أولا :
1 ـ يقع الفأر فى نفس الفخّ عدة مرات ، ولكن فى النهاية يفهم ويستفيد من الدرس حين يرى أقرانه يقعون فى نفس الفخّ فيتحاشى الفخّ . ولكنّ بعض التيارت الليبرالية فى مصر لم تصل الى درجة ذكاء الفئران ، فهم يقعون دائما فى نفس الفخّ ، ولا هم يتوبون ولا هم يتذكرون ولا هم يتعلمون .
2 ـ من ربع قرن ونحن نكرر ونؤكّد أن خطورة الاخوان والسلفيين ليست فى مجرد تنظيماتهم ما ظهر منها وما بطن ولكن الخطورة الحقيقية هى فى ثقافتهم الوهابية الدموية الاستبدادية الاستبعادية ، وإن الخطأ الفادح والقاتل هو إعتبار الاخوان والسلفيين مجرد جماعات وجمعيات وتنظيمات ،لأن ثقافتهم الوهابية التى انتشرت على انها الاسلام أقنعت العوام والغوغاء من المسلمين بممارسة ( الجهاد ) بارتكاب جرائم متنوعة ضد الآخر المصرى غير الوهابى ، تبدأ بالتكفير والمطاردة والتحقير كما يحدث للشيعة والقرآنيين والعلمانيين والمبدعين ،وتتصاعد الى الطرد والتهجير كما حدث مع البهائيين، وتصل ذروتها بالقتل والتدمير للبشر ودور العبادة كما حدث ويحدث وسيحدث للأقباط ، أوالإغتيال ومحاولات الاغتيال كما حدث لفرج فودة و نجيب محفوظ . هى جرائم قام ويقوم وسيقوم بها العوام خارج تنظيمات الاخوان والسلفيين . ( الفخ ) هنا هو تبرئة الإخوان والسلفيين بها طالما لم يثبت وجود عنصر أو عضو من جماعات الاخوان والسلفيين . وبالوقوع فى هذا الفخّ ينعم الاخوان بلقب الاعتدال ، ويلحق بهم السلفيون . 2 ـ منذ أحداث الخانكة فى عصر السادات الى أبى قرقاص والكشح ومثيلاتها فى عصر مبارك الى قتل شهيد السويس منذ أيام فى عصر مرسى، والجميع ـ ومنهم الليبراليون ـ يقعون فى نفس الفخ ، ويعتبرون الاخوان والسلفيين أبرياء لأنّ الجناة ليسوا أعضاء فى تلك الجماعات وتلك التنظيمات . وبالتالى يظل المجرم الحقيقى طليقا ويظل الفخ منصوبا يتصيد الضحايا ومنتظر أن تزداد الضحايا ويزداد المجرمون.
ثانيا :
1 ـ دعنا نقرأ الخبر التالى الذى نشرته جريدة (البديل ) عن شهيد السويس : تحت عنوان رئيس يقول :(المتهمون بقتل شهيد السويس: حاولنا تأديبه بالصفع والضرب بـالخيزرانة، لكنه قاومنا بـ"مطواه" ولم نقصد قتله) تأتى عناوين فرعية تقول: ( الاعترافات: هدفنا "تقويم المواطنين وإعادتهم لطريق الله ".. وبعد الحادث اعتكفنا في المسجد . تحقيقات النيابة: مجموعات متشددة تخرج من مسجد نبي الله إبراهيم في 3 دوريات بالدراجات النارية . تحريات الشرطة تكشف وقائع أخرى مشابهة انتهت "بالصفع والضرب" في الشارع ) ثم تفصيلات الخبر ، ومنها : ( قالت تحقيقات النيابة في قضية مقتل طالب الهندسة في السويس، إن "مجموعة متشددة" تقف وراء واقعة مقتل الطالب، على يد "دورية تابعة للمجموعة المتشددة، ومكونة من 3 أفراد بقيادة شخص يدعى الشيخ وليد".وقرر المتهمون الثلاثة، الذين ألقت قوات الشرطة القبض عليهم، في التحقيقات إنهم "أخذوا على عاتقهم تشكيل مجموعات لتقويم المواطنين وإعادتهم إلى طريق الله".وأضاف المتهمون:"بدأت المجموعات عملها في 3 دوريات، تستقل الدراجات النارية، وتخرج من مسجد نبي الله إبراهيم، بعد صلاة العشاء".). والمجرمون الثلاثة أشخاص عاديون ، كما جاء فى ثنايا الخبر : ( وهم: وليد حسين بيومي عبد الله وشهرته (الشيخ وليد)، وهو عامل ومقيم في دائرة قسم شرطة الجناين ويبلغ 28 عاما.