-1-
مبادرة الجامعة العربية تجاه الحكم السوري، لم تكن تعني شيئاً لهذا الحكم غير كسب مزيد من الوقت، لقتل أكبر عدد من الثوار، والتنكيل بهم.
كلام مكرور، ومعاد، وسمج!
وقرار الجامعة العربية الأخير وهو مع المبادرة، قرار الحكام العرب الذين ما زالوا على كراسيهم الوثيرة، ذات الألغام الخطيرة، لم يكن يعني شيئاً بالنسبة لنظام الحكم السوري أيضاً.
كلام مفهوم للجميع، ولا فائدة منه.
-2-
فنظام الحكم السوري، أعلم الناس بالعرب، وحكامهم، وجامعتهم، ومبادراتهم، وهو قد كان مهندس أمنهم، ومثلهم الأعلى في الفساد وسرقة المال العام والطغيان والاستبداد، وفي بناء دولة البوليس المنسوخة عن دولة بوليس أريك هونيكر، وتنظيم مخابراته السرية (الاستازي) في ألمانيا الشرقية النازية السابقة، التي كانت مثال الدكتاتورية العاتية في التاريخ الحديث، إلى أن تم انهيار برلين عام 1989 وزوال هذه الدكتاتورية.
فمتى يتم انهيار جدار دمشق، وتُعليق قناع "الأسد" من خصيتيه، كأي جدي صغير، من جديان أوائل الربيع؟
-3-
سوف يطول نضال الثوار الأحرار في سوريا.
فلا بأس.
فثمن الحرية السورية غالٍ جداً، لأن سوريا (بيضة قبان العرب) كما سبق وقلنا في مقال ماضٍ.
والأحرار الثوار في سوريا الثورة، يعرفون هذا الحكي كويس، وهم غير متعجلين من أمرهم.
فرغم البرد، وقسوة الشتاء القادم، وشح الوقود، وانقطاع الكهرباء والماء، وكذلك الأوصال البشرية، إلا أنهم ماضون في ثورتهم، كأكبر ثورة في تاريخ العرب القديم، والوسيط، والحديث.
-4-
ورغم أن قناع "الأسد" الذي يعتبر نفسه ملك الغابة الدكتاتورية العربية غير المتوَّج، قد استفرد بالثوار الأحرار الذين لم يتحرك أحد في الشرق أو في الغرب لنجدتهم، لظروف قاهرة، إلا أن الحقيقة التي لم يعيها "قناع الأسد" حتى الآن، أنه ملك في غابة من الرمال اللاهبة والمحرقة، وهي الشعب السوري، الذي صبر أكثر من صبر أيوب (أيوب الأسطورة، صبر عشرين عاماً. وصبر الشعب السوري أكثر من أربعين سنة) على الوالد، والعم، والخال، والأبناء، وحملة المباخر، والسدنة، علَّهم يخجلون من أنفسهم، علَّهم يعلمون، علَّهم يرعون، علَّهم يخشون، علَّهم يعقلون، ولكن لا فائدة.
فذنب الكلب أعوج، ولو وضعناه في ألف قالب وقالب.
-5-
ماذا يمكن أن نفعل للثورة السورية الظافرة، نحن معشر المثقفين الكذابين؟
لا شيء على الإطلاق.
فألسنتنا لم تنطلق في الشأن السوري، إلا عندما انطلقت ألسنة الحكام المالكين لـ 99% من وسائل الإعلام.
وأقلامنا لم تكتب إلا عندما أضيئ لنا النور الأخضر، من الغرفة الإعلامية السرية.
-6-
فمنذ متى، كان يُسمح لنا نحن معشر الكتاب المهرجين المأجورين، أن نهاجم النظام السوري "العتيد"، الذي شارك – بفخر واعتزاز وبدون عشرين مليار دولار - في حرب تحرير الكويت 1991؟
ومنذ متى أصبح حلالاً زلالاً، أن نكتب يومياً الآن، في مثالب النظام السوري، بأقوى مما كتبه "أبو نواس" في الخمر، والغلمان، والنساء؟
ومنذ متى أصبح النظام السوري مزبلة الكلام، ومائدة اللئام، ومنطقة حرام؟
لقد أصبح كذلك، عندما قيل لنا - نحن "كلاب عرعر" - عووا على النظام السوري، وانهشوا لحمه، إن كنتم قادرين.
والدليل على ذلك:
أن في العالم العربي أنظمة أقذر، وأوسخ، من النظام السوري، بل هي أكثر فساداً، وسرقة للمال العام، وأشد طغياناً، واستبداداً، ودكتاتورية قروسطية، مستمدة من حكم القرون الوسطى الإلهي المطلق، ولا أحد يسمح بفتح ملفاتها أو لمسها، أو جسها جسَّ الطبيب لمرضاه.
فمتى يعم الطاعون السوري العرب أجمعين؟