شيوخ الصحافة: تقسيم الصحفيين سياسيا جريمة في حق المهنة

في السبت ١٠ - نوفمبر - ٢٠٠٧ ١٢:٠٠ صباحاً

إخوان.. ناصريون.. موالون للنظام.. صعايدة.. بحاروة.. منايفة

تقسيمات لمرشحي نقابة الصحفيين تجاوزت المهنة إلي تباينات جهوية وفكرية وسياسية، بدت واضحة في المشهد الانتخابي الصحفي غير المسبوق سواء في عدد المرشحين أو الظرف السياسي.

وغاب الانتماء الصحفي لصالح أفكار غير مهنية أظهرت الجماعة الصحفية في هيئة فرق وشيع تتصارع علي الاصوات لاجندات تنحي المهنة وترفع شعارات سياسية وجهوية.

التقسيمات التي ظهرت وأكسبت المعركة الانتخابية مزيدا من الحرارة بدأت بإعلان قائمة بأسماء مرشحي الإخوان وقابلها إعلان البعض الترشيح بالصفة الحزبية، وتبعتها قوائم قسمت المرشحين وفق انتماءاتهم الجغرافية ووصل الامر إلي عمل إحصائيات عن انتماءات أعضاء النقابة بالارقام تضمنت أعداد الاعضاء من ابناء المحافظات «كالمنوفية» ١٠٠٠ عضو يليها السوهاجية «٨٠٠ عضو» إلي جانب محافظات اخري كالدقهلية.

وقد نشرت هذه القوائم علي بعض مواقع الانترنت وهو ما اعتبره صحفيون كبار ردة في العمل النقابي وإن كانوا قد اعترفوا بوجود اختلاف سياسي وصفوه بالامر الطبيعي إلا أن هذا الاختلاف لم يلعب الدور الرئيسي في الانتخابات السابقة حسبما أكدوا فلم يحدث ولا مرة أن تم التلويح به أو بأي انتماءات أخري فيما عدا الانتماء لجماعة الإخوان وإن كان حتي التلويح به وسيلة لكسب مزيد من الأصوات يختفي تأثيره بانتهاء العملية الانتخابية أما ما تشهده العملية الانتخابية هذا العام من تقسيمات أيديولوجية وجبهوية ظاهرة غريبة حذروا من تأثيرها متهمين أيادي خفية بإثارتها بهدف إحداث انقسامات من شأنها خلق حالة من التعصب والقبلية.

ووصف الكاتب الصحفي سلامة أحمد سلامة ما يحدث في نقابة الصحفيين بأنه نوع من التأكيد ليس فقط علي الانتماء الحزبي أو الطائفي وإنما الانتماء العنصري ايضا ذلك حسب ما قال مؤكدا «المسألة تحولت من انتخابات نقابة مهنية في المقام الاول إلي مجموعة من المعارك الشخصية بين أتباع الحكومة من جانب والاخوان واليسار وغيرها من التيارات والاتجاهات من جانب آخر».

وإن كان لم ينف وجود اختلافات في الانتماءات السياسية لاعضاء النقابة واصفا إياها بالامر الطبيعي، واكد أنها لم تصل لدرجة التأثير المباشر في الانتخابات النقابية فدورها طوال السنوات الماضية ظل محصورا في إطار المزاح.

وأضاف سلامة «لكنها تصاعدت إلي أن دخلت مرحلة التعصب الذي يعد إضافة جديدة لحالة التشرذم التي تعيشها النقابة، لافتا إلي مسؤولية الصحفيين عنها بقوله «لا أعفي اي صحفي من المسؤولية كما أنني لا أستبعد أن تكون هناك أياد خفية تعمل علي تقسيم الصحفيين وإبعادهم عن قضاياهم الحقيقية».

وحذر سلامة من تداعيات مثل هذه الانقسامات بقوله «أخشي أن تتصاعد الصراعات الناتجة عنها لدرجة من الصعب استيعابها» واضعا بعض السيناريوهات التي قال عنها «لا أستبعد حدوثها ومنها التدخل الأمني في الانتخابات مثلما يتدخل في الانتخابات الطلابية والعمالية والتشريعية، ولماذا نستبعد ذلك كنتيجة للتقسيمات التي تأتي إلي جانب تفتيت الاصوات لعدم وجود كتلة للاغلبية».

وفي حين ربط بين ظاهرة الانتماءات التي تشهدها نقابة الصحفيين والمجتمع المصري بوجه عام والذي طرأ عليه العديد من التغيرات فهو يعاني - حسبما قال - أزمة انتماء زرعت في المواطن فصارت النزعة إلي الشللية أسلوبا والصحفي بوصفه فردا من أفراد هذا المجتمع تأثر بهذا الاتجاه ومن ثم ظهرت الرغبة في البحث عن انتماءات أخري غير انتمائه للمهنة التي «فقدت قيمتها».

أرجع الكاتب الصحفي صلاح منتصر الظاهرة إلي الزيادة في أعداد أعضاء النقابة من الصحفيين وقال «هذه الزيادة كانت بداية التجمعات التي ظهرت، ولعل تراجع المهنة كان له دور في ذلك بالشكل الذي نمّي فكرة الشللية وهي الظاهرة الموجودة ليس فقط في نقابة الصحفيين فحسب وإنما في المجتمع المصري عموما والذي لجأ أفراده إلي الانتماء إلي جماعات كبيرة بديلا للوحدوية

ولذلك تأثيره علي دور النقابة وفاعليته وكان يجب أن تكون الانتماءات النقابية بعيدة عن مثل هذه التقسيمات التي بحيث يتم الفصل بين المهنة والاختلافات السياسية الموجودة بين أفرادها والتي كانت السبب الرئيسي فيما تعيشه النقابة من مشكلات الفترة الاخيرة أهمها مشكلة سلالم النقابة مضيفا «نريد استخدام النقابه وليس سلالمها».

