أولا : كتبت هذا المقال بعد إعتقال الكاتب الاسلامى رضا عبد الرحمن فى يوم 26 اكتوبر 2008 . كنت قد جهزت أفكارا لعدة مقالات أهاجم فيها مبارك وأسرته بكل عنف ، ولم أنشرها حرصا على ابن إبن عمى رضا عبد الرحمن وخوفا على حياته . وفى غمرة المرارة كتبت هذا المقال أدعو فيه الله جل وعلا ان ينتقم من مبارك وأسرته وقومه . واستجاب رب العزة لدعوة المظلوم . والآن مبارك فى السجن وشهده العالم كله مسجى على فراشه فى المحكمة يستجدى العطف . وبعد موته سيدفع إبناه وزوجته وأتباعه الثمن . ولن تجدى نفعا ما نهبوه من بلايين . فماذا تجدى أموال العالم مع سجين أو طريد مهدد خائف ، قد ظلم وقهر الملايين ؟.
أنشر هذا المقال الآن .. للعبرة والعظة ..!
ثانيا : الدعاء ..المقال
1--فى عصر حسنى مبارك (1981-------- ) أصبح التعذيب ممارسة وطنية يمارسها النظام العسكرى ضد أفراد من الشعب . كان التعذيب قبل عصر مبارك مقتصرا فى الأغلب على معارضى النظام العسكرى وتحترفه المخابرات وأمن الدولة ، فاصبح فى عصر مبارك يشمل كل أفراد الشعب وتحترفه كل أجهزة الأمن من أصغر نقطة بوليس إلى أكبر مقر لمباحث أمن الدولة . قبل عصر مبارك كانت مقرات مباحث امن الدولة محدودة فجعلها مبارك تمتد وتتوغل على إتساع العمران المصرى ،وتتدخل فى كل شىء وتسيطر على كل شىء ،وترعب كل افراد الشعب ، من كان منهم محروماً من الثروة والنفوذ.
2--قبل عصر مبارك كان التعذيب له هدف ، وكانت ممارسته إستثنائية فجعله مبارك شيئاً إعتيادياً ،بحيث يمارسه زبانية مبارك للتسلية ...كان مستنكراً يشعر من يرتكبه بالخزى والعار ويستخفى من الناس ولا يستخفى من الله فأصبح فى عصر مبارك رمزاً للقوة والنفوذ والتسلط ، فراينا ضباط الشرطة يقدمون على تصوير ضحاياهم وكيف يفعلون بهم إفتخاراً وإعتزازاً بتادية دورهم الوطنى..
3--لو ظهر القرآنيون فى عصر جمال عبدالناصر ما تعرض لهم أحد بأى نوع من الإضطهاد ،فلم يكن للسعودية نفوذ تشترى به النظام المصرى واجهزته الأمنية ، ولم يكن نظام عبدالناصر يتدخل فى المجال الفكرى والإعتقادى للمصريين . شاء حظ القرآنيين أن تظهر دعوتهم فى عهد مبارك رداً على إتساع نفوذ الوهابيين والإخوان المسلمين .ولأن سياسة مبارك هى حماية الثقافة الوهابية للإخوان المسلمين مع إضطهاد النشطاء من الإخوان المسلمين فقد إنصب إضطهاد مبارك على القرآنيين لأنهم يناقشون الوهابيين من داخل القرآن الكريم ويؤكدون تناقضها مع دينها السنى مع القرآن الكريم .ولأن أجهزة مبارك الأزهرية تعجز عن النقاش مع أهل القرآن أكثرمن عجز شيوخ الإخوان والوهابية فإن مبارك قام بتسليط أجهزته الأمنية فى سحق القرآنيين .فإزدات معاناة القرآنيين وإزداد عدد القرآنيين .
4--صحيح إن إضطهاد مبارك وصل إلى جماعات لإخوان المسلمين السرية والعلنية ،وتعرض بعضهم للتعذيب ،وتلك جريمة كبرى أن تحل الخلافات السياسية بإستعمال القوة والتعذيب .ولكن لنظام مبارك حجة يعتبرها قوية وهى أن أولئك هم طلاب سلظة يريدون الوصول إليها بالعنف والإرهاب .حسناً..... ولكن القرآنيين ليسوا طلاب سلطة ، يطلبون الإصلاح السلمى سياسياً ودينياً مع إحترام حقوق الإنسان ..فبأى منطق يتعرضون للتعذيب؟؟
5--مبلغ علمنا أن نظام مبارك المتخصص فى العذيب لم يقم بتعذيب أى قبطى مصرى بسبب قبطيته ودينه ،ولم يقم بتعذيب أى بهائى بسبب عقيدته ودينه أومذهبه . هناك إضطهاد للأقباط وهموم للأقباط معروفة ولكنها لم تصل حسب علمنا إلى منعهم من الصلاة فى بيوتهم وتعذيبهم بسبب افكارهم وإستجوابهم حول كيفية صلاتهم وهل يقولون ( التحيات) فى الصلاة أم يقرءون آية قرآنية بدلاً لها.. هذا ما يحدث لأهل القرآن فى عهد مبارك .
6--لم يحدث للاقباط أو البهائيين او الشيعة أن اخرجتهم السلطات من بيوتهم واعتبرت صلاتهم داخل بيوتهم وسط أطفالهم جريمة تستوجب السجن والتحقيق والتعذيب.! ولكن هذا حدث ويحدث للقرآنيين .
