الثورة .. الأقليات المرأة و الأقباط

شادي طلعت في السبت ٠١ - أكتوبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

إن معنى كلمة الأقلية له شروط و لا يمكن أن يطلق على أي فئة، فالأقلية تعني فئة ما في مجتمع ما يكونون أقل عدداً بين فئات أخرى في المجتمع و يقع عليهم ظلم من الأغلبية نتيجة إكتسابهم صفات موروثة كالعرق أو الدين أو الجنس.

إن المجتمع المصري ليس كباقي المجتمعات العربية فهو مجتمع له طبيعته الخاصة، و هذه الطبيعة متميزة لعدة أسباب أولها أن الشعب المصري هو خليط من عدة شعوب فمن المصريين من تعود أصوله إلى الرومان و الهكسوس و منه أيضاً آشوريين و أمازيغ و عرب و ليبيين، هذا بخلاف الفراعنة اللذين هم اصحاب الأرض، و لكن مع تعدد الأصول لنسيج هذا الشعب إنصهر الجمبع تحت مظلة واحدة و هي مظلة الدولة التي شاءت جميع تلك الفئات أن تنتمي إليها و هي الجنسية المصرية، و طبقاً لعلم الإجتماع السياسي فإن الإنسان كلما إلتقى بالعديد من الثقافات فإنه يكون أكثر تسامحاً و تقبلاً للآخر، لذلك نجد على سبيل المثال أن أي أجنبي يعيش في مصر قد لا يشعر بأي غربة لأن المجتمع المصري مفتوح، و يتقبل الآخر أياً كان عرقه أو دينه أو جنسه ! أي أننا شعب لا يعرف التعصب و تلك طبيعتنا حتى و إن تخللتها بعض الأحداث التي قد يظن منها البعض أننا شعب متعصب أو متطرف لدين أو عرق أو جنس !

في حوار سابق لي مع أحد المحامين كان إسمه الأستاذ / سعيد بركات، و هو من مواليد عام 1932 أي أنه في عام 2011 يكون قد أتم عامه الــ 79 ، و يكون عمره وقت قيام ثورة يوليو 1952 عشرون عاماً، أي كان شاباً حديث التخرج من كلية الحقوق و قت قيام ثورة يوليو، و كان هذا المحامي الذي عملت معه في بداية عملي بالمحاماة يقطن بمنطقة الموسكي في صباه، و هي المنطقة التي كان يقطن بها اليهود قبل ثورة 1952، و أنا بطبيعتي كنت و لا زلت أحاول أن أعرف قدر المستطاع أكبر قدر ممكن التاريخ ذلك لإيماني بأن التاريخ الذي درسته في التعليم المصري أغلبه كان تاريخ مزيف، و لإيماني بأن الإعلام المصري بأخباره و حتى بفنه كان موجهاً يخدم النظم السياسية الفاسدة، عموماً كنت دائماً ما أسأل الأستاذ / سعيد بركات عن اليهود في مصر، و سألته كيف كانت معاملتهم مع المصريين و كيف خرجوا من مصر، و كانت إجابات الرجل لي على العكس تماماً مما كنت أشاهده في الأفلام أو المسلسلات التي كانت تتناول اليهود، فاليهود كانوا طبقاً لكلام الرجل معي و طبقاً لرواياته لي كانوا أكثر إندماجاً في نسيج الشعب المصري و كان المصريون يتعاملون معهم من منطق أنهم بشر بغض النظر عن هويتهم الدينية، و يوم أن غادروا مصر غادروا و دموعهم تنهمر، و لم تكن لديهم النية لترك مصر أبداً ! إلا أن النظام السياسي في تلك الفترة كان هو من قرر ان يغادروا مصر بلا رجعة ! نظراً لهويتهم الدينية، و من هنا أستطيع القول أنه منذ عام 1952 ، بدأ التدخل من النظم السياسية لزرع فتيل الطائفية و التعصب، حتى يخدم النظام نفسه و يستطيع أن يستبد بالسلطة أكثر مما قبل بشكل علمي و مدروس تم إقتباسه من النظام الروسي على يد لينين و ستالين !

