هى خليط بين كونها مهزلة وملهاة مع فضيحة ومسخرة مع قلة قيمة وقلة حياء..
فعلا غاب فى هذا المشهد، الذى عشناه أول من أمس، أى نقطة حياء سياسى فى وجه السادة الذين يديرون شؤون البلاد وشجون العباد وفى وجه الإخوة فى مجلس وزراء الجنزورى «حكومة الإنقاذ.. النهرى»!
عمل فيها المجلس العسكرى الأسد الهصور، وقال إنه لن يقبل بأى ضغط فى قضية تمويل المنظمات الأجنبية، وضرب الجنزورى سحنة شجيع السيما أبو شنب بريمة، وقال إن مصر لن تركع.. أهى سجدت يا سيدى!
يا أخى شوف ربنا وحكمته.. قضية المنظمات الأجنبية الحقوقية، وهى منظمات متهَمة على فكرة بالعمل دون ترخيص حكومى، نتيجة رفض قديم من جهاز مباحث أمن الدولة! وطبقا لقانون وضعه نواب الحزب الوطنى المزور، فإذا بـ«العسكرى» وحكومته، حيث لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى، حتى يراق على جوانبه «الكَتْشَبُو»، يحيل هذه المنظمات إذ فجأة إلى التحقيق، رغم أنه هو شخصيا ولا أحد غيره تركها تدرب نوابا من التيار السلفى وشبابا من الإسلاميين ومن غيرهم، وشاركت فى مراقبة الانتخابات البرلمانية بموافقة رسمية منه، ومع ذلك ركب دماغه باعتبارها غير مرخصة، رغم أنها طلبت الترخيص ولم يرد عليها لا آه، ولا لأ، ولا نعم، ولا طُق، المهم مَن القاضى الذى حقق مع هذه المنظمات؟
إنه قاضٍ كان ضابطا فى جهاز أمن الدولة، بل وكان مسؤولا عن نشاط منظمات المجتمع المدنى، وكمان بل هو الذى هاجم مقر مركز «ابن خلدون»، وقبض على الدكتور سعد الدين إبراهيم فى القضية الشهيرة التى كان مبارك ينتقم فيها من الدكتور سعد وموقفه من التوريث، حين كان كل شنب فى مصر وقتها (ما عدا شنبين تلاتة مع مراعاة إن عبد الحليم قنديل من غير شنب!) لا ينطق عن توريث النجل!
المهم هذا الضابط يصبح -ويا للعجب!- قاضى تحقيق قضية المنظمات، الذى أحالها إلى المحاكمة، فإذا بالمستشار الذى ينظر القضية (وبعدما شخط أكثر من شخطة فى الجلسة الأولى، وبدا أن هناك من سينزل ضربا بالكرباج على المتهمين وفريق الدفاع)، يتنحى عن نظر القضية، لأن المستشار عبد المعز إبراهيم رئيس محكمة الاستئناف الذى هو رئيسه المباشر طلب منه رفع الحظر عن سفر المتهمين الأمريكان والخواجات فى القضية، فرفض القاضى بإباء وشمم، خذ بالك هنا بقى وركز معايا، لأن المأساة ستتجلى الآن فى أوضح صورها، ها هو ذا رئيس محكمة الاستئناف يتدخل فى شؤون المحكمة، ويطلب منها إصدار حكم تحت الطلب، ما رأيك -عظّم الله أجرك- فى استقلال القضاء يا عزيزى؟ أما حتة استقلال لوز من بيت اللوح، لأ وإيه، هذا هو المستشار عبد المعز إبراهيم، رئيس لجنة انتخابات مجلس الشعب، وهو ما يبيّن لك مدى الاستقلال الذى كانت تتمتع به هذه اللجنة (أما لجنة انتخابات الرئاسة فهى تتمتع هى الأخرى بالاستقلال لدرجة أننا نقترح أن يكون لها علم ونشيد لتأكيد الاستقلال!).
إذن ضغط المستشار فرفض القاضى وتنحى، يقوم إيه بقى سبحان الله يتم اختيار قاضٍ آخر ومحكمة أخرى فى نفس اليوم لنظر القضية، والمعجزة هنا ولا معجزات الساحر الهندى إميتاب كاماهارا أن القاضى الجديد نظر القضية فى نفس يوم تكليفه، ثم معجزة أخرى حيث على صدرها تنوّر وعلى رجليها تنوّر أصدر قرارا برفع الحظر عن سفر المتهمين الأمريكان، وإمعانا فى جرح كبرياء وكرامة المصريين حكموا بكفالة اتنين مليون جنيه على كل متهم، كأننا نقبض ثمن تنازلنا (إذا كان لها تفسير تانى حد منكم يقوله، وأرجوكم لا داعى لمونولوج استقلال القضاء فى اللحظة دى لأن هناك حدا لتحمُّل المرارة).
وطبعا سافر الخواجات بعدها مباشرة، وهم الآن فى أحضان السيد الوالد والست الوالدة فى أمريكا (وسمعنى أغنية تيك مى باك تو كايرو).
يا حول الله! ما قلنا من الأول إنها قضية هزلية، وإنها لعبة سياسية، وهدفها هو تشويه القوى المدنية ونشطاء حقوق الإنسان، واستخدام القضية فى التلقيح والتعريض الذى يمارسه منافقو وطبّالو المجلس العسكرى ضد أى معارض لأداء وسياسة «العسكرى» فى إدارة البلاد لصالح جماعة الإخوان! هى فضيحة بجلاجل لا أصدق أن المجلس العسكرى الذى لا يرجع أبدا فى كلمته وحكومة الدكتور الجنزورى الذى لا يخلع ملابسه من أجل مصر بلغ بهما التوتر، فضلا عن العشوائية والارتجال وسوء الإخراج وهزال التفكير، إلى حد تورط علنى فى فضيحة مدوية تصيب بالخجل كل مصرى!
ما كان من الأول وكان بكرامتكم بدل البهدلة والفضيحة وبدل ما تحرجوا السيدة الأولى مكرر فى مصر، أم الفلول الوزيرة الخالدة فايزة أبو النجا التى بشرتنا أنها لوَّاحة للبشر لا تُبقى ولا تَذر، وأنها وراء الأصابع الأجنبية لغاية ما تخليها أصابع زينب، والتى قادت معركة مرج دابق ضد المنظمات الحقوقية، والتى ستنتقم الآن من ضغوط الحكومة الأمريكية على «العسكرى»، وستتفرغ بكل ما تملك من ثقة السيد المشير، ومن بركة الشيخ محمد حسان، كى تضع السيخ المحمى فى صرصور ودن المنظمات المصرية.. وأمانة عليكم سلموا لى على استقلال القضاء أصله وحشنى خالص!