حلوى (ام على )

آحمد صبحي منصور في الأربعاء ١١ - أبريل - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
قرأت أن حلوى ( ام على ) لها أصل فى التاريخ المملوكى وشجرة الدر. هل ممكن التوضيح مع الشكر.
آحمد صبحي منصور

 

    في يوم الثلاثاء 24 ربيع الأول سنة 655هـ ، ركب السلطان المعز أيبك لزيارة زوجته شجرة الدر ، وفي الصباح التالي أشيع موت السلطان أيبك فجأة ، فكيف مات السلطان ؟ وما حدث قبل وبعد موته ؟

    من المعروف نجاح شجرة الدر في القضاء علي حملة لويس التاسع بمعونة المماليك الصالحية، مماليك زوجها المتوفى الصالح أيوب ، وحفظت ملك زوجها الراحل لابنه توران شاه ، الذي لم يقدر الجميل فتآمرت شجرة الدر مع زعماء المماليك علي قتله ، واتفقوا على توليها السلطنة واعترض الخليفة العباسي فاضطرت شجرة الدر للتنازل عن الحكم علي أن تحكم من وراء ستار عن طريق زواجها من أحد كبار المماليك.

    وتركزت زعامة  المماليك وقتها في رجلين أحدهما فارس الدين أقطاي زعيم القوة الحربية للمماليك البحرية ، والآخر أيبك الداودار زعيم المماليك الديوانية في القصور واختارت شجرة الدر أن تتزوج أيبك لأنه ليس في شراسة أقطاي  وقسوته. وثار أقطاي وبعث يخطب لنفسه بنت ملك الموصل الأيوبي ، بما يعني أن عروسه الأميرة هي الأحق بسكن القلعة التي بناها الأيوبيون ( صلاح الدين الأيوبي) وتآمرت شجرة الدر مع زوجها الذي تولي السلطنة عز الدين أيبك وقتلا اقطاي ، وخلا لهما الجو.

   ثم بدأ النفور بين ايبك وشجرة الدر ، التي استبدت بالسلطنة وأخفت عن زوجها ثروة الصالح أيوب وألزمته بهجر زوجته القديمة " أم علي " وضاق ايبك بسطوتها فغاضبها ، وعاد إلي أم ابنه "زوجته أم علي " وبعث يخطب لنفسه نفس الأميرة الأيوبية بنت ملك الموصل، واعتقل أنصار شجرة الدر من المماليك الصالحية ، وكان منهم ايديكين الصالحي ، الذي سيروه مقيدا إلي القلعة ، وأحس بأن شجرة الدر تراه من الشباك ، فقال بأعلى صوته باللغة التركية لها " ياخوند" والله ما عملنا ذنبا يوجب مسكنا، إلا أنه بعث يخطب بنت صاحب الموصل فما هان علينا لأجلك ، فإنا تربية نعمتك فلما عاتبناه تغير علينا وفعل بنا ما ترين ". فأومأت له شجرة الدر بمنديلها بأنها سمعته، فقال ايديكين لأصحابه " إن كان حبسنا فقد قتلناه.

    وأسرعت شجرة الدر في غمرة غيرتها تخطب لنفسها الملك الناصر يوسف الأيوبي وتخبره أنها عزمت علي قتل المعز أيبك وتمليكه مصر ، وخشي الناصر يوسف الأيوبي أن يكون ذلك مكيدة من شجرة الدر ، فرفض الإجابة ، ووصل النبأ إلي صاحب الموصل فأرسل يحذر أيبك من زوجته الناقمة .

    وأحست شجرة الدر بالخطر يقترب منها حيث بدأ أيبك يعمل على قتلها، فأرسلت إليه تصالحه وتستحلفه بالغرام ، فصدقها وجاء إلي القلعة ، وقضي معها ليلته الأخيرة. وكانت قد أعدت فرقة إعدام ينتظرونه في الحمام . يقول المقريزي :" ودخل إلي الحمام ليلا ، فأغلق عليه الباب محسن الجوجري وغلام كان عنده شديد القوة ومعهما جماعة ، وقتلوه، بأن أخذ بعضهم بأنثييه( خصيتيه) وبعضهم بخناقه ، فاستغاث المعز بشجرة الدر فقالت: اتركوه ، فأغلظ لها محسن الجوجري في القول وقال لها : متى تركناه لا يبقي علينا ولا عليك ، ثم قتلوه".

   وفى تلك الليلة أرسلت شجرة الدر بإصبع المعز وخاتمه

إلى الأمير عز الدين الحلبي وقالت له : قم بالأمر فلم يجسر. وأشيع الموت المفاجيء  للسلطان أيبك ، فغضب لمقتله الأمير سنجر الغنمي كبير المماليك البحرية ، فقبضوا علي الخدم وحققوا معهم فعرفوا حقيقة الأمر ، فقبضوا علي شجرة الدر وفرقة الإعدام.

   وأراد مماليك المعز قتل شجرة الدر ، لكن حماها المماليك الصالحية مماليك زوجها السابق الصالح أيوب . فلما أقيم " علي " بن " أيبك" سلطانا وتحكمت " أم علي " ضرة شجرة الدر في السلطة ، أمرت بنقل شجرة الدر إلي البرج الأحمر بالقلعة ، ثم جاءوا بها إليها يوم الجمعة 27 ربيع الأول سنة 655هـ ، فأمرت جواريها فضربن شجرة الدر بالقباقيب وظللن يضربنها إلي أن ماتت يوم السبت التالي ، ثم ألقوها من فوق سور القلعة إلي الخندق شبه عارية ، وبقيت جثتها في الخندق أياما ، وأخذ بعض العوام تكة سراويلها ، ثم حملها بعضهم في قفة وقد جافت جثتها ودفنوها في مقبرتها بالقرب من المشهد النفيسي.   وكانت شجرة الدر لما علمت قرب نهايتها ، جمعت كل جواهرها فكسرتها في الهون حتى لا تستفيد منها ضرتها أم علي.   وفرقت أم علي الحلوى التي لا تزال تعرف باسمها حتى الآن (أم علي) ابتهاجا بالانتصار علي شجرة الدر.. حلوى (أم علي ).

    وهكذا .. قتلت شجرة الدر الكثير من الرجال وغلبتهم جميعا.. ولم تغلبها إلا غيرتها من امرأة  أخرى .

    هل أصبحت لك يا عزيزي القاريء شهية مفتوحة لأكل " أم علي "؟

اجمالي القراءات 12117