فشعب مصر الذي ثار على خورشيد باشا بقيادة عمر مكرم عندما  طالب بتغيره إختار محمد علي ليكون والياً ! مع أنه لم يكن مصرياً بل كان جندياً ألبانياً ! إلا أنه تقبل الرجل بل و وضعه على سدة الحكم بإرادته، و شعب مصر الذي كان يقوم بشراء المماليك اللذين كانوا يعملون جبراً في الجيش كانوا فيما بعد يعتلون مناصب هامة في الجيش حتى أنهم كانوا يصلون إلى الحكم فيما بعد ! بداية من قطز و الظاهر بيبرس و علي بك الكبير و إبراهيم بك و مراد بك، المغزى من هذا العرض هو أن شعب مصر لم يكن لديه التعصب للتحيز لأصوله على مدار التاريخ قبل ثورة 1952 ، إلا أن الأوضاع كما ذكرنا قد إختلفت فيما بعد فقد بدأت الخطة بعد 1952 بزرع الفتنة بين المصريين و اليهود المصريين أيضاً ! ثم بدأ العمل على زرع الفتنة الطائفية بين المسلمين و المسيحيين، ثم بدأ زرع الفتنة بين المصريين عموماً و بين بدو سيناء ! ثم بدو مطروح ثم أهالي النوبة و هكذا .....

كانت النظم السياسية بعد الثورة تستفيد من زرع الفتن أشياء كثيرة منها على سبيل المثال أنها كانت دائماً الملاذ الأخير لأي أقلية تشعر بالخطر من الأغلبية، فكانت الأقليات تلتزم بما يفرض عليها من شروط خشية أن تترك تلك الأنظمة الحاكمة الأغلبية عليها فتفتك بها، فكانت الأقليات مجتمعة هي الداعم الأكبر لكافة الأنظمة المستبدة بعد ثورة 1952 ! و كان لنظام مبارك البائد النصيب الأكبر في زرع الفتنة الطائفية في البلاد، و كان لفلول نظام مبارك الدور الأكبر في كافة محاولات تصعيد الفتنة الطائفية بعد ثورة 25 يناير 2011 ، و لكن كانت كافة محاولات فلول النظام البائد تبوء بالفشل لأن المصريون بعد ثورة 25 يناير، قد عادوا إلى طبيعتهم الأصلية  المتسامحة و التي هي موجودة داخل وجدانهم و معادنهم الأصيلة، و تعد أحداث إمبابة الطائفية بين المسلمين و المسيحيين هي الأكبر من حيث عدد ضحاياها إذ قتل فيها 10 من المسلمين و 10 من المسيحيين ! و هي أرقام قد لا تعد كبيرة بالنسبة لمجتمعات أخرى و لكنها بالنسبة للمجتمع المصري تعد أحداث فادحة، إلا أن تلك الأحداث ما لبثت إلا ان هدأت ! فقد كان لتلك الأحداث أثر سيئ في نفوس عامة الشعب سواء أكان مسلم أومسيحي أو شيعي أو بهائي أو حتى لا ديني، لقد رفض كل أطراف المجتمع تلك الاحداث و أصروا جميعاً على الوحدة الوطنية و لم تتكرر تلك الاحداث فيما بعد، و حتى و إن تكررت فإنها لم و لن تكون حرب طائفية مهما حدث و لو كره الكارهون، لقد إكتشف شعب مصر عروبة و أصالة بدو سيناء بعد ثورة 25 يناير أيضاً فلطالما أشاع النظام الحاكم على أنهم قوم لهم ميول يهودية ! و أنهم ينتظرون اللحظة التي يحكم فيها اليهود سيناء ! إلا انهم أثبتوا وطنيتهم بعد قيام ثورة 25 يناير بحفاظهم و حمايتهم للأمن داخل سيناء ! إن النسيج المصري المتسامح يعلوا على السطح الآن و بقوة و لكن ... هل حصلت الأقيات على حقوقها أم أن لها حقوق لازالت تبحث عنها ؟

إن ثقافة 59 عاماً من نظم إستبدادية لن تحل بين يوم و ليلة، كما أنها لن تحل بالإعتماد فقط على الطبيعة المصرية المتسامحة، بل لابد من تدخل قوانين جديدة تحفظ للأقليات حقوقهم، فعلى سبيل المثال كيف سيكون التمثيل القبطي في إنتخابات البرلمان بعد الثورة ؟ و كيف سينظر المجتمع إلى المرأة التي لا ترتدي الحجاب ؟ و كيف سيتقبل المجتمع الثقافة البدوية لاهالي سيناء و مطروح و التي ستطفو على السطح بعد ثورة 25 يناير ؟

علينا أن نعلم أننا في مرحلة تحول بعد ثورة25 يناير، و مرحلة التحول تلك تعني أن أعين العالم الآن على مصر بمعنى أن كل دولة تبحث عن آلية للإستفادة من الوضع الجديد، و من هنا نجد أن مصر مطمعاً لعدة دول و هي أمريكا و الإتحاد الأوربي و السعودية و إيران و تركيا، فهذه هي الدول الخمس الاكثر طمعاً في مصر و كل منهم يخاطب فئة معينة كالآتي :

تركيا تخاطب فئة العسكر و العلمانيين.

