من المعروف في التاريخ المصري القديم أن آخنآتون كان أول الموحدين الذين عبدوا إلها واحداً اتخذ قرص الشمس رمزاً له..
هذا على مستوى التأريخ البشري المحدود.. والذي قسم تاريخ مصر القديمة إلى قسمين أساسيين ..
1-عصر ما قبل التاريخ..
2-عصر الأسرات المصرية القديمة المعروفة في التاريخ المصري بعصر الأسرات الفرعونية.
أما عن القرآن العظيم .. فقد علمنا أن يوسف عليه السلام كان يعيش بمصر قبل موسى عليه السلام هو وقومه بني اسرائيل.. ببضعة قرون..!وكان ذلك حتى قبل نزول التوراة أقدم مصدر تاريخي معروف للبشر.
ولهذا لو أردنا أن نصنف الترتيب التاريخي .. للمؤمنين المصريين .. الأوائل الذين ورد ذكرهم في القرآن العظيم لوجدنا من النساء إمرأة العزيز .. تلك المرأة التي امتلكت فضيلة الاعتراف بالذنب .. وتبرئة يوسف في غيابه من التهمة التي سُجنَ بسببها.. على يديها.. وكذلك أيضاً على أيدي نسوة المدينة ..!
فلقد أرادت إمرأة العزيز أن تتطهر من معصية تلفيق التهمة التي وصمت بها يوسف عندما رفض أن يصبو إليها ويجاريها فيما تطلبه.
ولكل توبة تبعات .. وعن طيب خاطر أرادت إمرأة العزيز أن تتحمل تبعات توبتها إلى الله تعالى بالاعتراف العلني أمام ملك البلاد وربما زوجها . ونسوة المدينة ..! بما اتهتمت به يوسف ظلما وافتراءاً ..
وفي هذا منتهى الشجاعة الأدبية..
والآيات التالية تضعنا أمام نزعة إيمانية ملكت قلب وعقل إمرأة العزيز وهى ومن معها من نسوة المدينة يبرئن يوسف عليه السلام من تلك التهمة يقول تعالى:
{قَالَ مَا خَطْبُكُنَّ إِذْ رَاوَدتُّنَّ يُوسُفَ عَن نَّفْسِهِ قُلْنَ حَاشَ لِلّهِ مَا عَلِمْنَا عَلَيْهِ مِن سُوءٍ قَالَتِ امْرَأَةُ الْعَزِيزِ الآنَ حَصْحَصَ الْحَقُّ أَنَاْ رَاوَدتُّهُ عَن نَّفْسِهِ وَإِنَّهُ لَمِنَ الصَّادِقِينَ{51} ذَلِكَ لِيَعْلَمَ أَنِّي لَمْ أَخُنْهُ بِالْغَيْبِ وَأَنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ{52} وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ{53}
ليس هذا فحسب .. بل إننا أمام نسوة المدينة .. عندما طُلب منهن أن يشهدن شهادة خالصة للحق وللعدل.. من أجل الفصل في تهمة يوسف.. فقد شهدن أن يوسف لم يخطئ ولم يتجاوب معهن فيما كن يردن منه أن يجاريهن فيه.
ونسوة المدينة من الطبقة العليا بالمجتمع المصري القديم.. وكما يقولون بلغة العصر ( نساء الطبقة الارستقراطية) حيث الجاه والمال والنفوذ القوي بطبيعة أنهن أزواج رجال كبار الدولة وعلى رأسهم عزيز مصر...
إذن نحن أمام نوع من الفضيلة التي ربما يسبقها نوع من الرزيلة في السلوك الانساني.. من الضعف البشري.. أمام الغرائز.. كان هذا الضعف الغريزي متمثلاً في إمرأة العزيز.. وفي نسوة المدينة.. عندما راودن يوسف عن نفسه..
ولأنه نبي ورسول .. ومن نسل ابراهيم فقد استعصم بشرع الله تعالى فهداه الله الصراط المستقيم..
لكن الله تعالى يعطي البشر رجالا ونساءا .. العقل ليصل للإيمان والهداية.. حتى ولو لم يكن مدعوماً بالانتساب لبيت من بيوت النبوة مثل يوسف عليه السلام..
