من هم "المميعون" للثورة السورية وما مصلحتهم؟

د. شاكر النابلسي في الخميس ٢٩ - ديسمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

شيئان لا تخطئهما العين اليوم: ضوء النهار وهدف الجامعة العربية في سوريا. وإغماض العين عن هذين الهدفين لا يعنيان بأي حال من الأحوال أن ضوء النهار قد استحال إلى ظلام، وأن هدف الجامعة العربية في سوريا نصرة الشعب السوري على حكامه الطغاة.

 

الجامعة (قهوة النشاط العربي)!

وتمييع ثورة الشعب السوري ضد حكامه الطغاة ليس بالجديد على الجامعة العربية، فيما لو عرفنا من هي الجامعة العربية، ومم تتكون؟

الجامعة العربية (قهوة النشاط العربي) تتكون من كافة الأنظمة العربية . وهذه الأنظمة هي التي تدفع لأمين الجامعة العام، وموظفي الجامعة، رواتبهم، وإيجار منازلهم، وفواتير تليفوناتهم، وكهربائهم، ومائهم، ووقود سياراتهم، ورواتب خدمهم، وحشمهم، وسائقهيم.. الخ.

وبمعنى آخر، فالأنظمة العربية، هي أولياء نعمة أمناء الجامعة العربية وموظفيهم. لذا فهم يقررون، ويقولون، ما يُملى عليهم من خلال هذه الأنظمة. وهذه الأنظمة، لها المصلحة كل المصلحة، في بقاء الحكم السوري الطاغي الآن.

مصلحة الأنظمة العربية في بقاء الطغاة!

كان لهذه الأنظمة المصلحة التامة في بقاء حكم زين العابدين بن علي، ومعمر القذافي، وحسني مبارك، وعلي عبد الله صالح، وآل خليفة في البحرين، ولكن جاءت الرياح الثورية في بعض الأحيان بما لا تشتهي سفن الأنظمة العربية، فاقتلعت هذه الرياح أشرعة السفن الباغية، وأغرقتها في بحر الظلمات. وتحاول السفن الباقية الآن أن تجيء رياح الثورة - في الأردن، ومن هو في محيط هبوب الرياح الثورية - بما تشتهي، لا بما لا تشتهي، حتى لا تضطر الجامعة العربية إلى  تشكيل اللجان، وإصدار البروتوكولات، وإعلان المبادرات، وإرسال المندوبين والمراقبين، وتزوير الشهادات، وتكذيب الأخبار، وذر الرماد في العيون، من أجل نصرة "الإخوة الأعضاء" في الجامعة العربية.

 

"الابن الضال" السوري في الجامعة

فالنظام السوري الحاكم، هو "الأخ العضو" في الجامعة العربية وليس الشعب السوري الثائر.

والنظام السوري الحاكم، هو الذي يدفع للجامعة "الحصة المالية"، وليس الثوار السوريون الأحرار.

والنظام السوري الحاكم، هو الذي يأتي بالأمين العام، أو يسحب الثقة منه، ومن باقي إداري الأمانة العامة للجامعة، وليس الثوار السوريون الأحرار.

إذن، من مصلحة الجامعة العربية، وبالضرورة أن تميّع الثورة السورية، وتجعلها "اضطرابات" ضد النظام الشرعي، و"فوضى" ضد "الاستقرار" القومي. وتجعل من النظام السوري "الابن الضال" الذي على الجامعة مهمة إرشاده، وإعادته إلى "جادة الصواب".

ومهمة الجامعة كذلك، أن تجعل من أكثر من 500 شهيدة وشهيد وطفلة وطفل خارجين على "القانون"، و"الشرعية"، و"مناوئين" لنظام الحكم "الشرعي" الدافع  حصته من ميزانية الجامعة العربية.

 

الأنظمة العربية أسوأ ما جاء به التاريخ البشري!

كانت الأنظمة العربية القائمة أكبر أعداء الشعوب العربية. وهي أكثر عداء لهذه الشعوب من إسرائيل، والغرب، والاستعمار في ماضيه، وحاضره، ومستقبله.

فلا سعيداً، ولا غنياً، ولا مستبداً استبداداً مطلقاً، ولا سلطاناً سلطة إلهية، في القرن الحادي والعشرين، كالحاكم العربي.

ولا جاهلاً، ولا متخلفاً، ولا سارقاً، ولا ناهباً، ولا حريصاً على البقاء طول الدهر في الحكم، كالحاكم العربي.

ولا دجالاً، ولا مشعوذاً، ولا كذاباً، ولا فاجراً، ولا جلاداً كالحاكم العربي.

والأنظمة العربية تعمل بحرص وتشدد، بالحديث النبوي المُحرَّف: "فإذا اشتكى عضو من ثورة شعب، تداعت له سائر الأعضاء بالنجدة والفزعة"

ألم تروا ماذا فعلت دول الخليج بالأردن، عندما أحسوا بقرب دخول الأردن في نار الربيع العربي؟

تدفقت المليارات، ودعوات الانضمام، إلى "مجلس التعاون"، والزيارات، وباقات الورد.

ولكن عندما تبين لها، أن "نار الربيع"، ما زالت بعيدة عن خشب كرسي العرش الأردني، تراجعت و"راحت السكرة وعادت الفكرة" كما يقولون، واستبدلت "عضوية مجلس التعاون" بـ "صدقة مجلس التعاون" وهي صدقة بمليارات الدولارات تذهب إلى جيوب الملأ الأعلى. وتزداد نسبة الفقراء والعاطلين عن العمل في الأردن، ولا حراك.

 

المهزلة: وفد الجامعة يقوده أحد جنرالات البشير!

لا تهمني كثيراً شخصية العسكري الجنرال السوداني، الذي يرئس وفد الجامعة العربية إلى سوريا، ولا يهمني ما قيل عن تاريخه العسكري والسياسي المشين في جنوب السودان. يكفيني من كل ذلك أنه عسكري في جيش عمر البشير (الدكتاتور الأسود) بجرائمه وفساده.

ما يهمني من وفد الجامعة العربية إلى سوريا، أن هذا الوفد سوف يقوم فقط بتبريد نار الثورة السورية، أمام الرأي العام الدولي، صاحب القرار الفعلي والحاسم، في الثورة السورية.

فلا العرب، ولا جامعتهم، ولا أي مجلس عربي قادر على مد يد العون للثورة السورية.

 

أمل الثوار السوريين الوحيد

الأمل الوحيد للثوار السوريين، أن يتحرك الغرب عسكرياً، ومالياً وسياسياً للقول الفصل فيما يجري في سوريا، كما تم في ليبيا.

وبدون ذلك سيبقى الجلادون والسفاحون يذبحون كل يوم العشرات من الثوار السوريين. وسيبقى السارقون ينهبون من أموال الشعب السوري ما استطاعوا، وكل هذا والجامعة العربية تراقب أو لا تراقب. وإذا راقبت فماذا يمكن أن تفعل، غير ما نسمعه من مقهى الجامعة من بيانات، لا تصل في  أهميتها الى ما يخرجه الحيوان من ضراط!

السلام عليكم.

 

 

اجمالي القراءات 9538