د. عبدالمنعم أبوالفتوح: أدعو الإخوان إلى الانسحاب من الانتخابات لمدة 20 عاما

في الخميس ١١ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً

جماعة الإخوان ليست مجرد 16 شخصاً يجلسون في شقة لإدارة بعض الأمور التنفيذية.. بل هي مثال للإسلام الوسطي المتسامح ولها امتداد في كل أنحاء العالم

طالب الدكتور عبدالمنعم أبو الفتوح - رئيس اتحاد الأطباء العرب جماعة الإخوان المسلمين - باعتزال المنافسة علي السلطة والانسحاب من المنافسة الحزبية وعدم الترشح في انتخابات مجلسي الشعب والشوري لمدة 20 عامًا، وهو ما أرجعه أبو الفتوح في أول حوار له بعد خروجه من مكتب الإرشاد خلال حواره مع موقع ملتقي الإخوان الإلكتروني لحين استقرار الحالة الديمقراطية والحريات التي تسمح بمشاركة الإخوان وغيرهم من القوي السياسية في منافسة حقيقية.

واستعرض أبو الفتوح خلال حواره عددًا من الأمور الجزئية والشائكة حيث أكد وقوع عدد من المخالفات في الانتخابات الداخلية للجماعة، وطالب بأن تعالج بطريقة عادلة وصحيحة دون تسامح.

كما طالب أبو الفتوح خلال حديثه المطول قواعد الجماعة بعدم تقديس قياداتها وعدم الانزعاج مما أثير في الفترة الأخيرة من خلافات - علي حد تعبيره - قائلاً: إن الجماعة ليست مكتب الإرشاد أو مجلس الشوري، كما أن خلافًا بين 3 أو 4 أشخاص لا يعني أن الجماعة في خطر، وطالب القواعد بأن تتعامل مع مسئوليهم علي أنهم بني آدميين.. مثله مثلي أحاوره وأخطئه ويخطئني فهو ليس حاصلاً علي صك من الله.

وحول محاولة إقصاء الإصلاحيين من الجماعة وهو علي رأسهم قال أبو الفتوح: وجود المتشدد بجوار الميسر داخل الصف هو صمام أمان لسير الجماعة ولكن لا يجوز لأي طرف إقصاء الآخر.

وأوضح أبو الفتوح أنه لم يترك الجماعة قائلا «أنا موجود علي رأس الإخوان وتحت أقدامهم فأنا خادم لهذه الدعوة، وإن كان قد تم إقصائي من خلال الانتخابات فانا أقسم علي المصحف أنني لا أريد أن أكون عضوًا بمكتب الإرشاد ولا مرشدًا حتي ألقي الله».

ولم يترك أبو الفتوح موقفه مما حدث مع دكتور حبيب بل طالب الجماعة بالكشف عن ميزانيتها علي غرار ما قامت به مؤخرًا من نشر لوائحها الداخلية.

إن التنظيم أصغر من جماعة الإخوان المسلمين.

> هل عدم حضور د. عبدالمنعم أبو الفتوح لبيعة المرشد الجديد د. محمد بديع يعني عدم رضاه عن اختيار الدكتور بديع؟

