الأمة الراشدة ينبثق منها خلافة راشدة

سامر إسلامبولي في الإثنين ١٥ - يناير - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

الأمة الراشدة ينبثق منها قيادة راشدة

عندما وصل المجتمع الإنساني إلى بدء سن الرشد والنضج اقتضى الأمر رفع الوصاية الإلهية المباشرة عنهم ، وتمكينهم من البدء في عملية قيادة وإدارة أمورهم بنفسهم ، فأنزل الله عز وجل كتاباً جامعاً لكل ما سبق من تعاليم إنسانية, وأكمله بما يلزم للمجتمعات الإنسانية من أسس النهضة والرشاد والهدى والفلاح. فبعث الله رجلاً راشداً صالحاً ,وجعله رسولاً وأنزل عليه الكتاب الخاتم للإنسانية [ يا أيها الناس إني رسول الله إليكم جميعا ] .

قال تعالى : [ شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن هدى للناس ] البقرة 185 وقال : [ هذا بيان للناس وهدى وموعظة للمتقين ] آل عمران 138 وقال140 : [ هذا بصائر للناس وهدى ورحمة لقوم يوقنون ] الجاثية 20 وقال:[ قل إنه أوحي إلي أنه استمع نفر من الجن فقالوا إنا سمعنا قرآنا ، عجبا يهدي إلى الرشد فآمنا به] الجن 1-2 وقال : [ وما أهديكم إلا سبيل الرشاد ] غافر 29 ففكر الرشاد والهدى والفلاح قد تم تأسيسه وجمعه وإكماله في كتاب واحد ( القرآن ) بعد أن كان موجوداً في عدة كتب ,نزلت متفرقة خلال فترات زمنية طويلة مرتبطة بمعطيات تاريخية وموجهة إلى أقوام معينة كل على حدة . والسؤال الذي يفرض ذاته بقوة هل وجود فكر الرشاد يقتضي بالضرورة وجود الأمة الراشدة ؟!

والجواب حاضر في تاريخ الإنسانية ألا وهو انتفاء وجود الرابط السببي بينهما . فلقد نزل القرآن الذي يحمل أسس الرشاد والهدى والرحمة والنهضة بالمجتمعات الإنسانية ، وقام النبي العظيم بنشر وتبليغ هذا الفكر الراشد وتمثيله على أرض الواقع حسب المعطيات الزمكانية حينئذ ، وبهذا العمل منه حصل في المجتمع الإنساني وجود الفكر الراشد والقيادة الراشدة مع محاولة تأسيس الرشاد في بنية المجتمع ذاته, وقد نجح في زرع نواة راشدة في المجتمع تمثلت في مجموعة صغيرة من أصحابه ولم يتأسس مجتمع راشد ، وتوفي النبي العظيم لانتهاء دوره الرسالي ، وانتقل حمل الرسالة إلى المجتمع كله . والذي حصل في الواقع بعد وفاة النبي العظيم أن المجتمع انشغل بمشاكل سياسية وبناء وإدارة الدولة التي كانت حديثة عهد بالولادة, فضلاً عن أن العرب لم يعرفوا هذا النظام المركزي فيما سبق ، كل ذلك وغيره من المشاكل والأحداث ساهمت بصورة كبيرة في اهتمام القيادة الراشدة ببناء الدولة والمحافظة عليها ، وكان ذلك على حساب ثقافة الأمة ,فتم تهميش البناء الثقافي الراشد للأمة ، مما أتاح للثقافة الجاهلية وآليتها العقلية الكامنة في نفوس المجتمع من عملية البعث والحياة وتسللت إلى الثقافة الراشدة فدخلت تحت ظلالها وانتشرت بين يديها تارة باسم تفسير القرآن وأخرى باسم الحديث النبوي ، فتم الكذب والوضع على لسان النبوة ، واختلطت الثقافة الجاهلية وأسسها بالثقافة الراشدة ,واستمرت المجتمعات تحمل هذه الثقافة الملوثة ,ويتم تأسيس مفاهيم المجتمع عليها . وتم وئد القيادة الراشدة في زمن مبكر جداً ، وخرج من الأمة الضالة أئمة ضلال قادوها في ضلالها بضلال ، فترسخ الفكر الاستبدادي وتم زرعه في نسيج الثقافة الراشدة, فظهرت الثقافة الاستبدادية بلباس الثقافة الراشدة, وتم استعباد الشعوب بناء على ذلك وقام القادة المستبدين بتوجيه هذه الشعوب إلى القتال تحت اسم الجهاد في سبيل الله ، واستغلوا الدين استغلالاً كبيراً يهدفون من ذلك الغنائم لبناء دولهم وتمكين سلطانهم وإشغال الأمة عن نفسها وبناء ذاتها حتى تبقى مستعبدة ,ويطول زمن الاستعباد حتى تصير ثقافة الاستعباد كامنة في نفوس المجتمع ومقوم من مقومات الثقافة, يقوم الآباء بغرسها في نفوس الأبناء تربية, فيظهر جيل مستعبد ويسهل استعباده ومص دماءه ، ويتم توارث السلطة أو انتقالها إلى مستبد أقوى ، وهكذا استمر تداول السلطات في التاريخ إلى أ

اجمالي القراءات 14688