ليست للنبى محمد عليه السلام آية أو معجزة للتحدى سوى القرآن الكريم . كان لبعض الأنبياء السابقين آيات للتحدى مثل صالح وموسى و عيسى عليهم السلام ، وهى معجزات مادية حسية موقوتة بقومها وزمنها وتنتهى بهلاك جيلها . أما معجزة القرآن فهى عقلية ومستمرة الى قيام الساعة.
وأخبر القرآن عن آيات ومعجزات الأنبياء ، سواء ما كان منها للتحدى ( صالح ، موسى ، عيسى ) أو كانت بدون قصد للتحدى مثل إنقاذ ابراهيم من الحرق ، والمعجزات التى منحها الله جل وعلا لداود وسليمان ، ومعجزة الاسراء لخاتم النبيين.
وفى تقديرى أن بعض المعجزات مثل ( تسخير الجن والشياطين لسليمان وإحياء عيسى للموتى ) تعتبر خرقا للقانون الطبيعى بما يستحيل على البشر تطبيقه . ومعلوم ان الله جل وعلا هو خالق الناموس الكونى ـ أى النظام الكونى ، وهو وحده الذى يملك تغييره وخرقه و الاستثناء فيه. وبعض المعجزات ليست خرقا لنواميس الخلق ، أى تأتى فى نطاق المسموح به للبشر لو تقدموا علميا ، مثل تحييد الجاذبية الأرضية والاتيان بعرش ملكة سبأ فى سرعة الضوء أمام سليمان ، ومثل إنقاذ ابراهيم من حرق النار . غاية ما هنالك أنها جاءت فى زمن لم يصل فيه البشر الى هذه المخترعات والمكتشفات . ومثلا فان التليفزيون والموبايل وسفن الفضاء تعتبر معجزات بالنسبة لأجدادنا ، وستكون مخترعات أحفادنا كمعجزات بالنسبة لنا لو واصلت البشرية تقدمها التكنولوجى . وبالتالى فلو افترضنا أنك عدت الى زمن خاتم النبيين ومعك تليفزيون ملون ستكون معجزة لك . والله جل وعلا أمر البشر بالسير فى الأرض والبحث فى آلاء الله جل وعلا فى الخلق ( أَوَلَمْ يَنظُرُواْ فِي مَلَكُوتِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا خَلَقَ اللَّهُ مِن شَيْءٍ وَأَنْ عَسَى أَن يَكُونَ قَدِ اقْتَرَبَ أَجَلُهُمْ فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَهُ يُؤْمِنُونَ ) (الاعراف 185 ) ( قُلْ سِيرُوا فِي الأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ) ( العنكبوت 20 ) وجعل تقدم البشر العلمى مرتبطا بحساباته جل وعلا فقال (ولاَ يُحِيطُونَ بِشَيْءٍ مِّنْ عِلْمِهِ إِلاَّ بِمَا شَاء ) ( البقرة 255 ) ، أى إن علمنا بنواميس الطبيعة واستغلالها تكنولوجيا مقدر بمشية الرحمن . وما كان يبدو مستحيلا فى الماضى أصبح اليوم ممكنا. وما يبدو مستحيلا اليوم مثل ( طاقية التخفى ) فى الحكايات الشعبية والانتقال فى أقل من سرعة الضوء قد يكون عاديا بعد جيل أو جيلين من الآن.
والله جل وعلا هو الأعلم .