الاجابة لا تحتاج الى شرح مطول ، فهناك اسلوب قصر مثل ( لا اله الا الله ) أو ( لا يعلم الغيب إلا الله ) . وهناك اسلوب لا يفيد القصر مثل ( حملها الانسان ) . لو أراد الله جل وعلا أن يقول أن الأمانة حملها الانسان وحده لقال ( وحملها الانسان وحده) أو قال (ولم يحملها إلا الانسان ) باسلوب القصر،وبذلك ينفرد الانسان وحده دون الجن والملائكة والشياطين بحمل المسئولية . ولكن قال جل وعلا ( وحملها الانسان إنه كان ظلوما جهولا ) ولم يرد نفى لحمل الملائكة والجن والشياطين وهم مذكورون ضمنا فى الآية (انا عرضناالامانة على السماوات والارض والجبال ). التركيز هنا على الانسان للتذكير بمسئوليته التى لم يقم بها . ومصطلح الانسان فى القرآن يأتى فى معرض وصفه بالظلم والكفر والعصيان ،وهذا عكس مصطلح ( النفس اللوامة ) أو ( النفس المطمئنة ) ( راجع سورة الفجر لتعرف الفارق بين الانسان والنفس المطمئنة ). بايجاز الخطاب موجّه للانسان الذى حمل الأمانة ـ أى أمانة التكليف وحريته فى الطاعة أو المعصية ـ فخان الأمانة ، أمّا من كان ذا نفس مطمئنة من البشر فقد حفظ الأمانة واختار الهداية فسيستحق من رب العزة دخول الجنة .
ومن هنا نفهم أيضا وعظ الله جل وعلا للمؤمنين بعد معركة بدر ، كما جاء فى سورة الأنفال : ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَحُولُ بَيْنَ الْمَرْءِ وَقَلْبِهِ وَأَنَّهُ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (24) وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ (25) وَاذْكُرُوا إِذْ أَنْتُمْ قَلِيلٌ مُسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَنْ يَتَخَطَّفَكُمْ النَّاسُ فَآوَاكُمْ وَأَيَّدَكُمْ بِنَصْرِهِ وَرَزَقَكُمْ مِنْ الطَّيِّبَاتِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (26) يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ (27)
صدق الله العظيم .