الميراث حق إنساني
إن الأحكام القرآنية هي أحكام إنسانية لا عرقية ولا طائفية ، وبالتالي لا يشترط لتطبيقها الإيمان بالقرآن ، فالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر وفعل الخيرات ، والتعاون والصدقات, وما شابه ذلك متاح لكل الناس على مختلف توجهاتهم ، فالمساعدة والتعاون هي للإنسان بصفته الإنسانية وليست العرقية أو الدينية !.
أما أحكام العبادات مثل الصلاة والصيام فلا شك أن الإسلام شرط سابق عنها وذلك معلوم بداهة، بخلاف الصدقات وعمل الخير فلا يشترط له أن يكون ذا وجهة معينة أو طائفة محددة ، أو من عرق ما . فيكفي أن يكون الإنسان مؤمناً بالله واليوم الآخر حتى تقبل منه هذه الأعمال الصالحة التي يقصد بها رضوان الله عز وجل.[إن الذين آمنوا والذين هادوا والنصارى والصابئين من آمن بالله واليوم الآخروعمل صالحاً فلهم أجرهم عند ربهم ولا خوف عليهم ولا هم يحزنون ]البقرة 62 .
وأحكام الميراث في القرآن هي أحكام إنسانية غير مرتبطة بعرق أو طائفة وإنما مرتبطة بالنسب والقرابة. وهذه العلاقة الإنسانية لا ينقضها اختلاف في الرأي أو الفكر ، فالوالد هو والد ، والولد هو ولد ، وكذلك الوالدة والبنت وغير ذلك من العلاقات الأسروية . فإذا مات والد مسيحي يرثه ولده المسلم ، وإذا مات الوالد المسلم ، يرثه ولده المسيحي وكذلك الزوج والزوجة, وهكذا أحكام المواريث تجري على الجميع بصفتهم الإنسانية . ومن يقول بغير ذلك يتقول على الله عز وجل ويفتري عليه بتشريع ما لم يشرع, ويلزم الناس بما لم يلزمهم الله به ، ويمنع الناس من حقهم الذي أعطاهم إياه الله عز وجل . أما قول الفقهاء من منع الميراث عن الرق والمخالف للدين والقاتل, فهو كلام لا دليل عليه أبداً سوى تخيلات في أذهانهم نتيجة فهم تراثي جاهلي ، وأحاديث نسبت للنبي !! أو فهم خطأ لها . فحرمان الرق من الميراث بحجة أنه مسلوب الإرادة ، وأنه فاقد لحرية التصرف وما شابه ذلك من أوهام . كلام مردود على قائله . فالإنسان الذي صار رقاً لظروف اجتماعية لم يفقد صفة الإنسانية ولم يسقط الشارع عنه الحساب فهو مكلف مثله مثل سائر الناس . فلو افترضنا أن رق ورث عن عمه الحر ثروة ! هل تؤول هذه الثروة لمالكه ويأخذها عنوة وبالباطل ؟! فهذا الإنسان قد فقد صفة اجتماعية ا عنوة وبالباطل ؟! فهذا الإنسان قد فقد صفة اجتماعية نتيجة ظروف معينة ، ولكن مازال إنساناً يحتفظ بإنسانيته وله حق التصرف بما يملك ، وله حرية الاعتقاد, فيرث ويورث, ولا يحق لمالكه أن يمنعه من ذلك أبداً , وينبغي على المجتمع بسلطته أن يحمي هذا الإنسان الضعيف اجتماعياً . وكذلك الإنسان المختلف بفكره عن الآخر يرثان بعضهما بعضاً ولا مانع شرعاً من ذلك أبداً .
أما الحديث النبوي الذي يقول : [ لا يرث كافر مؤمناً ] فهو حديث يتكلم عن حالة الكفر التي تعني العداء والبغض والحقد والحرب . فكيف نعطي هذا الكافر عدو السلام والحق ميراثاً نقويه على حربنا . فانظر لمقصد الحديث ,فليس المانع هو اختلاف دين , وإنما المانع العداوة والحرب !! بينما العكس صحيح ، أي لا مانع من أن يرث المؤمن الكافر إذا استطاع المؤمن الحصول على ثروته من مجتمع الكفر !! . أما القاتل ليحصل ويعجل ميراثه فهو من الطبيعي أن يعاقب على جريمة القتل ، التي من الممكن أن تصل إلى الإعدام ، أو بعقوبة السجن الطويلة وعلى الحالتين فقد حرم من الميراث . ولكن إذا كان له أولاد وزوجة انتقلت حصته من الميراث إليهم لأن ذلك حقهم الشرعي ولا يؤخذون بذنب غيرهم
[ ولاتزر وازرة وزر أخرى ]فاطر18 .
وبالتالي بَطُلَ قول الفقهاء الشعراء :
ويمنع الفرد من الميراث ثلاثة............ رق وقتل واختلاف دين !!