الكاتب الصحفي صلاح عيسي رئيس تحرير جريدة القاهرة أكد أن التقسيمات التي تشهدها انتخابات النقابة حالياً ما هي الا وسيلة لجلب الأصوات التي تستخدم فيها الدعاية بكل اشكال العلاقات بما فيها الجبهوية والسياسية والحزبية وإن كانت غير مؤثرة بالمقارنة والعلاقات المؤسسية خاصة المؤسسات الكبيرة.

وخص عيسي الانتماءات السياسية بالحديث قائلا «إنها وسيلة مساعدة لاتأثير لها في ظل أن الكتلة الرئيسية من أعضاء النقابة «غير مسيسة» أو لا تنتمي لأي أحزاب سياسية كما أن نقابة الصحفيين مهنية بالدرجة الأولي وهو ما يجعل تأثير التقسيمات المثارة محصورا في حالات قليلة منها حدوث ائتلافات بين كتلتين علي غرار ما حدث في انتخابات العام الماضي وأسفر عن مجلس مشكل من كتلتين الإخوان والناصريين».

وأضاف «مثل هذه التكتلات إذا ما حددت فهي ليست بالخطأ الذي يتصوره البعض طالما كان الامر وسيلة للفوز ينتهي بانتهاء الانتخابات وهو ما يعني أن يتخلي كل مرشح عن انتمائه الحزبي الذي استخدمه وسيلة للفوز في الانتخابات ليتولي مسؤوليته خالعا عباءته الحزبية احتراما لنقابة الصحفيين التي لا يجب أن تكون مكانا للصراعات الحزبية».

وقال صلاح الدين حافظ أمين عام اتحاد الصحفيين العرب «نقابة الصحفيين نقابة اصحاب الرأي وفي عمل الصحفيين يلعب الفكر السياسي دوراً أساسياً لا يمكن فصله، وبحكم ذلك تعودنا علي أن يكون هناك تيارات سياسية مختلفة فمنذ القدم ونحن نري فيها نشاطات الموالين للفكر الشيوعي والناصري والليبرالي والاسلامي لكن الظاهرة الجديدة وغير الصحيحة أن التيارات السياسية لم تعد لا فكرية ولا أيديولوجية كما كانت وإنما حزبية. فالحزب الوطني له رجاله والناصريون والإخوان كذلك، بحيث أصبحت هذه التصنيفات قائمة علي أسس حزبية».

وأضاف «هذا الامر يمثل خطورة علي العمل النقابي الذي من الممكن أن يتدهور وينهار حاله إذا ما أصبحت هذه الظاهرة الحزبية ظاهرة ممتدة خاصة ان العمل داخل نقابة الصحفيين يختلف عن الاحزاب السياسية فهي نقابة مهنية يعمل أصحابها بالشأن العام وتهتم بالتطور السياسي ومن يمارس العمل السياسي بمنطقه الحزبي عليه أن ينفصل بحزبه.

وشدد قائلا «كل ما أتمناه أن يظل كل واحد من أصحاب الرأي بانتمائه دون أن يأتي به إلي الانتخابات، كما اتمني أن تكون هناك لوائح وتقسيمات علي أسس مهنية فأنا أفهم تعبير تيار الشباب والتيار المستقل للعمل النقابي أو الحوار الثقافي لكني لا أفهم ولا أوافق علي أن ننظر للمسألة علي أنها تيار الإخوان أو الحزب الوطني أو التجمع».

وانتقد حافظ فكرة وجود تقسيمات حسب المحافظة التي ينتمي اليها الصحفي قائلا: «إذا ما كانت هناك تقسيمات قائمة بالفعل وفقاً لتصنيف «سوهاجية» أو «شرقاوية» فهذا خطأ يصل لحد الجريمة وشكك في أن يكون الصحفيون أصحاب الرأي ورسالة الاستنارة والمطالبة بالحريات والديمقراطية والمساواة والمواطنة ملتزمين بهذه التقسيمات الجبهوية».

وأكد «أن ما يحدث في النقابة وفق خبرتي التي تزيد علي ٤٠ عاماً غير ذلك فربما تكون التقسيمات موجودة في مهن أخري وهذه المرة الأولي التي نسمع فيها مثل هذه الاشياء في نقابة الصحفيين وإذا كان من يحاول فرضها علي حد تعبيره، فيجب علي خمسة آلاف صحفي أن يقفوا علي سلم النقابة ضد التقسيمات الفرعية، فمن الممكن للصحفيين أن يختلفوا فكريا أو سياسيا لكن أن يختلفوا علي أسس عصبية فهذا أمر مرفوض،

ولكل صحفي استقلاله الفكري وحقه في اختيار المنهج السياسي الذي يؤمن به ومن حقه أن يعبر عن هذا المنهج في إطار العمل المهني للنقابة خاصة لكل هذه الأفكار السياسية دون تحويلها لمقر للاحزاب.


اجمالي القراءات 2596