ويسألونك عن مؤتمر الجامعات العربية

يحي فوزي نشاشبي في الخميس ٢٢ - مارس - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

 

بسم  الله  الرحمن  الرحيــم

 

ويسألونك  عن  مؤتمر الجامعات  العربية

 

في يوم  20  مارس  2012  تحولت  مدينة  فاس العريقة  - بالمغرب الأقصى -  إلى  عاصمة  العالم  العربي حيث  افتتح  المؤتمر  الخامس  والأربعون  لاتحاد  الجامعات العربــية، بحضور 180 عضوا  من مختلف  الجهات  بالعالم  العربي.

وفي الحقيقة إن مؤتمر الجامعات العربية هو أمر ينبغي  أن  يكون  مهما  ومهما  جدا، وإن كانت هذه  المناسبة تذهب  بنا  إلى  ذكرى  إنشاء  الجامعة  العربية  وما أدراك ما هي، تلك الجامعة  العربية  التي  يرجع  ميلادها  إلى  سنة  1948 من القرن المنصرم .

وإن الرجاء والأمل أن يكون مؤتمر الجامعات العربية لا يمتّ بصلة إلى  الجامعة  العربية، أن يكون مؤتمر الجامعات  العربية  قد  بلغ  سن  الرشد  ومحررا  حتى  لا يحذو حذو الجامعة  العربية  التي  يبدو  أنها  نشأت  أو  أنشئت لا لأمر  أو  لهدف ما عدا  لغرض أن  تبرز وتؤكد مقولة، يا ما كانت ولا تزال  مادة  لحديث  النوادي ، الترفيهي وبأسلوب هجائي مرير،  ذلك  الحديث أو  تلك  المقولة  التي  تقول إن العرب  ولأول مرة  اتفقوا ، لكن على ألا يتفقوا .

أما عن الجامعة العربية ، فالحق يقال بأنها لم  توفق  في  أي  ميدان لاسيما  في  ميدان حرية اللغة العربية الأكاديمية والترخيص  لها  لتتجول حرة  طليقة شامخة  الرأس بين شتى البقاع ، انطلاقا من العالم العربي . إلا  أن  ذلك  ما  زال  ضربا  من المستحيلات، حيث أصبحت كل دولة عربية متشبثة تشبثا  محموما  وبحماس  غريب بلغتها العربية الأكاديمية التي تراها هي صحيحة ،  وإن  كانت  لا  تشبه  لغة جارتها ، وكأن الأمر يتعلق بحب  الوطن أو بالنشيد  الرسمي  لكل  وطن ،  وهكذا بدون اهتمام أو  اكتراث  بتلك  الفوارق  المفرقة  بين  الشعوب  العربية ، وبسبب اللغة العربية، حيث أصبحت عربية كل شعب  لغة  غير  مكتملة  صحيا  ونفسيا . - ونحن نعني  هنا  طبعا اللغة  العربية الفصحى " الأكاديمية إن جاز  التعبير " ولا نعني عشرات اللهجات التي تزخر بها  كل  منطقة،  تلك  اللهجات  المحلية عربية كانت أو أمازيغية أو غير ذلك ،  وإنما  الحديث  والنقد  هو  حول  سلبيات اللغة العربية، وكيف أهمل شأنها  واستخف  بما  يحتوي بحرها  من  در.

أما عن  الأمثلة عن  هذا التقصير الذي سجلته  الجامعة  العربية  التي  نشأت أو  أنشئت  في عام 1948 من  القرن العشرين فهي أمثلة لا  تعد ولا تحصى  ويمكن أن  تنهل نهلا .

  1. فلنأخذ مثلا الحقل الإداري: فيمكن  لنا  أن نراهن أن الأسماء  والمسميات   

أو التعابير المتعلقة  بشتى أنواع المراسلات والمطبوعات  والإجراءات  الإدارية

هي أسماء  ومسميات  وتعابير وإجراءات  لا علاقة الواحدة بالأخرى،  وكل بلد  بتعابيره  وأسمائه  ومسمياته  فرح ُ.

  1.  والأمثلة  الأخرى في حقل التعليم: فالردود  والأمثلة  يمكن  أن  تــــرد

من طرف الضحايا أنفسهم، وهم تلاميذ وطلاب  المدارس  والمعاهد،  ليصرحوا ويشهدوا أن لكل أستاذ لغته الخاصة  ورصيده  الخاص به  في  مادة  الرياضيات وفي كيفية الشرح.  فإن أسلوب  وشرح  وكلمات  الأستاذ  الذي  وفد  من  اليمن  لا تمت بصلة  إلى  تلك  التي  يتميز بها  الأستاذ  الوافد من  المغرب  الأقصى وهكذا .. فإذا  تجرأ  والد أو والدة  أي  طالب  وجلس  بجانب  أولاده  للاطلاع  على  ما  يدرسون فإنه  يصاب  بدهشة ، لأن  عربيته  التي  يعرفها  هو ، ليست  كتلك  العربية  التي  يراها أمامه  محدقة  فيه  ومبحلقة ومتحدية.

