الكوسة أو الكفاءة بقلم د. وسيم السيسى
في
السبت ١٣ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
الكوسة أو الكفاءة
بقلم د. وسيم السيسى ١٣/ ٢/ ٢٠١٠ |
فى اجتماع يوم السبت الماضى ضم مجموعة من المهمومين بوحدة وتماسك هذا الوطن كقضية وطنية وليست كمسألة دينية، كانوا: د. مصطفى الفقى، أ. منير فخرى عبدالنور، د. محمد أبوالغار، د. كمال مغيث، د. عماد جاد، أ. سعد هجرس، أ. سمير زكى، أ. فريد زهران، أ. حافظ أبوسعدة، وأخيراً كاتب هذه السطور.
كانت الآراء تحليلية وبناءة.. كانت الأسباب تتمحور حول المناهج الدراسية التى تبث الكراهية وتكفير الآخر، القبضة الأمنية الرخوة، غياب سيادة القانون، بعض القضاة الذين أصبحت مرجعيتهم دينية متطرفة، لا مدنية تستلهم حقوق الإنسان العالمية، الرياح الوهابية المتخلفة التى حولت مصر من منارة إلى مغارة!
التفرقة الرهيبة بداية بالمحافظين مرواً برؤساء مجالس المدن، مديرى الجامعات، العمداء، رؤساء الأقسام، ناهيك عن الجيش والداخلية والمخابرات وكأن الأقباط جواسيس على هذا الوطن الذى عظام أجدادهم فيه منذ ١٥ ألف سنة على أقل تقدير!
هذا عن الأسباب أما عن الإنقاذ.. فقد كانت.. الآراء كلها متفقة على أن نبدأ بمحاور عدة فى وقت واحد، لقاء وزير التربية والتعليم، والأمل كبير فى بعد نظره وحزمه، وزير الداخلية ودوره فى تفعيل القوانين، ومحاسبة من يتهاون فى السلام الاجتماعى لهذا الوطن، تفعيل القانون الخاص بدور العبادة، والقانون الخاص بالتمييز! هناك وزارة فى إسبانيا اسمها وزارة المساواة، وهناك فى السويد محكمة خاصة بأى تمييز.
قصار النظر يعتقدون أن التمييز يفيد مجموعة دون أخرى، وبعاد النظر.. يعرفون أن ميزان العدالة إذا انكسر بسبب الدين، فقد انكسر أيضاً بسبب المركز الاجتماعى أو القرب من الحاكم، أو القوة المالية..! انظر للجامعات كمثال.. التفرقة واضحة بسبب الدين، وأيضاً واضحة لمسلم ابن أستاذ ومسلم من عامة الشعب..! أو مسلم قريب من الحكام.. ومسلم أكفأ منه ولكن.. الوزير موش خاله! ضاعت الكفاءة وحلت محلها الكوسة.. والكوسة كلمة إنجليزية معناها الفوضى CHAOS وتنطق كيوس فأصبحت كوسة! وحين تضيع العدالة فقد ضاعت الدولة وأصبحت غابة..!
تتقدم الدول بالاستفادة من تجارب الدول الأخرى! كما تستفيد من تاريخها.. فلو عدنا إلى عصر الخديو إسماعيل الذى جعل من القاهرة باريس الثانية، وأصر على أن يكون الأقباط فى كل مدرسة، فى كل بعثة للخارج، رئيس ديوانه، وسكرتيره الخاص من الأقباط، محافظ القليوبية والمنوفية من الأقباط، أول مجلس شورى للنواب.. كانوا ٢٦ عضواً.. منهم ثلاثة من الأقباط.. كانت الكفاءة والعدالة هى النبراس فنهضت مصر.. وكان عصرا من عصورها الذهبية فى هذا الاجتماع الآنف ذكره.. قص علينا الدكتور محمد أبوالغار..
كيف كان فى استوكهولم مع حفيدته التى تبلغ من العمر ٨ سنوات، رفضت دخول كنيسة أثرية من القرن الخامس عشر بعد أن أصبحت متحفاً مع بيوت مبنية على نفس طراز هذا العصر، وعند التقصى والاستفسار.. عرف أن المشرفة على أوتوبيس المدرسة تسمم أفكار الأطفال بهذه السخافات.. هذا بالرغم من المناخ الليبرالى الذى تعيش فيه هذه الطفلة! ألا يعلم هؤلاء الآباء الذين يبثون روح الكراهية فى نفوس أطفالهم.. أنهم سوف يكرهون كل من يخالفهم حتى فى الرأى من أبناء دينهم..!
وهذا يفسر سر التطاحن والكراهية بين المصريين جميعاً.. حتى إن النصيحة التى تعطى للمسافر للخارج هى: ابتعد عن المصريين! حدثنى سفير مالطة منذ بضع سنوات.. أن أحسن جالية هى الجالية المصرية! هكذا أخبره السفير! ثم ابتسم قائلا: دائماً فى عراك فيما بينهم.. فلا يطلبون منا شيئاً.. عكس الجاليات الأخرى المتحابة المتماسكة!
زارت بروفيسور هيكس معهد الأورام منذ بضع سنوات وقالت مالا يمكن أن أنساه: أشكر لكم الكرم المصرى.. وأرى أنكم تحتاجون إلى Less compitition and more cooperation أى منافسة أقل وتعاون أكثر!.. وكلمة منافسة كلمة مهذبة لعراك أقل كراهية أقل.. حرب أقل.. وحب أكثر أو تعاون أكثر!
بنى وطنى.. المسلم الذى يكره المسيحى.. سوف يكره المسلم إذا اختلف معه.. كذلك المسيحى الذى يكره المسلم..! دليلى على ذلك المذابح بين الشيعة والسنة، بين البروتستانت والكاثوليك فى أيرلندا، إنه نبع واحد.. ماء عذب أو مالح.. حب أو كراهية.. حب للجميع أو كراهية للجميع.
|