أولا : لا أوافق على تعبير ( تواتر ) بالنسبة للقرآن الكريم . التواتر مصطلح تراثى يمكن ان نتسامح معه فى إطلاقه على ما يتواتر لنا من العبادات ، وإن كان التعبير القرآن هو الأنسب ، وهو ( ما وجدنا عليه آباءنا ) أو ( ما ألفينا عليه آباءنا ) . وهذا الذى وجدنا عليه آباءنا منه ما يتفق مع القرآن ومنه ما يخالف القرآن ، أى إن القرآن هو الحكم فيما وجدنا عليه آباءنا ، واليه نحتكم فى ذلك المتوارث ، فنرفض ما يخالف القرآن ، ونتمسك بما يتفق مع القرآن .
وبالتالى فلا يصح أن يقال فى حق القرآن أنه ( متواتر ). ولا بد هنا من التمسك بالمصطلح القرآنى وهو ( الحفظ ) أى إن الله جل وعلا هو الذى حفظ ويحفظ القرآن الكريم . هو اولا محفوظ فى (أم الكتاب ) ثم كان محفوظا من تداخل موجات التشويش من الجن والشياطين عند تلقى الوحى ، ثم كن محفوظا فى قلب النبى فلا يستطيع أن يغيره ، وبعد موت النبى يظل محفوظا الى قيام الساعة . وقد شرحنا هذا فى مقال خاص ـ يمكن الرجوع اليه .
ثانيا : حفظ القرآن هو لمواجهة التحريف والتغيير ، أى هو أعتراف ضمنى بوجود محاولات التحريف ـ كما كان يحدث فى الكتب السماوية السابقة ، وبالتالى يأتى الحفظ الالهى خطة دفاعية مسبقة تحبط هذا التحريف . وبالتالى ايضا يبقى النصّ القرآنى محفوظا وتظل محاولات التحريف قائمة . وهذا بالضبط ما حدث وما يحدث وما سيحدث مع القرآن الكريم . فهو معنا بينما توجد (علوم القرآن ) التى تطعن فى القرآن ، وهذا عنوان لمقال لنا ننصح بالرجوع اليه .
ثالثا : المسلمون فى تاريخهم وحاضرهم كانوا ولا يزالون أعدى أعداء القرآن والاسلام ، ( وهذا عن الأغلبية طبعا ) وقد قاموا بتبرير أعمالهم المخالفة للاسلام عن طريق صناعة أديان أرضية كالسنة و التشيع والتصوف ، وجعلوا لها وحيا كاذبا منسوبا لله جل وعلا ولرسوله الكريم . وبالتالى فلا بد أن ينال القرأن الجانب الأكبر من هجومهم عليه ، ومن مظاهر هذا الهجوم الزعم بنسخ أى إلغاء تشريعات القرآن ، وجعل السّنة تشرح وتفصل بل وتعطل أو بزعمهم ( تنسخ ) أحكام القرآن ، ومنها الطعن فى النص القرآنى نفسه عبر ما يسمى بعلوم القرآن ، وفيه مؤلفات تروج لهذا الطعن .
أخيرا : يظل القرآن معنا خلال المصاحف المعتمدة ، وهناك إعجاز علمى رقمى عددى يؤكد حفظ القرآن عن طريق كتابته الفريدة . وهذا الاعجاز هو لمواجهة البشرية فى قمة تقدمها العلمى فى نهاية الزمان . ونحن لا نزال على أعتاب هذا الاعجاز الرقمى ، فى مرحلة التخبط والاستكشاف ، وفى نهايته سنصل الى الحكمة فى تلك الكتابة الفريدة للقرأن الكريم والتى تجعله مختلفا عن الكتابة العربية .
وما يسرى على كتابة القرآن الكريم يسرى على قراءته ، فليس هناك قراءات للقرآن بل قراءة واحد لأنه (قرآن ) أى نوعية خاصة من القراءة والتلاوة .وسبق التعرض لهذا أيضا .