الخمار والجلباب والحجاب والنقاب
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
بسم الله الرحمن الرحيم
ابتلانا الله بوباء التنطع في الدين والذي ظهر في الآونة الأخيرة بانتشار ظاهرة النقاب، والمشكلات العديدة التى ظهرت في المُجتمع نتيجة هذه الظاهرة العجيبة.ه
وهذا ما وجدته في كتاب الله بخصوص ملابس المرأة.ه
الخمارهو من عادات المرأة العربية،وهو غطاء الرأس للأنثى كما كانت العمامة هي غطاء الرأس للرجل للوقاية من الشمس. وآية الخمار تدعو لتغطية فتحة الصدر حتى لا يظهر الثدي، فيتم جذب غطاء الرأس ليُغطي جيب الثوب أي فتحة العنق التي قد يظهر منها الصدر، وليس ليُغطي الوجه.ه
وليس هناك أمر بتغطية الرأس أو تُشير إلى أن الرأس أو الشعر عورة،وإنما يعتمد هذا على العُرف فيظهر من زينة المرأة ما جرى العُرف على إظهاره،وهذاهو معنى: "إلا ما ظهر منها" في الآية: {وَقُل لِّلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْأَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّإِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَاوَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَىجُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْآبَائِهِنَّ أَوْ آبَاء بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءبُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِيأَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِالتَّابِعِينَ غَيْرِ أُوْلِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِالَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاء وَلَا يَضْرِبْنَبِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ وَتُوبُواإِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}النور31
وبالإضافة إلى ما سبق تُوضح هذه الآية أنه حتى تستطيع الزوجة القيام بما يلزم لها من عمل فى البيت ، فيُمكنها أن تتخفف من ثيابها أمام من هم مُحرَّمين عليها تحريما مُؤبدا وقد عددهم سبحانه، وكذلك أمام صاحباتها، وأمام ما ملكت يمينها من عبيد وإماء أو التابعين (باستثناء أُولى الإربة من الرجال)، وأمام الأطفال الصغار ممن لا يُدركون عورات النساء (أى وليس أمام الأطفال الكبار الذين بدؤوا فى فهم الفروق بين الرجل والمرأة).ه
والمُسلمات سافرات الوجوه ولذلك كانت آية غض البصر. فالنظرة العابرة لا شيء فيها، ولكن التفرس والتحديق في وجوه النساء لا يليق، ولذلك أمرنا الله بغض البصر لأن هذا أزكى لنا أي يزيد من قدرنا عند ربنا.ه
آ {قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ} النور30
وفي الآية: {لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء مِن بَعْدُ وَلَا أَن تَبَدَّلَ بِهِنَّ مِنْ أَزْوَاجٍ وَلَوْ أَعْجَبَكَ حُسْنُهُنَّ إِلَّا مَا مَلَكَتْ يَمِينُكَ وَكَانَ اللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ رَّقِيباً} الأحزاب52
نجد ما يُشير إلى السُّفور وإلا فكيف للرسول أن يُعجبه حُسنهن إلا لو كُن سافرات الوجوه؟ه
ولاحظوا أن النساء في الحج سافرات الوجوه وهذا مما تواتر إلينا في الحج منذ أيام الرسول.ه
فكيف تكون المرأة سافرة الوجه في زحام الحجيج منذ أيام الرسول الكريم ثم يُفتي المُتشددون بالنقاب في حياتها العادية؟!!ه
أما الجلباب فهو الرداء الخارجي وكان في العادة عبارة عن مِلْحَفَةٌ (أي ملاءة) أو عباءة تُغطي بها المرأة ملابسها الداخلية (أي الشعار أو القميص) وكانت بعضهن تتركه مفتوحا فيظهر الشعارأو بعض أجزاء جسمها.ه
آ {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُل لِّأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاء الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَن يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُوراً رَّحِيماً} الأحزاب59
فيُدنين تعني فيُقربن وليس فيُسدلن كما فسرها البعض على هواه، وكان أمر الله هو أن يُقربن جلابيبهن من أجسادهن حتى لا تكون مفتوحة فتظهر أجسادهن وملابسهن الداخلية، وهذا أقرب لأن يعلم الناس أنهن سيدات مُحتشمات مُحترمات فلا يتعرضن للمُعاكسة أو التحرش.ه
ومن آية غض البصر نجد هذه الجملة: {.... وَلَا يَضْرِبْنَبِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّوَتُوبُواإِلَى اللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ}النور31
ويعني هذا أن يكون الجلباب سابغا يُغطي الساقين.ه
أما الحجاب في القرآن فهو الستار الذي يحجب الرؤية أو يحول دونها كما في الآية: {وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْياً أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولاً فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاءُ إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ} الشورى51
وآية الحجاب أي الستار تعني أن تتكلم زوج الرسول من وراء ستار كالباب مثلا.ه
آ {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعاً فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَداً إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيماً} الأحزاب53
أما النقاب (الذي يُغطي وجه المرأة ما عدا عينيها) فهو غلو في الدين وتشدد وتنطع، وكذلك القفاز والجورب والعباءة، والذي بلغ من تشدد المُتنطعين أن جعلوها سوداء اللون وكرهوا باقي الألوان، وتشدد الوهابية أكثر فجعلوا فتحة العين لا تُظهر إلا جزءا من عينها اليُسرى.
