إجابة لأسئلة ( الحوار المتمدن )
لا يصح ان ينتهي الحلم الكردي بوقوع الفرد الكردي رقيقا لمستبد كردي

آحمد صبحي منصور في الأحد ٠٩ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

 1ـ أيهما أهم برأيك، بناء دولة مدنية على أساس المواطنة بدون تمييز قومي أو ديني واحترام حقوق جميع القوميات والأديان، أم بناء دول على أساس قومي و أثنية ، بغض النظر عن مضمون الحكم فيها؟
 الدولة الحقيقية الحديثة ـ والاسلامية فى معتقدى ـ هى الدولة التى تخدم الفرد وتلبى حقوقه الانسانية والاجتماعية والسياسية بغض النظر عن كون هذا الفرد إنثى أو ذكرا ، غنيا أو فقيرا ، وبغض النظر عن لونه وجنسه ولغته وثقافته. يكفى أن ينتمى هذا الفرد لهذه الدولة ويعيش فيها لتتكفل له الدولة بتلك الحقوق.
لا أستريح لتعبير الحقوق الطائفية وأحبّذ بدلا منها تعبير ( الحقوق الفردية ) لكى يتحرر الفرد من عباءة القبيلة و الطائفة والمذهب والدين .

2 ـ كيف ترى سبل حل القضية الفلسطينية وتحقيق سلام عادل يضمن الحقوق الأساسية للشعب الفلسطيني وفقا للمواثيق الدولية ومقررات الأمم المتحدة؟

من السهل القول بأن الحل الأمثل هو فى تطبيق مواثيق ومقررات الأمم المتحدة . وأن تقام دولة فلسطينية. ولكن هذا لا يكفى ، إذ ربما تقام دولة فلسطينية على غرار الدول العربية المستبدة فيعانى الفلسطينى مثلما يعانيه أخوه فى الاردن أو فى الخليج ..الخ.. المشكلة هنا أن الفرد العربى داخل اسرائيل والذى يحمل جنسيتها يتمتع بحقوق تفوق ما يتمتع به الفلسطينى فى الضفة وغزة . والمشكلة إنه لو قامت دولة فلسطينية بنفس القيادات من المنظمة و حماس واخواتها فستضيع حقوق الفرد الفلسطينى ويتم بيعه وشراؤه واسترقاقه بشعارات دينية أو قومية لا تسمن ولا تغنى من جوع.
أرجو أن نستريح قليلا من ترديد عبارة الدولة الفلسطينية ، وأن نفكر كثيرا فى حقوق الفرد الفلسطينى ، وأى دولة تفى له بتلك الحقوق ، هل هى دولة ( العدو ) الاسرائيلى أم دولة (الشقيق العدو ) المستبد (الفلسطينى) . فى اعتقادى أن العدو الأكبر للفرد العربى وغير العربى وللشعوب العربية والأقليات فى المنطقة ليس اسرائيل بل الحكام المستبدون و التيارات والمنظمات المتطرفة الارهابية الساعية للحكم الاستبدادى .

3 ـ كيف تقيّم الموقف الأمريكي والدول الغربية المناهض لإعلان دولة فلسطينية مستقلة بعد خطوة الزعيم الفلسطيني وتوجهه إلى الأمم المتحدة لتحقيق ذلك؟