  1. أما إذا حدث  وفرض  نظام وإجراء على المواطنين  والتجار علـــى  أن

تحرر الفاتورات  التجارية  باللغة  العربية  الفصحى لا غير، فشكل  الحيرة  يضحك الحزين،  بل ويصبح  ذلك  أسلوبا  جديدا مبتكرا  لدكّ  ما  تبقى  من ثقة  واحترام في أذهان المخلصين الغيورين على لغتهم،  نعم  يصبح  الأمر  مضحكا  مبكيا  لاسيما  ومواد  الفاتورة  مثلا  هي  مواد  تتعلق  بقطع  الغيار الميكانيكية  أو الإلكترونية  وما  إلى  ذلك .       

  •  ونحن  هنا  لا  ندعي أو  نزعم  أن  لنا  الحلول  الجاهزة  ، ولكن  من

حقنا  أن  نتساءل  كيف  حدث  أن  تسكت  الجامعة  العربية  عن  التفكير  في توحيد  لغتها  العربية  الرسمية  الأكاديمية ؟  مثل  أن تصدر دوريا  كل  خمس سنوات مثلا  ما  يمكن  أن  يعتبر منجدا  يحتوي على  كل  الأسماء  والتعابير  المتداولة  إداريا  ودراسيا وتجاريا  إلى غير  ذلك ،  المهم  أن  تكون هناك  لغة  عربية موحدة  وموحدة ، والمهم  أن يصدر مطبوع  مضبوط  متفق عليه  من  طرف الجميع  في  شتى  الميادين ،  وعلى  أن  يوزع  هذا  المطبوع  باستمرار  وبدون  كلل  ولا ملل  مجانا  أو بسعر رمزي . فمثلا : من المراهن  أيضا  أن  مقود السيارة أو عجلتها يحمل أسماء  مختلفة ومتخلفة ومتخالفة  بين  شتى  البقاع  العربية .ومن الأهم أن  لا  تتحرج  الجامعة  العربية  في  أن  تتفق  على  التعابير والأسماء التقنية  كما  هي  حتى  بلغتها  الأجنبية  التي  اخترعت  فيها ،  ونكرر أن  الأهم  هو الاتفاق  .

       وأما إذا رجعنا  إلى  لب  موضوعنا وهو  المؤتمر الخامس  والأربعون  لاتحاد الجامعات  العربية  المنعقد  بمدينة  فاس ،  فإن  نصيحتنا  وبكل  تواضع  هي أن يلقن هذا الإتحاد  للجامعات  العربية  الدرس  للجامعة  العربية  من  حيث  الإهتمام  بتوحيد الأساليب والأسماء في شتى  المجالات  العلمية  ولاسيما  البحث  العلمي والفيزياء ، وعلم الفضاء،  وعلى ذكر علم  الفضاء فإن  اتحاد الجامعات  العربية يعلم بلا شك أن المستقبل القريب  سيكون  حاملا مفاجآت  كونية  عظمى  مبهرة  بل  ومن جهة  مقابلة تصبح مفاجآت  هجائية  للعالم  والعلماء  العرب  الذين  سادوا  في سالم  الزمن ثم  بادوا  بسبب  تقصير  خلفهم .

       وعلى  سبيل المثال، وكما  يكون  اتحاد  الجامعات  العربية  على  علم  به  فإن الآمال العريضة  والهائلة  معقودة على المركبة  الفضائية  التي  تحمل  اسم (  بلانك :  ( Planck التي  انطلقت في  سنة 2009 ، ومن بين ما  يرجى  أن  تخبر الإنسانية  به  الإستنتاج  وبثقة  كبيرة  حول كيفية نشوء النجوم  والمجرات  الأولى  وما هي  الأشكال  والطاقات  التي  تغطي  الكون ؟  وما  هو  بالضبط  شكل  الكون  وعمره ؟ وما هو مصيره  مستقبلا ؟ هذا  الكون الذي ثبت  بقرائن  جد  قوية  إن  لم  تكن  دلائل بأنه  أي  هذا  الكون  العجيب  هو  في  امتداد  واتساع   في  كل  لحظة  وبسرعة  مذهلة  .

ولعله من الهجاء أو من المفارقات أن  المهتمين  بالكون  الذي  خلقه  الله  العظيم  لم يقرأوا بعد كثيرا من آياته التي بلغها لنا عبده ورسوله  عليه  الصلاة   والتسليم

((  والسماء  بنيناها  بأيــد  وإنا  لموسعون )).

(( قل  سيروا  في  الأرض  فانظروا  كيف  بدأ  الخلق )).

      

اجمالي القراءات 9266