وفيات 82
عمر بن عبيد الله بن معمر أبو حفص التميمي أمير البصرة كان جوادًا صديقًا لزياد الأعجم قبل أن يلي ، فقال له عمر: يا أبا أمية لو قد وليت لتركتك لا تحتاج إلى أحد أبدًا. فلما ولي عمر فارس قصده زياد، فلما لقيه أنشأ يقول:
ألا ابلغ أبا حفص رسالة ناصح ** أتت من زياد مستبينا كلامها
فقال له عمر: لا يكون عليك ظلامها أبدًا.
فقال:
لقد كنت أدعو الله في السر أن أرى ** أمور معد في يديك نظامها
فقال: قد رأيت ذلك .
فقال:
فلما أتاني ما أردت تباشرت ** بناتي وقلن العام لا شك عامها
قال:: فهو عامها إن شاء الله تعالى .
قال:
فأنى وأرض أنت فيها ابن معمر ** كمكة لم يطرق لأرض حمامها
قال: فهي كذلك يا زياد .
فقال:
إذا اخترت أرضًا للمقام رضيتها ** لنفسي ولم يثقل علي مقامها
وكنت أمني النفس منك ابن معمر ** أماني أرجو أن تتم تمامها
قال: قد أتمها الله لك .
قال:
فلا أك كالمجرى إلى رأس غاية ** ترجى سماء لم تصبه غمامها
فقال: لست كذلك فسل حاجتك.
فقال: نجيبة ( أى مهرة ) وخادمها ، وفرس رائع وسائسه، وبدرة وحاملها، وجارية وخادمها ، وتخت ثياب ووصيفة تحمله.
فقال: قد أمرنا بجميع ما سألت، وهو لك علينا في كل سنة.
فخرج من عند عمر حتى قدم على عبد الله بن الخشرج وهو بسابور ( أى والى نيسابور ) فأنزله ( أى استضافه وأكرمه ) وألطفه ، فقال فى ذلك :
إن السماحة والمروءة والندا في قبة ضربت على ابن الخشرج
لما أتيتك راجيًا لنوالكم ألفيت باب نوالكم لم يرتج
فأمر له بأربعة آلاف درهم. )
التعليق
قلنا من قبل؛ أموال البلاد المحتلة المقهورة تمتع بها العرب الحكام فى العصر الموى. وبعضهم كان كريما ـ ليس مع الفقراء الضحايا من أبناء الأمم المحتلة ـ ولكن مع الشعراء المنافقين. والشعوب المغلوبة على أمرها تدفع الثمن ليس مجرد أموال وذهب ولكن سلعا وبضائع بشرية آدمية ، من الجوارى والعبيد ، أو بعد تأهيلهم وتدريبهم كان يطلق عليهم وقتها ( وصيفة ) و( سائس )
هذا ظلم فظيع. والله تعالى لا يحب الظالمين.