إن الظاهرة التي فرضت نفسها منذ سنين عديدة ، والتي لا يمكن أن يتجاهلها أو يختلف في وجودها ااثنان، هي ظاهرة الأصوات المرتفعة ، والمرتفعة جدا وبإسراف وتبذير ، لأنها أصوات كبر حجمها وامتد واسترسل وتضخم مرات ومرات، لا يعلم مداها إلا الله العلي العليم والراسخون في علم هندسة الصوت وفي المجال الذي تتحمله حاسة السمع ، تلك الآية العظيمة من بين ايات الله. علما أن الصوت قد يتحول إل صوت عذاب وحتى إل سوط ملهب ، ومزعج.
فالأمثلة الأولى : هي عندما يحلو لأحدهم أن يحيي حفلة ما بمناسبة عرس زفاف أو أي احتفال آخر ، فيصوب فوهات مكبرات الأصوات إلى كل الاتجاهات ، وبعد أن يزيد فيحتل شارعا الكامل ليعلنها ليلة ساهرة ، وبالحقوق العامة ساخرة ، بأصوات منتهكة كل الحريات والحرمات والطاقات ، وقد يكون معتمدا على فتوى اجتهدها أو اجتهدت له ، مفادها أن كل ذلك تعبير عن فرح وأنه يتصرف في مجال حريته الشخصية المقدسة ، متناسيا أو متجاهلا أن قائمة ضيوفه ومدعويه ، إن كانت محصورة وتعد بالعشرات ، فإن قائمة الذين لم يدعوا ولم يحضروا ، ولعل التعبير الصحيح ، قائمة الذين مسهم الإزعاج تعدّ بأضعاف العشرات.، ومن بينهم حتما مرضى وعمال مرشحون لمواجهة يوم كد وبذل جهود ، ولتجشم أسفار، وما إلى ذلك . أما عن أولئك البؤساء المعانين صحيا فحدث ولا حرج عن ليلتهم تلك التي تكون تلونت بكل الألوان ، وامتدت هي والعذاب إلى حدود بزوغ الفجر الكاذب .
* هذا باختصار شديد هو النوع الأول من الإسراف في محاربة الحرية وإطلاق العنان إلى مارد الصوت ليفعل فعلته .
* أما الأمثلة الثانية : فهي ظاهرة تلك السرادقات التي تنصب من حين لآخر في الساحات بمناسبة رحيل شخص ما إلى رحمة الله تعالى ، في إطار تلقي التعازي وإقامة المآتم حيث يقرأ القرءان العظيم ، كما تتمثل الظاهرة في تلك المآذن ، وقد أصبح الواقع يقول إن هناك تنافسا قد يكون محموما في مختلف المساجد التي لم تقتصر مآذنها على محاولة نطح السحاب بل أصبحت تفتخر بعدد ما تحمله من رؤوس أو فوهات آلات تضخيم الصوت ، فمنها من تفتخر بأربع رؤوس ومها بست وقد تكون هناك المثمنة الرؤوس .
وأما عــن بيت القصيد فهو في هذه التساؤلات
* لنفــرض أن أحد التلاميذ سأل أستاذه ، أو أحد المصلين ، إمامه أو شيخه ، مثل الأسئلة التالية ، فبماذا يا ترى كان يرد المسؤول ؟
*السؤال الأول : إذا كان تصرف أصحاب الظاهرة الصوتية في المثال الأول يعتبر انتهاكا لحرمة الحرية واعتداءا وانتهاكا لحرية الناس لاسيما في وقت جعله الله سباتا ، وءاية عظمى من ءاياته ، وإذا كانت هذه الظاهرة الأولى منتهكة مواد في قوانين وضعية رأها الإنسان ووضعها لمصلحة أخيه الإنسان .
نعم عندما يكون ذلك كذلك ، فبماذا يوصف يا تر تصرف أصحاب الظاهرة الثانية ، وهي المساجد التي تطلق أصواتها المضخمة كاملة غير منقوصة في كل صلاة وفي كل وعظ وخطاب ومناسبة ؟ ابتداء مـن فترة ما قبل صلاة الفج بحوالي ساعة أو ما يقارب الساعة من الزمن في بعض الأحيان والنواحي ، وفي كل صلاة ما عدا صلاتي الظهر والعصر بحكم طبيعة أدائها .
* نعم إذا تصورنا أن هناك تلميذا بريئا أو مصليا بريئا شجاعا وجه أسئلته تلك أو غيرها بصوت حضاري هادئ غير عدواني وغير منتهك سمع الشيخ أو الأستاذ ، فبماذا يا ترى كان يرد عليه ذلك الأستاذ أو ذلك الفقيه أو الشيخ ؟ لاسيما إذا أضاف هذا السائل البرئ الشجاع البقية الباقية لتساؤلاته التي قد يمكن أن توصف بأنها هي أم التساؤلات وأصلها وعندما يحاول السائل إلفات انتباه الإمام أو الشيخ إلى ما يلي :
1) إلى نصائح لقمان عليه السلام وهو يعظ ابنه لاسيما عندما ينصحه أن يتحرى حتى لا يتحول صوته إلى أنكر الأصوات : ( واغضض من صوتك إن أنكر الأصوات لصوت الحمير ) سورة لقمان .
2) وإلى أمر الله سبحانه وتعالى عندما قال : ( ولا تجهر بصلاتك ولا تخافت بها وابتغ بين ذلك سبيلا ) سورة الإسراء.
3) وسؤاله الثالث هو عن الإسلام ، وهل جاء عبارة عن ظاهرة صوتية فقط أم هناك حقيقة تجوهلت وأغفلت وهي الأصل في الدين الذي ينبغي أن يكون ظاهرة عملية وحقيقة معاملات ؟
نعم ، ماذا يفعل الشيخ الذي سئل مثل هذه الأسئلة والمعززة بمثل تلك الآيتين ؟؟؟