أهمية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى إقامة مقاصد الشرع الاسلامى

آحمد صبحي منصور في الخميس ٠٥ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

كتاب (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر  ).

الباب الأول : (الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى الاطار النظرى  )

الفصل الأول : (  الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر اسلاميا وقرآنيا  )

رابعا : دور الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى قوة الدولة الاسلامية 

(2 ) أهمية الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى إقامة مقاصد الشرع الاسلامى 

تأسيس الدولة الاسلامية على الحرية والعدل و التقوى  

1 ـ خلق الله جل وعلا السماوات والأرض والكون الذى بينهما من كواكب ونجوم ومجرات لكى يختبر الانسان فى هذا اليوم الدنيوى (وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ السَّمَوَاتِوَالأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ وَكَانَ عَرْشُهُ عَلَى الْمَاءِ لِيَبْلُوَكُمْ أَيُّكُمْ أَحْسَنُ عَمَلاً )(هود 7 ). وبعد أن تأخذ كل نفس فرصتها فى الاختبار الدنيوى يتدمر هذا العالم ويؤتى بكل نفس للحساب : (يَوْمَ تُبَدَّلُ الأَرْضُ غَيْرَ الأَرْضِ وَالسَّمَوَاتُ وَبَرَزُوا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ )( ابراهيم 48 ). أساس الحساب يوم الدين هو حرية البشر التى أعطاها رب العزة فى هذه الدنيا ليكونوا مسئولين عن إختيارهم الدينى يوم الحساب. مصادرة الحرية الدينية فى هذه الدنيا هو بمثابة تضييع لمساءلة البشر يوم الحساب ، لأنه سيعطى عذرا بالاكراه فى الدين ، وليس على مكره مجبور مؤاخذة، أى لا بد أن تكون حرا فى أختيارك الدينى حتى تكون مسئولا ومساءلا يوم القيامة ، حيث الخلود فى الجنة أو الخلود فى النار. وليست هذه الدنيا المؤقتة القصيرة سوى مرحلة أختبار لهذا اليوم الآخر الخالد. والاختبار يستلزم الاختيار ، لذا فالحرية الدينية أساس خلقنا وأساس محاسبتنا يوم الدين .ومن يعتمد الإكراه فى الدين فهو عدو لرب العالمين . وبالتالى فإن أى دولة تقوم على الإكراه فى الدين هى دولة تعادى رب العالمين ، وكل دولة تضمن حرية الدين المطلقة بلا أى إستثناء فهى دولة اسلامية من هذه الناحية . ويتبقى لها جانب آخر لتكتمل إسلاميتها وهو قيامها على القسط والعدل.

2 ـ فالعدل أو القسط هو الهدف من ارسال الرسل وانزال الكتب السماوية للعالم كله : (لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمْ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ  )( الحديد 25 )، وأى نظام حكم مستبد ظالم مناقض للقسط والعدل هو خصم لله جل وعلا ، خصوصا إذا تستّر بالاسلام ، لأنه بذلك يظلم رب العزّة ذاته ، ويرتكب جرائمه وظلمه باستغلال إسم الله ودينه ، ويجعل دين الله هو المتهم ظلما وعدوانا .

3 ـ وبالحرية والعدل تقوم الدولة الاسلامية ، وهما من مقاصد التشريع الكبرى فى الاسلام . ولكن لكى تستمر ويتم تفعيل شرع الله فلا بد من التقوى ، وهى المقصد الأكبر والثالث من مقاصد التشريع . والتقوى هى الخوف من الله جل وعلا ومحاسبة الفرد لنفسه فى الدنيا قبل أن يحاسبه الله جل وعلا يوم الحساب . التقوى أن يخلص الفرد لربه فى العقيدة وفى العبادة ـ وهذا شىء خاص بين كل فرد وربه ، ولكن ثمرة التقوى تتجلى فى تعامل الفرد مع مجتمعه بدءا من الأسرة والعائلة والجيران الى الزملاء والاصدقاء والغرباء وكل الناس. بالتقوى يكون الفرد فاعلا للخير آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر ، ولا يستنكف أن يعظه الناس كما يعظ الناس . بالتقوى والأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يمكن إقامة وإستدامة الدولة الاسلامية القائمة على القسط والحرية المطلقة فى الدين .