7--.بل إن ما فعله مبارك وزبانيته باهل القرآن المسالمين لم يفعله فرعون موسى ببنى إسرائيل ،طبقا لماجاء بالقرآن الكريم اشتكى بنوا إسرائيل لموسى قائلين انهم تعرضوا لأذى فرعون قبل أن ياتيهم (موسى) ومن بعد أن جاءهم موسى ، فطلب منهم موسى الصبر ومنّاهم بالنصر الإلهى على عدوهم الظالم (قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا إِنَّ الأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُهَا مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَالْعَاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ (128) قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا وَمِنْ بَعْدِ مَا جِئْتَنَا قَالَ عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَيَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الأَرْضِ فَيَنظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ (129) (الأعراف) .. وإشتد إضطهاد فرعون لبنى إسرائيل بعد مجىء موسى حتى إنفض عن موسى معظم قومه خوفاً من إرهاب فرعون .( فَمَا آمَنَ لِمُوسَى إِلاَّ ذُرِّيَّةٌ مِنْ قَوْمِهِ عَلَى خَوْفٍ مِنْ فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِمْ أَنْ يَفْتِنَهُمْ وَإِنَّ فِرْعَوْنَ لَعَالٍ فِي الأَرْضِ وَإِنَّهُ لَمِنْ الْمُسْرِفِينَ (83)( يونس ). ولكن إرهاب الفرعون لبنى إسرائيل لم يصل إلى حد منعهم من الصلاة داخل بيوتهم ، منعهم فقط من الصلاة العلنية فأوحى الله تعالى إلى موسى وهارون بإتخاذ أماكن فى بيوتهم للصلاة وبشرهم بقرب النصر(وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى وَأَخِيهِ أَنْ تَبَوَّأَا لِقَوْمِكُمَا بِمِصْرَ بُيُوتاً وَاجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ (87)( يونس)
ولم يكن هناك مبرر سياسى للفرعون فى إضطهاد بنى إسرائيل ، ولو كان عاقلاً لأستجاب إلى طلب موسى بأن يسمح له بعودة بنى إسرائيل إلى ارض الميعاد ،كان الأمر يبدو منطقياً ،فالفرعون يكرههم ويضيق بهم ،إذن فالمنتظر ان يستجيب لطلب موسى ويتركهم يرحلون معه إلى ارض الميعاد ،ولكن المستبد –أى مستبد- يحتاج إلى ضحية يفترسها ليرهب بقية الشعب حتى تستمرسطوته، لذلك رفض فرعون ،وحين هرب موسى بقومه من طغيان الفرعون ،طاردهم الفرعون بغياً وعدواً إلى ان إنتهى مصيره مع جيشه فى البحر غرقاً.
الحلقة قبل الأخيرة فى ظلم الفرعون كانت منعه بنى إسرائيل من الصلاة العلنية فاوحى الله تعالى لموسى وهارون بأن يصّلوا خفية فى بيوتهم وان يجعلوها قبلة وجاءتهم البشرى مقدماً بالنصر.وفى تلك الصلاة السرية قام موسى وهارون بالدعاء على الفرعون الظالم ..فأستجاب لهما رب العزة (وَقَالَ مُوسَى رَبَّنَا إِنَّكَ آتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالاً فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوْا الْعَذَابَ الأَلِيمَ (88) قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلا تَتَّبِعَانِ سَبِيلَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ (89) ( يونس )
8--مبارك زاد فى ظلمه لأهل القرآن عما فعله فرعون موسى مع بنى إسرائيل ..مع ان اهل القرآن أقلية قليلة مسالمة لا يخشاها أحد ولا تطمع فى ثروة أو سلطة ، تعرض الإصلاح ولا تفرضه على احد ،ولكن الوقت الذى سمح فيه فرعون موسى لبنى إسرائيل بالصلاة سرا فى بيوتهم .فإن مبارك يعذب أهل القرآن بتهمة الصلاة سراً فى بيوتهم . المسلمون الأوائل فى مكة لجأوا للصلاة السرية فى دار الأرقم بن الأرقم هرباً من إضطهاد قريش ، ولم تتدخل قريش لتعاقبهم وتمنعهم من صلاتهم السرية فى دار الأرقم بن الأرقم ، ولكن مبارك تفوق على قريش فى ظلمه وعلى فرعون موسى .
9 ـ ولأن اهلى رهائن لدى فرعون العصر( حسنى مبارك) ولا أملك سوى الدعاء ، فأننى أدعو الله تعالى بنفس الدعاء الذى قاله موسى عليه السلام ،وآمل أن يستجيب لى الرحمن جل وعلا : ربنا إنك آتيت حسنى مبارك وملأه زينة واموالاً فى الحياة الدنيا . ربنا ليضلوا عن سبيلك ،ربنا أطمس على اموالهم واشدد على قلوبهم ،، فلا يؤمنوا حتى يروا العذاب الاليم ...اللهم إستجب يا أرحم الراحمين ..) ( 29 اكتوبر 2008 ).
أخيرا
تحقق جزء من الدعاء . ونرجو تحقيق الباقى ..وسبحان القائل :(أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَإله مَعَ اللَّهِ قَلِيلاً مَا تَذَكَّرُونَ ) ( النمل 62 ) ..والحمد لله رب العالمين..