هناك مخاوف وشكوك حول إجراء الإنتخابات البرلمانية ، التى ستجرى مرحلتها الأولى يوم الإثنين القادم فى القاهرة وبعض المحافظات ، وذلك بعد تفاقم الأحداث فى ميدان التحرير ، وإستمرار مواجهات وعمليات " الكر والفر " بين الأجهزة الأمنية ومتظاهرين ومعتصمين من الثوار والبلطجية والمتفرجين " وأخرين " فى الميدان وحول وزارة الداخلية ، وتلك المواجهات أو الفوضى مستمرة منذ إنتهاء جمعة المطلب الوحيد أو إسقاط وثيقة " السلمى "وحتى مساء أمس الأحد ، قد أسفرت الصدامات بين " الشرطة والشعب " عن سقوط قتلى ومصابين ، وقد يكون هذا العدد من الضحايا مرشحا للزيادة بعد أن دخل إلى ميدان التحرير منذ مساء أول أمس السبت مرشحين محتملين للرئاسة هما الدكتور سليم العوا والشيخ حازم أبو إسماعيل ، وقاما بشحن الجماهير ضد الشرطة والجيش والمطالبة بتحقيق مطالب ملحة ، قد تكون عادلة ، ولكن ليس أبدا هذاالوقت المناسب للمطالبة بها أو تحقيقها ، ولاسيما إن هناك من إستجاب لدعاوى الإعتصام ، ليس فى ميدان التحرير فقط ، ولكن فى ميادين أخرى بمحافظات مختلفة ، وبالتالى " إختلط الحابل بالنابل " وأصبح هناك معتصمين ومتظاهرين ومحتجين وفلول و"مزايدين " وبلطجية ومخربين ، فهاجم مجهولون مبانى حكومية فى السويس " تضامنا " مع ضحايا التحرير! ، وإحتشد الألاف فى الأسكندرية أمام مبنى المنطقة الشمالية العسكرية ، وحول بعض أقسام الشرطة ، وهاجموا رجال الامن والتى ردت عليهم بعنف بالقنابل المسيلة للدموع والرصاص المطاطى والذى أسفر عن سقوط قتيل وإصابة اخرين ، وهو مايعيد للأذهان سيناريو المواجهات العنيفة فى جمعة الغضب بين الأمن والمتظاهرين ، ويزيد حالة الإحتقان بين الشعب والشرطة قبل الإنتخابات ، والتى من المفترض أن تتم فى مناخ ديمقراطى الأسبوع القادم ، وليس فى مناخا مسموما ، وحالة من العشوائية والفوضى يصعب فيها إجراء إنتخابلت حرة ونزيهة وهادئة ، وتليق بإختيارأول برلمان ديمقراطى بعد ثورة يناير .
الكل مسؤل بشكل أو بأخر عن الحالة المتردية التى وصلنا إليها قبل أيام قليلة من المعركة الإنتخابية ، والتى لا أعرف كيف ستتم فى هذا التدهور الأمنى والسياسى ، أو بمعنى أصبح فى شبه حالة الفوضى الحالية ؟ .
فقد أخطأت الحكومة عندما طرحت وثيقة المبادىء الدستورية المعروفة بوثيقة "السلمى " ، وأرادت تسويقها فى هذا الوقت الحساس ، ولاأعرف لماذا لم تفتح الحوار حولها بعد صدورها من وقت طويل ؟ وهذا إمتداد لحالة البطء والإرتجالية وعدم وضوح الرؤية التى تتسم بها تلك حكومة شرف ، ولماذا لم يستجب المجلس العسكرى للتعديلات التى تم التوافق عليها قبل ساعات من جمعة إسقاط الوثيقة ؟ .
وأخطأ أيضا الداعون من التيارات السياسية والدينية المختلفة إلى عمل مليونية إسقاط الوثيقة يوم الجمعة الماضية ، خاصة " الإخوان المسلمون " والسلفيين ، فى هذا التوقيت ، وهل لذلك علاقة بالدعاية المبتكرة للإنتخابات ، بعمل إستعراض للقوة قبل إجرائها كبديل عن طرح البرامج وإقناع الناخبين.
وأيضا أخطأت الشرطة عندما تعاملت فى البداية مع المعتصمين من جرحى الثورة بعنف شديد ، إستفز رجل الشارع العادى والمتفرجين فى التحرير، وأدى إلى تفجر الأوضاع وتفاقمها ، وكأن الشرطة لم تستوعب الدرس بعد ولم تتغير سياستها ، وأصبحت " أسدا " عل المعتصمين ، و" نعامة " على خاطفى الأطفال والسيارات ، وقطاع الطرق والبلطجية وتجار السلاح والمخدرات .
وليت حالة الإستنفارالأمنى التى كانت عليها الشرطة فى التحرير اليومين الماضيين تستمر بنفس القوة من أجل تأمين الإنتخابات ، والتى أصبح إجرائها فى " مهب الريح" بسبب أخطاء عديدة ، وكأننا لم نكن قد قمنا بثورة عظيمة ، أو لا نستحق الديمقراطية .
حمدى البصير