 دور الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر فى استدامة العدل والحرية  

1 ـ لقد خلقنا الله جل وعلا  فرادى، وكل منهم متميز ببصمته الوراثية جسديا والنفسية برزخيا ، ولكل منا مسئوليته الشخصية نحو نفسه ومجتمعه ، وكل منا سيؤتى به يوم القيامة للحساب فردا. (وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ)(الانعام 94 )،يسرى هذا أيضا على الملائكة والجن والشياطين:( إِن كُلُّ مَن فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ إِلاَّ آتِي الرَّحْمَنِ عَبْدًا لَقَدْ أَحْصَاهُمْ وَعَدَّهُمْ عَدًّا وَكُلُّهُمْ آتِيهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَرْدًا ) (مريم 93 ـ ) ، وكل منا سيدافع عن نفسه يوم الحساب :(يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَن نَّفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَّا عَمِلَتْ وَهُمْ لاَ يُظْلَمُونَ ) ( النحل 111) .

2 ـ وقد عرفنا أن جانب الإلزام القانونى من المجتمع للفرد ضئيل حسب التشريع الاسلامى ،وهو لا يتعدى بعض الالتزامات التى يفرضها المجتمع فى الحقوق للأفراد الآخرين أو لحق المجتمع . والمساحة واسعة للإلتزام الفردى الطوعى فى العقيدة وفى العبادة وفى التمسك بالقيم العليا والمعروف وعمل الصالحات ، أوعكسها . هذه المساحة المتروكة للحرية الفردية دون تدخل من سلطة المجتمع هى المجال الأساس للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ، وفيها يأتمر الجميع بالمعروف ويتناهى الجميع عن المنكر ، ويكون الفيصل هو الفطرة السليمة التى تتعارف على القيم العليا من القسط والحرية والرحمة والاحسان والكرم والشجاعة والمروءة والصدق والشهامة والنبل وسائر الأخلاق الزكية ، وتتعارف أيضا على رفض الظلم والفساد والبغى والطغيان والفواحش والكذب والخداع . لايهم إن كانت هى ( التقوى ) أو ( النفس اللوامة ) أو (الفطرة ) فى المفهوم القرآنى ، أو ( الأنا العليا ) أو ( الضمير ) فى ثقافتنا الراهنة . تتعدد الأسماء ولكنها تعنى (وجود طاقة حية متفاعلة بالخير فى مجتمع الدولة الاسلامية ، حيث تتحرك فى داخل كل فرد تدفعه للخير ، وتجعله ينصاع للحق لو ظلم أو إعتدى) .

3 ـ وقد يكون صعبا قيام دولة الاسلام على القسط والحرية فى الدين والسياسة، ولكن إستمرارها هو الأصعب . فالاستمرار هنا يستلزم (وجود طاقة حية متفاعلة بالخير فى مجتمع الدولة الاسلامية ، حيث تتحرك فى داخل كل فرد تدفعه للخير ، وتجعله ينصاع للحق لو ظلم أو إعتدى ). أى وجود فرد يتعامل بالتقوى مع الله جل وعلا ومع الناس ، أو على الأقل مع الناس . وبالتالى يتفاعل إيجابيا بالخير مع نفسه ومجتمعه بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر . يعزّز من ذلك مسئولية الفرد الذاتية والطوعية أمام الله جل وعلا يوم الحساب ـ ليس فقط عن نفسه ، ولكن أيضا نحو بيته وأسرته ومجتمعه وبلده ودولته باعتبار أنه لا بد أن يتفاعل ـ بالخير .بدون تفاعل أفراد المجتمع بالأمر بالمعروف والنهى عن المنكر تصبح هذه الدولة شيطانية بسبب اعتماد معظم تشريعاتها على الفرد دون إلزام من سلطة المجتمع ، ولهذا فلو فسد هذا الفرد سيتحول المجتمع الى غابة ، إذ لا يكفى أن تتأسس دولة ما على القسط والحرية ، فلا بد أن يكون شعبها حيّا متفاعلا نشطا آمرا بالمعروف ناهيا عن المنكر حتى يحافظ على الحرية والعدل . بوجود أغلبية صامتة ساكنة ساكتة لاهية سيتحكم فى الأمر أقلية متحركة تتداول بينها السلطة والثروة ، ويتأسس الاستبداد والظلم والفساد ويضيع القسط والعدل .

