( وفيات 81:
محمد بن علي بن أبي طالب وهو ابن الحنفية . ....
أخبرنا محمد بن عبد الباقي بن سلمان قال: أخبرنا حمد بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا محمد بن إسحاق
السراج قال: حدثنا عمر بن محمد بن الحسن قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان عن علي بن الحسين قال:
كتب ملك الروم إلى عبد الملك بن مروان يتهدده ويتواعده ويحلف أنه ليحملن إليه مائة ألف في البر ومائة ألف في البحر أو يؤدي إليه الجزية ...فكتب إلى الحجاج: أن اكتب لمحمد بن الحنفية فتهدده وتتوعده ثم أعلمني ما يرد إليك من جوابه. فكتب الحجاج إلى ابن الحنفية بكتاب شديد يتوعده بالقتل. قال: فكتب إليه ابن الحنفية:( إن لله عز وجل ثلاثمائة وستين لحظة في كل يوم إلى خلقه وأنا أرجو أن ينظر الله عز وجل إلي نظرة يمنعني بها منك) (. أى يحمينى منك ) قال: فبعث الحجاج بكتابه إلى عبد الملك ، فكتب عبد الملك إلى ملك الروم نسخته فقال ملك الروم: ما خرج هذا منك ولا أنت كتبت به، وما خرج إلا من بيت نبوة. )
التعليق
موجز هذه القصة أن ملك الروم ـ الذى لم تذكر الرواية اسمه ـ بعث يهدد الخليفة عبد الملك بن مروان ليرغمه على دفع الجزية. فلم يستطع عبد الملك بن مروان الرد عليه إلا بارسال تهديد ـ مصطنع ـ لمحمد بن الحنفية ليرى رد فعله. فكتب محمد بن الحنفية هذا الرد ، وموجزه استعانة بالله تعالى الواحد القهار. فأرسل عبد الملك نفس الرد الى ملك الروم يرد على تهديده، فاكتشف ملك الروم أن عبد الملك لا يمكن أن يكون كاتب هذا الرد لأن كاتبه لا بد أن يكون من بيت النبوة ، أى من العلويين ..
محمد بن الحنفية هو ابن لعلى بن ابى طالب من زوجة لقبها الحنفية. وقد اشتهر أمره بعد مقتل أخيه غير الشقيق الحسين بن على. خصوصا عندما اندلعت ثورات الشيعة تطالب بدم الحسين ، وانتهز الفرصة عبد الله بن الزبير فأعلن نفسه خليفة وتمزقت الدولة الأموية فترة من الوقت الى أن استعاد زمام الأمور الخليفة عبد الملك بن مروان الذى قتل عبد الله بن الزبير وقضى على حركته. تحت اسم محمد بن الحنفية قامت ثار المختار بن أبى عبيدالثقفى سنة 66 هجرية وخلط دعوته باكاذيب الوحى والروايات، وتتبع كل من شارك فى قتل الحسين فأبادهم واستولى على أجزاء من العراق وتوسع أمره الى ان هزمه مصعب ابن الزبير سنة 67. وبفشل المختار ظهرت دعوة الكبسانية السرية القائلة بامامة محمد بن على ( محمد بن الحنفية ) وتؤلهه وأنه الوارث لعلم أخويه الحسن والحسين بعد أبيهم على بن أبى طالب. ثم تزعم أبو هاشم بن محمد بن على ( ابن الحنفية ) الدعوة الكيسانية السرية لأمام مهدي مستتر تحت ستار الدعوة للرضى من آل محمد ،وعززت هذه الدعوة السرية احاديث منسوبة للنبي انتشرت فى الآفاق تبشر بالدولة القادمة وتمهد لها . وتمكن محمد بن على بن عبد الله بن عباس من التسلل لتلك الدعوة السرية بعد أن إغتيل أبو هاشم بيد الخليفة الأموى سليمان بن عبد الملك سنة 98 . وبتزعم عميد الأسرة العباسية لتلك الدعوة السرية تمكنت فى النهاية من أن تتحول الى حركة وجيش أسقط الدولة الأموية سنة 132 وأقامت الدولة العباسية. وبقى من آثار تلك الدعوة الكيسانية روايات فى تقديس محمد بن على بن أبى طالب المشهور بمحمد بن الحنفية . منها هذه الرواية.
ويلاحظ أنهم نسبوها فى سلسلة العنعنة الى ( على بن الحسين ) وهو على زين العابدين بن الحسين ، الذى شهد فى صباه مقتل أبيه ومعظم أسرته فى كربلاء.و كانوا على وشك أن يقتلوه ـ وكان عليلا مريضا ـ لولا احتضنته عمته زينب وصرخت فيهم فتركوه. وقد عاش على زين العابدين بعد هذه التجربة المريرة مبتعدا عن السياسة الى أن مات. ومن المستبعد أن يكون على زين العابدين قريبا من بؤرة أسرار الدولة الأموية حتى يعرف أن ملك الروم قد أرسل يهدد عبد الملك بن مروان فلجأ عبد الملك الى تلك الحيلة. لو حدث هذا فلا يمكن إلا أن يكون أمرا سريا لا يعرفه خصوم الدولة بالذات.