والمتهم الثاني ويدعى عنتر عبد النبي سيد أحمد خليفة (26 سنة)، ويعمل موظفاً بشركة السويس، ومقيم بناحية السيد هاشم، أما الثالث، فهو مجدي فاروق معاطي أبو العينين (33 سنة)، ويعمل موظفاً بجهاز النظافة. ). أولئك الجناة ليسوا من جماعة الاخوان ، وما خرج من عباءتها كالجماعة الاسلامية و الجهاد وحزب التحرير و(الناجون من النار)والتكفير والهجرة ..الخ ..كما إنهم لا ينتمون لأى جماعة سلفية أو لأى جماعة ممن تحترف (الأمر بالمعروف والتهى عن المنكر). أعلن هذا وزير الداخلية بكل ارتياح كما جاء فى نفس الجريدة:( وزير الداخلية: المتهمون بقتل شاب السويس لا علاقة لهم بـ"الأمر بالمعروف": كشف وزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم هوية المتهمين الثلاثة في قضية مقتل شاب السويس، مؤكدا أنهم لا ينتمون لأي تيار سياسي و ليس لهم توجه ديني، نافيا أن يكون لهم أي علاقة بجماعة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.).إستراح وزير الداخلية بتبرئة جماعات تنظيمات الاخوان والسلفيين من دم الطالب المسكين ..ولكن هل لنا أن نستريح ؟
ثالثا :
1 ـ أصغر طالب فى كلية الحقوق يعرف أن المحرّض على القتل شريك للقاتل فى جريمته . ونحن لا نتحدث هنا عن قاتل عادى ومحرّض عادى وجريمة قتل عادية ، بل عن قاتل ( مجاهد) معتقد أنه سيدخل بجريمته الجنة .! هذا القاتل ( المجاهد ) هو صنيعة مجرم حقيقى أقنع مواطنا بسيطا بأن قتل إنسان برىء يعتبر جهادا فى سبيل الله جلّ وعلا ، وأنّ هذا الجهاد هو ( ذروة الأمر وسنامه ) ، وأن الحور العين تنتظر هذا المجاهد ، وأن أضعف الايمان هو تغيير المنكر بالقلب أما أروع الايمان فهو تغيير المنكر باليد ، وأن يصل تغيير المنكر الى درجة القتل كما قال ابن تيمية وابن عبد الوهاب ، وأن تغيير المنكر يتسع ليشمل قلب نظام الحكم ، وأن العلمانية كفر وأن الدولة المدنية كفر وأن الديمقراطية كفر يجب تغييره باليد ، وأن الهدف هو " إقامة المنهج السلفى" ، حتى لو تمت إبادة كل المصريين ، "ولم يبق فى مصر سوى 100 رجل فقط : ، على حد قول أحد دعاة السلفية .
2 ـ إقتنع بهذا مواطنون بسطاء منهم ثلاثة بادروا بقتل شاب يسير مع خطيبته . إقتنع بهذا :(وليد حسين بيومي عبد الله وشهرته (الشيخ وليد)، وهو عامل ومقيم في دائرة قسم شرطة الجناين ويبلغ 28 عاما. وعنتر عبد النبي سيد أحمد خليفة (26 سنة)، ويعمل موظفاً بشركة السويس، ومقيم بناحية السيد هاشم،و مجدي فاروق معاطي أبو العينين (33 سنة)، ويعمل موظفاً بجهاز النظافة ). تعلمومن مسجد نبي الله إبراهيم بأن مهمتهم المقدسة هى "تقويم المواطنين وإعادتهم لطريق الله ".. ولذلك إعترفوا بكل فخر فقالوا عن الشاب الضحية :. حاولنا تأديبه بالصفع والضرب بـالخيزرانة ، ولكنه قاومهم فقتلوه .! وعلى نفس الطريق تخرج دوريات لتأديب الناس بالصفع والضرب . وكلهم يقوم بنفس المهمة المقدسة التى أعلنها الشيخ السلفى وهى إقامة المنهج السلفى" ، حتى لو تمت إبادة كل المصريين ، "ولم يبق فى مصر سوى 100 رجل فقط .!!
3 ـ هذا التحريض على قتل المصريين استمر شحنه أربعين عاما فى قلب المواطن المصرى المسلم البسيط من خلال المسجد والمدرسة والجامعة و الاعلام والثقافة ، ولد وترعرع عليه وحوصر به.
