كتاب ( المجتمع المصرى فى ظل تطبيق الشريعة فى عصر السلطان قايتباى )

آحمد صبحي منصور في الثلاثاء ١٠ - يوليو - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

أولا :

1 ـ من روعة التصوير القرآنى لشخصية المشرك الكافر بالقرآن الكريم الذى يرفض الاحتكام اليه أنه ينظر اليك حين تدعوه الى الهدى ولكن لا يبصر:( وَإِنْ تَدْعُوهُمْ إِلَى الْهُدَى لا يَسْمَعُوا وَتَرَاهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ وَهُمْ لا يُبْصِرُونَ (198)( الأعراف ) ، وتكلمه فلا يسمع كما لو كان ميتا فى قبر ، لا فائدة من الكلام معه ، لذا تكرّر قوله جلّ وعلا للنبى عليه السلام : (إِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (80) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (81)  النمل ) (فَإِنَّكَ لا تُسْمِعُ الْمَوْتَى وَلا تُسْمِعُ الصُّمَّ الدُّعَاءَ إِذَا وَلَّوْا مُدْبِرِينَ (52) وَمَا أَنْتَ بِهَادِي الْعُمْيِ عَنْ ضَلالَتِهِمْ إِنْ تُسْمِعُ إِلاَّ مَنْ يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا فَهُمْ مُسْلِمُونَ (53) ( الروم)، ( وَمَا يَسْتَوِي الأَحْيَاءُ وَلا الأَمْوَاتُ إِنَّ اللَّهَ يُسْمِعُ مَنْ يَشَاءُ وَمَا أَنْتَ بِمُسْمِعٍ مَنْ فِي الْقُبُورِ (22) فاطر)، أى يكون المؤمن حيّا بالهدى ويكون الكافر ميتا بقلبه لا فائدة من وعظه ، ولا يستوى هذا بذاك . فى أمور الدنيا يستعمل ذكاءه وحواسه، ولكن مع القرآن الكريم الواضح الميسّر للذكر تتكاثر الأكنّة على قلبه ، وهذا ما أعلنه مشركو مكة : (حم (1) تَنزِيلٌ مِنْ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ (2) كِتَابٌ فُصِّلَتْ آيَاتُهُ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (3) بَشِيراً وَنَذِيراً فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ (4) وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ فَاعْمَلْ إِنَّنَا عَامِلُونَ (5) فصلت ). ولذلك فالكافرون المشركون الضالون أسوأ من الحيوانات : ( أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلاَّ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً (44) الفرقان )

2 ـ مشركو قريش أفضل حالا من مشركى الوهابية فى عصرنا ، على الأقل فمشركو مكة كانت لديهم فضيلة الصراحة بقولهم بأن أكنة على قلوبهم وبينهم وبين القرآن حجاب ، بل ومطالبتهم النبى محمد عليه السلام بالاتيان بقرآن آخر يتجاوب مع أهوائهم : (وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالَ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقَاءَنَا ائْتِ بِقُرْآنٍ غَيْرِ هَذَا أَوْ بَدِّلْهُ ) ويأتى الرد من رب العزّة جل وعلا بأنه النبى لا يملك هذا ، بل هو متبع للقرآن يخشى من عذاب يوم عظيم إن عصى القرآن ( قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي إِنْ أَتَّبِعُ إِلاَّ مَا يُوحَى إِلَيَّ إِنِّي أَخَافُ إِنْ عَصَيْتُ رَبِّي عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ (15) ولقد لبث فيهم قبل الوحى زمنا عرفوه فيه بالصدق والأمانة فكيف يجعلونه كاذبا بعد نزول الوحى عليه ؟ : (قُلْ لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا تَلَوْتُهُ عَلَيْكُمْ وَلا أَدْرَاكُمْ بِهِ فَقَدْ لَبِثْتُ فِيكُمْ عُمُراً مِنْ قَبْلِهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ (16) ( يونس ). أما مشركو الوهابية فمع تكذيبهم القلبى للقرآن فقد تطرفوا فى الكفر درجة استخدام القرآن والاسلام  فى طموحهم السياسى ليركبوا به ظهور الناس،فالاخوان (المسلمون) يجعلون من شعاراتهم (القرآن دستورنا) ، وحين نطالبهم بالاحتكام الى القرآن ـ وهو فريضة الاهية ـ يتهموننا بإنكار السّنة ( الوهابية ) وبإزدراء الدين ( الأرضى السّنى الحنبلى الوهابى).بل هم يطلقون على حزبهم (الحرية والعدالة) وهم أبعد الناس عن مفهوم الحرية والعدالة .

