-1-
يبدو أنه من المبكر حتى الآن سقوط ثمرة الحكم في الأردن. وأن ثمرة الحكم ما زالت (عجرة) أي غير ناضجة للقطف بعد، وتحتاج إلى مزيد من الوقت، ومزيد من حرارة الصيف اللاهبة. ومن هنا، فما زال الأردنيون – ما عدا قلة قليلة يشيرون إلى رأس الفساد والمسئول الأول عن هذا الفساد وحامي هذا الفساد بـ "المرجعيات العليا" دون الإشارة إلى الملك، كما فعل مؤخراً بشجاعة متناهية المعارض الأردني ليث الشبيلات في تلفزيون "الصوت" الإخباري (23/9/2011).
-2-
فظهرت في الأسبوع الماضي فضيحة جديدة مدوية وضخمة في الأردن وهي سرقة مليار دولار من خزينة الدولة.
نعم مليار دولار عداً ونقداً.
واستقال من جرَّاء هذه السرقة الفضيحة، محافظ البنك المركزي الأردني فارس شرف، نجل الشريف عبد الحميد شرف وزير الإعلام السابق، ونجل (العين) ليلى شرف وزيرة الإعلام السابقة، التي استقالت من حكومة أحمد عبيدات، احتجاجاً على سياسية القمع الإعلامية، وكبت الحريات الصحافية.. الخ.
واستقال فارس شرف، دون أن يقول لنا لماذا بالتفصيل.
ولكن الصحافة الأردنية ومجالس الأردنيين الخاصة، قالت الشيء الكثير.
فالملك كما سبق وقلنا في مقالنا (شو معنى انضمام الأردن لمجلس التعاون الخليجي؟ 9/8/2011)، وقلنا فيه بالحرف الواحد، وبالفم (المليان):
"وسط تراكم مشاعر الإحباط عند الهاشميين اليوم، سيقدم الخليجيون للهاشميين مليار دولار كمساعدات مستعجلة للنظام، ليطمئن.
وهذا المبلغ، جزء من [صندوق] سيحوي على ستة مليارات دولار، في المستقبل القريب!
فهل لدى الشارع الأردني، أية معلومات حول هذا المبلغ؟"
وأضفنا بصراحة، وبالفم (المليان) كذلك، قائلين:
" ليهنأ الأردنيون بهذا الفأل الهاشمي، الذي جاء لهم بهذه الأموال حلالاً زلالاً، بدون نفط، ولا زراعة، ولا صناعة، ولا علم. وسيضاف إلى هذه المليارات ما ستهبه أمريكا، والدول الأوروبية، والدول الآسيوية الغنية، من هبات، وأعطيات سنوية كالعادة، دخلت جيوب "عُلية" القوم، و"الملأ الأعلى"، دون أن تنعكس على تنمية الوطن والمواطن."
-3-
وكما توقعنا فها هو المليار الأول قد وصل في الأمس، ودخل جيب "علية القوم" ، و "الملأ الأعلى"، واستقال فارس شرف، محافظ البنك المركزي الأردني احتجاجاً على سرقة هذه الثروة الضخمة. واستقالت والدته من مجلس الأعيان احتجاجاً على استقالة ابنها. وكأن – كما قال أحد المعلقين الأذكياء على استقالتها – لم تفطن إلى الفساد المستشري في الأردن منذ خمسين عاماً، وأكثر إلا الآن. ولكن علينا أن نتذكر أن ليلى شرف التي كانت مواطنة لبنانية عادية من "آل النجار"، قد أصبحت – بعد زواجها من عبد الحميد شرف - من الهاشميين "الأشراف" اليوم؛ أي ما زالت من "عظام الرقبة" الحاكمة، كما يقول الأردنيون!
-4-
ليلة القبض على المليار من قبل الملأ الأعلى (حسب التعبير الأردني) أو (المرجعيات العليا) حسب التعبير الشامي، أو (سيدنا) حسب الأوساط الشعبية والرسمية الأردنية، أو (القصر) حسب تعبير الصالونات السياسية الأردنية، أو (اللي فوق الفوق) حسب تعبير أحد رؤساء الوزارات الأردنيين المعاصرين، أو ..أو.. أو.. أو.. ولكن على الجميع أن (يبقوا هالبحصة) على رأي اللبنانيين، ويقولون بصراحة، وبالفم المليان:
الملك .. الملك.. ثم الملك..!
كما قال في الأمس المعارض الأردني الشجاع ليث الشبيلات في تلفزيون "الصوت"، وقالها بالشجاعة نفسها في تلفزيون "الجديد" في فبراير الماضي.
فهل يُزكِّي الشعب الأردني هذا النهب وهذه السرقة الكبرى لماله، وحلاله، لمجرد أن (سيدنا) هو الذي (عمل العَملة) ؟!