4 ـ الأشنع والأفظع أنّه تم تحصين هذا التحريض بقوانين نحرّم وتجرّم وتمنع مناقشته من داخل الاسلام. الإحتكام الى القرآن الكريمة فريضة اسلامية مأمور بها ، ولكنه طبقا للقانون أصبح (إزدراءا للدين الوهابى الأرضى المسيطر ) . وهذه نكتة مؤلمة دامية وباكية ودامعة .!. ولكن دفعنا ولا زلنا ندفع ـ نحن القرآنيين ـ ثمنها إضطهادا وسجنا وتشهيرا وإهانة وتحقيرا لمجرد أننا نناقش هذا التحريض الارهابى بالقرآن ونثبت تناقضه مع الاسلام .
5 ـ والنتيجة أن تمت صياغة عقل المواطن المصرى البسيط على التطرف ، رضعه صغيرا ، وآمن به وطبّقه شابا على أنه فريضة اسلامية. وهكذا ، فنحن أمام مجرم وحيد وهو ذلك المحرّض الذى يستغل اسم الاسلام زورا وبهتانا ، سواء كان داعية أو كان نشطا سياسيا ، وهؤلاء عددهم بضع مئات من الألوف . أما الضحايا المنتظرون فهم الشعب المصرى بأسره . وهذا الشعب المصرى الضحية نوعان : مقتول وقاتل . فهذا القاتل هو فى الحقيقية ضحية التحريض الوهابى الذى يجعل القتل فريضة اسلامية . والطّامة الكبرى أنّهم الآن يقومون بتحصين تحريضهم الاجرامى دستوريا . وهذه الطّامة الكبرى نتاج لهذا الفخّ .
رابعا
1 ـ إذن فإنّ ( الفخّ ) الذى يقع فيه بعض الليبراليين هو التركيز على السلفيين والاخوان وجماعاتهم كتنظيمات فقط ، وتناسى أنهم فى الأصل ثقافة دينية وافدة من السعودية الوهابية . وأن النجاة من هذا الفخ لا تكون إلّا بمواجهة هذه الثقافة من داخل الاسلام كما نفعل نحن أهل القرآن . أى لا بد من تعضيد أهل القرآن وإفساح المجال لهم لتصل دعوتهم السلمية الى قلب المصرى المسلم لتنظفه من رجس الوهابية .
2 ـ وقد يبدو هذا الحل السلمى بسيطا ، بل ربما يتعجب الانسان العاقل ويتساءل لماذا لم يتم تطبيقه حتى الآن ، خصوصا وأن أهل القرآن مسلمون مخلصون فى اسلامهم ومتفانون فى جهادهم السلمى برغم معاناتهم ، وهم مع ذلك خبراء فى مجالهم ، فلم يستطع الوهابيون بكل أنظمتهم فى السعودية والخليح وكل معاهدهم وائمتهم وتنظيماتهم الوقوف علميا وفكريا ضد القرآنيين فلجأوا الى القوة فى مواجهة الحجة ، واستعانوا بالنظم الحاكمة لتحميهم من حجج القرآنيين ، فطورد أهل القرآن وتعرضوا للسجن والتعذيب والترويع ، فى إعلان صريح عن الافلاس الفكرى للوهابية . إذن فالدواء الناجح جاهز ومتاح ..والمرض أصبح وباءا لا بد من مواجهته بهذا الترياق الجاهز المتاح ..
3 ـ وتتقافز الأسئلة : لماذا لا يساعد الليبراليون المصريون أهل القرآن لانقاذ مصر من هذا الوباء ؟ لماذا يظل أهل القرآن يصرخون فى خرابة طيلة ربع قرن ولا مجيب ؟ لماذا يصمم الليبراليون المصريون على الوقوع فى نفس الفخ ّ؟ لماذا لا يتعلم بعض الليبراليين المصريين من بعض الفئران الذكية التى وعت الدرس ونجت من اوقوع فى الفخّ ؟ فهل سيجيب الليبراليون على هذه التساؤلات ؟ أم سيظلون فى غفلتهم الى أن يفيقوا وسكاكين السلفية تذبحهم ؟
خامسا
1 ـ هو نداء للغافلين : إحذروا من نبوءاتى . ليس هذا علما بالغيب ، فلا يعلم الغيب إلا الله جل وعلا . ولكنه وعى بتاريخ وعقلية الدين الوهابى السّنى ، يجعل المفكر يستشعر الخطر فيحذّر قومه منه . وكم كتبت محذرا ولم أجد من يسمع فوقعت الكارثة .. وكل هذا مسجل ومنشور ، وتعداده يستلزم مقالا كاملا . ولكن أعطى أمثلة لموضوع ( الفخّ ) الذى حذّرت منه ولا زلت :
1/ 1 ـ فى أول كتاب لى وهو ( السيد البدوى بين الحقيقة والخرافة ) والصادر عام 1982 ـ من 30 عاما ـ دعوت فى خاتمة الكتاب الدعوة الى مواجهة التطرف السّنى من داخل الاسلام حتى لا يتربى الشباب المسلم على هذا التراث ويحدث صدام بين الشباب المسلم والنظام . وحدث ما حذرت منه بعدها بعشر سنوات .