ثانيا :

1 ـ وفى شعارهم ( تطبيق الشريعة ) لم يحددوا الشريعة المراد تطبيقها حتى لا يخيفوا الناس ، وحتى لا ينفضّ عنهم الناس . ونحن نعفيهم من هذا الحرج ونجيب بالنيابة عنهم . شريعتهم المراد تطبيقها ليست هى شريعة القرآن الكريم القائمة على العدل والاحسان والحرية المطلقة فى الدين والفكر والتى تتناقض مع شريعتهم السّنية القائمة على الإكراه فى الدين وحدّ الردة واستحلال قتل المسالمين ، لذا يقطعون الطريق علينا مقدما بتشويه سمعتنا واتهامنا لمجرد دعوتنا للإحتكام للقرآن الكريم . ولكن شريعة السنيين تحوى عدة مذاهب مختلفة . فأى مذهب يريدون ؟ طبعا يقصدون المذهب الحنبلى. ولكن هناك مدارس حنبلية مختلفة ، فأى مدرسة حنبلية يريدون ؟ طبعا يقصدون مدرسة ابن تيمية . ولكن ابن تيمية عاش مضطهدا ولم يحدث أن قام بتطبيق شريعته ، فكيف نجد التطبيق العملى لمدرسة ابن تيمية ؟ نجده فى المملكة السعودية . هنا نسأل : هل فى هذه المملكة عدل ؟ وهل فيها قانون ؟ وهل لو كان فيها قانون أهو يسرى على الجميع من أمير وأجير ؟ وهل فيها نظام قضائى حقيقى ؟ أم أنها غابة يحكم فيها قضاة الأسرة السعودية على الشعب المملوك لتلك الأسرة ، وأولئك القضاة هم مجرد خدم وعبيد لولى الأمر السعودى وكل أفراد عائلته بل وكل العبيد والمماليك فى البلاط السعودى .. هذه بالضبط هى الشريعة التى يريدون تطبيقها، ولكن لا يريدون الخوض فى تفصيلاتها .

2 ـ خطتهم هى نفس مخطط سيدهم ( عبد العزيز آل سعود ) مؤسس الدولة السعودية الراهنة ، ومؤسس التنظيمات السلفية فى مصر من دعوية كأنصار السّنة ، أو حركية سياسية كالاخوان المسلمين . خطة عبد العزيز كانت التوسع خطوة خطوة ، وانتظار ما يبدو متعذرا الى الوقت الذى يصبح فيه ممكنا مع العمل على تطويع ما يبدو مستحيلا بالصبر والدهاء ليكون ممكنا . وهذا ما يفعله الاخوان ؛ لا يكشفون أوراقهم مرة واحدة بل خطوة خطوة ، وفى كل خطوة يحرزون نصرا ، والليبراليون المصريون ينحصر عملهم فى ردّ الفعل وإنتظار الصدمات و..الصفعات .!!.

