تناقض فى الرّق

آحمد صبحي منصور في الإثنين ٣١ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

نص السؤال
اللافت للنظر عن موضوع الرق وملك اليمين وما كتبتُم من مقالات متفرقة هنا وهناك وما جاءت في إجاباتكم في قسم الفتاوى بخصوص مسئلة الرق والتسري، حيث لكم على ما أعتقد سلسلة مقالات، نُشر منها في الموقع مقالاً واحداً حتى الآن إنْ لم تخني ذاكرتي، فاللافت اذاً هو أنني ألفيتُ التناقض كما بدا ويبدو لي حتى الآن في قرائتي لتعليلاتكم الفكرية وتحليلاتكم التأريخية حول الرق.. فأرجو أن تصحّحني إن كنتُ على غير بيّنة من الفهم. ففي فتوى لكم بعنوان: (زواج ملك اليمين) تقولون: (مع التسليم بأن الرق لم يندثر بل لا يزال موجودا بصور مختلفة بعضها أشد ايلاما وظلما من الرق التقليدى القديم. وحتى الرق التقليدى القديم لا يزال سائدا فى بعض البلاد الأفريقية والعربية فى صورة سرية. أى إن منع الرق على يد الأوربيين أسهم فى خلق أنواع من الرق أفظع، منها الاستعمار والاستبداد.. ثم أخيراً.. استرقاق العمالة المهاجرة والرقيق الأبيض..) وتؤكّدون نفس الكلام في مقال: "الاسلام والرق: مدخل: ما ملكت أيمانكم" على انّ نظام الرق موجود في عصرنا: (وليس صحيحاً انّ الرق قد انتهى ولم يعد له وجود في عصرنا، فالاسترقاق أكبر من أن تلغيه قرارات سياسية أو عالمية، لأنه مرتبط أساسا باستغلال الإنسان للإنسان وبوجود الفقر، والفقر والاستغلال مرتبطان، ينتج أحدهما عن الآخر، وفي وجود الاستغلال يزداد الفقير فقراً وقد يضطر لبيع فلذات أكباده حرصا عليهم وحتى لا يموتوا أمامه من الجوع وهو عاجز عن إطعامهم) انتهى.. وفي مقال: "التشريع الذي يحكم به القاضي ــ الجزء الثالث" تقرّرون ما يلي: (‏وهناك‏ ‏تشريعات‏ ‏قرآنية‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏تطبيقها‏ ‏إلا‏ ‏إذا‏ ‏توفرت‏ ‏ظروفها‏. ‏فإذا‏ ‏لم‏ ‏تتوفر‏ ‏ظروفها‏ ‏فلا‏ ‏حاجة‏ ‏بنا‏ ‏لتطبيقها‏، ‏مثل‏ ‏أحكام‏ ‏الرقيق‏‏...... ‏وهكذا‏ ‏فتشريع‏ ‏القرآن‏ ‏عن‏ ‏الرق‏ ‏لا‏ ‏تسري ‏إلا‏ ‏في ‏عصر‏ يكون ‏فيه‏ ‏الاسترقاق‏ ‏شائعا‏ ‏اجتماعيا‏ً. ‏مع‏ ‏ملاحظة‏ ‏إنه‏ ‏لا‏ ‏يمكن‏ ‏القضاء‏ ‏تماما‏ً ‏على ‏ظاهرة‏ ‏الرق‏، ‏وإن‏ ‏تشريعات‏ ‏القرآن‏ ‏قد‏ ‏قصدت‏ ‏فى ‏المقام‏ ‏الأول‏ ‏تحرير‏ ‏الرقيق‏.. ‏وتلك‏ ‏قضية‏ ‏أخرى‏).وبيت القصيد هو في تعقيبكم على تعليقات مقال "التشريع الذي يحكم به القاضي" حول الرق وملك اليمين، حيث كتبتُم الآتي: (1ـ (ملك اليمين) لا علاقة له بعصرنا، لأن الرق أصبح معدوما تقريبا. ومن الحمق الشديد توسيع مفهوم (ملك اليمين) ليشمل الخادمات أو الصديقات، إذ لا ينطبق (ملك اليمين) إلا على الرقيق العبيد من الذكور والاناث، وبالتالى فليس هذا التشريع القرآنى صالحا للتطبيق فى عصرنا فقد انتهى زمانه، ولقد عرضت لأمثلة من التشريعات التى انتهى زمانها فى البحث، ولكن لا بد من ذكرها لاحتمال ان ترجع. والقانون يفصّل فى الحالات سواء ما كان منها موجودا أو مفترضا وجوده. والتطبيق يكون على الموجود الممارس عمليا واجتماعيّاً)) انتهى. فأرجو التنبيه والتنويه! والتأكّد من أيّ تناقض يبدو من كلامكم وما تعتقدونه عن ملك اليمين ونظام الرق
آحمد صبحي منصور

 شكرا أخى الحبيب ، وأنت قارىء ناقد جيد للسطور وما بين السطور . وأقول شارحا  :

1 ـ فى فتوى ( زواج ملك اليمين ) قصدت بوضوح إن الرق التقليدى لا يزال موجودا كإستثناءات متفرقة . والاسترقاق بمعان اخرى لا يزال ايضا موجودا بوجود الظلم والقهر والاستبداد والاستعمار .

2 ـ فى مقال ( التشريع الذى يحكم به القاضى ) واضح أننا هنا نتحدث عن دولة اسلامية لا مجال فيها لاسترقاق انسان لأخيه الانسان إبتداءا . ولكن فى حالة وجود رق واسترقاق خارج هذه الدولة فيمكن بالشراء استيراد بعضهم ليدخل الدولة ، وحينئذ يجد امكانات تحريره متعددة و حسن معاملته مفروضا. وبالتالى فحين تقام دولة اسلامية فى عصرنا حيث لم يصبح الرق شائعا خارج الدولة الاسلامية  لا يكون تشريعه من مجالات عمل القاضى .

3 ـ قولى (لأن الرق أصبح معدوما تقريبا. ومن الحمق الشديد توسيع مفهوم (ملك اليمين) ليشمل الخادمات أو الصديقات، إذ لا ينطبق (ملك اليمين) إلا على الرقيق العبيد من الذكور والاناث، وبالتالى فليس هذا التشريع القرآنى صالحا للتطبيق فى عصرنا فقد انتهى زمانه  ) مقصود به الرق العادى الذى اندثر تقريبا ولم يعد له وجود ظاهر متعارف عليه فى العالم المتحضر. وبالتالى فلا يصح لأى فرد أن يتلاعب بتشريعات القرآن ويزنى بخادمته معتبرا إياها ملك يمينه ، وهو يعلم تماما إنه لا علاقة له بها إلا علاقة عمل ومرتب ، وهى حرّة تستطيع أن تتركه ، وهى مساوية له أمام القانون . ( ملك اليمين ) كان موجودا فى العصور الوسطى فى الدول جميعا بما فيها تلك التى تطبق الشريعة السّنية ـ غير الاسلامية. وكان هناك فارق واضح بين المملوكة و المرأة الحرّة ، وكان هناك فرق واضح بين الزوجة الحرّة و الجارية المملوكة. كان الفرق واضحا اجتماعيا و على مستوى التنظير الفقهى و على المستوى القضائى و التعامل بين الناس. وكل ذلك انتهى واندثر ولم يعد موجودا فى عالمنا المتحضر . ولا يصح استرجاعه بالتعدى على تشريعات رب العزة فى القرآن الكريم . 

اجمالي القراءات 15070