أحبائي في كل مكان من العالم العربي .سلام الله عليكم ورحمته .
جاء الربيع العربي ,واستبشرنا خيراً بسقوط الأنظمة الشمولية والديكتاتورية ,وصرنا نتطلع إلى غد مشرق ,حمل شباب الأمة فيه راية التغير ,كسروا عقد الخوف ,وطالبوا بأعلى الصوت بالحرية والعدالة .لكن بقايا الأنظمة ,وبعض القوى السياسية وخاصة الإسلامية المتطرفة منها ,وحتى البعض من المعتدلين حاولوا ويحاولون سرقة هذا الربيع العربي وذلك بفرض أجندتهم السياسية على المجتع ,دون مراعاة للتنوع وحقوق الأخر في صنع القرار والمشاركة في حكم الوطن ,فخرجنا من تحت الدلف إلى تحت المزراب كما يقول المثل السوري.
وبدل الاشتغال بقضايا الوطن والمجتمع ,فوجئنا ...بصراع غريب ,صار الأخ فيه يقتل أخاه في الوطن ,وانتشرت الفوضى في بعض دول الربيع العربي ....فبدل تقوى الله ....اتبعنا خطوات الشيطان .
لانريد لأوطاننا أن تقع في فوضى سياسية قد تؤدي إلى حروب أهلية ,لا يستقيد منها إلا أعداء الأمة .لهذا أدعو بصدق وإخلاص الجميع إلى العودة إلى قيمنا الأخلاقية والدينية والتي تدعوا إلى السلم والسلام ,إلى النضال السلمي من أجل تحقيق المطالب العادلة .
لهذا أحببت أن أنقل أليكم خطبة الشيخ معاذ الخطيب في عزاء دوما ....وأعتبرها خطبة ما فيها من معاني تصلح لكل بلدان الربيع العربي , التي انتصرت فيها الثورات والتي ستأتي عليها لاحقاً
نص الخطبة التي ألقاها الشيخ معاذ الخطيب في عزاء في دوما في ٦-٤-٢٠١١ و المتوفر تسجيلها على الرابط التالي:
http://www.youtube.com/watch?v=mgob7xrMZjw
إن العين لتدمع وإن القلب ليخشع، ولا نقول إلا ما يرضى ربنا عز وجل إن شاء الله.أيها الإخوة، كل قطرة دم بريئة لأي مواطن في
هذا القطر إنما تمس كل إنسان فينا.وحاشى للإنسان الحر أن يقبل الظلم لغيره إن كان حراً… فالحرية من أعظم نعم الله تعالى على العبد، وإذا كنا نحن المؤمنين نعتبر أن الإيمان هو أقصى شيء نبذل من أجله الغالي والنفيس، فإن الإيمان مقدمته هي الحرية، ولا إيمان حقاً من دون حرية…الإنسان الحر يتألم للآخرين ويعيش مشاعرهم، ويبكي معهم، ويطالب بحقوقهم.ولكن مع السير نحو الحرية، عليه أن لا ينسى أن له منهاجاً ودرباً، يجلله ويظلله قوله تعالى: (أن لا تزر وازرة وزر أخرى).
أيها الإخوة…هناك أمر أريد أن أتحدث معكم به بكل صراحة، نحن نشعر بالظلم، نشعر بالحيف، ليس لأخ سقط غدراً في هذه المدينة، ولكن لأي إنسان يظلم في كل الأرض. ولكن مهلاً… ألسنا مسلمين؟أليست مرجعتنا كتاب الله تعالى إذ يقول: (أن لا تزر وازرة وزر أخرى)؟ليس هناك أي أحد مسؤول عن الغلط إلا صاحب الغلط بنفسه، وإياكم أيها الإخوة، أن تعود إلينا تلك الأمور التي كان النبي الهادي – صلى الله عليه وآله وسلم – يحذر الناس منها، وهو يفارق الدنيا فيقول: (لا ترجعوا بعدي كفّاراً يضرب بعضكم رقاب بعض)سأتحدث بصراحة أكبر أيها الإخوة، هناك أناس يسيؤون، من كل فئة من فئات هذا المجتمع، هناك ثلة لا تتقي الله تعالى لا في البلد ولا في الناس ولا في من حولها، ولكن أحياناً لأسباب خارجية أو داخلية، لأسباب قد تكون غيظاً أو ضيقاً أو كرباً، تمتد عين الإنسان أو قلبه أو مشاعره لتتحرك في المجال الغلط.صاحب الغلط يجب أن يحاسب، ولكن حاشى للإنسان التقي النظيف، أن ينطلق بمشاعره إلى خارج هذا الإطار.
