منتخب مصر أم منتخب جمال وعلاء؟
في
الأحد ٠٧ - فبراير - ٢٠١٠ ١٢:٠٠ صباحاً
منتخب مصر أم منتخب جمال وعلاء؟
الثعالب الصغيرة التى تفسد الكروم لا تريد للجماهير أن تفرح بفريقها القومى بشكل عفوى بسيط، فبدأت ممارسة اللعبة التقليدية لسرقة الانتصار وتسجيله باسم القيادة السياسية أو أمانة السياسات أو حتى باسم علاء وجمال مبارك.
هو ذاته السيناريو الركيك الذى تكرر كثيرا بمحاولة تجيير الفوز الذى حققه اللاعبون ومدربهم لصالح أطراف بعينها كنوع من الاستغلال السياسى لإنجاز رياضى بامتياز، وكأن الفريق المصرى كان نسيا منسيا قبل أن يتحول إلى مؤسسة رسمية تتبع أمانة السياسات.
ولا أجد أى معنى أو قيمة لما تلح عليه صحف ووسائل إعلام لجنة السياسات منذ انتزاع اللقب الأفريقى الثالث كمحاولة لتصوير إنجاز اللاعبين والجهاز الفنى كواحدة من ثمار السياسة الحكيمة ومنظومة النجاح العلمى المدروس والمخطط له من قبل القيادات العليا والاتصالات الهاتفية الناعمة من السيدين علاء وجمال مبارك.
غير أن النكتة الحقيقية هى اعتبار نجاحنا الكروى امتدادا أو نتيجة مباشرة لنجاح النظام السياسى فى كل الملفات الأخرى فى إطار ما لا يخجل البعض من وصفه بنهضة شاملة تشهدها مصر، ولا أدرى إن كان أصحاب هذه الرؤية «العميكة» للغاية جادين ومصدقين لأنفسهم أم أنهم يزاولون أنواعا من الشطارة والفهلوة على اعتبار أن الشعب الذى استطاعت معدته هضم الغذاء الفاسد والقمح الملوث والأسماك المسرطنة، يمكنه أيضا أن يبتلع هذه الأكاذيب والأوهام تحت تأثير مخدر الفرحة العارمة بالفوز التاريخى.
وكى لا تقع هذه السطور تحت طائلة الاتهام بتسفيه الأمور وتعكير فرحة المصريين بمنتخبهم (ربما هو الجهة الوحيدة المنتخبة فى مصر ) أسجل مرة أخرى أن ما حققه الفريق القومى (الكيان الوحيد الذى لا يزال قوميا فى هذا البلد) هو بالفعل إنجاز رائع وعبقرى ولم يأت وليد الصدفة، ونجاح بالعلامة الكاملة لأصحابه، غير أن النجاح بالعلامة الكاملة فى الكرة لا يصلح لرفع الدرجات المتدنية فى أمور أخرى، بمعنى أن النجاح الرياضى لا يدارى عورات الرسوب الدبلوماسى، كما أن نجاح جدو أو حسن شحاتة أو محمد زيدان هو ثمرة عملهم فقط وبالتالى لا يقبل أن يكون للسيد أحمد أبوالغيط أو للدكتور على مصيلحى فيه نصيب.
و مهما بلغت روعة إنجاز المنتخب فإنه يبقى انتصارا كرويا كاملا فقط، بينما تنعم بقية الأصفار التى تملأ حياتنا باستقرارها ونومها الهادئ بداية حدودنا عند رفح مرورا بالتعليم الفاشل وهزيمة اليونسكو وأزمة أنبوبة البوتاجاز ورغيف الخبز وتقارير الشفافية الدولية وحفل الاستقبال الوضيع المتواضع للدكتور البرادعى واحتقار الديمقراطية وتزوير الانتخابات من المنبع انتهاء بالتعامل مع أزمة السيول وفيلم إنفلونزا الخنازير الردىء.
و طالما لا نستطيع أن نترك ما لجدو لجدو وما لله لله سنظل عائمين فوق بئر من الأصفار لا تنضب أبدا.