قال أحد الخريجين الأوائل للرئيس محمد مرسى فى حفل تخريج دفعة جديدة من أكاديمية الشرطة امس : كنت أخشى أن تفرق بين أبنائك فى الشرطة والقوات المسلحة ، ولاتحضر حفل تخريجنا اليوم ، ولكنى سعيد بتكريمك لنا ومنحى نوط الإمتياز .
ومن جانبه إرتجل الرئيس كلمة فى نهاية الإحتفال ، لم يكن معد لها برتوكوليا ، وأشاد بالضابط الخريج ، وأكد انه لم ولن يفرق أبدا بين ضباط الشرطة والجيش ، ومؤكدا أيضا أن القوات المسلحة والشرطة هما جناحى الأمن فى مصر .
لم تكن المرة الأولى الذى يهتم فيها رئيس الجمهورية " الجديد " بالشباب ، ويخرج على القواعد البرتوكولية ، ويهتم بما قاله شاب فى مقتبل حياته العملية ، ويطمأنه ويشيد به ، فقد كان أول خطاب رسمى له فى جامعة القاهرة مختلفا ، فقد بدأ الخطاب الذى كان ينتظره الملايين ، بلفته إنسانية ، كانت غريبة على جميع الحاضرين ، ومفاجأة لهم ، إذ قدم إعتذاره لطلبة الحقوق والاداب بالجامعة، الذين تأجلت إمتحاناتهم بسبب الإحتفال المقام فى الجامعة وإلقاء الرئيس لخطابه اما ممثلين من كل طوائف الشعب ، وهذا دليلا على أننا بدأنا عهدا جديدا ، يحترم فيه الرئيس الشعب ، ويهتم بأدق التفاصيل
فقد كنا فى عهد رئيس الجمهورية السابق نعانى من التهميش والإقصاء ، وكإننا رعايا ، مهمتنا نخدم الحاكم ونطيعه ، وننفذ أوامره حتى ولو كانت خطأ ، بل ونشيد بها ، بإعتباره له نظرة ثاقبة ، وكان ذلك بفضل جهازه الأمنى القمعى والإعلام المضلل المنافق ، والذى إعتبر إن مصر" ولدت من جديد " فى يوم ميلاد مبارك " المخلوع " ، وكانت الحجة فى ذلك إن وجود الرئيس ضرورى من أجل ضمان الإستقرار ، وتوفير الأمن والأمان ، بل إن الرئيس " المحبوس " كان يجيد إستخدام الإخوان المسلمين " كفزاعة للغرب " وبسبب ذلك تم تزوير المرحلة الثانية من الإنتخابات التى أجريت عام 2005 ، بل وتم تزوير إنتخابات 2010 تزويرا كاملا ، والتى كان تزويرها الفاضح سببا فى قيام ثورة 25 يناير ، بل إن الرئيس المحكوم عله بالمؤبد حاليا ، أوهم دوائر فى الغرب خاصة بأمريكا بعد قيام الثورة ، إن سقوطه يعنى سيطرة الإخوان المسلمين على الحكم ، وشيوع الفوضى وعدم الإستقرار فى مصر ، وقال مقولته الشهيرة " أنا .... أو الفوضى .
ولكن بعد فوز الرئيس محمد مرسى بمنصب رئيس الجمهورية ، وحضوره حفلات تخرج لضباط جدد من القوات المسلحة والشرطة ، وبعد الإستقبال الحافل له فى أكاديمية الشرطة أمس، وكلمة وزير الداخلية النشيط محمد إبراهيم فى الإحتفال ، الذى أشاد فيها بالرئيس ، وتأكيده على إستمرار الشرطة فى حماية " الشرعية " وتحقيق المزيد من الإستقرار الأمنى ، أستطيع القول إن مقولة " أنا أو الفوضى " أصبحت مقولة كاذبة ، وفزاعة الإخوان أصبحت وهما ، كما إن "المقولة والفزاعة " كانتا من أجل حصد مكاسب سياسية للنظام السابق ، وتكريسا لإستبداده ، وحكمنا أطول فترة ممكنة بالحديد والنار ، بل إن " الإسفين " الذى حاول دقه مرشح الفلول السابق للرئاسة أحمد شفيق ، بين الشرطة والشعب ، أسفر عن سقوطه فى الإنتخابات ، لأنه ركز فى دعايته على أنه سيحقق الامن ، بينما فوز مرشح الإخوان يعنى الفوضى ، لان مرسى بعد فوزه سيتخلص من كل قيادات الشرطة الذين نكلوا بالإخوان فى السجون ، وسيصفى حساباته معهم ، ولاسيما أنه سجين سابق ، بل هرب من السجن أثناء الثورة ، كما كان يدعى شفيق ويسخر من ذلك كثير ! .
وقد تولى السجين السابق محمد مرسى رئاسة الجمهورية ، وهرب شفيق إلى الإمارات ، ونعيش الأن حياة " أمنية عادية" ، وفى شبه إستقرار سياسى ، ولم يحدث إنفلاتا أمنيا ، أو حرائق منظمة ولم تفتح السجون ، ولم تضطر قوات الجيش للتدخل بقوة لفض أعمال الشغب ، ولم يحدث عصيانا مدنيا ، أو حربا أهلية مصغرة ، كما كان يراهنون ويحلمون " الفلول " .
اليوم فتح الرئيس صفحة جديدة مع الشرطة ، وأثبت أن كل ماتردد فى السابق مجرد أكاذيب ، ونسف مقولة " أنا أو الفوضى " ، ولكن يبقى فقط أن يقوم بتطهير جهاز الشرطة من " الطغاة " الصغار خاصة فى جهاز الأمن الوطنى ، أمن الدولة سابقا ، وينفذ برنامجه فى تحقيق الإستقرارالأمنى الكامل وحل مشكلة المرور ، لأننى حتى الأن لم أجد أى جديد فى حل مشكلة المرور المستعصية ، أو حلولا مبتكرة لإنسياب المرور ، ولاسيما ونحن على أبواب شهر رمضان الكريم .
حمدى البصير