قضى الله فى شريعته أن نحسن إلى الكفار المعاهدين لنا وهم من يعيشون معنا أو خارج بلادنا وبيننا وبينهم معاهدة سلام سواء كانت مكتوبة أو شفوية فقال بسورة الممتحنة "لَا يَنْهَاكُمْ اللَّهُ عَنْ الَّذِينَ لَمْ يُقَاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَلَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيَارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَتُقْسِطُوا إلَيْهِمْ إنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ "
ومن باب الإحسان أن نقابل تحيتهم بمثلها أو بأحسن منها كما قال تعالى بسورة النساء "﴿وَإِذَا حُيِّيْتُم بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّواْ بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ حَسِيبًا ﴾
ومن ثم فكما يعزووننا فى موتانا نعزيهم فى موتاهم
التغزية الشرعية هى أقوال مثل البقاء لله وإنا لله وإنا إليه راجعون ولله ما أعطى وما أخذ وقد تكون تعزيتهم بألفاظ كتابهم مقبولة ففى العهد القديم فى سفر أيوب نجد القول :
"الرب أعطى الرب أخذ فليكن اسم الرب مباركا "
وأما الاستغفار والاسترحام وطلب الرحمة لميتهم فلا يجوز فقد حرم الله على المسلمين أن يفعلوه فقال بسورة التوبة :
مَا كَانَ لِلنَّبِى وَالَّذِينَ آَمَنُوا أَنْ يَسْتَغْفِرُوا لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوا أُولِى قُرْبَى مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ"
وبالقطع هذا شىء طبيعى فى ظل اختلاف الأديان فنحن عند غير المسلمين غير مرحومين وسوف ندخل جهنم وكما نطلق عليهم كفرة بدين الله نحن عندهم كفرة بدينهم فالكل يعلن أن الأخر ليس على الحق كما قال تعالى فى سورة البقرة :
"وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ"
إذا مواساتهم ومجاملتهم مباحة فى حدود ومن تلك الحدود أيضا عدم جرحهم بذكر أن الميت غير مرحوم فى العزاء وإنما يقال هذا فى الدعوة والمناظرة وليس فى باب المواساة والعزاء