- مسألة بيعة المرشد بهذه الطريقة ليست صحيحة، المرشد يأتي بالانتخابات ثم يكون مرشدا، هو الذي يقول القسم أمام أعضاء مجلس الشوري وفقط، لا يوجد معني لأننا نذهب لبيعة وإلا سيكون بقية أعضاء جماعة الإخوان المسلمين أصحاب عضوية معلقة، لحين أن يأتي مئات الآلاف من الإخوان المسلمين من العالم كله أو من مصر للبيعة، الموضوع مسألة إعلامية، الأمر الثاني أنني لم أكن موجودًا في مصر أصلاً، بل كنت مسافرًا بالخارج، وبالتالي - كما أعلنت من قبل - إن قضية أن يأتي أخي العزيز الحبيب د. بديع مرشدا أو يأتي أخي العزيز الحبيب د.محمد حبيب مرشدًا أو يأتي أخي العزيز د. رشاد بيومي مرشدا.. هذه قضية أنا لا أري فيها مشكلة، لا أري فارقًا فخمًا ولا ضخمًا بين بديع أو حبيب أو رشاد بيومي أو عصام العريان كلهم إخوان أفاضل، والذي يريد أن يحمل مسئولية ويصبح مرشدًا ويتحمل تبعات هذا فليكن، وجماعة الإخوان المسلمين لا تتوقف علي بقاء عاكف من ذهابه، ولا بقاء بديع من ذهابه، ولا بقاء حبيب من ذهابه، ليس معني هذا أن هؤلاء الإخوة أصفار، بل هؤلاء قيم كبيرة، لكن الجماعة أضخم وأكبر من بديع وأكبر من عاكف وأكبر من مكتب الإرشاد كله، جماعة الإخوان المسلمين ليست - كما قلت من قبل - 16 أخًا عزيزًا يجلسون في شقة لإدارة بعض الأمور التنفيذية، جماعة الإخوان تاريخ 80 سنة من العطاء والنضال والبذل والجهاد في سبيل هذه الأوطان الكريمة الطيبة وفي سبيل هذا الدين العظيم، جماعة الإخوان المسلمين منهج عظيم يعتز به كل إنسان مسلم شريف علي وجه هذه المعمورة يمثل الإسلام الوسطي المتسامح المعتدل التقدمي، جماعة الإخوان المسلمين امتداد جغرافي علي مساحة الكرة الأرضية، الإخوان مدرسة الآن، التنظيم أصغر من جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي هذا العراك الإعلامي الذي حصل نتيجة ذهاب فلان أو علان مسألة سخيفة وتدعو للشفقة علي هذه المسائل، كل هذا الصخب الإعلامي!! ولكن للأسف فالإعلام.. مع تقديري لمن يعملون في الإعلام - حدث فيه سوء استغلال لقصة انتخابات الإخوان ومجيء فلان وخلاف فلان مع علان، وتلك مسائل يجب أن يتسامي ويرتفع عنها الإخوان المسلمون، ويشغلوا أنفسهم بالعمل الحقيقي لخدمة الدين والدعوة في أنفسهم أولاً وفي بيوتهم وفي مجتمعاتهم، أما أن يشغل الشخص نفسه بأن يكون مرشدًا أم لا، عضو مكتب إرشاد أم لا! فهذه أمور من دَنايا الأرض التي لا يجب أن يشغل إنسان صادق وأمين مع ربه نفسه بها.

> لكن هل معني هذا الكلام أنك راض عن الانتخابات الماضية؟

- بداية.. رضائي من عدمه ليس له قيمة، ما قيمة أن أكون راضيًا أم لا! لا أريدك أن تشغل الإخوان وتشغلني بقصة لا يترتب عليها عمل، أنا قلت من قبل هذه مسئوليات، من يرد أن يحملها فليحملها وندعو له بالتوفيق وربنا يوفقه، لكن هذا كله لا ينفي وقوع بعض المخالفات التي يجب أن تعالج بطريقة عادلة وصحيحة وسليمة، أما أن تقع مخالفات أو تقع بعض الأخطاء نعتمد فيها علي التسامح - التسامح مطلوب بيننا جميعا - لكن أنا كرجل مسئول لا يمكن أن أعتمد علي التسامح ولكن أعتمد علي العدل، وإرساء قواعد العدل وقواعد النظام العام، حتي وإن كان الطرف الذي وقعت في حقه هذه المخالفة أو هذا التقصير متسامحًا، لكن قضية العدل لي كمسئول لابد أن تكون رقم واحد، لأن العدل أساس الإدارة، يقول إخواننا في الوفد العدل أساس الملك، ونحن نقول العدل أساس حسن الإدارة، فالإدارة الحسنة لابد أن تكون عادلة، ولا تعتمد علي مسامحة فلان، نحن نربي بعضًا علي أن نكون متسامحين في سبيل أن تسير أمور الدعوة، لكن أنا كمسئول لابد أن أرسي قواعد العدل، وبالتالي أتمني أن تعالج المخالفات التي وقعت بطريقة موضوعية وعادلة وأخوية، لكن في النهاية الموجودون هم هم، ومسألة أن يتناول الإعلام بأنه «انقلاب وذهاب الإصلاحيين ومجيء المحافظين وسيطرة المحافظين» هذا كلام كله دجل وسخف، وهدفه كله استدعاء عداوة لهذه الجماعة المباركة من أطراف تكره الإخوان أصلاً ولا تريد لها أن تكون موجودة في الوطن.