محمود عباس استخدم المتاح من الأوراق ، وبعد خطابه فى الأمم المتحدة قام بتكفير بعض الذنوب والكبائر السياسية التى وقع فيها . ولكن يتبقى الجوهر ، وهو هل يصلح عباس نفسه وجيله لاقامة دولة فلسطينية حقوقية ديمقراطية شفافة وعادلة ؟ وهل تصلح ( حماس ) لاقامة دولة فلسطينية علمانية ديمقراطية ؟ لا بد من وجود بديل ليبرالى علمانى نظيف فلسطينى حتى لا يقع الفلسطينيون خلال العقود القادمة أسرى لحكم مستبد فلسطينى بعد الخلاص من الحكم الاسرائيلى الذى هو بالقطع أرحم وأفضل.
أما عن النظرة العربية التقليدية للموقف الأمريكى و الغربى فهى تعكس تخلفا ثقافيا لدينا . نحن نتصور حكام أمريكا والغرب مسئولين عنا ومطلوب منهم أن يحاربوا عنا معاركنا ، وأن يقوموا بما لا يقوم به حكامنا العرب . ننسى أن قادة الغرب يعملون لمصالحهم و يسعون لارضاء شعوبهم ، وطالما أن شعوبهم ترى فى اسرائيل واحة للديمقراطية ويرون فى العرب صورة للتخلف والارهاب فمن الصعب عليهم اغضاب شعوبهم لارضائنا نحن .
من مظاهر تخلفنا الثقافى أيضا أننا لا نعرف الفارق بين الحق والاستحقاق . للفسلطينيين الحق ، ولكن الحق المجرد لا يكفى ، لا بد له من استحقاق ،أى القدرة على استرجاع الحق . وتتنوع تلك القدرة من سياسية وعسكرية وثقافية. بسبب تخلفنا نعتقد إنه طالما معنا الحق فلا بد أن يخرّ الغرب لنا ساجدا، وننسى أنه فى عالم السياسة لا مجال للحق ولكن للمنفعة وللاستحقاق . وننسى أن المسلمين لم يكن لديهم الحق حين غزوا وفتحوا بلاد العالم من أسيا الوسطى الى جنوب فرنسا . فعلوه بالاستحقاق أى بالقوة وليس بالحق والعدل لأن القرآن الكريم ضد العدوان وضد الظلم .
وهذا بدوره يكشف عن عوار آخر فى ثقافتنا وهو الكيل بمكيالين وأكثر . فما تفعله اسرائيل الآن يفعل أكثر منه المستبد العربى والشرقى ، وما فعله الغرب من استعمار واحتلال فعله الخلفاء الراشدون وغير الراشدين من أبى بكر وعمر الى الخليفة العثمانى عبد الحميد الثانى ، ويفعله الآن الخليفة المغربى الذى يسجد له شعبه والذى يضع فى جيبه ثلث دخل الشعب المغربى .
متى ننظر فى عيوبنا وننشغل بها بدلا من انتقاد الغرب واسرائيل ؟ .
بالطبع لا يخلو الغرب واسرائيل من شرور وذنوب وكبائر ،فليس هذا دفاعا عن أمريكا والغرب واسرائيل ، ولكنها رؤية المصلح لقومه الحريص على إنقاذدهم من التخلف الدينى والاسترقاق السياسى ، فما أسهل أن تجعل اسرائيل وأمريكا والغرب شماعة لأخطائنا وخطايانا فننام فى ليل التخلف وضميرنا مستريح فقد أقنعنا أنفسنا أننا لسنا السبب وأن السبب آت من العدو الخارجى ، بينما يظل العدو الداخلى والمحلى هو فى داخلنا وتحت جلودنا. ومرة أخرى لا يخلو الغرب واسرائيل من شرور وذنوب وكبائر ،فليس هذا دفاعا عن أمريكا والغرب ، ولكن ليس من حق من بيته من زجاج ان يرمى الناس بالصخر . ولا يصح أن ننتقد الشعرة فى عين الآخر ونحن نحمل خشبة فى عيوننا.
4 ـ ما هي برأيك الأسباب الرئيسية للموقف السلبي من قبل الدول الكبرى تجاه إقامة دولة كردية مستقلة، تجمع أطرافها الأربع في دول الشرق الأوسط ، وهو مطلب شعبي كردي وحق من حقوقهِ ، ولماذا يتم تشبيه الحالة الكردية على أنها إسرائيل ثانية من قبل بعض الأوساط الفكرية والقومية في العالم العربي ؟