نحن في سوريا أيها الإخوة، وهذه ليست من نعم الدولة بل من نعم الله تعالى، وعشنا طوال حياتنا أيها الإخوة، طوال حياتنا مسلمين سنة وشيعة وعلويين ودروز… قلباً واحداً.وعاش معنا إخوة أكارم يهتدون بهدي عيسى عليه السلام محبة وإخاء ومودة ولا يضيق صدر واحد منا عن أخيه، يفتح له قلبه وداره وبيته، وهذا الأمر هو الأمر الذي يجب أن نصر عليه في كل وقت، وأن لا تنطلق مشاعرنا خارج هذا الإطار النظيف الذي حيينا عليه ونموت عليه إن شاء الله… (أن لا تزر وازرة وزر أخرى)… ليس ذنب الإنسان أيها الإخوة أن يولد في الساحل أو في الشام أو في درعا أو في أي مكان، إن الإنسان مكرم عند الله تعالى بتقواه، وليكن بعد ذلك ما يشاء، هناك في التاريخ عقد تاريخية وسراديب أتاهت الناس، جعلت الناس في تيه، ولا يجب على الإنسان العاقل أن يدخل فيها، بلدنا بلد خير وإيمان واستقامة، وعلينا أن نجدد هذا الأمر فيها في كل حين.أنتم ترون الذين يخرجون ينادون في المظاهرات، وهذا حق مشروع للناس، ونأمل أن يكون هناك قوانين ناظمة له كي لا تكون الأمور على فوضى أو أن تكون حكراً على مجموعة من الناس تنادي بما تشاء ويحظر على الآخرين، نأمل أن تكون هناك قوانين ناظمة، ولكن ترون الناس عندما تخرج لتطالب بحقوقها المشروعة تقول: سلمية سلمية، وهذا الأمر أيها الإخوة هو وصيتنا إلى الجميع رجوعاً إلى مرجعيتنا الأولى كتاب الله تعالى إذ يعلمنا: (لإن بسطت إلي يدك لتقتلني ما أنا بباسط يدي إليك لأقتلك)… لماذا؟… (لأني أخاف الله رب العالمين).خشيتنا من الله تجعلنا نستقيم على المنهج الذي أراده الله تعالى لنا، نحن لا ننظر لا في مشاعرنا ولا في قلوبنا إلى أي إنسان في هذا البلد بنوع من الكره أو البغضاء، حاشى لله، ليس خشية من الدولة، ولا من المخابرات، فقد انتهى عهد الخوف أيها الناس، هذه بلدكم وعليكم أن تحافظو عليها (تكبير وتصفيق في الجموع الحاضرة)أيها الإخوة، نحن يد واحدة كلنا، فهذا الامر عندما نتحدث به نتحدث به على أنه مبدأ أصيل من مبادئنا وأخلاقنا واستقامتنا وعليها أن نحافظ عليه، إذا وجد بيننا هذا الأمر أيها الإخوة، التكافل والتراحم، أنا أقول أننا عندها سنحفظ المجتمع والدولة والناس وكل من يعيش في هذا البلد المبارك.ايها الإخوة لا تنسوا أبداً أن هذه الأمة أمة واحدة وعلينا أن نعيد اجتماع مكوناتها.لقد فرقنا التاريخ وفرقتنا السياسة، وستجمعنا هذه الأمة مادمنا أمة واحدة، في آلامنا ومشاعرنا وإحساسنا العميق بالخطر الذي يحيط بها، أحياناً تكون عندنا مشاعر حقيقية وصادقة ولا نرضى من أحد أن يزاود علينا بها ولكن لا نرضى أن تجير لأي طرف يستغلها خلاف مصلحة هذه الأمة…
أيها الإخوة، هذه الأمة حقيقة في خطر ونحن الذين يجب أن نحميها، مع المطالبة بحقوقنا لست من النوع الجبان الذي يقول لك: نحن في خطر فتنازل عن حقوقك، أنا أقول لك نحن في خطر فحافظ على كرامتك من أجل أن تحمي بلدك بالوتيرة الصحيحة، بالتفكير الصحيح، بالمشاعر السليمة، بالحب الدافق لكل إنسان إيها الإخوة…نحن لا نبغض أحداً والله ولا نخاف من أحد، يا إخواننا نحن لا نكره لأنهم جزء من أبنائنا، ولكن لا نريد أن يظلمنا أحد، ونحن لا نخشى من الدولة لأننا نحن الدولة… شو يعني الدولة؟ الدولة هي مجموعة مواطنين في النهاية، ولكن رغم ذلك نقول هناك مطالب وهناك حقوق ويجب أن نطالب بها ولكن دون أن ننزع إلى شيء سلبي يخرب على الأمة كلها، ونحن نطالب المسؤولين جميعاً بأن يكونوا عقلاء في التعامل مع أبنائهم… يا رجل الأمن اللي عم تخرج لا تحمل عصاية وتضرب إخوانك، هدول إخوانك، يا رجل الأمن هؤلاء أبناءك هؤلاء اللي بيحمو الأمة هؤلاء الذين تظن فيهم الفساد والله أنهم خير الناس الذين يحمون النظام ويحمون الدولة ويحمون البلد كله بصدقهم واستقامتهم فإياك أن يكون في قلبك شيء تجاهنا لأنه لا يوجد في قلوبنا تجاهك إلا كل خير انشاء الله… أليس هكذا أيها الإخوة؟لا يوجد في قلوبنا إلا الخير، ولا يوجد في قلوبنا إلا المحبة والترحم على أولئك الأطهار الذين سقطو بطريقة لا نعلمها ونأمل أن يفتح باب التحقيق فيها ويعاقب المذنب من دون أن ينعكس ذلك على اي إنسان بريء مهما كان توجهه أو فكره أو الجهة التي ينتمي إليها