قانون المنظمات الغير ربحية الأمريكى:
كثرت الأقاويل والتصاريح على لسان بعض المسئولين المصريين مؤخرا عن قانون الجمعيات الأهلية والمنظمات الغير ربحية أمريكية المنشأ او العاملة فى أمريكا بشكل عام. ومن الواضح أن تلك التصريحات تفتقر للمعرفة والإلمام بالقانون الأمريكى. ومن الواجب علينا أن نوضح بما لدينا من مصادر ومراجع ما يقوله القانون الأمريكى فى تلك القضية. وكل ما يود معرفته القارئ عن القانون الأمريكى فى هذا الشأن سوف يجده على موقع IRS – Internal Revenue Service وهو ما يعادل فى مصر (الجهاز المركزى للمحاسبات) والذى بدوره يتعامل مع كل ملفات الشركات الخاصة والعامة والهيئات الإستثمارية والمنظمات الغير ربحية التى لها فرع أو مكتب رئيسى او لها صفة الدولية او المحلية فى أمريكا. ففى أمريكا لا يوجد ما يسمى بـ "وزارة التضامن الإجتماعى أو وزارة التعاون والعلاقات الدولية" وكل ما يخص تلك الأمور يختص به هذا الجهاز IRS.
وأشهر أنواع تلك المنظمات هى المنظمات التى تعرف بمنظمات الإعفاء الضريبى Tax-Exempt Organizations والتى تخضع للكود العام 501(c). وتبدأ تلك المنظمات او الجمعيات الأهلية من 501(c)(1) وحتى 501(c)(28). أكثرها شيوعا وعمومية هى المنظمات التالية 501(c)(3) – 501(c)(4) – 501(c)(6) – 501(c)(7). وكما أشرنا من قبل تخضع تلك المنظمات للرقابة بواسطة مركز خدمات الدخل القومى IRS. ولكل من تلك المنظمات او المؤسسات طبيعتها القانونية الخاصة سواء فى طبيعة النشاط او الدخل ، الإعفاء الضريبى ، الشروط التى يجب أن تتوافر بها حتى تتمتع بالكود الخاص بها. وعلى إطلاقه لا يوجد فى القانون الأمريكى ما يمنع أى منظمة غير ربحية من تلقى الأموال من الخارج وكل ماهنالك أن تلك المنظمات يجب عليها فى نهاية السنة المالية ان يتم احتواء التبرعات فى الدخل العام جملة فى الإقرار الضريبى فى نهاية تلك السنة (وفى بعض الأحيان تفصيلا) ، و تفصيلا فى تقارير المراجعة النهائية. ويتوقف التقرير على طبيعة عمل كل منظمة حسب اللائحة الأمريكية. وكل منظمة من حقها أن تتلقى أى تبرعات سواء فردية ، مؤسساتية ، من حكومات أجنبية ، سفارات أجنبية ، بأى شكل وأى صورة طالما أن تلك الأموال حصلت بطريق قانونى وتم صرفها بطريقة قانونية حسب اللوائح العامة لما تتبعه من هيئات رقابية كمكتب الموازنة والإدارة OMB (وهذا فى حالة التبرعات من هيئات حكومية أمريكية للمنظمة) او قانون هيئة الدخل القومى IRSفى الحالات الاخرى فيما يعرف بـ (التبرعات الخاصة) Private Funding.
ولنبدأ بأنواع المنظمات الغير ربحية او منظمات المجتمع المدنى الأكثرشيوعا فى أمريكا او ما يعرف بـ NGOs وهى المنظمات الغير حكومية Non-Governmental Organizations:
- جمعيات خيرية Charitable: وتصنيفها فى القانون الأمريكى يخضع للكود المعروف بـ501 (c)(3).