4 ـ وإقامة القسط ليس مجرد بداية وبعدها نضمن إستمرار القسط  اوتوماتيكيا وذاتيا ، وإقامة القسط ليس جهد فرد أو طائفة ، وإقامة القسط ليس مجرد الدعوة للقسط. التدبر فى ألاية الكريمة يعطى معانى مختلفة : برغم الايجاز فى الجملة القرآنية (لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ ) فهى تعنى الآتى : قيام الناس بالقسط بمعنى تطبيق القسط ، وتطبيق القسط يستلزم فى البداية دعوة يقتنع بها الناس ووعيا بأهمية القسط فى حفظ الحقوق وفى أمن ورفاهية الفرد والدولة والمجتمع ، وبناء على هذه الدعوة وذلك الوعى يقوم ( الناس ) بتفعيل وتطبيق القسط .و( الناس ) ليس مجرد حاكم فرد ولا طائفة أو مجموعة ، ولكن ( كل الناس ) من ذكور وإناث وأغنياء وفقراء وشباب وكهول ؛ كل الأفراد على قاعدة المساواة عليهم المشاركة فى إقامة القسط .وتعبير(ليقوم ) أى ليس مجرد التفعيل ولكن الحفاظ على الشىء المقام ومتابعته بالصيانة والاستمرار والاستدامة خصوصا مع استعمال الفعل المضارع المستمر ( ليقوم ) . وطالما يقوم المجتمع كله بالقسط ليل نهار فردا فردا فلابد من التناصح والتشاور لا فارق بين فرد وآخر ، وهنا تتجلى فضيلة الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر صمام أمن للعدل وضمانا ضد الظلم والبغى . وهذا يستلزم النقاش والحوار والحجة والاقناع والعلم والتعليم ممّا يسهم فى  تطوير الوعى لدى الأفراد.  وهذا التفاعل الايجابى بالمشاركة فى صنع القرار وفى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر يجعل الفرد معتزّا بذاته ، وعلى مستوى الأفراد جميعا يزداد إنتماؤهم لمجتمعهم الذى يضمن لهم حريتهم وكرامتهم ، ويحسّون أنهم يمتلكون دولتهم وأنهم شركاء متساوون فى المواطنة . مجتمع بهذا يجعل الفرد مستعدا للتضحية بنفسه دفاعا عنه . وليس كما يحدث فى دول الاستبداد حين يضحى الأفراد دفاعا عن وطن لا يملكونه وعن مستبد يقهرهم وعن دولة يملكها مستبد خائن لشعبه ووطنه وقومه .

 بين سلطة ( التقوى ) فى التشريع الاسلامى وسلطة القانون فى المجتمع الغربى

1 ـ  لا بد من وجود سلطة من الناس تقوم بالضبط والاثبات وبالحكم على الجانى وتنفيذ العقاب، ولكن إنفرادها فى ظلّ غيبة الناس يؤدى الى فسادها ، فالمجتمع الآمر بالمعروف والناهى عن المنكر هو ضمان أمن يحفظ الحقوق ويقى الناس من تغول السلطة و يجعلها تحت رقابة الناس وفى خدمتهم وفى خدمة المعروف المتعارف على أنه عدل وحق وخير.  السلطة الحقيقية هنا ليست لحاكم مستبد وليست حتى لحاكم غير مستبد ، بل ليست مطلقة للمجتمع . إذ يشاركها سلطة أعلى هى سلطة ( التقوى ) أى الضمير الفردى اليقظ  لمن يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.  وهذه التقوى تسطع فى السلوك فى التعامل مع الناس وقوفا الى جانب الحق ودفاعا عن المظلوم وإيثارا وإحسانا وكرما ومروءة وحلما وصفحا ورحمة وغفرانا .

2 ـ فى الديمقراطية الغربية النيابية توجد سلطة القانون والضبطية القضائية ، ويكون نموذج العدل فيها أن المتهم برىء حتى تثبت إدانته . فارق هائل بين هذا المبدأ الغربى فى الديمقراطية الغربية وبين نظام حكم الاستبداد الشرقى حيث يكون الفرد المستبد فوق القانون وحيث يكون الفرد العادى المقهور متهما مهما تثبت براءته . ومع ذلك فإن روعة النظام الغربى فى (إن المتهم برىء حتى تثبت إدانته ) ليست بشىء بالمقارنة بنظيرها فى التشريع الاسلامى . فالسلطة الأولى والكبرى ليست للقانون ـ مع الاحترام للقانون ـ ولكنها فى التشريع الاسلامى للضمير الفردى أو التقوى ، وهنا يبادر المتهم ـ بل قبل أن يكون متهما بالاعتراف والندم . ليست الضبطية القضائية هى المحكّ كما فى المجتمع الغربى ، وحيث يتحايل المحامون بإجراءات شكلية وحيل قانونية تجعل أعتى المجرمين بريئا طاهر الذيل . الوضع هنا مختلف لأن المؤمن هو الذى يراقبه ضميره ، ويجعله يخشى الله جل وعلا قبل أن يخشى القانون ، ويجعله يؤدى الفرض بدافع ذاتى ، ويجعله يتورع عن الخطأ والخطيئة وهو فى خلوته لا يراه القائمون على الضبطية القانونية القضائية ، ولكنه يعلم أن الله جل وعلا يراه وشاهد عليه .(  يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللَّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ ) ( النساء 108 ) (أَلَمْ يَعْلَمْ بِأَنَّ اللَّهَ يَرَى ) ( القلم 14 ) المؤمن يعلم أن القانون الالهى حاسم وجازم وأن من يعمل سوءا يجز به: (مَن يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلاَ يَجِدْ لَهُ مِن دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلاَ نَصِيرًا ) ( النساء 123) ، وأن الله جل وعلا يعذّب فى الدنيا قبل الآخرة :( فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ ) (وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُم بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ )(التوبة55 ، 85 ) (لَّهُمْ عَذَابٌ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَلَعَذَابُ الآخِرَةِ أَشَقُّ وَمَا لَهُم مِّنَ اللَّهِ مِن وَاقٍ) ( الرعد 34)  (وَلَنُذِيقَنَّهُمْ مِنَ الْعَذَابِ الأَدْنَى دُونَ الْعَذَابِ الأَكْبَرِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ ) ( السجدة 21 ). لاتستطيع أن تهرب من الله جل وعلا فى الدنيا أو فى الآخرة . لا مهرب ولا مفر من السلطة الالهية بينما هناك ألف الف مهرب من السلطة البشرية . ومن هنا يحتاج المجتمع الى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر حفظا للفرد والمجتمع . وهناك آلاف الآيات القرآنية فى الوعظ والتذكير .