1 / 2 ـ وفى مجلة ( القاهرة ) حين كان يصدرها د غالى شكرى كتبت تحليل مضمون للصحافة الدينية المصرية الحكومية خصوصا مجلة ( عقيدتى ) والتى تصدرها جريدة الجمهورية ،وكانت تقوم بحملة صحفية ضد نجيب محفوظ تطالبه بالتوبة عما كتبه فى رواية ( أولاد حارتنا ) . وقلت فى تحليل المضمون الذى نشرته القاهرة أن هذه المجلة الدينية الحكومية تمهّد الطريق لاغتيال نجيب محفوظ . بعدها بستة أشهر حدثت محاولة إغتيال نجيب محفوظ .
2 ـ اليوم ( السبت 7 يولية 2012 ): أحذّر من خطر أعظم سيدمر مصر إذا لم تتم مواجهة إعلامية وثقافية وفكرية اسلامية للوهابية . إن لم يتحرك قادة الليبراليين للدفاع عن أنفسهم فسيلقون مصير د فرج فودة ..!
أخيرا :
1 ـ أنجح سنوات النضال كانت مع الراحل فرج فودة . لو عاش ربما لتغيّر الوضع ، مع إنه كان فارسا وحيدا إلّا إن تعاوننا سويا كان مبشرا ، وقد كان رحمه الله يدرك حتمية التعاون بين أهل القرآن والليبرالية العلمانية المصرية . وفى المقابل كان السلفيون واعون بخطورة التحالف بين أهل القرآن وفرج فودة وما يمثله . وصلت ذروة التحالف مع د فرج فودة فى تأسيس حزب المستقبل فإنضم الى أعضائه المؤسسين عشرات القرآنيين ، وظهرت فى الصحف أسماء الأعضاء ، وكان أول إسم هو وكيل المؤسسين المستشار أحمد طلعت ، وكان الاسم الثانى فرج فودة ، وكان الاسم السادس أحمد صبحى منصور . كان هذا حسبما أذكر فى أوائل يونية 1992 . قبلها لمدة ثلاث سنوات شاع التعاون بيننا مما أغاظ الوهابيين . ولكن التحالف بيننا فى تأسيس حزب المستقبل كان أكثر مما يحتمل الوهابيون ، لذا حدث إغتيال فرج فودة بفتوى أصدرها د عبد الغفار عزيز الاستاذ فى كلية أصول الدين ، ورئيس ما كان يعرف بندوة العلماء ، وكان من ضمن أعضائها مفتى الاخوان المسلمين وعضو مكتب الارشاد اليوم . ولقد جاء التحريض على قتل فرج فودة وقتل أحمد صبحى منصور بالاسم معززا باتهامات ظالمة لكل منهما . ونشر الحمزة دعبس هذه الفتوى فى جريدته ( النور ) يوم الاربعاء ، واغتالوا فرج فودة يوم الاثنين التالى . كانوا قد رتبوا كل شىء من الجناح المدنى الذى يصدر الفتوى والذى يتولى نشرها ثم الجناع العسكرى الذى تولى التنفيذ . ثم يأتى الجناح المدنى فى المحكمة ممثلا فى الشيخ محمد الغزالى ليدافع عن القتلة مؤكدا استحقاق فرج فودة للقتل لأنه ( مرتد )
2 ـ ولقد استراح رفيق النضال فرج فودة مبكرا ..وعشت بعده أعانى من الوهابيين الارهابيين ومن الليبراليين الغافلين ..
آخر سطر :
لا خير فى العيش حين تتدمر مصر ويتحقق ما قاله الشيخ السلفى أحمد النقيب، مؤسس الأكاديمية السلفية فى المنصورة، القائل : ( إن هدف الأكاديمية إقامة المنهج السلفى، حتى ولو لم يبق فى مصر سوى 100 رجل فقط ). الموت أفضل من أن أعيش لأرى قتل 80 مليون مصرى !..