إن ما هو موجود الآن يمثل حالة الإخوان، بما فيها من قوة أو ضعف وبما فيها من سوء إدارة، الموجود هو هو لم يحدث شيء ذو قيمة، يعني لم يذهب حسن البنا ويأتي عبدالمنعم أبو الفتوح مثلاً، كنا هننزعج جدًا، ولقلنا إلحق.. يا نهار.... الدنيا هتخرب، لكن ذهب فلان وجاء فلان وهؤلاء الإخوة الكرام طريقة أدائهم قريبة من بعضها، لا يوجد انقلاب أو خلافه.

> هل انتهت الزوابع التي أثيرت أثناء الانتخابات؟

- يجب أن تنتهي أصلاً، وكنت أتمني ألا تثار هذه الزوابع أصلاً، وأن المسائل كانت تدار بشكل أخوي أفضل، وأقل خطأ وأكثر أخوية مما أديرت به، لكن هذا ما حدث، كما حدث في تاريخ الإسلام كله، ومِنْ مَنْ هم أفضل منا، من الكرام الصحابة والتابعين.

> خروج مشاكل الإخوان للإعلام هل تراه ظاهرة صحية؟

- أنا أراه ظاهرة صحية، مع أن البعض يراه ظاهرة غير صحية، لا تقل مشاكل قل خلافات بمعني أدق، إخواننا لم يختلفوا علي مغنم ولا علي أرض ولا علي فلوس يريدون سرقتها من البنوك مثل الآخرين، ولا علي مليارات الجنيهات، اختلفوا علي سوء تطبيق للائحة في نظر البعض، والبعض يري التطبيق سليمًا، هذا هو محل خلافهم، اختلفوا علي بعض الممارسات غير الأخوية، سواء من كوننا مجموعة من البشر، أو مجموعة يلحقها قصور، ليسوا ملائكة بل بشر، لكن في الوقت ذاته أقول لجمهور الإخوان أشيروا إلي أي تجمع بشري أنقي وأطيب وأطهر من الإخوان المسلمين وسوف أتوجه إليه فورًا، لكن لم أجد أكثر وطنية من الإخوان المسلمين، لا أقول إنهم لا يخطئون، بل يخطئون، لا أقول إنهم وصلوا للحد المثالي، لا فهناك قصور، لكن هذا هو الموجود وفيه خير كثير، ولا يمكن أن نهيل التراب علي عدد من الأخطاء لا تشكل خمسة في المائة من أداء الإخوان، ونضيع خمسة وتسعين بالمائة من الأداء المشرف.

> لكن البعض يري هذا نوعًا من هز الثقة، الناس تقول كنا نظن القيادة أكبر من ذلك بكثير، والآن يتبادلون آراءهم علي صحف مشبوهة!

- هذه الثقة المغلوطة لا أتمني أن تهتز بل أتمني أن تذهب إلي الجحيم، والذي أريد أن توضع مكانها هي الثقة الحقيقية، وهي الثقة التي توزن بموازين العدل، أتعامل مع أخي المسئول علي أنه بني آدم، مثلي مثله، أناقشه وأحاوره، أخطئه ويخطئني، هل حصل علي صك من الله سبحانه وتعالي أنه لا يخطئ أو يأتيه الوحي؟!. إذن ما الفرق بين أن تعاملي مع مرشد الإخوان وتعاملي مع النبي صلي الله عليه وسلم، أنا أريد من الإخوة أن يستيقظوا، أنا حينما أتعامل مع سيد البشر علي رأسي من فوق، لكن حتي النبي عندما تعامل مع الصحابة سألوه هل هذا وحي أم رأيك؟ وعندما قال هذا رأيي قالوا له تعالي يا رسول الله نتناقش. أريد أن أنزه جمهور الإخوان عن اعتبار أنفسهم ملائكة أو أنبياء يوحي إليهم، ما يعيبهم أن تضعهم في موضع الأنبياء، هم إخوتنا الكرام الذين نعتز بهم ولكن نتعامل معهم مثل البشر.