إيران تخاطب المسلمين عامة و العسكر.

السعودية تخاطب السلفيين تحديداً و العسكر.

الإتحاد الأوربي يخاطب الليبراليين و العسكر.

أمريكا تخاطب الإسلاميين و الليبراليين و العسكر.

من العرض السابق نجد أن من اخطر الدول الطامعة هي :

1- السعودية .. و هي الدولة التي بدأت في نشر الوهابية بعد الثروة النفطية منذ قرابة الـ 40 عاماً، و التي إستقبلت فيها ملايين من العمالة المصرية تقدر بـ 25 مليون مصري ذهبوا إلى السعودية ! و قد  تأثرت تلك الملايين بالثقافة السعودية الوهابية، و يبيدوا ذلك واضحاً حتى في ملابسهم مثل إرتداء الجلباب الواسع للرجال و النقاب للمرأة ! أضف إلى ذلك أن السعودية هي الدولة التي يمكن أن تدفع ما لا تقدر أي من الدول التي ذكرناها أن تدفعه لسببين .. أولهما أن السعودية أمنها يرتبط بالوضع في مصر، فالديمقراطية في مصر تمثل خطراً على النظام السعودي ! السبب الثاني هو أن النظام السعودي نظام ملكي، و لكنه ملكي بشكل إستبدادي شمولي، فالملك يملك كل شئ حتى البشر ! و لا يحق لأي مخلوق أياً كان مراجعته أو لومه أو حتى عتابه ! من هنا فإن العائلة الحاكمة لن تفرط أو حتى تسمح بأن يقترب أحداً من عرشها، و من هنا أيضاً فإنها تتجه إلى اللعب على وتر السلفية و التي هي الأقرب للمذهب الوهابي و إذا تطلب الأمر إنفاق أموالاً على نشر السلفية فلا يوجد مانع من ذلك حتى و إن وصلت تمويلاتها إلى المليارات، و من هنا تمثل السعودية خطراً على الأقليات الدينية في مصر، سواء أكانوا أقباطاً أم شيعة أم بهائيين أم خلاف ذلك.

2- أمريكا .. و هي أهم الدول التي لن تسمح بأن لا تمر مصالحها أو تؤخذ منها في مصر، و أمريكا تلعب في السياسة بمنطق مختلف و هو منطق التحالف مع القوى الجاهزة و التي لديها القدرة على النجاح في الإنتخابات و قبول شعبي، حتى و إن إختلفت تلك القوى مع توجهاتها و من هنا نجد أن الإسلاميين سواء كانوا إخوان أو سلفيين أو حتى جماعات إسلامية مكان في المباحثات الأمريكية المصرية، و هو ما يستتبع أيضا مساعدات أمريكية و هي مساعدات لا يمكن التهاون بها فأمريكا و إن كانت لن تدفع ما يدفعه السعوديون، إلا أن لها رجالها منهم من هو معروف و منهم من هو غير معلوم ! كما أنها دولة العلم و التكنولوجيا و لها مؤيدون عديدين من المثقفين، و من خلال الموقف الأمريكي الذي لم يعد مخفياً على أحد يظهر على السطح مخاوف أخرى للأقليات و لكن هذه المرة لجميع الأقليات سواء كانت عرقية و أم دينية أم جنسية !

3- إيران .. الموقف الإيراني يستغل أن شعب مصر سني المذهب لكنه شيعي الهوى، و هو نظام يدفع من الأموال ما يقارب ما قد يدفعه نظيره السعودي ! و لهذا النظام مؤيدين كثيرين من العديد من القطاعات المختلفة من الشعب، لأن الكثيريين يعتقدون أن إيران قوة عظمى ! يمكن أن تتصدى لقوى الشر و هي من وجهة نظرهم طبعاً أمريكا ! هذا بخلاف أن النظام الإيراني يغازل العسكر أيضاً و يتمنى أن تنشأ بينه و بين مصر علاقة إقتصادي و عسكرية حتى يتمكن من مواجهة الخطر الأمريكي الذي يهدده.

