خالد على.. الرجل الذى أعد مذكرة دعوى «الأجور»: معركتنا المقبلة تحديد حد أقصى للأجور.. والمطالبة بفرض ضريبة على البورصة حوار هيثم دبور ٦/ ٤/ ٢٠١٠ |
لا يعتبره نهاية المشوار، فالحكم التاريخى الذى أصدرته محكمة القضاء الإدارى برئاسة المستشار عادل فرغلى بإلزام الحكومة، ممثلة فى رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء بوضع حد أدنى لأجور جميع العاملين بالدولة، بما يتناسب مع نفقات المعيشة ويحقق توازناً بينها وبين الزيادة الكبيرة فى الأسعار، فى رأيه هو بداية الطريق، الذى يسلكونه لتحقيق التوازن الاجتماعى والاقتصادى. خالد على مدير المركز المصرى للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، الذى أعد حوافظ مستندات قانونية فى دعواه ضد رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء وتوصيات اقتصادية للحكومة لتنفيذ الحكم التاريخى، الذى حصل عليه بإلزام الحكومة بحد أدنى للأجور، يتحدث عن معركة المركز المقبلة لتحقيق التوازن الاجتماعى والاقتصادى. ■ هل كنت تتوقع الحكم بوضع حد أدنى للأجور؟ - كنت أتوقعه منذ اللحظة الأولى لرفع الدعوى، فنص القانون رقم ٥٣ لسنة ٨٤ واضح ويحدد ٣٥ جنيها كحد أدنى للأجور، وقانون العمل الموحد فى مادته رقم ٣٤ يقرر إنشاء مجلس قومى للأجور بتكليف من رئيس الوزراء وبرئاسة وزير التخطيط وعضوية وزراء القوى العاملة والاستثمار والمالية والتضامن الاجتماعى، إلى جانب عضوية رئيس الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، ورئيس الجهاز المركزى للتنظيم والإدارة، وأمين المجلس القومى للمرأة، و٤ أعضاء ممن يختارهم العمال كممثلين عن القوى العمالية، و٤ أعضاء يختارهم رجال الأعمال وممثلين عن أصحاب رؤوس الأموال، ومهمة المجلس القومى للأجور كما جاء فى نص القانون، هى وضع حد أدنى للأجور يتناسب مع الأسعار والمعيشة، يعنى الوزير قال لهم اجتمعوا وادرسوا الموقف ٣ سنوات وبعدين ابحثوا عن حل للمواطن، المجلس ده بقاله ٧ سنين من غير ما ياخد قرار، مجلس قومى وفيه ٦ وزراء و٢ رؤساء أجهزة مركزية كبرى لم يستطيعوا أن يتخذوا قرارا من ٧ سنوات. ■ وهل تراه أنت امتناعا بسبب التقاعس أم الإهمال أم متعمد؟ - بالطبع امتناع سلبى متعمد، فلا يمكن أن يكون هناك مجلس قومى له مقر ثابت يجتمع فيه أعضاؤه وله ميزانية مخصصة، ويجتمع ٧ سنوات دون اتخاذ قرار، تحت مبررات يتم تصديرها للعامة طوال الوقت، بأن رفع الحد الأدنى للأجور سيرهق الموازنة العامة، والغريب أن إرهاق ميزانية الموازنة العامة تظهر عندما نتحدث عن الفقراء، وتختفى عند إقرار بنود متعلقة بحراسة الوزراء أو إعادة تأسيس مكاتبهم، فراتب حسن شحاتة مدرب المنتخب يكفى لحل جزء كبير من أزمة الأجور، وهو شخصيا لا يمثل مشكلة، لكنه مثال لتفاوت الأجور وعدم التوازن الاجتماعى والاقتصادى، فتحديد حد أقصى للأجور لا يقل أهمية عن تحديد حد أدنى وهو معركتنا المقبلة. ■ وما الحد الأقصى المقترح للأجور من وجهة نظرك؟ - لم ندرسه حتى الآن، لكن نص الدستور واضح وصريح، ففى المادة ٢٣ ينص الدستور على تحديد حد أدنى للأجور وحد أقصى وتقريب الفوارق بين الأجور، فلا يصح أن يعتصم عمال جهاز تحسين الأراضى لأن رواتبهم ٦٠ جنيها فقط، بينما تصل رواتب البعض شهريا إلى مليون جنيه شهريا، فالواقع النظرى يقول أن يكون الحد الأقصى ١٠ أو ٢٠ أو حتى ٣٠ ضعفاً للحد الأدنى، وزيادة الحد الأقصى سيؤدى بالتبعية لزيادة الحد الأدنى. ■ لكن بعض الموظفين يحصلون على أجور تصل إلى ١٠٠٠ و١٥٠٠ جنيه إلا أن عقود توظيفهم تحتوى على قيمة أقل بكثير لتوفير قيمة التأمينات والضرائب من صاحب المؤسسة؟ - أصحاب العمل فى مصر يقومون بلعبة فى مسألة التعاقدات والأجور ليبقى العامل تحت سيطرتهم طوال الوقت، فما نطالب به أولا ليس الحد الأدنى للأجور، ولكن أساتذة التشريعات الاجتماعية يسمونه «حد الدفاع الاجتماعى»، وهو الحد اللازم ليستطيع المواطن أن يأكل ويشرب ويعالج هو وأولاده، وهو بداية الراتب الذى نريد أن نبدأ منه. أما بخصوص لعبة أصحاب المصانع والشركات فهم يعملون على التضحية بالجسم الرئيسى للأجر، فيجعلون الأجر الأساسى ضعيفا، والجسم الأكبر للحوافز والبدلات، فيصبح العامل دائما واقعا تحت رحمة صاحب العمل ورضاه، ويجعله يعمل لفترة تزيد على ١٢ ساعة، رغم أن ساعات العمل ٨، منها ساعة للراحة، وعمال كاليفورنيا قديما قادوا دورا رائدا فى الحصول على تلك الحقوق، بينما المواطن المصرى يعمل ١٢ ساعة وينتقل من مهنة إلى أخرى ليكفى حاجته، مما يزيد نسبة البطالة، لأن عمله فى أماكن عديدة يجعله يأخذ فرص عمل متوفرة لغيره من الشباب. كما أن المحكمة عند النظر فى القضايا تنظر إلى جسم الأجر الثابت المثبت فى العقد. ■ كيف تم تحديد الحد الأدنى للأجور؟ - عقدنا اجتماعات مع عدد كبير من أساتذة الاقتصاد ووجدنا أن معدل الإعالة كما تقره الدولة من ١ إلى ٥، وافترضنا أن معدل الإعالة ٤ أفراد، أى أن كل عامل يصرف راتبه على زوجته و٣ أطفال، وبحسبة اقتصادية وجدنا أن الحد الأدنى للأجور يجب أن يبدأ من ١٦٠٠ جنيه، ولكننا رأينا أننا لو طالبنا بهذا الرقم فلن تقبل طلباتنا، فحددنا خط الفقر كحد أدنى للأجور، وأخذنا تقرير الأمم المتحدة الذى يعتبر خط الفقر عند دولارين يوميا، أى أن المواطن العائل يحتاج إلى ٨ دولارات كأجر يومى ليعيش مع عائلته عن خط الفقر، وحسبنا الدولار بخمسة جنيهات فقط رغم أن قيمته أكبر، أى أن المواطن المصرى يحتاج إلى ٤٠ جنيها يوميا، أى ١٢٠٠ جنيه شهريا. ■ لكن الحكومة دائما ما تتحجج بألا تتم محاسبة موظفيها اقتصاديا مثلما يحدث فى الخارج لأن أوضاعنا الاقتصادية تختلف عن دول العالم؟ - هذا كلام مغلوط، أولا لأننا لم نحاسب الحكومة بالأجر العالمى، فأجر العامل الذى حددناه بدولارين يوميا لا يقارن بأجر العامل الأمريكى الذى يبلغ بين ٩ و١٢ دولاراً فى الساعة الواحدة، ثم إن الحكومة تكيل بمكيالين، فأحمد عز حين يرفع أسعار الحديد ينشر إعلانات كبيرة تقول إن السعر ارتفع فى كل دول العالم وإن أسعاره عالمية، مثله مثل باقى الدول، بينما لا يحاسب موظفيه بالأسعار العالمية، فلا يمكن أن تقدم لنا الحكومة السلعة بسعر عالمى، والأجور محلية وبقيمة أقل