> أثيرت في الآونة الأخيرة قضية المحافظين والإصلاحيين، هل تري أن هذه الثنائية لها واقع، أم أنها مصطلحات أمنية؟

- دعك من هذه التسميات، من المكونات الأساسية لأي جماعة بشرية أن يكون في هذه الجماعة من هو متشدد، وسمه إن شئت محافظًا ومن هو ميسر وسمه إن شئت إصلاحيًا، ويجب أن يعلم الإخوان - في كل تجمع من تجمعاتهم ومستوي من مستوياتهم - أن وجود المتشدد بجوار الميسر هو أمان لسير الجماعة، فلا يجوز لأي طرف أن يمارس الإقصاء علي الطرف الآخر، فلا يجوز للمتشدد - ونحن نحتاجه في الإخوان المسلمين - أن يمارس الإقصاء علي الميسر، ولا يجوز للميسر- ونحن نحتاجه في الإخوان المسلمين - أن يمارس الإقصاء علي المتشدد، بل يعلم كل طرف أن وجود أخيه إلي جواره أمان لحسن أداء هذه الجماعة.

فأحافظ كرجل متشدد علي أخي الميسر كما أحافظ علي نفسي، وأعرف أن وجوده بجواري أمان لسير الجماعة، لكن للأسف الشديد أحيانًا يحدث خلل في السلوك البشري، فأتصور أنا كرجل متشدد أن الميسر هذا خطر علي الجماعة، فأمارس بوسائل غير أخلاقية إقصاءه، هذا الذي يجب أن نتوب عنه.

مسألة إقصاء أي فرد من الجماعة تخضع لأحد ثلاثة أمور حاسمة: أن ينزع لقضية التكفير فيخالف أصلاً من أصول الشريعة، أن ينزع لاستخدام العنف داخل الجماعة الوطنية، هو مسلم لكن يذهب بعيدًا هنا، الأمر الثالث أن يكون عميلاً لجهة معادية للوطن أو للإسلام ونتيقن من هذا، عدا ذلك فصفنا يسع، كما كان يقول أستاذنا عمر التلمساني: نحن كإخوان مسلمين يسعنا ما يسع الإسلام.

> هل تري أن مكتب الإرشاد الحالي ممثل لجمهور الجماعة بتبايناته المختلفة؟ أما ما حدث يمكن أن نسميه إقصاء الإصلاحيين؟

- هذا المكتب الحالي لا يختلف عن المكتب الماضي، لأن الذي تغير في المكتب 3 أفراد، المكتب يمثل الحالة الإخوانية، بكل ما فيها من قوة وما فيها من ضعف وما فيها من خلل، نحن نريد أن نجود هذا الأداء، نريد أن نحسن هذا المكتب، نريد أن نكون أقوي من هذا، لأن جماعة الإخوان مليئة بالأشخاص الطيبين النبلاء.

> لكن كثيرًا من الشباب قلقون ويقولون (أين الدكتور عبدالمنعم)؟

- أنا موجود، علي رأس الإخوان كلهم في العالم وتحت أقدام الإخوان في العالم، من فوق ومن تحت ومن علي اليمين واليسار خادمًا لهذه الدعوة، هذه دعوتي وهذا ديني، هذا دمي.

> بهذا الشكل تُحول الجماعة لجماعة علنية!

- لم تكن «الإخوان المسلمون» في يوم من الأيام جماعة سرية، الإخوان منذ أن نشأت سنة 1928 وحتي هذه اللحظة جماعة مدنية علنية، ولو أن الإخوان أرادت منذ نشأتها أن تكون جماعة عسكرية ما قام الأستاذ البنا بتسجيلها وجعلها جماعة قانونية، الجماعات السرية لا تسجل قانونا، ولو أراد أن يجعلها عسكرية ما سجلها أيضا.

