هل يصبح الجيشان الإسرائيلي والسوري جيشاً واحداً؟

محمد عبد المجيد في السبت ٢٥ - فبراير - ٢٠١٢ ١٢:٠٠ صباحاً

لا أفهم حتى الآن لماذا لا يضع الضابط أو الجندي السوري نجمة داود فوق الصدر؟
هل هو الخجل، أم الرغبة في اخفاء العار، أم أن قيادة الجيش في تل أبيب ترفض أن تتدنس نجمة داود بصدر جندي سوري مليء بالحقد والكراهية والعفن؟
انتظر العرب أربعة عقود للاجابة على سؤال هامَ حائراً لأربعة عقود: لماذا بقيت مرتفعات الهضبة السورية الأكثر هدوءاً في كل خطوط المواجهة، فجاءت توجيهات هولاكو الدمشقي في المذابح المستمرة منذ عام كامل لتجيب عن السؤال، فالجيش السوري امتداد أمين ومتين لجيش الاحتلال الصهيوني!
إذا افترضنا أن هناك نصف مليون جندي سوري يُصرّون على المشاركة الدموية اليومية ضد أبناء شعبهم، فإن الأمر يصبح هزلا لو أعدنا طرح السؤال الساذج ليجيب عنه أحمق ويصدّقه جاهل بتاريخ حزب البعث العربي الاشتراكي منذ أن تولى الأسد الأب الحُكم في قلب العروبة النابض.
لا يعرف الأسد الصغير أنه في رقصة الموت الأخيرة، فجامعة الدول العربية تفتح له باب التوبة كلما ازداد كــُفراً بالقيم الإنسانية وبحاجات شعبه وبكرامة السوريين، فالسعودية ساعدت في خروج آمن لسفاح اليمن، وجامعة نبيل العربي التي ورثها عن عمرو موسى تمنح جزار الشام مهلة وراء الأخرى لعله يصل إلى مرحلة الاكتفاء بعدد شهداء سوريا، فلا يزال جيشه يصطاد ضحاياه كما تفعل أشد الذئاب وحشية وافتراساً.
لم يستطع صديق أو عزيز أو مستشار أو قريب لبشار الأسد أن يصف له مشهد سقوطه، ثم سحله في شوارع دمشق، ثم تجمهر السوريين، خاصة آباء وأمهات الأطفال الذين قضوا في مذابح الأسد خلال الشهور الماضية، ليبصقوا على ما بقي من جثته المهترئة.
هل هناك فائدة في سرد وقائع إبادة شعب؟
ألا يعرف كل من لديه جهاز تلفزيون في بيته تفاصيل المأساة بدقة تجعل إبليس يعتذر عن تدوينها أو اتهامه بأنه المسؤول عن الايعاز لطبيب العيون الجبان الذي يتلذذ بالمذابح ضد أبناء شعبه مع افتراض أنه يعتبر السوريين فعلا شعبه؟
هل يفيد أن أكتب عن صرخات الأمهات، وبكاء الآباء، ولعنات السوريين التي يصبونها على رأس طاغيتهم وجيشه الصهيوني؟
هل يفيد وصف مأساة كل أسرة سورية فقدت عزيزاً أو ستفقد غداً أو بعد غدٍ عائلها أو اصغر أطفالها أو أكبر مُسنــّـيها؟
إننا نشاهد في كل يوم ما يجعل الطعام يضل طريقه إلى المعدة، ومع ذلك فنحن نأكل، ونشرب، ونضحك، ونبكي، ونضرب كفاً بكف، ونزعم، كذباً، أن النوم يجافي عيوننا الرقيقة، وكلما التقى عربيان زاد كل واحد عن الآخر حسرة وزفرة كأنه الأكثر حزنا على ضحايا سوريا الحبيبة، ومع ذلك فنحن ننتظر لنحصي عدد الشهداء في اليوم التالي، تماما كما يفعل وزراء خارجية الدول العربية قبل أن يتقدموا بمبادرة جديدة تضمن خروجاً آمنا للقاتل.
لن أكتب عن تفاصيل أي مذبحة يقوم بها جيش صهيون السوري ضد أبناء الشعب، فهو تحصيل حاصل، ومن لم تتثبت، وتلتصق في ذهنه تفصيلات الجحيم اليومي فلن تحرك كتابات الدنيا شعرة واحدة من جسده.
مع كل تقديري للجيش السوري الحر الذي جاء متأخرا جداً، إلا أن المجال هنا ليس للمديح والشكر لمن انتظروا شهورا قبل أن تستيقظ ضمائرهم!
كل الحلول التي تنقذ بشار الاسد من حبل المشنقة أو السحل في شوارع دمشق أو الانتظار حتى يدرس المبادرة الجديدة في مهلة لعينة هي حلول ممهورة بختم الشيطان حتى لو وضع كل وزراء الخارجية العربية توقيعاتهم عليها.
قلبي مع الشعب السوري، وأعتذر فأنا واحد من عالم عربي بليد، ينتمي أكثر زعمائه إلى النذالة والجبن وكراهية الشعب.
أعتذر لأنني لا أملك غير التحريض الذي يزداد به عدد الضحايا حتى يأذن الله بنصره، ويسقط النظام النتن للمستبد السفاح .. سيد القصر في دمشق.
أعتذر لأنني واحد من أمة عربية نائمة ترضع من ثدي طغاتها، فالجيش الذي أوهمنا أنه سيدحر المحتلين في الجولان هو جيش عبري بلسان عربي .
لأول مرة في تاريخ العرب يتمنى المواطن البسيط هزيمة الجيش السوري في أي حرب يخوضها، مع الأتراك أو الإسرائيليين أو أي قوات إحتلال كانت تتربص بدمشق فمنحها الجزار الشبل فرصة لم تكن تحلم بها حتى لو كان الجيش السوري مسلحاً بالعصي والحجارة والنبابيت!
قضيت عشرين عاماً وأنا أحذر من أن أجهزة القمع والقهر وأمن الدولة والمخابرات والعسكر التي تنتهك الكرامة، وتجعل الشعب يلعن كل ساكني القصر هم في الواقع جنود تقودهم روح إيلي كوهين، وأن القدم الهمجية الصهيونية لو جاست خلال شوارع دمشق ودرعا وإدلب وحمص وحماة فإن رجال الرئيس هم الذين سيتوسلون لقوات الاحتلال حتى تقبل تعاونهم معها ضد أبناء الشعب السوري.
حصيلة متابعتي للمشهد الكارثي السوري تؤكد أننا على مرمى حجر من رفع بشار الأسد العلم الإسرائيلي فوق القصر الجمهوري بدمشق بعدما يقوم بتقبيله.. وتحيته!
أيها السوريون الأبطال، والمقاومون، والصابرون، والمؤمنون، والشجعان..
إن جيش سفاحكم وأجهزة أمنه ليسوا منكم حتى لو أقسموا بأغلظ الايمانات أنهم سوريون لسبعين جيلا مضت، فالأرحام الطاهرة للأمهات السوريات لاتنحب مثل هؤلاء الأوغاد!
ورحمة الله لشهدائكم.
محمد عبد المجيد
طائر الشمال
25.02.2012


 

اجمالي القراءات 10557