من خط الفقر بكثير. ففى يناير ٧٧ كانت مظاهرات المصريين تقول «سيد بيه يا سيد بيه كيلو اللحمة بقى بجنيه»، والحقيقة أنه كان فعليا بـ ٨٠ قرشا ولكن السجع والتقريب جعل الهتافات جنيه، ثم أصبحت اللحوم – فى أقل المناطق – بـ ٦٠ جنيها، أى زادت ٦٠ ضعفا، فى الوقت الذى لم تزد فيه الأجور ٦٠ ضعفا، بالإضافة إلى أن تعويم الجنيه أفقده ٤٥% من قيمته، فالعبرة ليست فقط بمقدار ما يحصل المواطن ولكن بقيمته الشرائية أيضا. ■ ما الخطوات التى تتخذونها بعد الحصول على الحكم؟ - المجلس القومى للأجور يجتمع مرتين سنويا واجتماعه المقبل فى يونيو، أو بقرار من المجلس، وأدعوهم لاتخاذ قرار بعقد اجتماع استثنائى فى مايو المقبل لمناقشة القرار التاريخى. وهناك نقطة لم يتم التنبه لها بشكل كبير، فالحكم يتحدث عن العاملين فى القطاع الخاص، بينما تحدد أجور العاملين فى قطاع الدولة بالقانون ٤٧ لسنة ٤٨، الذى يحدد درجاتهم الوظيفية طبقا لجدول رواتب، وتطبيق القانون على العاملين الحكوميين سيكون إلزاميا لأن صفات أى «مجلس قومى» هو أن تكون قراراته «قومية» أى تلزم القطاعين العام والخاص، وقرارات المجلس القومى للأجور سيكون ملزما لجموع العاملين. ■ وما الذى يحدث فى حالة امتناع الحكومة عن تنفيذ القرار أو تقاعست؟ - المادة ١٢٣ من قانون العقوبات تجرم أى امتناع عن تعطيل أو تنفيذ أحكام القضاء دون مبرر من القانون، ونصت على: «يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومى استعمل سلطة وظيفته فى وقف تنفيذ الأوامر الصادرة من الحكومة أو أحكام القوانين واللوائح أو تأخير تحصيل الأموال والرسوم أو وقف تنفيذ حكم أو أمر صادر من المحكمة أو من أى جهة مختصة، كذلك يعاقب بالحبس والعزل كل موظف عمومى امتنع عمدا عن تنفيذ حكم أو أمر مما ذكر بعد مضى ثمانية أيام من إنذاره على يد محضر إذا كان تنفيذ الحكم أو الأمر داخلا فى اختصاص الموظف». ■ ما الحلول التى اقترحتموها فى المذكرة الاقتصادية؟ - أوضاع الضرائب فى مصر مغلوطة وتحتاج إلى إعادة نظر، ففى عام ٢٠٠٢ كانت حصيلة الضرائب ٥٠ مليار جنيه، وفى ٢٠٠٩ ارتفعت إلى ١٧٦ ملياراً، يدفع منها الموظف ٢٨% بينما يبلغ ما يدفعه إجمالى المواطنين ٦٠% ورجال الأعمال ١٣%، ولا يوجد نظام صحيح يدفع فيه المواطن أكثر من رجال الأعمال، لأن الضرائب من المفترض أن تكون تصاعدية، فاقترحنا أن يتم فرض ضريبة على البورصة، ثم تطور الاقتراح إلى ضريبتين: الأولى ضريبة صغيرة، وهى ضريبة التعامل فى البورصة حتى نقى السوق من المضاربين الوهميين الذين يغرقون السوق، والثانية هى ضريبة أرباح وتكون بقيمة مرتفعة لأن صاحب المصنع يوفر فرص عمل للشباب بينما المضارب فى البورصة لا يقدم خدمات اقتصادية قوية. وأعد الدكتور أحمد النجار، الخبير الاقتصادى بمركز الأهرام، دراسة أكدت أن ضريبة البورصة ستمول ٨٥% من قيمة ما نحتاجه من أموال لتعميم الحد الأدنى للأجور فى مصر. ■ كيف ستعملون على تحديد الحد الأقصى للأجور؟ - سنجهز أوراقنا القانونية واقتراحتنا الاقتصادية وسنخوض معركة جديدة لتحقيق التوزان الاجتماعى فى مصر. |