> وماذا تسمي التنظيم الخاص؟

- هذا دليل علي ما أقول، الأستاذ البنا حينما وجد أن وطنه محتل من الإنجليز ووجد فلسطين تحتل أراد أن يشارك الإخوان مع بقية فصائل الوطن في عمل عسكري، لكن هل عسكر الأستاذ البنا الإخوان المسلمين؟ لا، كان ممكن يحول الجماعة كلها إلي منظمة عسكرية، لكنه ترك الجماعة تسير في طريقها العلني المدني كما هي، وأخذ مجموعة وقام بعمل التنظيم الخاص لأداء هذه المهمة الاستثنائية، وعندما انتهي دور هذا التنظيم جاء الأستاذ حسن الهضيبي وقال شكرا وأنهي عمل التنظيم الخاص.

وبالتالي ظلت جماعة الإخوان المسلمين لم تخرج عن سياقها، ومسألة التنظيم الخاص كانت حالة استثنائية لوطن محتل، فهذه مقاومة، والمقاومة لا تؤدي إلا بتنظيم سري عسكري، لكن لم نعسكر الجماعة، ولم تتحول الجماعة إلي جماعة سرية عسكرية.

وبالتالي مما يربك جماعة الإخوان المسلمين ألا يفهم جمهور الإخوان أنها مدنية علنية، كيف؟ باستدعاء ثقافة العمل السري العسكري وإدخاله في جماعة الإخوان المسلمين التي هي جماعة علنية مدنية وهذا ما يربكها.

لأن العمل السري العسكري له آلياته وثقافته، نحترمه عندما يكون عند أهله، والعمل العلني المدني له آلياته وثقافته، لا يجب أن يختلط هذا بذاك، العمل السري العسكري له مكانه الآن في ظل الجماعة الوطنية هو جيشنا - الجيش المصري - الذي نعتز به.

> أنت تتكلم وكأن جماعة الإخوان المسلمين هذه تعيش في سويسرا، أو في دولة تحترم القانون، أو تحترم حقوق الإنسان وخصوصيات الأفراد، شخص لديه شركة وماله الخاص والحكومة تصادره! فكيف تصبح جماعة علنية في ظل عمليات القمع البشع التي يتعرض لها الإخوان في مصر؟

- الخطأ لا يعالج بخطأ، والإفساد لا يعالج بإفساد، ما يمارسه النظام المصري مع الإخوان في مصر هو ظلم وطغيان، وانحراف يجب أن يتوقف عنه ويجب أن يواجه، لكنني لست مع الذين يواجهون هذا بأي وسائل غير صحيحة، فضلاً عن أن الذي يتصور أن السرية وسيلة فهذا مخطئ، التقنيات الحديثة قضت علي السرية والخصوصية، أصبح أي جهاز أمني خائب يستطيع أن يعرف ماركات ( فنلات) مواطنيه، فالذي يمارس السرية هو مهوس، أي سرية تلك؟! إن الأجهزة الأمنية تعرف ماذا ستأكل اليوم: كوسة أم بطاطس، وما يعرفونه ليس له قيمة أصلا.

نحن نريد أن تكون دعوتنا مفتوحة للناس كلها ونتواصل مع الناس كلها، النظم المستبدة لا تواجه بالسرية، بل تواجه النظم المستبدة بالنضال السلمي، وبالصمود السلمي، وهذا ما يفعله الإخوان في مصر، الإخوان وقفوا صامدين في كل الانتخابات البرلمانية واعتقل منهم في مرة من المرات عشرة آلاف، هذا صمود، لقد واجهنا النظام في النقابات واتحادات الطلاب ودخلنا البرلمانات وصمدنا في عمل علني.

> البعض يري أن الإخوان سعداء بثنائية النظام والإخوان، وأن الإخوان هم سبب عدم تقدم النظام السياسي في الدولة، وتحويل حالة الحراك هذه إلي واقع، وأن يكون هناك تداول سلمي للسلطة وأن تكون هناك سياسة حقيقية في مصر؟

