العنعنات وأباطيل الكتب الفقهية
حلقة (نكاح المحلل) انموذجا
استمعت الى حلقة (نكاح المحلل) وقد قرأت الموضوع في السابق لكن للسمع نكهة خاصة حيث وجدت متعة طريفة عندما اصغيت الى ما يحويه فكرك من أمواج عاتية، سخرها عليهم بما فيه الكفاية تلكم الحلقات (الفضح السلفي) حسوماً فترى القوم ــ العنعنييون ــ فيها صرعى (كأنهم أعجاز نخل خاوية) وقد يكون هذا الأمر كارثة كبيرة بالنسبة لغالبية الناس/ الأعم الأغلب/ لكن هذا ما نعتقده انه حق ونقدم معاً من اجله دمائنا فداءاً لكلمة الحق.
بداية زبرتُ هذه السطور كتعليق على حلقة (نكاح المحلل) فألفيْتُ أن التعليق يطول فإذا به صار مقالاً.
وتكملة للفائدة ألفيْتُ من الضروري بمكان التطرق الى شيء بسيط ونزر يسير من العيوب والترهات الفقهية والسخافات الفكرية المتقززة كـ "الهدبة" وما يخص مسئلة "العُسيْلة" التي "آتت اكلها" في الحلقة. المترددة في بطون امهات الكتب الفقهية القديمة، الشرنبلالية الشاشية الكلينية الجباوية الباجورية، والحديثة، المُهدويّة الحوينية الفوزانية الفولاذية الفزّازية. أضعه على الحلقة المعنونة ليعم النفع.
لننظر سويةً الى الحيل والترهات والإنحرافات التي أثارت الشفقة والضحك على الذقون حتى "وفار التنور!" وردت ذكرها من بين دفتي (الأمهات) و (التفسيرات) و (الاصحاحات) و (المجلدات) خصوصا منهم على ذوي القدر العَلي والفخر الجَلي سادات دينهم (البخاري والبحراني) وعلى (الطوسي والكافي الكليني) و(المحقق الحلي) وعلى (الفيض الكاشاني والشرنبلالي) وعلى الثلاثة الذين خلفوا عن السبعة المقدسة أعلاه من "الحعشرة" المنفّرة.
جاء في ما يُسمىّ "الصّحاح": (حدثني أبو الطاهر وحرملة بن يحيى واللفظ لحرملة قال أبو الطاهر حدثنا وقال حرملة أخبرنا بن وهب أخبرني يونس عن بن شهاب حدثني عروة بن الزبير أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أخبرته أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبت طلاقها فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت يا رسول الله! إنها كانت تحت رفاعة. فطلقها آخر ثلاث تطليقات. فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزبير، وإنه، والله ما معه إلا مثل الهدبة [الكلمة القبيحة]. وأخذت بهدبة من جلبابها. قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا. فقال: "لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة. لا. حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته" [تعبيرات قبيحة ومقرفة جداً ومنتهى قلة أدب].
وأبو بكر الصديق جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخالد ابن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة لم يؤذن له. قال: فطفق خالد ينادي أبا بكر: ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم).
الراوي: عائشة
المحدث: مسلم - المصدر: (صحيح مسلم) – الصفحة أو الرقم: 1433
خلاصة حكم المحدث: (صحيح!)
وقال الله تعالى في المرأة التي يطلقها زوجها ثلاثا:
{فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجاً غَيْرَهُ} فاحتمل أن يكون المراد به عقد النكاح وحده واحتمل أن يكون المراد به العقد والإصابة معا، فجاءت السنة فبينت أن المراد به الإصابة بعد العقد. فعن عائشة رضي الله عنها أن رفاعة القرظي طلق امرأته فبتّ طلاقها. فتزوجت بعده عبد الرحمن بن الزَّبِير فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إنها كانت تحت رفاعة. فطلقها آخر ثلاث تطليقات. فتزوجت بعده عبدالرحمن بن الزّبير. وإنه، والله! ما معه إلا مثل الهدبة [كلمة قبيحة]. وأخذت بهدبة من جلبابها (تعبير ساذج). قال: فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضاحكا. فقال: "لعلك تريدين أن ترجعي إلى رفاعة. لا. حتى يذوق عسيلتك وتذوقي عسيلته" [تعبيرات مقرفة ومتقززة]. وأبو بكر الصديق جالس عند رسول الله صلى الله عليه وسلم. وخالد ابن سعيد بن العاص جالس بباب الحجرة لم يؤذن له. قال: فطفق خالد ينادي أبا بكر: ألا تزجر هذه عما تجهر به عند رسول الله صلى الله عليه وسلم؟
وفي رواية: أن رفاعة القرظي طلق امرأته فتزوجها عبدالرحمن بن الزبير. فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يا رسول الله! إن رفاعة طلقها آخر ثلاث تطليقات.
