أهلا بك وسهلا
لم يجرؤ أحد ـ حسب علمى ـ على التشكيك فى صحة نقل البخارى أو الزعم بوجود تحريف فيه.
بعد سقوط بغداد وتدمير مكتبتها جرى نقل معظم التراث الى القاهرة التى أصبحت العاصمة الثقافية للمسلمين ومركز الثقل السياسى لهم باعتبارها عاصمة الدولة المملوكية التى كانت تسيطر على الحجاز والشام و معظم العراق حتى آسيا الصغرة شرقا وبرقة (ليبيا ) غربا. أدى نكسة بغداد وخضوعها للحكم المغولى مع عوامل أخرى الى تحول فى الحركة العلمية ، فقد انتهى الاجتهاد والابداع وحلّ محله العكوف على مؤلفات السابقين بغرض تحقيقها وتوثيقها أولا ، ثم التعليق عليها وشرحها ثانيا ثم تابعوا الشرح بالتلخيص لها ثم إعادة شرح الملخصات وهكذا . ما يهمنا هنا أنه لم يحدث أن ثارت قضية التحريف فى البخارى على الاطلاق ـ حسبما أعلم . وأنا متخصص فى تراث العصر المملوكى وقد حصلت على الدكتوراة فيه عام 1980 . عكف العصر المملوكى على نسخ البخارى وغيره من النسخ الاصلية التى كانت موجودة قبل العصر المملوكى فى القاهرة وغيرها ، حيث كان النسخ وصناعة (الوراقة ) أو النشر بمفهوم عصرنا حرفة رائجة ، واشتهرت مصر بصناعة الكاغد أو الورق ، وكان يجرى نسخ ومراجعة الكتب الكبرى للعصر العباسى مع التدقيق والتوثيق و فى العادة ان يكتب الناسخ اسمه وتاريخ النسخ . وقام على جهد أولئك الناسخين ما يعرف الآن بالتحقيق العلمى للمخطوطات ، وهو مجال للحصول على الماجيستير و الدكتوراة .
مشكلة البخارى هو ما يقال دائما عنه ( أن الأمة قد تقبلته بالتسليم ) أى إعتقد العصر المملوكى بقدسيته وبالتالى دار النقاش حول تأصيله وتوثيقه وتقعيده وليس نقده على الاطلاق ، لأن النقد يعنى التشكيك فيه ، وهذا كان مستحيلا وقتها . صحيح كان هناك (قرآنيون ) أفراد فى العصر المملوكى انتقدوا البخارى وكتب عنهم ابن حجر فى تاريخه ( إنباء الغمر بأبناء العمر ) وعكست أقواله عنهم اتهاما لهم بالكفر والخروج عن الملة لأنهم تجرأوا على مقام البخارى فى عصر تحول فيه أئمة المذاهب فى العصر العباسى الى آلهة معصومين فى العصرين المملوكى و العثمانى . ولكن جهد أولئك القرآنيين كان فى نقد البخارى وليس فى الزعم بوجود تحريف فيه..
والله جل وعلا هو الأعلم .!!