هل التأسي برُسل الله تعالى يكون في الخصال الحميدة، أم حتى في غيرها المنسوبة إليهم افتراء عليهم؟
عزمت بسم الله،
يقول المولى تبارك وتعالى:
لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا(21). الأحزاب.
لقد أمر الله تعالى عباده أن يتأسوا برُسله الذين اصطفاهم واختارهم لتبليغ رسالاته، فكان من بينهم الرسول محمدا عليه الصلاة والسلام، فهل يمكن أن يفعل بأصحابه ما ورد في كتاب البخاري وفي غيره من كتب البشر، وهو ما سوف تقرؤون مما يوجع قلب المؤمن الصادق، المصدق بما جاء به الرسول من عند ربه، وهو القرآن العظيم الذي قص الله تعالى علينا فيه أحسن القصص عن الأمم السابقة، أقول هل يمكن أن يفعل بأصحابه مثل ما يلي:
4073 حدثنا محمد بن العلاء حدثنا أبو أسامة عن بريد بن عبد الله عن أبي بردة عن أبي موسى رضي الله عنه قال ثم كنت ثم النبي صلى الله عليه وسلم وهو نازل بالجعرانة بين مكة والمدينة ومعه بلال فأتى النبي صلى الله عليه وسلم أعرابي فقال ألا تنجز لي ما وعدتني فقال له أبشر فقال قد أكثرت علي من أبشر فأقبل على أبي موسى وبلال كهيئة الغضبان فقال رد البشرى فاقبلا أنتما قالا قبلنا ثم دعا بقدح فيه ماء فغسل يديه ووجهه فيه ومج فيه ثم قال اشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما وأبشرا فأخذا القدح ففعلا فنادت أم سلمة من وراء الستر أن أفضلا لأمكما فأفضلا لها منه طائفة.
البخاري ج 4 ص 1573 قرص 1300 كتاب.
- هل يمكن أن نعتبر هذه الرواية مما أوحى الله سبحانه إلى رسوله ليبلغه للناس؟
- لنفترض أن الرسول عليه السلام حسب الرواية أنه قد وعد الأعرابي فهل يمكن أن يخلف وعده؟
- قال الرسول عليه السلام للأعرابي أبشر، وقد كان يبشره عدة مرات من قبل، ولم ينجز له شيئا حسب الرواية حتى غضب ورد البشرى، فاستدعى صحابيان آخران ليبشرهما بدلا منه، فكانت البشرى أن يدعو بقدح فيه ماء فيغسل يديه و وجهه فيه ويمج فيه، (أي في الإناء) ثم يقول لهما أشربا منه وأفرغا على وجوهكما ونحوركما و أبشرا !!! فهل هذه هي البشرى؟؟؟ والعجب أن تطلب أم سلمة من الرجلان من وراء الحجاب أن يفضلا لها منه طائفة من الماء الذي غسل الرسول عليه السلام فيه يديه و وجهه ومج فيه لتنال البشرى هي الأخرى!!! وفي لسان العرب: والمُجاجةُالريق الذي تمجه من فيك.
صدق المتنبي إذ قال:
أَغايَةُ الدينِ أَن تُحفوا شَوارِبَكُم يا أُمَّةً ضَحِكَت مِن جَهلِها الأُمَمُ.
وجاء في البخاري أيضا ما يتهم الرسول محمدا عليه السلام أنه يداري المنافقين، ويخالف بذلك أمر الله تعالى الذي بلَّغه عن ربه فقال: يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنْ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُوا وَلَا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضًا أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ(12). الحجرات.
ويقول المولى تعالى لمحمد عليه السلام ولنا أيضا: وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِنْ الْأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ الْمَدِينَةِ مَرَدُوا عَلَى النِّفَاقِ لَا تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُمْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَى عَذَابٍ عَظِيمٍ(101). التوبة.