4- الإتحاد الأوربي .. فإنه يخاطب الليبراليين عامة، كما يخاطب العسكر أيضاً، لكن رجال الإتحاد الأوربي في مصر قليلون لعدة أسباب أهمها أن الإتحاد الأوربي قد يمول و لكنه قد يدفع كل ما لديه لعدد محدد من الأشخاص أو المنظمات بمعنى أدق، و منطقه في ذلك أنه لا يريد أن تذهب أمواله هباءاً ! بخلاف نظيره الأمريكي، و بالتالي فإن أصدقاءه محدودين جداً، و أرضيته في الشارع المصري مساحتها قليلة جداً مقارنة  بأرضية السعودية أو إيران أو أمريكا ! من هنا تتحدد أرضية الإتحاد الأوربي في بعض رجال الأعمال و قليلون من السياسيين و منظمات المجتمع المدني، إلا أنهم يملكون تأييد رجل له شعبية كبيرة و يحتمل أن يكون الرئيس القادم و هو الدكتور / محمد البرادعي.

5- و هي دولة تعد الأفقر بين الخمس دول التي ذكرناهم، و هي قد لا تملك المال إلا أنها تملك تاريخ و تجارب عملية في الدولة التي تجمع بين الإسلام و العلمانية، و تركيا من الدول المروجة للعلمانية بشكل معلوم للجميع، إلا أن تجربتها في العلمانية أو إدارة الدولة تستهوى العسكر في مصر، و هم حكام ما بعد الثورة المصرية، فالعسكر في مصر يرون في تركيا النموذج الذي يجب أن يحتذى ! و أنا هنا أقصد النموذج التركي قبل عام 2011 مباشرة، و هو الذي كان يفصل بين المؤسسة العسكرية و الدولة و كانت المؤسسة العسكرية فيه هي الحارس الأول للعلمانية ! و بينما تركيا تتغير عن فكرتها القديمة نجد العسكر في مصر يأسفون على هذا التغيير ! و كم كان العسكر يتمنى أن تظل تركيا على عهدها بمؤسستها العسكرية حتى يكون هناك مبرر لنقل هذا النموذج إلى مصر ! و بينما تخاطب تركيا العسكر فهي لا تنسى مخاطبتها للعلمانيين إلا أنها دولة ليست بالغنية و ليس في إستطاعتها أن تمول أياً من كان في مصر سواء رجال أعمال أو منظمات مجتمع مدني، مثلما تفعل الدول الأربع السابق ذكرهم، و لكن لتمرير أي فكرة فإنه لابد من الدعم و تركيا لا تملك الدعم و لكن تملك تجربة ثرية في إدارة الدولة.

من هذا السرد السابق نجد أن الخمس دول السابق ذكرهم يخاطبون فئات معينة بغرض تحقيق مصالحهم دون النظر إلى حقوق الأقباط أو الأقليات ! و هو حق مشروع لتلك الدول فمنطق المصلحة هو الذي يحكم السياسات في النهاية، و لكن من منطلق منطق المصلحة يأتي خطر محدق بالأقباط و الأقليات، و هو أن المجتمع الدولي قد لا ينظر إليهم بعد ثورة 25 يناير !

و هذا يفرض تحدياً كبيراً على الأقليات في مصر، و هو أن أصحاب القضية هم من يجب أن يطالبوا بحقوقهم، و لا يضيع حق ورائه مطالب، فلو طالبت الأقليات بحقوقها فإنها حتماً ستتحصل عليها، أما و أن تغادر الأقليات البلاد أو تهاجر بحثاً عن مأوى آخر خشية وصول الإسلاميين إلى الحكم فهذا هو الخطأ الفادح الأكبر منهم، و التاريخ مليئ بالتجارب و دعونا نلقي نظرة على تيار الإخوان المسلمين الذي ظل النظام المصري يحاربه ثمانون عاماً مضت، نجد أن الإخوان ظلوا قابعين في بلادهم لم يهجروها أو يغادروها ! و تحملوا عبئاً ثقيلاً و دفعوا ثمناً لوضعهم الآن من الأموال و الأرواح ! و هذا واقع يجب علينا أن نحترمه لأنهم لم يهربوا خشية حكم العسكر في مصر الذي بطش بهم من قبل ! بينما نجد أن الأقباط في مصر بدأوا في التدافع على الهجرة ! و هو ما لم يكن متوقعاً منهم أبداً و هو قرار خاطئ بالمرة و ليس له أي مبررات حتى لو وصل الإسلاميون إلى الحكم، فعلى الأقباط أن يدافعوا على أنفسهم من الداخل و أن لا ينشغلوا بقضايا فرعية مثل بناء كنيسة هنا أو هناك ! فالأمر أكبر من بناء دور العبادة، إنها قضية وطن و ثورة يحتمل أن تختطف.