آ {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلاَ تَتَّبِعُواْ أَهْوَاء قَوْمٍ قَدْ ضَلُّواْ مِن قَبْلُ وَأَضَلُّواْ كَثِيراً وَضَلُّواْ عَن سَوَاء السَّبِيلِ} المائدة77
ويقول تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْنَاكُم مِّن ذَكَرٍ وَأُنثَىوَجَعَلْنَاكُمْ شُعُوباً وَقَبَائِلَ لِتَعَارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْعِندَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ}الحجرات13
فنحن نتعرف على الشخص من وجهه بملامحه المُميزة والذي قد يدل على شعبه وقبيلته وأسرته، أما لو كُن مُنقبات فكيف سيتم التعرف على الواحدة من الأخرى إلا لو جعلنا لهن أرقاما مثل أرقام السيارات، ورقم آخر موشوم على جلودهن مثل رقم شاسيه السيارة حتى لا تلبس واحدة ملابس الأخرى، وهذا تهريج وعبث وهبوط بالمرأة إلى مرتبة الحيوانات.ه
والنقاب سيكون مثارا لمشاكل عديدة كالغش في الامتحانات، أو السرقة من المحال، أو ارتكاب الجرائم في الزحام بين نساء لا تتميز واحدة منهن عن الأخرى، أو قد يرتدي رجال النقاب للتحرش بالنساء، أو لغير ذلك من جرائم كتبت عنها الصحف وذكرها الإعلام.ه
فالنقاب تشدد لا يتفق مع وسطية الإسلام، كما أنه غير صحي لأنه يمنع أشعة الشمس فوق البنفسجية تماما عن الوصول إلى الجلد الذي يصنع فيتامين "د" مما يتسبب في انتشار مرض الكُساح ولين العظام بين المنقبات.ه
التبرج
بَرَجَ تعني ارتفع وظهر
وتبرجت المرأة أي أظهرت زينتها ومحاسنها لغير زوجها.ه
وفي الجاهلية قبل الإسلام كانت النساء تتفنن في إظهار محاسنها للغرباء، فجاء أمر الله لنساء النبي بعدم إظهار زينتهن ومحاسنهن للغير لأنهن يتميزن عن باقي النساء بكونهن أزواج النبي.ه
آ {وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً} الأحزاب33
آ {يَا نِسَاء النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِّنَ النِّسَاء إِنِ اتَّقَيْتُنَّ فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَّعْرُوفاً} الأحزاب32
وسمح لمن يلزمن بيوتهن من النساء بسبب كبر سنهن أن يتخففن من ملابسهن مع عدم التزين.ه
آ {وَالْقَوَاعِدُ مِنَ النِّسَاء اللَّاتِي لَا يَرْجُونَ نِكَاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُنَاحٌ أَن يَضَعْنَ ثِيَابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ وَأَن يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَّهُنَّ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} النور60
أما ما يسمى بالحجاب الآن (وصحته الخمار، فهو يُغطي الرأس وجانبي الوجه والرقبة وأعلى الصدر) فهو مُحتشم ولكنه ليس بواجب على المرأةمادامت لا تُظهر صدرها أو أماكن الفتنة في جسدها، فالمطلوب أن تُكون مُحتشمة في ملابسها، وغير مُتبرجة، فيعرف الناس أن هذه سيدة مُحترمة فلا يتعرضون لها، وليس في كتاب الله ما يُشير إلى أن إظهار شعر المرأة حرام، فهذا يكون حسب أعراف البلد.ه
هذا ما أراه والله أعلم