3 ـ الاخوان والسلفيون وكل الأطياف الوهابية قد نجحت خلال أربعين عاما فى إقناع الجماهير بأنّ الماضى كان  جنّة وارفة بسبب بركات تطبيق الشريعة ، وأن أجدادنا عاشوا أزهى عصور العدل والرخاء فى ظل تطبيق الشريعة . استخدم الوهابيون البتروليون بمهارة فائقة سلاح الدراما التراثية فى غسيل مخ الجماهير وإقناعها بالعدل ( الذى كان سائدا فى الماضى ) ويريدون إرجاعه بتطبيق الشريعة . ومنذ ربع قرن قمت بالرد على هذا الافتراء بمشروع ( تحويل التراث الى دراما ) لأظهر الحقائق المسكوت عنها من خلال دراما أمينة وجذابة ، وحتى الآن لم أجد من يشترى أعمالى ..واضطررت الى نشر بعضها فى قصص تاريخية وأبحاث تاريخية هنا .  

4ـ مصر الآن تدخل منعطفا خطيرا تحت قيادة الاخوان ورئيسهم د . محمد مرسى ، بسعيهم للسيطرة على كل شىء وكتابة الدستور على هواهم ، ويؤيدهم إقتناع الأغلبية الصامتة بأنّ تطبيق الشريعة ( السّنية الوهابية ) سيأتى بالعدل والخير . وللرد على هذا سننشر هذا البحث الجديد : (المجتمع المصرى فى ظل تطبيق الشريعة فى عصر السلطان قايتباى ). وفى سبيله سنؤجل استكمال الأجزاء الباقية من بحث ( الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر بين الاسلام والمسلمين )، واستكمال بحوث أخرى مثل ( وعظ السلاطين ) وكتاب ( الحج بين الاسلام والمسلمين ) و الجزء التالى من ( كتاب الصلاة ). والله جل وعلا هو المستعان .

ثالثا :

 1 ـ لقد عاش المسلمون أسوأ عصورهم تحت قهر الاستبداد والفساد والانحلال الخلقى منذ الدولة الأموية وخلافتها الى الدولة العثمانية وخليفتها . وفى كل تلك الدول كانت اللافتة المرفوعة هى الشرع والشريعة ، كانت الشريعة مجرد تعبير شفهى يتم تطبيقه بالظلم فى العصر الأموى ، ثم منذ العصر العباسى تمت صياغة أحكام الشريعة السّنية فى كتب الفقه السّنى النظرى بوجهات نظر مختلفة فى كل كتاب بل فى ربما فى كل صفحة. ولكن ظلّ للقاضى الحق فى أن يحكم برأيه ، أى يكون مشرّعا ينشىء القانون ، ثم فى نفس الجلسة يكون قاضيا يحكم برأيه ، ولا رقيب عليه فيما يقنّن وفيما يفتى وفيما يقضى . ولا يمكن أن يصل فى حكمه الى أسوار القصور الحاكمة بل يطبّق الشريعة السّنية على الرعية فقط  وليس على السلطان أو جوارى السلطان وخصيان السلطان وأزلام السلطان . وقد أوضحنا هذا فى كتاب عن ( نظام القضاء بين الاسلام والمسلمين ) نشرناه على حلقات هنا كالعادة فى نشر كتبنا . ولكن يتبقى أن نبحث تاريخيا أحوال الناس والمجتمع فى ظل تطبيق تلك الشريعة السّنية . يعنى أن نحدد زمانا ومكانا ثم نبحث أحوال الناس الاجتماعية فى ظل تطبيق الشريعة السّنية ، لنرى هل كانوا يعيشون فى عدل وأمن أم كانوا ضحايا الظلم والقهر والاستبداد والتعذيب ..

2 ـ من البداية سيتقافز الخصوم يتهموننا بأننا سنستخدم هذا البحث التاريخى فى تشويه تطبيق الشريعة ، بأن ننتقى سلطانا غشوما وننتقى من الروايات التاريخية ما يحقق هدفنا فى التشويه والتحريف . ولن نردّ بأن أمانة البحث التاريخى هى عقيدة بالنسبة لنا ، وأننا لا ندخل فى بحوثنا القرآنية والتاريخية برأى مسبق ، يكفى أننا نستخدم المصادر التراثية الأصلية وننقل عنها وهى موجودة ومتاحة ، ونتحدى من يردّ علينا فى هذا.

