بسم الله الرحمن الرحيم
ما بال هؤلاء النســوة ؟
من زوجات وأمهات أولاد وجوار وما تملك الأيمان ؟
في يوم 27 ماي 2012،ظهر لي مقــال يبدو هاما للأستاذ أحمد صبحي منصورحول أولاد عمربن الخطاب وحول تصرفات وطبيعة اثنين منهم، ونويت أن أخصص له وقتا لإتمام قراءته ، فلما رجعت لم أجد الموضوع ولم أر له أثرا ، ولأسباب أجهلها، أو لعل السبب هو نتيجة معالجة ما، صدرت مني في مستوى ما ؟
أما عن الجزئية التي دفعتني إلى هذه الكتابة المتواضعة المتسائلة، فهي التعليق عما جاء في مقدمة المقال حيث جاء فيها ما يلي حرفيا :
مقدمة:
أنجب عمر بن الخطاب أولادا وبنات من عدة زوجات وجوارى ، أو (أمهات أولاد) بالتعبير التراثى. أكبر أولاده واشهرهم عبد الله بن عمر ( بطل قصتنا ) وعبد الرحمن وحفصة وأمهم زينب بنت مظعون. ثم زيد الأكبر ورقية وأمهما أم كلثوم بنت علي بن أبي طالب و فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم . ثم زيد الأصغر وعبيد الله ( بطل قصتنا الآخر ) وأمهما أم كلثوم بنت جرول من خزاعة. ثم عاصم وأمه جميلة بنت ثابت من الأنصار ، ثم عبد الرحمن الأوسط وأمه لهية أم ولد ، وعبد الرحمن الأصغر وأمه أم ولد، وفاطمة وأمها أم حكيم بنت الحارث المخزومية ، وزينب وهي أصغر ولد عمر وأمها فكيهة أم ولد وعياض بن عمر وأمه عاتكة بنت زيد بنعمرو بن نفيل . ومن أولاد عمر جميعا أشتهر إثنان : عبد الله وعبيد الله .
وكما أسلفت، فإن الملفت في هذه المقدمة هي أن سيدنا عمر بن الخطاب أنجب أولادا وبنات من عدة زوجات وعدة جوار أو(أمهات أولاد ) بالتعبير التراثي..... كما جاء في المقال .
01) يمكن لأي أحد أن يذهب به فهمه أو استنتاجه إلى أن للسيد عمر بن الخطاب زوجات عدة وأن له أيضا عدة جوار.
02) وأنه أي سيدنا عمر بن الخطاب أنجب أولادا من زوجاته العديدات كما أنجب أيضا أولادا من جواريه العديدات ؟
03) وأن المرأة التي تلد تسمى أما، وهي أم أولادها التي أنجبتهم، وهي في نفس الوقت زوجة لبعلها ؟
04) والمرأة الأخرى التي يطلق عليها إسم جاريــة، عندما تلد هي الأخرى ، فإنها تسمى أما لولدها التي تكون ولدته ... وذلك الرجل الذي كان السبب في أن تلد له ما ولدت ، فما هو محله من الإعراب هنا ؟ هل هو والد ذلك المولود ؟ وهذا هو الرد الصحيح حتما، ولكن كيف حدث أن لقبت الوالدة الأولى زوجة ولقبت الثانية (جارية وأم ولد) ؟ ألا تصبح كل واحدة منهما أم ولـد عندما تلد ؟ وكيف حدث أن أصبحت الأولى تسمى زوجة وأمّا فقط ، بدون مضاف؟ والثانية تركت ترزح في مستوى جارية ؟ وإذا حدث أن ولدت يتبعها أو يسلط عليها مضاف، وهو مضاف مجرد من ألف ولام ؟ من أدنى تعريف ؟ أم ولد ؟
05) هناك من المفسرين المجتهدين ، ولعل التعبير المناسب هو: غير المجتهدين الذين يعتنقون رأيا وهو أن لا فرق هناك بين الزوجة والجارية... وأن لا زواج إلا الزواج الشرعي المعروف بشروطه وأركانه ...
- فليكن ذلك، ولكننا عندما نرجع إلى التساؤلات التي يوحيها ما جاء في مقدمة المقال الذي يقول إن السيد عمر بن الخطاب أنجب أولادا وبنات من عدة زوجات ومن عدة جوار ( أو أمهات أولاد ): ألا يجوز للمرء أن يفهم أن للسيد عمر عدة نساء ، منهن: نساء أو إناث زوجات، ومنهن نساء أو إناث دون ذلك ، جوار؟ مع كونهن في الأصل متفقات ومشتركات في النتيجة وهي الإنجاب ؟
* ثم إذا استقام الفهم بأن الزوجة تبقى زوجة سواء ولدت أو لم تولد ...
* والجارية التي تلد تلقب بأم ولد ، وما هو اللقب الذي يسند لتلك الجارية التي لم تلد بعد ؟ أو التي لن تلد بالمرة ؟
* وهــل للمرء الحق في أن يكون بعلا مثلا لعدد معين من زوجات ، وبعلا في نفس الوقت لعدد معين لجوار؟
* وحسب ما جاء في المنجد ما يلي :
( بعل – بعالة ً – وبُـعولة ) = الرجل للمرأة : صار بعلا لها أي زوجها .