- تحميل الإخوان لهذه المسألة ظلم، وهذا معناه أنك تنتصر للجلاد من الضحية، نحن مثل كل مصر ضحية لنظام فاسد ومستبد، وبالتالي لا يجوز أن تقول هذا، لكن أن تقترح وأنا مع الذي يقترح هذا أو تري وأنا مع الذي يري هذا أن الإخوان يخرجون من المنافسة الحزبية لفترة من الزمن، أقترح أن تكون عشرين عاما، يخرجون منها ويدعوا هذه الانتخابات تسير، وذلك حتي يجردوا النظام من الذريعة التي يقدمها للغرب للأسف الشديد، وكان يجب علي النظام كأي نظام وطني ألا يفعل هذا، لا يفعل هذا لأنه يقدم ذريعة للغرب، لماذا تقدم له ذريعة أصلا؟ لماذا تستقوي بالغرب علي أبناء وطنك وعلي جماعات مصر الوطنية ومنها جماعة الإخوان المسلمين؟

فإذا انسحب الإخوان لمدة 20 سنة من المنافسة الحزبية وتركوا النظام هكذا أتصور أن هذا شيء جيد، إذن فلتجري انتخابات ديمقراطية ولتأتي مجموعة وطنية ليبرالية ندعمها نحن ونؤيدها لإدارة شئون الوطن،حتي نؤكد المعني الصادقين فيه -ولا يريد أحد أن يصدقه - نحن ننافس علي مصلحة الوطن لكن لا ننافس علي حكم الوطن، لأننا لسنا مشغولين بحكم الوطن مع أن هذا حقنا، لكن نحن سنتصدي وسنظل صامدين أمام أي شخص أو قوي تريد أن تفسد في مصر، أيا كانت، لكن لا نقصد بهذا أن نزيل الجالس علي الكرسي لنجلس مكانه، لكن نحن نريد أن نزيل الفساد والاستبداد ليجلس «الصلاح» وتجلس «الحرية» مكانه أما من يكون هذا الذي سيجلس؟ فهذه مسألة يختارها ويحددها المصريون، ولسنا نحن الإخوان فنحن جزء من مصر ولسنا كل مصر.

> ولكن هذه رؤية خطيرة، ينسحب الإخوان من الحياة الحزبية يعني ينسحبوا من السياسة؟

- لا لا هناك فارق بين الانسحاب من السياسة والانسحاب من المنافسة علي السلطة، لا يمكن بحال من الأحوال أن ينسحب الإخوان من السياسة، يعني هل تتصور أن الإخوان عندما يحددون موقفهم من الحريات ومن الديمقراطية ومن تعديل الدستور ومن القضية الفلسطينية ومن التبعية للغرب، هذا كله سياسة الإخوان، إن صمتوا عن هذا يبقوا أثموا وإذا سكتوا عن هذا وانسحبوا يأثمون بين يدي الله سبحانه وتعالي، وأنا لست مفتيًا، أنا أتكلم علي قدر معلوماتي البسيطة، لكن أنا أقترح أن ينسحبوا من المنافسة الحزبية لمدة عشرين سنة.

> ما مفهوم المنافسة الحزبية؟

- بالبلدي وبالشعبي لا ندخل انتخابات مجلس الشعب ولا مجلس الشوري، هذه السلطة التشريعية، لن ندخلها لمدة 20 سنة، دعها والمحليات، بالرغم من أن المحليات ليست سلطة تشريعية، أربع دورات لمدة 20 سنة، ودع النظام يدير انتخابات مزورة، لأنه يتذرع بنا لتزوير الانتخابات أمام القوي الخارجية، التي تكره النظام وتكرهنا معه، وهذا لا يريد أن يدركه بعض الأغبياء في النظام، القوي الغربية لا تريد إلا إنسانا وحاكما تابعا لها مائة بالمائة، وبوش قال هذا.. قال «من ليس معنا فهو ضدنا» وأوباما يقول هذا بطريقة ناعمة، أنا لا أري الآن بعد ممارسات أوباما فارقا بينه وبين من سبقوه في موقفه من قضية الحريات ومن قضايا العالم العربي والإسلامي، بل أري أن هذه الممارسات أسوأ.