هذه ردود عامة . ولكن الردّ الحقيقى هو فى مجرد عنوان هذا البحث ( المجتمع المصرى فى ظل تطبيق الشريعة فى عصر السلطان قايتباى ). والعنوان الجانبى هو ( دراسة فى كتاب : إنباء الهصر بأبناء العصر ) للمؤرخ القاضى ابن الصيرفى ).

3 لن ننتقى عصر سلطان فاجر ماجن كالخليفة الرشيد والأمين والواثق والمتوكل ..الخ ..أو خليفة أحمق كالمقتدرالعباسى والناصر العباسى ..، ولن ننتقى خليفة دمويا من بنى أمية وولاتهم (كالحجاج )، أو السلاطين الذين كانوا عارا على البشرية مثل سلاطين الأيوبيين من ذرية العادل الأيوبى ، ولن ننتقى جبابرة السلاطين المماليك ، وكلهم جبابرة ـ ما عدا السلطان قايتباى ، أخفهم ظلما ، بل كان موصوفا بأنه ( سلطان عظيم شجاع فارس معدود من الفرسان، دينِّ عفيف الفرج لا يلوط ولا يزني ولا يسكر وله ورد في الليل من صلاة وقيام .). لذا نختار عصر هذا السلطان المتديّن الذى كان يقوم الليل متعبدا ويقرأ الأوراد ، ولا يقع فى الانحلال الذى كان سائدا فى عصره من زنا وشذوذ جنسى و شرب خمر . فى عصر هذا السلطان ( قايتباى ) وصل سلطانه الى تخوم آسيا الصغرى لتشمل الشام وأجزاء من العراق مع الحجاز شرقا الى برقة غربا وشمال السودان جنوبا.

 4 ـ فى بدايته كان قايتباي مملوكا للخوجة محمود فأصبح لقبه ( المحمودي ) واشتراه الأشرف برسباى فأصبح لقبه ( قايتباى المحمودى الأشرفى ) . تقلّب فى المناصب الى أن أصبح أتابك الجيش او القائد العام عام 872 فى سلطنة الظاهر تمربغا . وعزل هذا السلطان وتولى مكانه فى نفس السنة 872 هجرية ، وظل يحكم مدة قياسية فى عصر الدولة المملوكية البرجية وهى 18 عاما الى أن مات عام 901 وتولى ابنه محمد بن قايتباى . اشتهر قايتباى بإقامة العمائر الدينية والحربية والتى لا تزال فخرا للعصر المملوكى بأسره ، ومنها قلعة قايتباى بمدينة الإسكندرية، وقد بدأ بناء هذه القلعة في سنة 882هـ وانتهى من بنائها سنة 884هـ. و من منشئاته : جامع تمراز، جامع أزبك بن تتش، قصر يشبك، مدرسة ومقبرة قايتباى، مدرسة قايتباى في المدينة، وكالة قايتباى بجوار الازهر، سبيل قايتباى، وكالة قايتباى باب النصر والسروجيه، قبة قايتباى،قصر  ومدرسة الروضة، جامع جانم، مدرسة أبوبكر بن مزهر، جامع قجماس، مدرسة أزبك اليوسفى ، ومسجد قايتباى بمدينة الفيوم  ومدرسه بقلعة  الكبش . والطريف أن مسجد قايتباى مطبوع على الجنيه المصرى ، كما أن صورته محفوظة فى أوربا .  