المصدر: (صحيح مسلم) - الصفحة أو الرقم: 1433
(وعن عائشة، قالت: طلق رجل امرأته فتزوجت رجلاً غيره فطلقها، وكانت معه مِثلُ الهدبة [مصطلح وقح] فلم تصل منه إلى شيء تريده، فلم يلبث أن طلقها. فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت: يارسول الله إن زوجي طلقني، وإني تزوجت زوجا غيره، فدخل بي، ولم يكن معه إلا مثل الهدبة [كلمة قبيحة] فلم يقْرُبْني إلا هَنَةً واحدة [تعبير مقرف]، لم يصل مني إلى شيء، فأَحِلُّ لزوجي الأول؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تحِلَّين لزوجكِ الأول حتى يذوق الآخر عُسَيْلَتَكِ وتذوقي عُسَيْلَتَهُ"
[كلمات متقززة جداً وسوء أدب – حاشاه "عليه السلام"].
الراوي: عائشة/ المحدث: البخاري
المصدر: (صحيح البخاري) ــ الصفحة أو الرقم: 5265
خلاصة حكم المحدث: [صحيح!]
وللاستزادة ينظر الروابط ادناه:
http://www.islamweb.net/newlibrary/display_book.php?flag=1&bk_no=52&ID=9717
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
لو دققنا غرائب امهات الكتب الفقهية وحققناها بهدوء لاستخرجنا منها راسيات من الطامات والخزعبلات التي لا تفوقها الا تلال فرضياتها الساذجة والتفكير الجنسي الأسمج الذي يدور في خلَدهم وفي فلك أمخاخهم. فعلى سبيل المثال: خلال تقليب صفحات (مراقي الفلاح بامداد الفتاح شرح نور الايضاح ونجاة الارواح للشرنبلالي الحنفي/ وبهامشه متن نور الايضاح مع تقريرات من حاشية الطحطاوي/ "حاشية الطحطاوي على مراقي الفلاح") وهو كتاب في المذهب الحنفي، ألفيْتُ العجب العجاب! وقد أحببتُ أن أضع بين أيديكم ما هو حقاً كارثة حلت بلُباب مخّ المسلمين. حيث أصبحت المذاهب الفقهية في تأريخهم هُزأة ومصدر تهكّم وباعث على السخرية والضحك على الذقون. فيا أمة ضحكت من جهلها الأمم! ألفيْتُ الغرائب والسخافات ــ مزبوطة ــ في ثنايا الكتاب المعنون، لنستمع الى ما يقوله المصنف الشرنبلالي: "الشرنبلالي: نسبة لقرية تجاه منوف العلا باقليم المنوفية بسواد مصر المحروسة يقال لها شبرا بلول واشتهرت النسبة اليها بلفظ الشرنبلالي. ا هـ طحطاوي نقلا عن المؤلف/ ص5 مراقي الفلاح" في فصل (الأحق بالامامة) ص 111 – 112: (... فالأعلم احق بالامامة ثم الأقرأ ثم الأورع ثم الأسن ثم الأحسن خلقا ثم الأحسن وجها! ثم الأشرف نسبا ثم الأحسن صوتا ثم الأنظف ثوبا...) ثم يكشف النقاب في الهامش أكثر وأكثر في الأحق من الناس بالامامة إن استووا قائلاً: (فالأحسن زوجة... فأكبرهم رأساً "وأصغرهم عضوا" [تعبيرات قبيحة جداً ومنتهى قلة أدب] فأكثرهم مالا فأكبرهم جاهاً...الخ) والعجب العجاب يكمن في ذيْنِك الوصفيْن "الأحسن زوجة"! و"أصغرهم عضواً"!
وقد علق عيد عباسي على هذه الفقرة في كتابه (المذهبية المتعصِّبة هي البدعة أو بدعة التعصُّب المذهبي) ص (193- 194 - 195) قائلاً: "فتأمل يا أخي المسلم هذه الصفات التي عددها هذا الفقيه اللوذعي لتؤهل صاحبها لإمامة المصلين. وقف معي عند قوله: فالأحسن زوجة، فالأكثر مالاً، فالأكبر رأساً، فالأصغر عضواً. وقل لي بربك: أليس جَعْل هذه الصفات للمرشح للإمامة أمراً سخيفاً مضحكاً، ثم هو في الوقت نفسه أمر مخزٍ ومخجل؟ ويستمر قائلاً: ولنفرض ان قوما قاموا الى الصلاة وهم قد اخذوا بما قرره لهم هذا الفقيه وأمثاله. ترى هل يتطوع احدهم ليذكر لنا كيف يتصور تطبيقه، ترى كيف يختار المصلون أحسنهم زوجة؟ هل يقترح عليهم هذا العلامة بأن يحضروا زوجاتهم، ثم يختاروا لجنة تحكيم، كما يفعل الفساق في انتخاب ملكات الجمال، فتختار هذه اللجنة أجملهن وأحسنهن، ثم يقدموا زوجها للإمامة؟
وقل الأمر نفسه بالنسبة للصفات الاخرى (فالأحسن وجهاً، الأحسن صوتاً، الأكثر جاهاً، الأكثر مالاً).
