اليوم السبت ينطق المستشار أحمد رفعت بالحكم فى قضية القرن ، والمتهم فيها الرئيس المخلوع مبارك ونجليه وأبرز معاونيه الأمنيين ، وأتوقع أن يمون هناك مد أجل للنطق بالحكم إلى مابعد إنتخابات الرئاسة وتسليم المجلس العسكرى السلطة إلى الرئيس المنتخب الجديد ، لإن الظروف السياسية التى تمر بها مصر الأن لاتحتمل النطق بالحكم فى قضية مبارك ومعاونيه ، سواء بالإدانة أو البراءة أو الأحكام المخففة ، ولاسيما إن نتائج المرحلة الأولى من الإنتخابات الرئاسية أثبتت بالدليل القاطع إن " الفلول مازالوا يسيطرون على أغلب منظومة الحكم الحالية ، وبالتالى فإن الحكم بمعاقبة مبارك ونجليه والعادلى ، ستجعل " الخلايا النائمة " المؤيدة للنظام السابق ، من البلطجية وبعض رجال الأمن ، والعاملين فى مصانع بعض رجال الأعمال ، والمتضررين من الثورة ، يخرجون من جحورهم ، ويحدثون قلاقل وإنفلاتا أمنيا جديدا ، قبل المرحلة الثانية والأخيرة من إنتخابات الرئاسة ، لإن ذلك الحكم ، سيكون بالطبع ضد المرشح الرئاسى أحمد شفيق ومؤيديه ، ويصب فى صالح منافسه على مقعد الرئاسة الدكتور محمد مرسى .
والعكس صحيح ... فإذا تمت تبرأة مبارك أو حصل على حكما مخففا ، فإن ذلك سيثير حفيظة الثوار وغالبية الشعب المصرى الذى إكتوى بنيران عهد مبارك على مدى ثلاثين عاما ، وستعود المليونيات للتحرير ، وقد يضطر المجلس العسكرى إلى عودة حالة الطوارىء ، التى تم رفعها أول أمس الخميس ، للسيطرة على الأوضاع الأمنية ، وبالتالى ستكون هناك شكوكا فى إجراء الجولة الأخيرة للإنتخابات الرئاسية ، وقد تمتد المرحلة الإنتقالية حتى إشعار أخر .
كان من المفترض أن يحاكم الرئيس المخلوع مبارك ونجليه ومعاونيه محكمة سياسية عادلة ، وليس محاكمة جنائية " عادية " قد يكون الحكم فيها سببا فى إنقسام المصريين بين ثوار وفلول ، وبالتالى لن يرضى أحدا بالحكم ضد مبارك أو بتبرئته ، وبالتلى فإن الموائمة السياسية تقتضى تأجيل النطق بالحكم إلى جلسة أخرى فى ظل هذا الإحتقان السياسى .
ومحاكمة مبارك سياسيا من البداية على الأخطاء القاتلة فى عهده ، كانت ستعنى أن صدور حكم بالإدانة عليه سيكون شيئا منطقيا ، أما أن يحال إلى المحاكمة بسبب شراء فيلا من " صديقه " بثمن بخس ، أو مسؤليته غير المباشرة عن تصدير الغاز إلى إسرائل ، فتلك جرائم "خفيفة " مردود عليها قانونا ، بإعتبار " العقد شريعة المتعاقدين " بل إن مسؤليته غير المباشرة عن موقعة الجمل وقتل الشهداء الثوار ، لكونه المسؤول الأول فى الدولة ، يمكن أن يكون له مخرجا قانونيا عندما يتم إثبات أنه لم يأمر بذلك صراحة ، وفقا لشهادة اللواء عمر سليمان وبعض كبار معاونيه السابقيين .
أما إذا كان قد تمت محاكمة مبارك سياسيا ، محاكمة عادلة ، فسوف يثبت بسهولة مسؤليته عن قتل أجيال عديدة معنويا ، بسبب إنتشار البطالة وقمعهم أمنيا ، وأخذ فرصهم فى الترقى وإثبات كفاءتهم ، وتجميدهم فى أماكنهم ، بالإضافة إلى زيادة نسبة الفقر ، وزيادة الأمراض ، ونهب أموال الدولة نهبا منظما ، وتوزيع أراضى الأجيال القادمة على المحاسيب بقروش قليلة ، ودليل ذلك إحالة نجليه علاء وجمال إلى محكمة الجنايات يوم الأربعاء الماضى بسبب نهبهم مليارات الجنيهات فى قضية واحدة .
أتمنى أن تعاد محاكمة مبارك ونظامه محاكمة سياسية عادلة ، حتى ولو حصل على البراءة فى القضية " الفشنك " التى من المنتظر أن يصدر فيها حكما اليوم السبت ، سواء بالتاجيل أو النطق بالحكم .
حمدى البصير
Elbasser22yahoo.com