الشمس ضياء والقمر نورا
الشمس ضياء والقمر نورا

ابراهيم ايت ابورك في الخميس ٠٥ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

الفرق بين الضياء والنور:

يقول الله تعالى: { مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُمَاتٍ لَا يُبْصِرُونَ }- البقرة-17

تحليل:

يتبين من هذه الآية الكريمة أن النّار هي مصدر للإضاءة { اسْتَوْقَدَ نَارًا فَلَمَّا أَضَاءَتْ }, وهذه الإضاءة تُسَلَّطُ على الأشياء التي حول مَوْقِد النّار{ فَلَمَّا أَضَاءَتْ مَا حَوْلَهُ }, فلما ذهب الله تعالى بنورهم أصبحوا في ظلمات لا يبصرون شيئا رغم وجود النّار, لأن الله تعالى ذهب بنورهم ولم يذهب بضياء النّار{ ذَهَبَ اللَّهُ بِنُورِهِمْ } ونورهم تعود على من حول النّار وليست على النّار, وهذا يعني أن النور هو نتيجة للإضاءة المسلطة على الأشياء التي حول مَوْقِد النّارعلى أبصارهم. إذا الظلمات ما هي إلا غياب للنور وليس للضياء (مصدر النّار).

ومنه الإضاءة مرتبطة بمنبع أو مصدر النار.

والنور هو نتيجة لهذه الإضاءة.

ومن الآية المدروسة أعلاه نكتشف أن القمر كوكب غير مضيء, يستمد نوره من ضياء الشمس فقط, يقول تعالى:

{ هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاءً وَالْقَمَرَ نُورًا }- يونس-5, فالشمس هي نجم ناري ملتهب ووهاج, و بالتالي هي مصدر للضياء ( كحالة مَوْقِد النّار في الآية أعلاه ), بينما القمر هو كوكب غير وهاج يستمد نوره من الشمس فقط ( كحالة أبصار من حول النّار ), أي نوره هو نتيجة لضياء الشمس, وهنا إعجاز علمي كبير والقرآن الكريم دقيق في اختيار مصطلحاته وأشار مند أربعة عشر قرن أن القمر كوكب غير مضيء واصفا إياه بالمنير { وَقَمَرًا مُنِيرًا }-الفرقان-61, عكس الشمس مصدرا للضياء واصفا إياها بالسراج الوهاج { وَجَعَلْنَا سِرَاجًا وَهَّاجًا }- النبأ-14,.

وذلك ما تبينه الآيات التالية :

-         { أَلَمْ تَرَوْا كَيْفَ خَلَقَ اللَّهُ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ طِبَاقًا (15) وَجَعَلَ الْقَمَرَ فِيهِنَّ نُورًا وَجَعَلَ الشَّمْسَ سِرَاجًا }- نوح-16

-         { تَبَارَكَ الَّذِي جَعَلَ فِي السَّمَاءِ بُرُوجًا وَجَعَلَ فِيهَا سِرَاجًا وَقَمَرًا مُنِيرًا }- الفرقان-61

 

و نستنتج أيضا أن في العالم المادي المحسوس يبصر فيه الإنسان بمقدار كمية النور التي تدخل إلى آليته البصرية المادية, وكلما نقصت كمية هذا النور إلا ونقصت معه نسبة رؤيته والعكس بالعكس, بينما في العالم الأخروي يرى فيه الإنسان بمقدار محصلة أعماله في خضم الحياة الدنيا, وقد تكون كمية هذا النور صفرا عند الكفار مصداقا لقول عز من قائل: { وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا (125) قَالَ كَذَلِكَ أَتَتْكَ آَيَاتُنَا فَنَسِيتَهَا وَكَذَلِكَ الْيَوْمَ تُنْسَى }- طه-124

بينما المؤمنون بالله تعالى وبذكره أي القرآن الكريم, يسعى نورهم بين أيديهم وأيمانهم مصداقا لقوله تعالى: { يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ يَسْعَى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمَانِهِمْ بُشْرَاكُمُ الْيَوْمَ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا }-الحديد-12.

 

وصدق الله العظيم

إبراهيم ايت ابورك

adamoon@live.fr

اجمالي القراءات 22691