وانتقل معي ــ قارئي العزيز ــ الى هذه الصفة الغريبة العجيبة (الأكبر رأساً) واضحك ما شاء لك الضحك، من هذه العقول السخيفة التي سطرت هذا الكلام، دون خجل أو حياء، زاعمة انه هو الذي أنزله الله تبارك وتعالى!! وقد نهضم ما سبق جميعه ونمرّره، ولكن ماذا نقول في هذا الوصف الأخير المخزي (فالأصغر عضواً ــ ذكراً ــ )، الذي يجب أن يضرب به وجه صاحبه، ويعزز عليه، ويجعل عبرة للناس، لافترائه على دين الله وتشويهه الشريعة السمحاء؟
أليس يدل هذا على درجة بالغة في انحطاط التفكير، وسماجة الطبع، وفساد الذوق، وقلة الأدب؟ ويستمر عباسي قائلاً: وهب أيضا ان قوما قاموا الى الصلاة وتساووا في الصفات السابقة كما يتخيل هذا الفقيه، وأرادوا تطبيق هذا الوصف الأخير، فكيف ينفذون ذلك؟ إنني أترك للقاريء الكريم أن يتخيل الطريقة العملية التي يراها هؤلاء الفقهاء لتنفيذه، والحقيقة انني أكاد أذوب خجلا، وأنا أسطر هذا الكلام ناقدا وقادحا، ترى كيف كتبه هؤلاء مقررا ومثبتا؟" انتهى كلام عيد عباسي في (المذهبية المتعصِّبة). طبعاً هذا الكتاب مليء بكشف حماقات الكتب المذهبية المشهورة في الفقه المالكي والحنفي والشافعي والحنبلي، تلكم الحماقات العقيمة والسخافات السقيمة والإفتراضات الفظيعة والخيالات النرجسية المريضة الشريرة (التي ما خطرت على بال احد حتى متعاطي الأفيون والحشيش! تعبير عباسي). اقول هذا بغض النظر عن تباعد الأفكار والاختلاف الجوهري مع مؤلف كتاب (بدعة التعصب المذهبي) في رؤيته للسنة والحديث النبوي، ودفاعه المستميت عن عنعنات البخاري وثَنْثَنات مسلم. وهو سلفي في الفكر والعقيدة، يدندن حول العودة الى الكتاب والسنة معاً وكذا يدعوا الى "اصلاح الفقه المذهبي، وتنقيته مما علق به من أوشاب وأكدار، وتنظيفه مما دخل عليه من السخافات والحماقات". ومع هذا فقد برع في بيان عوَر فقه المذاهب وأجاد في نقد تفاهات وهراءات لامذهبية بوطي. أنصح بقرائة الكتاب والرجوع اليه. فقد استمتعت به كثيرا خاصة حماقات الباجوري الشافعي والصور الخيالية الجنسية الساذجة التي لم يسمع أذن الزمان بحدوثها!
وللدكتور احمد صبحي، نماذج شتى من بين تلك الصور الخيالية التي استخرجها في الكتب الفقهية قادحاً تلك الشطط وناقداً تلكم الانحطاطات والخيالات التافهة المتوهمة وتصويرها الفنيّ الفنتازي الجنسي السمج. فأرجو قراءة كتاباته التأريخية والسلاسل المقالية غير المكتملة في (القضاء) وفي (السنة) والبحوث (الفقهية خصوصا) فهي جديرة بالقراءة حقيقة. ويدفع بالقاريء الكريم، لأن يضرب الأخماس بالأسداس! فثمة الحديث عن "الذكر المشطور!" (حيث لو أولج احدهما في قبلها والآخر في دبرها، وجب الغسل عليهما!!).
اعذروني على هذه الصور المتوهمة المقززة، ولا تؤاخذوني على إثارة قرفكم وتقززكم من هذا الكلام. فهذا غيض من انتاج الكتب الفقهية النرجسية الغزيرة التي تحوي تلالاً مثل تلك الترهات والأباطيل. انها من شقاء القلوب وفسادها العقيم.
{إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} [سورة ق/37].
ولنا مع الترهات و (الحِيَل) وبيان عورها عودة وجولة.
ان كان في العمر بقية التقينا والاّ فترحّموا علينا.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أخوكم/ وداد وطني
25/5/2012