إمرأة العزيز ونسوة المدينة.. هن نساء مصريات .. يتمثل فيهن الضعف البشري متمثلا في تلبية نداء الجسد .. وغرائزه.. لكنهن إمتلكن فضيلة من أقوى الفضائل ما جعلهن مثالا يحتذى لنساء الأرض جميعاً في دين الله تعالى.
وبالرغم من انتماء هؤلاء النسوة للطبقة العليا الارستقراطية في المجتمع المصري آنذاك إلا أنهن لم يستكبرن عن الاعتراف بالخطأ والذنب اللائي وقعن فيه وهو مراودة يوسف وغوايته.. عندما طُلِب منهن السؤال والشهادة ليوسف وتبرئة ساحته أمام المجتمع الارستقراطي الحاكم.. وفي وجود المَلك.. ووزرائه وقواده..!!
إنها شجاعة منقطعة النظير.. تدل على نوع من العقل نادر ونوع من الإيمان كامن في أعماقهن..
لذا استحققن أن يكن مثلا يحتذى لكل فتاة ولكل إمرأة في الرجوع عن الخطأ والاعتراف ببراءة المتهم المظلوم ( يوسف آنذاك)..
ولذلك أصبحن مثلا للإيمان والرجوع إلى الحق والفضيلة.. وعلى رأسهن امرأة العزيز..
وإذا تتدبرنا معا.. قول نسوة المدينة في شهادتهن التاريخية التعبدية بالتلاوة والتعقل في آيات القرآن.. في قوله تعالى عن لسانهن.. قلن حاش لله ما علمنا عليه من سوء..
لقد نفيْنَ التهمة عن يوسف وفي ذلك إدانة لهن بأنهن كن المبادرات بالمراودة.. ومع ذلك أردن قول الحق وشهادة الحق .. مستعينين بالله تعالى ومستفتحين باسمه تعالى في قولهن ( حاش لله)..
أما عن إمرأة العزيز .. فهى أكثرهن شجاعة ورضيت بأن يظن بها القوم الظنون في سبيل تبرئة يوسف مما قد رمته به منذ بضعة سنوات.. وكان ذلك في غيابه حتى تكون شهادة حق خالصة لوجه الله تعالى.. وانها لم تخن يوسف وكان لمفهوم الخيانة عندها معنى ربما نتعلم منه درساً عظيما يمكن أن نعلمه لفتياتنا ونسائنا بمصر هذه الأيام.. وهو أن الخيانة ليست فقط في علاقة جنسية أو مراودة عن النفس.. ولكن من انواع الخيانة القاسية التي تدمر المجتمع .. هى اتهام الأبرياء والتشنيع عليهم حتى يزج بهم في السجون.. أو التشنيع حتى يكره المجتمع هذا الشخص وربما يجبره على الرحيل من هذا المجتمع..
وهذا ما يحدث كثيرا في مجتمعنا اليوم.. كثيرا من النساء والرجال يتهمون الأبرياء بدون بينة وبدون دليل وقرينة.. حتى يتحفز المجتمع ويكره هؤلاء الأبرياء مثل يوسف.. وهذا ما حدث فعلا مع كثير من الشخصيات المصرية اليوم .. فقد قامت كثير من المذيعات المصريات بالتشنيع عليهم او عليهن ووصمهم بتهم ظالمة مما أدى إلى كره الطبقة العامة من المصريين له .. وذلك بناءا على تعليمات من جهاز الأمن والمجلس العسكري..
ليس هذا فحسب .. فنساء الاخوان والسلفية وحتى فتياتهم رضين أن يقمن بدور مماثل للمذيعات المصريات في التلفزيون.. والصحفيات النظاميات.. ولكن كان ذلك لصالح قيادات الاخوان.. والسلفية..
لم تتخذ مذيعات وصحفيات مصر اللائي يعملن في الاعلام الحكومي وكذلك فتيات ونساء الاخوان نسوة المدينة ولا امرأة العزيز قدوة ومثل يحتذى .. في الاقلاع عن خيانة المصلحين المصريين و ذلك بتشويه تاريخهم ونضالهم في سبيل الحق والتنوير والوعي..
لقد كانت نسوة المدينة وامرأة العزيز اكثر إيماناً وصلاحا من نساء الاخوان وفيتات الاخوان والسلفية.. ومذيعات وصحفيات الاعلام الحكومي.