ذلك أعدت مجلس الشعب لتواجه به العسكر والمحكمة الدستورية وبعدها قمت فذهبت للسعودية لماذا؟؟ علامات استفهام كثيرة.
ثانياً:
لماذا لم تجعل حيز التنفيذ.. في السنة المالية الحالية منذ أول يوليو .. وتفعل حكم المحكمة الدستورية بتحديد الحد الأعلى للأجور والمرتبات والحد الأدنى حيز التنفيد ..
كان هناك سبعة ملايين موظف منهم نصف مليون موظفين يقبضون أكثر من نصف مليون جنيه في الشهر وباقي موظفي مصر معظمهم يقبضون مرتبات لاتزيد عن نصف ألف جنيه.. لو أعدنا توزيع تلك المرتبات بالعدل .. حتى ولو لم يكن هناك ميزانيات للحد الأدنى للأجور يمكن بعد عدالة توزيع الأجور والمرتبات العالية جدا وإعادة توزرعها على باقي موظفي مصر.. لأمكنك من أن تعيد العدل والأمل لسبعة مليون موظف وأسرهم وأولادهم الكبار الذي كانوا سوف يدلون لك بأصواتهم في فترة رئاسية قادمة..
لكنك لم تفعل سيدي الرئيس.. وكان همك الأول التكريس لدولة الاخوان .. وزيارتك لتونس التي أصبحت في حكم الإمارة السعودية الأولى لهو مؤشر خطير على أنك تدور في فلك مرشد الاخوان (آية الله محمد بديع).
لماذا لم تسعَ بدأبٍ وصدقٍ وجدية وحزمٍ في استعادة ثروات مصر التي نهبها مبارك وأعوانه.. أم أنها قد ذُريت في مهب الريح .. ريح الخلافة. أرجوا لك سيدي الرئيس من أن تتخلص من الأغلال التي في عنقك أغلال الانتساب لقبيلة الاخوان والاسلام السياسي وكابوس الخلافة .
وأعود وأتساءل: هل أنت ممن جعل الله تعالى من بين أيديهم سداً ومن خلفهم سداً فتكون ممن يقول الله تعالى فيهم.(فأغشيناهم فهم لايبصرون)؟
أرجوا من الله العلي القدير أن تُريد الحق والعدل وتسعى إليه بهذا المُلك الذي وهبك الله إياه فيُلهمك جلاء البصيرة وليس غشاوتها.
ولنتدبر معاً قوله تعالى:
{ لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ{7} إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلاَلاً فَهِيَ إِلَى الأَذْقَانِ فَهُم مُّقْمَحُونَ{8} وَجَعَلْنَا مِن بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لاَ يُبْصِرُونَ{9} .
الوادي الجديد في 15/7/2012م.