لقد عاش المجتمع المصري في تهميش سياسي طيلة 59 عاماً هي من حكم العسكر منذ قيام ثورة 1952، بينما كان المصريون قبل حكم العسكر مجتمع ليبرالي لا يفرق بين أي إثنين نتيجة عرق أو دين أو جنس، و حتى يعود المصريون إلى سابق عهدهم قبل 59عاماً فإننا يجب أن ننتظر 59 عاماً أخرى ! إن لم تكن هناك حلول عملية سواء للأقباط أم لباقي الأقليات الأخرى و طبقاً لمعنى و تفسير كلمة الأقلية فسنجد أن مصر بها الأقليات الآتية:

-         العرق / تتمثل في بدو سيناء و مطروح و أهالي النوبة.

-         الجنس / يتمثل في المرأة.

-         الدين / و يتمثل في الأقباط و الشيعة و البهائيين و غيرهم.

 

و بعد ثورة 25 يناير كما ذكرنا يحتمل وجود أخطار على الاقليات، و تعالوا ننظر إلى الأقليات التي ذكرناها و نبحث معاً مدى الخطورة المحتملة عليهم، و لنبدأ بالأقليات العرقية، سنجد أن الأقليات العرقية متقوقعة في أماكن محددة و إنحصارهم في مكان واحد يحد من أي خطر قد يتعرضون إليه حتى مسألة البرلمان و الإنتخابات ستسير كيفما يشاؤن هم، نظراً لتكتلاتهم ! بينما المرأة تنتشر في ربوع البلاد من أقصاها إلى أقصاها، و المرأة المصرية متنوعة المذاهب و الأعراق و الأفكار و التيارا السياسية أيضاً، و مع إحتمال قدوم الإسلاميين إلى مصر نجد أن هناك خطر قد يحدق بالمرأة المصرية ! بقي لنا الأقليات الدينية و كافة الأقليات الدينية بإستثناء الأقباط ليس لهم مطالب محددة، و هنا يظل الأقباط وحدهم من يعتقد أنهم من الممكن أن يتعرضوا لخطر ما قد يحدق بهم.

نخلص في النهاية إلى أن الخطر بعد ثورة 25 يناير قد يمس المرأة و الأقباط فقط بينما قد لا يطال باقي الأقليات في مصر، من هنا وجب على تلكا الأقليتين أن تطالبا بحقوقهما في بلادهما و أن لا يتنازلا عنها لأي سبب كان و أول تلك الحقوق هو أن يكون لهم تمثيل نسبي في مجلس الشعب لا يقل عن 10% لكل منهما و يا حبذا لو زادت تلك النسبة، فلو كان للمرأة و الأقباط مكان دستوري و قانوني في البرلمان لضمنا الدولة المدنية و لضمنا أننا لن نعود إلى الخلف أو عصور الظلام، إذا ما ضممنا إليهما قوى اليسار و الليبراليين ! إلا أن الحق كما ذكرنا يجب أن يتحصل عليه من أصحابه فعلى المرأة و الأقباط أن يرفعا مطالبهما و ان يطالبا من المجتمع الدولي أن يساندهما، و في هذه الحالة فقط يمكن للمجتمع الدولي أن يعلن مساندته لهما بينما إذا ما ظلت تلك الأقليتين صامتتين فلا يتوقع أن يذكرهما أحد و قد تضيع حقوقهما إلى زمن بعيد، لا يعلم مداه إلا الله.

و بما أن ثورتنا قريبة و لم تتجاوز العام بعد فإنه يمكن للأقليات أن تصر على ممارسة حقوقها السياسية، فمن حقها أن تطالب بها لأننا لازلنا داخل الثورة و لم نخرج منها إذ أن الثورة لم تنتهي بعد و لن تنتهي قبل مرور ثلاث سنوات على الأقل، و سوف تجد الأقليات دعماً داخلياً متمثلاً في التيارات اليسارية و الليبرالية أيضاً هذا بخلاف كما ذكرنا تضامن المجتمع الدولي معهم.

إنها رسالة إلى الأقليات، أقول لهم فيها لهم لا تتركوا بلادكم و تبحثوا عن وطن آخر فأي وطن آخر تذهبون إليه لن يكون كمصر أبداً، أنتم أصحاب حقوق و لكن لن تأتي حقوقكم إلا إذا طالبتم أنتم بها، فطالبوا بها و لا تستحوا و أصروا على نيلها بكافة السبل الحضارية اللاعنيفة، و ستلقون إحترام كافة فئات المجتمع المصري و ستلقون إحترام و تضامن المجتمع الدولي، و ليقدر الله الخير لمصر حيث كان.

 

أقول قولي هذا و أستغفرو الله لي ولكم

شادي طلعت

اجمالي القراءات 11389