وتلك النوعية من المنظمات هى الأشهر على الإطلاق. النسبة الإجمالية لتلك النوعية مقارنة بنظيراتها فى أمريكا هى71.3% مقسمة كالتالى: 63.7% مؤسسات عامة و7.6% مؤسسات خاصة ، من أجمالى المنظمات المشهرة فى أمريكا. عددها 1,127,287 وفق اخر احصائية شاملة معلنة عام 2009 (المركز القومى للإحصاء NCCS(. وتلك المنظمات تتمتع بالإعفاء الضريبى على الدخل والتبرعات بشكل عام الا ما وضحه القانون فى بعض الحالات الخاضعة للضريبة. وذلك النوع من المنظمات او الجمعيات يكون له الصفة الدينية (كالكنائس والمساجد والمعابد والهيئات الدينية بشكل عام) ، او تعليمية (كالمدارس والجامعات والنقابات التعليمية – سواء بعضوية او بالتبرعات) ، خيرية (كمنظمات حقوق الإنسان او حقوق الحيوان) ، علمية (كمؤسسات أبحاث السرطان) او أدبية او خاصة بحقوق الطفل.
وتلك الجمعيات بصفة عامة معفاة من الضرائب وفقا للقانون واللوائح. لا يحق لذلك النوع من المنظمات العمل السياسى بشكل يؤثر على الرأى العام فى تحديد إختيار رئيس بالتحديد او مرشح لإنتخابات الكونجرس او مجلس الشيوخ او ما شابه. ولكن فى نفس الوقت من حق تلك المنظمات ان تعمل (حسب الهدف المحدد لها فى ورقة المهمات وقت النشأة) ان تعمل ببرامج توعية للناخبين بشكل عام دون تسمية مرشح او ناخب. لا يحق أيضا لتلك المنظمات ان تعمل بشكل مباشر فى وسائل أو أنشطة الضغط او ما يعرف بـ "اللوبى" لتحقيق مآرب بشكل خاص من شأنه التأثير على صناعة القرار. ولكل حالة لها ظروفها الخاصة بشكل عام. ويجب على تلك المنظمات الإفصاح عن دخلها للعامة وقوائمها المالية (على موقعها او فى جريدة).
من حق هذا النوع من المنظمات أن تسعى للتمويل الخارجى بأى شكل سواء كانت التبرعات عن طريق أفراد او هيئات او حكومات أجنبية او غيرها. ولا يوجد فى القانون ما يفيد او يلزم تلك المنظمات برفع أى تقرير او اشعار او اعلام لأى جهة حكومية أمريكية بخصوص تلك التبرعات قبل او خلال القبول وممارسة النشاط. فقط كما أوضحنا سابقا يتم ذكرها جملة او تفصيلا فى الإقرار الضريبى ليس لشئ إلا للإفصاح السنوى عن الدخل والقوائم المالية ومنها يتم تحديد ما إن كانت التبرعات خاضعة للضريبة او لا. وللمنظمة مطلق الحرية فى رفض تبرع بعينه او قبوله حسبما يرتأى لتلك المنظمة من أولويات او أفضلية.
- مؤسسات نوادى وتجمعات محلية للعاملين:وتصنيفها فى القانون الأمريكى حسب الـ IRSهو 501(C)(4).
النسبة الإجمالية لتلك النوعية مقارنة بنظيراتها فى أمريكا هى 7.1% من أجمالى المنظمات المشهرة فى أمريكا.عددها 111,849وفق نفس الإحصائية التابعة لنفس الجهاز. تلك المنظمات فى الغالب هى منظمات تعمل كنواد أهلية او التوعية الخاصة بالدعم الإجتماعى او التجمعات الأهلية بعضويات محددة لحى بعينه (مثال – مشيخة حارة او تجمعات سكنية – اتحاد ملاك) ودخلها يجب أن يتم صرفه حصريا لغرض تعليمى او خيرى او إعادة هيكلة وتخطيط بالنسبة لتلك التجمعات السابق ذكرها. لتلك المنظمات كل الحق فى الصرف على أمور خاصة بترشيح رئيس بعينه او نائب بعينه او التعبئة السياسية طالما انحصرت انشطتها فى الدعم الإجتماعى. فى غالب الأحيان تخضع التبرعات لتلك النوعية من المنظمات للضريبة وتعامل معاملة الهدايا وليس لها مميزات الإعفاء التى يتمتع بها النوع الأول. تلك النوعية من المنظمات ليست مرغمة وفقا للقانون بإشهار قوائمها المالية للعامة. وأيضا لها الحق فى الحصول على الدعم الأجنبى بشتى أشكاله كما هو الحال فى النوع الأول.