> هل تظن أنه لو انسحب الإخوان من المنافسة الحزبية - ولم ينسحبوا من السياسة - فهل سيتغير أي شيء في ظل هزال ما يسمي بالأحزاب وهي - كما نعرف - أحزاب مخترقة أمنيًا وكرتونية؟

- فلنفعل هذا، ولنقف وراء مجموعة مرشحين وطنيين ليبراليين يدعمونهم، لكن ليس مرشحي الإخوان المسلمين، وهنا لم أقصد الانسحاب من المنافسة الحزبية أي الجلوس في البيت، ولكن أعني عدم الترشيح للانتخابات ولكن دعم مرشحين وطنيين ليبراليين من خارج الجماعة، بحيث نفوّت علي من يستخدمون الإخوان كفزاعة وهذه عشرين سنة وليست مائة سنة.

ثم نحن كإخوان مسلمين نعمل من 1928 حتي 1984 وكان الإخوان ملء السمع والبصر في العمل الوطني والنضالي والبذل والانتشار، ولم يكن فيهم عضو في مجلس الشعب، هل كنا قبل 84 غير موجودين؟ هل بدأ التاريخ يسطر انتصارات الإخوان من 1984؟ وهل نحن في برلمان مصر أم في برلمان دولة أوروبية، نحن في برلمان مصر ونعرف كيف يدار وكيف تسير الأمور.

> هل سيد قطب هو المرجعية الفكرية للإخوان؟

- ليس الأستاذ سيد قطب هو المرجعية الفكرية للإخوان بكل وضوح.. المرجعية الفكرية للإخوان والحركية مازالت هي مجموعة رسائل الإمام البنا، وهذا ليس تقديسًا لها، ثم ما صدر عن الجماعة كمؤسسة رسمية - مجلس شوراها تحديدا - من وسائل مثل وثيقة المرأة التي صدرت في 94 ووثيقة التعددية الحزبية، فيما عدا ذلك ماكتبه الأستاذ سيد قطب رحمة الله عليه علي الرأس من فوق ومحل تقدير.. وسيد قطب هناك من لا يريدون أن يدركوا أن هناك خلافًا علي بعض آرائه وأفكاره ويتصورون أن هذا عدم تقدير له، هذه مسألة من ناس عندها حماقة.. سيد قطب قامة كبيرة ويكفيه شرفاً وفخراً أنه قدم حياته في مواجهة المستبدو في مواجهة الطاغية، وكان ممكن أن يسلم مثلما سلم كثير من الناس، هذا يكفيه شرفا ويكفيه إعلاءً لقدره ومقامه، أما ما كتبه ونختلف أو نتفق عليه فهذا لا يقلل من قدره.. إن كتابات الأستاذ سيد قطب كُتبت في مرحلة كان لا يمكن أن يعبر فيها عن نفسه كرجل أديب إلا بهذه الطاقة الثورية الكبيرة جدا جدا.

من أجل هذا نحن نخشي من سوء فهم أفكار الأستاذ سيد قطب أحيانا، نخشي كإخوان مسلمين من بعض النصوص التي كتبها الأستاذ سيد قطب ونختلف معه فيها، واختلافنا معه فيها لا يقلل من قيمتها ولا من قدرها ولا من الاستفادة منها، كما نقول يجب في مواقفنا من الأشياء ألا نميل للتعميم والإطلاق بحيث إما أن نكون مع كل أو ضد كل ما كتبه الأستاذ سيد قطب، وهذا ليس صحيحا.

الجماعة اجتهدت في كلام الأستاذ البنا نفسه، فقد كان له موقف متحفظ من المرأة في رسالته التي كتبها، ومع ذلك فالجماعة خرجت عن هذا التحفظ في عام 94 وسمحت للمرأة للمشاركة في العمل السياسي وصكت وثيقة في هذا.

الأستاذ البنا كان له موقف واضح ضد التحزب والجماعة خرجت عن هذا، وبالتالي حين نرصد بعض آراء أو أفكار الأستاذ سيد قطب أو نختلف معها فهذا ليس عجب وهذا لا يلغي كل ما كتب ولا يلغي جهاده ولا قامته ولا قدره وبالتالي نرجو أن يغلق هذا الملف.

حتي إخواننا الفضلاء الذين نجحوا في الانتخابات بعضهم من تنظيم 65 يطلقون عليهم «قطبيين قطبيين قطبيين»!!! يعني إيه قطبيين!!

اجمالي القراءات 6041