من حق الأكراد أن تقوم لهم دولتهم ، ونفس الكلام يقال عن حقوق الأمازيغ . ولكن هذا الحق مرهون بالاستحقاق كما سبق تقريره ، فلا يصح أن ينتهى الحلم الكردى بوقوع الفرد الكردى رقيقا لمستبد كردى باسم القومية الكردية حتى لا يترحم الفرد الكردى على أيام المستبد العربى أو الايرانى . والقوميون العرب الذين ينكرون حق الأكراد والأمازيغ فى إقامة دولتهم لا يختلفون فى تعصبهم العرقى عن الصهاينة اليهود ، هو نفس التعصب الجنسى والعرقى ضد الآخر . وهذا أيضا ملمح من تخلفنا حين نتهم الغرب بالكيل بمكيالين ونحن نكيل بأكثر من مكيالين فى تعاملنا مع الأقليات. ففى الوقت الذى تتمتع فيه الأقليات فى الغرب بحقوقها يتم اضطهادهم فى الوطن العربى بل وأحيانا محاولة إبادتهم كما حدث فى العراق ( الاكراد :حلبجة والانفال )وفى السودان (دارفور ).
5 ـ هل يمكن للتغیّرات الراهنة في المنطقة - الانتفاضات والمظاهرات الأخيرة – من أن تؤدي إلى خلق آفاق جديدة أرحب للقومیّات السائدة کي تستوعب الحقوق القومیّة للأقليات غير العربية مثل الأكراد، إلي حدّ الانفصال وإنشاء دولهم المستقلة ؟

يتوقف هذا على درجة الوعى لدى الشعوب ومدى إستيعابها لثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان. بدون هذا الوعى سيقفز السلفيون الوهابيون للسلطة لتعود أسوأ من المستبد الراهن. وفى اعتقادى أن الأفضل هو دولة ديمقراطية تتيح الحكم المحلى أو الذاتى لمناطقها والحقوق السياسية والانسانية لأفرادها . هذا أفضل من دولة قومية تعيد شرور العنصرية القومية وتنشىء حكما استبداديا يختزل فيه المستبد القومية فى داخله .
6 ـ هل تعتقدون بأنّ المرحلة القادمة ،بعد الربيع العربي، ستصبح مرحلة التفاهم والتطبیع وحلّ النزاعات بین الشعوب السائدة والمضطهدة ،أم سندخل مرحلة جدیدة من الخلافات وإشعال فتیل النعرات القومیة والتناحر الإثني ؟
نفس الاجابة السابقة.
7 - ما موقفك من إجراء عملیة استفتاء بإشراف الأمم المتّحدة حول تقریر المصیر للأقليات القومية في العالم العربي مثل الصحراء الغربية وجنوب السودان ويشمل أقليات أخرى في المستقبل، مع العلم أنّ حق تقریر المصیر لکلّ شعب حقّ دیمقراطي وإنساني وشرعي و يضمنه بند من بنود الإعلان العالمي لحقوق الإنسان منذ عام ١٩٤٨؟

الاستفتاء حق من حقوق الشعوب المحتلة والمجموعات العرقية والأقليات. ولكن نعيد التأكيد والخوف من قيام دول مستبدة .

8- ماهي المعوقات التي تواجه قيام دولة كردية ، و كيانات قومية خاصة بالأقليات الأخرى كالأمازيغ و أهالي الصحراء الغربية؟
من الصعب جدا تعديل الحدود الحالية خصوصا فى القضية الكردية نظرا لتعدد الأطراف والأهمية السياسية والاقتصادية للمنطقة التى يعيش فيها الأكراد مما يجعل القوى الكبرى حريصة على إبقاء الوضع كما هو عليه ، كما إن القوى الاقليمية والمحلية ترفض هذا التغيير لأنه على حسابها . ثم إن الأكراد انفسهم فى حالة شقاق واختلاف وصل أحيانا الى درجة الاقتتال فى العراق بين جلال طالبانى و مسعود برزانى مع وجود صدّام عدوا مشتركا لهما. يحتاج الأكراد الى زعامات جديدة مثقفة بثقافة الديمقراطية وحقوق الانسان ، كما يحتاجون الى مناخ دولى ملائم لا يمانع فى نقل الحلم الى حيز التنفيذ. والى أن يتحقق هذا الحلم فمن المهم أن يبدأ أكراد العراق فى تهيئة أنفسهم لقيادة الحركة الكردية باصلاح ثقافى وسياسى وحكم ديمقراطى شفاف دون فساد ليعطوا مثلا لأكراد سوريا و ايران وغيرهم .

اجمالي القراءات 12085