3 ـ والملاحظ فى المجتمع الغربى والأمريكى تغليب جانب الحرية على جانب المسئولية فى تربية الأطفال ، لذا يعانى المجتمع الغربى من انفلات الشباب وطيشهم فى مرحلة المراهقة . وهو طيش يعتبر النصح تعديا وتدخلا فى حرية الشاب ، إذ يعتبر الشاب من الاهانة ان تنصحه بما يفعل . ويؤمن أن من حقه أن يختار حياته كما يحلو له ، وأن يتصرف فى جسده كما يريد . وكل هذا حقيقى ولكن تظل الصورة غير مكتملة بغياب الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر لتكون فرضا يسرى على الجميع ويعمل به الجميع ويتقبله الجميع ولا يعتبر تدخلا فى الحرية الشخصية ، بل هو تذكير بالمعادل الموضوعى للحرية وهو المسئولية. ومن أدبيات الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر التذكير بالمسئولية والتواصى بها .

4 ـ وللإنصاف نذكر ـ كما نلمس هنا فى المجتمع الأمريكى ـ حرص المدرسة ومؤسسات الرعاية الاجتماعية على النصيحة والتقويم ، ولا ينافسها فى ذلك إلا الدراما الأمريكية والاعلام الامريكى وما تظهره من عورات المجتمع وتناقشها دون خجل أو حرج . ولكنه جهد لا يكفى فى تعويض الغياب لسلطة المجتمع فى الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، خصوصا مع الغياب الواضح للكنيسة ورجال الدين فى امريكا فى هذا الشأن . بل إن بعض الكنائس تعانى من فضائح القائمين عليها ووقوعهم فى الفواحش مع الأطفال والنساء بما يجعلهم أحوج الناس للوعظ والتقويم .

أخيرا

1 ـ الحرية الدينية المطلقة هى فى صالح الحق ، لأن الباطل لا يصمد أمام نقاش حرّ . الأديان الأرضية لكى تتسلط على مجتمع ما لا بد لها من نظام حكم غاشم يرغم الناس على قبولها ويمنعهم من مناقشتها .

2 ـ الحرية الدينية التى تساوى بين ( الأمر بالعروف والنهى عن المنكر ) و ( الأمر بالمنكر والنهى عن المعروف ) ليست عائقا فى الرقى الأخلاقى والتمسك بالقيم العليا المتعارف عليها. لأن هذه الحرية هى التى ستجعل دعاة المنكر يخجلون من أنفسهم ، وستشجع الساكتين على التصدى لهم بالحجة والنقاش ـ وبالتالى سيخسرون ..ويسمو المجتمع ويفلح فقد تم دحض دعاوى السوء والتردى الأخلاقى والظلم ، واستراح الناس الى العدل والأمن واحترام الحرية باعتبارها تتطلب المسئولية ولا تصادرها. بهذا يتحول المجتمع كله الى أمة تدعو الى الخير وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر : (وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ وَأُوْلَئِكَ هُمْ الْمُفْلِحُونَ ) ( آل عمران 104 ) ، وعندها تكون هذه الأمة مستحقة لوسام يقول أنها خير أمّة أخرجت للناس : ( كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ ) ( آل عمران 110 ).

3 ـ من التزوير والكذب على الله جل وعلا أن يقال أن الآية الكريمة السابقة تنطبق على مسلمى اليوم .!! لذا وجب التنويه والتحذير .!!

اجمالي القراءات 15436