بعلت المرأة : صارت ذات بعــل .
وتبعا لهذا التفسير ومسايرة لهذا الفهم فإن للزوجة بعلها وللجارية بعلها ، وأن كلا منهما ولدت من بعلها. وما دامت المرأة يمكن أن يكون لها بعل ، سواء ولدت أم لم تلد ... فهل يكون للجارية بعل لها هي الأخرى ؟ سواء ولدت أو لم تلد .؟
06) وعديدا ما يروي لنا التاريخ أن فلانا كانت له ثلاث أو أربع زوجات زائد ثمانية عشر جارية (مثلا)، فإن جمع ذلك وهو( 4 + 18)، هل يكون مجموع ذلك 22 زوجة ؟ أم 22 جارية ، أم 4 زوجات و18 جارية ؟
وعندما نفرض أن كل واحدة من تلكم الإناث التي بعلت ولدت مولودا، فهل يكون المجموع هو 4 أولاد من زوجات كاملات، و18 من أمهات أولاد ؟ ( غير كاملات ؟؟؟ ).
07) وهل تعدد الزوجات محدود بأربعة فقط كما هو المتبادر إلى أذهــان الأغلبية ؟ أم هو مفتوح على مصراعيه وبلا حدود ؟ وعندما نفرض أنه محدود بواحدة يتيمة، واستثناء بأربعة عند توفر الشروط ، فماذا تفعل هناك تلكم الإناث مما تكون ملكته الأيمان؟ : (( وإن خفتم ألا تقسطوا في اليتامى فانكحوا ما طاب لكم من النساء مثنى وثلاث ورباع فإن خفتم ألا تعدلوا فواحدة أو ما ملكت أيمانكم ذلك أدنى ألا تعولوا )) . النساء رقم 3. وهذه الآية عندما يقرأها المرء ويتأملها لاسيما عندما يكون ذلك المؤمن الجاد المطمئن معتقدا بأن حديث الرحمن الرحيم لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه ، ألا تسافر به أفكاره إلى كل الدنيا ؟ .
08) ثم إن هناك لنفس المؤمن المخلص الجاد عقبة تدبر وفهم ووعي لا تقل أهمية من أختها ، عندما يعقد النية والعزم لتدبر الآيات من رقم 1 إلى 11 في سورة المؤمنون وهي :
(( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون ... والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم أو ما ملكت أيمانهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ... )
وعندما نفرض فرضا أن الآيات القرءانية المذكورة جاءت هكذا : (( قد أفلح المؤمنون الذين هم في صلاتهم خاشعون والذين هم عن اللغو معرضون ... والذين هم للزكاة فاعلون والذين هم لفروجهم حافظون إلا على أزواجهم فإنهم غير ملومين فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون ... ).
ونكرر القول لنفرض فرضا أن الآيات جاءت هكذا، أي بدون ذكر أو أية إشارة إلى ((أو ما ملكت أيمانهم ))، ألا تكون الآية واضحة مفهومة ؟ بدون أي ارتباك أو التباس ؟ ألا يكون السبب الذي أتاح أو أتى بالتساؤل هــــــو:
( أو ما ملكت أيمانهم ) ؟
* ألا يكون المعتدون أو العادون أو الملومون هم أولئك الذين يبتغون وراء ما متعوا به من أزواجهم ؟
* وإدا قال قائل أو مفسر إن ما ملكت اليمين تدخل أصلا في الأزواج ، فلماذا لم تعتبر ما ملكت اليمين أو الجواري ضمن الأزواج من البداية والوهلة الأولى في سياق الآية ؟ ألا يدل كل ذلك أن هناك فرقا ما ضيقا أو واسعا بين الأنثى الزوجة والأنثى الجارية ؟
09) ومن الملاحظ أن المفسرين لا يحدقون طويلا ولا مليا أو هم لا يحبون أن يحدقوا طويلا ولا مليا، أو هم وجلون وخائفون أن يحدقوا طويلا أو مليا في هذه الآيات التي تدخل في إطار ذلك الحديث المنزل الذي قال فيه الله سبحانه وتعالى : (( فلا أقسم بمواقع النجوم وإنه لقسم لو تعلمون عظيم إنه لقرءان كريم في كتاب مكنون لا يمسه إلا المطهرون تنزيل من رب العالمين أفبهذا الحديث أنتم مدهنون وتجعلون رزقكم أنكم تكذبون )). سورة الواقعة. 75/82.
نعم يبدو أن المفسرين لا يحدقون طويلا ومباشرة في هذه الآيات، بل سرعان ما يمرون عليها مر السحاب أو حتى يهربون إلى الأمام، وكأن المفهوم أمر بديهي وكأنّ موقفهم ذلك أو لسان حالهم يضمر فهما أو تساؤلات يتحرجون منها ؟
ولعل الرأي السديد الذي يتفق عليه الجميع يكمن في أن التعبير عن الإيمان والإعتقاد الجازم الراسخ بأن هذا الحديث المنزل ((لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من حكيم حميد )) ( 42- فصلت ) ، لعل ذلك يكمن في التحديق بكل شجاعة في هذه الآيات وأمثالها ومطاردة إي إبهام عنها أو ارتباك أو شك . ؟