لكن البخاري يريد أن يجعل الرسول عليه السلام يبلغ عن ربه آيات بينات مبينات ثم يخالفها بأفعاله وأقواله، جاء في البخاري:
باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والريب 5707 حدثنا صدقة بن الفضل أخبرنا بن عيينة سمعت بن المنكدر سمع عروة بن الزبير أن عائشة رضي الله عنها أخبرته قالت ثم استأذن رجل على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال ائذنوا له بئس أخو العشيرة أو بن العشيرة فلما دخل ألان له الكلام قلت يا رسول الله قلت الذي قلت ثم ألنت له الكلام قال أي عائشة إن شر الناس من تركه الناس أو ودعه الناس اتقاء فحشه.
البخاري ج 5 ص 2250 قرص 1300 كتاب.
احتيج إلى تألفه ونحو ذلك ثم ذكر حديثين تقدما أحدهما حديث عائشة استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم رجل فقال ائذنوا له فبئس أبن العشيرة وقد تقدم بيان موضع شرحه في باب ما يجوز من اغتياب أهل الفساد والنكتة في إيراده هنا التلميح إلى ما وقع في بعض الطرق بلفظ المداراة وهو ثم الحارث بن أبي أسامة من حديث صفوان بن عسال نحو حديث عائشة وفيه فقال أنه منافق أداريه عن نفاقه وأخشى أن يفسد علي غيره.
فتح الباري ج 10 ص 529 قرص 1300 كتاب.
وفي رواية أخرى بطل الرواية (رجل) لكن الرواة والمكان تغير فجاء فيها:
باب في مداراة الناس 800 حدثنا الخليل بن زكريا ثنا هشام الدستوائي عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال المرادي قال ثم كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم وسلام في سفر فأقبل رجل فلما نظر اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بئس أخو العشيرة أو بئس الرجل فلما دنا منه أدنى مجلسه فلما قام وذهب قالوا يا رسول الله حين أبصرته قلت بئس أخو العشيرة أو بئس الرجل ثم أدنيت مجلسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم انه منافق أداريه عن نفاقه وأخشى أن يفسد على غيره.
مسند الحارث (زوائد الهيثمي) ج 2ص 792 قرص 1300 كتاب.
حدثنا أبو بكربن خلاد ثنا الحارث بن أبي اسامة ثنا الخليل ابن زكريا ثنا هشام الدستوائي عن عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش عن صفوان بن عسال المرادي قال كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فأقبل رجل فلما نظر اليه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال بئس أخو العشيرة وبئس الرجل فلما دنا منه أدنى مجلسه فلما قام وذهب قالوا يا رسول الله حين أبصرته قلت بئس أخو العشيرة وبئس الرجل ثم أدنيت مجلسه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم إنه منافق أداريه عن نفاقه فأخشى أن يفسد علي غيره هذا حديث غريب من حديث عاصم وهشام تفرد به الخليل بن زكرياء أبو عبدالرحمن السلمي ومنهم ذو الصيام والقيام مقرىء الأئمة والأعلام على مدى السنين والأعوام في التعبد لبيب وفي التعليم أريب أبو عبدالرحمن السلمي.
حلية الأولياء ج 4 ص 191 قرص 1300 كتاب.
كيف تصنف هذه الروايات المتناقضة عند أهل الحديث المصدقين لما بين دفتي كتاب البخاري، والمؤلم أنهم ينسبون ذلك إلى الرسول الذي يوحى إليه القرآن العظيم الذي لا نجد فيه مثل هذا الاختلاف والتناقض، ويعتقدون أن ذلك كله صح عنه لأنه في ( البخاري.. )، فهل يمكن أن نجد في الوحي مثل هذه الروايات المتناقضة والمختلفة؟؟؟؟؟؟؟؟
قال رسول الله عن جبريل عن ربه: فَوَيْلٌ لِلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَذَا مِنْ عِنْدِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا فَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ(79). البقرة.