- مؤسسات أعمال ونقابات: :وتصنيفها فى القانون الأمريكى حسب الـ IRSهو 501(C)(6).
النسبة الإجمالية لتلك النوعية مقارنة بنظيراتها فى أمريكا هى 4.6%من أجمالى المنظمات المشهرة فى أمريكا.عددها 72,801وفق نفس الإحصائية التابعة لنفس الجهاز السابق ذكره. تلك المنظمات تعتمد فى الغالب على إشتراكات العضوية ويفرض القانون عليها ان تأخذ صفة التجمعات العملية وأشهرها على الاطلاق Chamber of Commerce. أمثلة على تلك النوعية من المنظمات هى نقابة او تجمعات السماسرة ، تجمعات او نقابة الكرويين. ومن صفاتها يستطيع القارئ ان يستخلص ان نشاطها يجب ان يركز فى دعم خط عمل بعينه ويكون أعضائها يشتابهون فى مجال العمل (دكاترة – محاميين – تجاريين) كالنقابات فى مصر. ولتتمتع فى دخلها بالإعفاء الضريبى يجب أن يتم الصرف فى دعم المجال الذى نشات من أجله (العمل النقابى والدعم لخط معين من المحترفين فى مجال ما). اما التبرعات من الآخرين فلا تتمتع بنفس الميزة التى يتمتع بها النوع الأول. لذلك النوع من المنظمات (كالعادة) الحق فى فى الحصول على الدعم الأجنبى بشتى أشكاله كما هو الحال فى النوعين السابقين.
ومن هنا وبشكل عام نستطيع ان نقول ان القانون الأمريكى فرق بين التجمعات الحزبية والهيئات الحكومية من جهة والمنظمات الغير الحكومية من جهة أخرى. فالقانون الأمريكى يحظر بشتى الأشكال على التجمعات الحزبية (كالحزب الديموقراطى والجمهورى وغيرهما) من الحصول على أى دعم دولى سواء من أفراد او شركات أو حكومات (ومؤخرا من الشركات متعددة الجنسيات) لدعم أنشطتها السياسية. ويحظر القانون على أى مرشح رئاسى فى أن يحصل على تبرعات او أى دعم مادى أيا كان شكله من أى هيئة او فرد او مؤسسة غير أمريكية. أما على الجانب الآخر فالمنظمات الغير حكومية ومنظمات المجتمع المدنى فى امريكا لها الحق فى الحصول على أى نوع من التبرعات ، محلية أو أجنبية ، دون سابق الحصول على إذن من أى مؤسسة حكومية ولا دخل بأى لوائح خارجية أو علاقة بتلك التبرعات ولم يتطرق لها القانون بأى شكل ، جنائيا كان أو ماليا. والتبرعات بشكل عام كما سبق وذكرنا هى فى الغالب تبرعات حكومية أمريكية وتخضع للوائح مكتب الموازنة والإدارة OMBالمهيمن على الصرف الحكومى فى أمريكا او المنح الحكومية بشتى أشكالها واكثرها شهرة USAID . او تبرعات خاصة عن طريق أفراد او هيئات اجنبية او محلية تنقسم الى نوعين رئيسيين: محددة الصرف وعامة الصرف. ومحددة الصرف يجب ان يتم صرفها وفق العقد المبرم مع المتبرع ولا يجوز أن يتم صرفها فى خلافه.
وبناء عليه فنستطيع القول بان تصريحات بعض المسئولين المصريين – وتحديدا السيدة فايزة أبو النجا – تفتقر للمعرفة والإلمام بالقانون الأمريكى تحديدا ، والخاص بمنظمات المجتمع المدنى والجمعيات الأهلية ، ويجب عليهم مراجعة مصادر معلوماتهم ، خصوصا وأن القانون الأمريكى يتطلب فقط معرفة باللغة الإنجليزية (التى اظن المسئولين فى مصر يجيدونها) وموجود ومتاح على موقع IRS بلوائحه وتنظيماته ولا يتطرق الا للهيكل العام والمهمة العامة وأشكال التنظيم وطريقة الإفصاح عن الدخل ويتم الفصل فيها بشكل عام حسب الخضوع للضريبة من عدمه ومرة أخرى لا يتطرق بأى شكل من الأشكال لوسيلة الحصول على الدعم.