5 ـ أى إخترنا سلطانا عظيما مستقيما فى سلوكه الشخصى حازما مهابا فى الداخل والخارج ، ومهتما بالعدل الى درجة أنه كان يباشر القضاء بنفسه حين أحس بظلم وجور القضاة .  فكيف كان حال المجتمع المصرى فى ظل تطبيق هذا السلطان للشريعة السّنية ؟ فمن أين نستقى تايخ عصره ؟

رابعا :

1  ـ عاش فى عصر هذا السلطان مؤرخون مشاهير منهم أبو المحاسن بن تغرى بردى والسخاوى وابن اياس والصيرفى ( على بن داود) . ولقد أخترنا منهم ابن الصيرفى فى كتابه ( إنباء الهصر بأبناء العصر ) للأسباب التالية : أن هذا المؤرخ عاش شاهدا على عصر قايتباى ، وعمل قاضيا يرى السلطان فى مطلع كل شهر، وكان وثيق الصلة بابن مزهر الأنصارى كاتب السّر للسلطان ، أى كاتم أسرار السلطان وسكرتيره الخاص والذى يقوم عنه بكتابة المراسلات للخارج والداخل. أى إن عمله كقاضى يجعله متفاعلا مع الشارع والناس ، مع صلته بالبلاط المملوكى . فهو مؤرخ ينقل أخبار عصره من مصادرها الأصلية ، خصوصا مجتمع الفقهاء والقضاة والمماليك بل والطبقات الشعبية التى  كان يحتكّ بها بطبيعة عمله . لم يكن ابن الصيرفى فقيها حاد الطبع متقوقعا مثل السخاوى ، ولم يكن من أصول ارستقراطية مملوكية مثل ابن اياس وابى المحاسن ، بل كان مصريا صميما يعبر عن طبقة الموظفين المصريين من خدم السلطة العسكرية المملوكية . ولأنه موظف غير متفرّغ للكتابة فلم يكن غزير الانتاج كغيره من الفقهاء والمؤرخين ، فأهم ما تركه ( نزهة النفوس والأبدان ) الذى ينقل فيه تاريخ السابقين ، ثم هذا الكتاب ( إنباء الهصر بأبناء العصر ) الذى يسجل فيه تاريخ عصره من واقع المشاهدة والمعاين يوما بيوم . أى لن ندخل فى خضم روايات تاريخية مختلفة لمؤرخين مختلفين فى تسجيل أحوال المجتمع المصرى فى هذه الفترة ، بل نركّز على مؤرخ وحيد شاهد على العصر وثيق الصلة بموضوعنا عن تطبيق الشريعة فى عصره ، حيث كان بحكم عمله يقوم بتطبيق هذه الشريعة .

 2 ـ وقد قام د . حسن حبشى بتحقيق أهم أجزاء كتاب (إنباء الهصر بأبناء العصر ) ، فقد ضاعت بعض أجزائه ، وقد غطّي الجزء المحقق من كتاب (الهصر) سبع سنوات فقط من عصر السلطان قايتباى، هى التى نعتمد عليها . وهى فترة اتسمت بقلة المصادر التاريخية التى عاصرت أحداثها مما يجعل لكتاب الهصر أهمية خاصة وهو يؤرخ لهذه السنوات باليوم والشهر،ويورد كل التفصيلات من موقع المشاهدة والمعاينة والمعاصرة والتفاعل مع الأحداث والمشاركة فيها، فقد كان ابن الصيرفي مصرياً صميماً اختلط الناس وعايشهم ومارس التجارة وعاش في الأسواق ثم اندرج في سلك الفقهاء والقضاة وخالط أرباب الحكم والجاه ومن موقعه بين الحكام والمحكومين سجل ما رآه وما عايشه فجاء تاريخه وثيقة حية لفترة غامضة من تاريخ المجتمع المصري في العصر الوسيط.

3 ـ وننوى أن ننشر هذا البحث فى سلاسل مقالات ثم نقوم بتجميعها فى كتاب فى موقعنا ، لتكون المقالات والكتاب متاحة لمن أرد العظة والعبرة ...والمعرفة ..

4 ـ هذا ما نستطيع تقديمه لمصر فى محنتها .. لعلّ وعسى .!!

اجمالي القراءات 12394