الفرق بين إمكانية خطأ النبي، واستحالة خطئ الرسول.
عزمت بسم الله،
لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُوا عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلُ لَفِي ضَلَالٍ مُبِينٍ(164). آل عمران.
- قال المولى سبحانه: ( لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا ) هل كانت قريش من المؤمنين، وبمن كانوا يؤمنون من الرسل قبل محمد عليه السلام؟
- ما معنى (وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ)؟
- كيف نفهم هذه الجملة من الكتاب: (أَنزَلَ عَلَيْكُمْ مِنْ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ)؟
- هل لو كان الكتاب شيئا، والحكمة شيئا آخر هل يستقيم هذا الوصف، (َيَعِظُكُم به)؟
- ألا تدل هذه الجملة ( وَيُعَلِّمُهُمْ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ) أن الحكمة في الكتاب؟ وما يؤكد مفهومنا هو ما جاء في سورة الإسراء من الآية "22" فبدأها المولى تعالى بتوحيد المعبود ( الله) وختمها كذلك بقوله: ( لَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتَقْعُدَ مَذْمُومًا مَخْذُولًا). إلى قوله تعالى: كُلُّ ذَلِكَ كَانَ سَيِّئُهُ عِنْدَ رَبِّكَ مَكْرُوهًا* ذَلِكَ مِمَّا أَوْحَى إِلَيْكَ رَبُّكَ مِنْ الْحِكْمَةِ وَلَا تَجْعَلْ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ فَتُلْقَى فِي جَهَنَّمَ مَلُومًا مَدْحُورًا "39" الإسراء.
- لذا أقول إن الرسول من رب العالمين لا يمكن بأي حال من الأحوال أن يخطئ في تبليغ رسالة ربه، فكيف يمكن أن يغير حكما من أحكام الله فيحل ما حرم الله أو يحرم ما أحل الله تعالى، كأن يُنسب إلى الرسول محمد عليه السلام أنه حرم الوصية للوارث، بينما ملك يوم الدين يقول: كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذَا حَضَرَ أَحَدَكُمْ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْرًا الْوَصِيَّةُ لِلْوَالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ بِالْمَعْرُوفِ حَقًّا عَلَى الْمُتَّقِينَ(180). البقرة. نلاحظ أن الله تعالى فرض (كُتِبَ عَلَيْكُمْ )على المتقين إذا حضر أحدهم الموت إن ترك خيرا، الوصية للوالدين والأقربين، فالوالدان والأقربون هم الورثة، فهل نكذب ما نزل به الروح الأمين، وتلقاه الرسول في قلبه وبلغه للناس محفوظا بقدرة الله تعالى، ونصدق ما جاء في البخاري ـ الذي نجد فيه اختلافا كثيرا ـ عن طريق رواة قيل عنهم ما قيل، فمنهم الكذاب ومنهم المدلس ومنهم غير ذلك، فما لكم كيف تحكمون!!!
ونسبوا إلى الرسول عليه السلام أنه حرم الصلاة ـ التي هي كتاب موقوت. (إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا)(103). النساء. على الحائض ثم زادوا افتراء عليه بأنه أوجبها على التي لم ينقطع عنها الدم بعد عدة أيام ـ (وتسمى عندهم بالمستحاضة ) فما الفرق بين دم الحيض ودم الاستحاضة؟؟؟ فهل دم الاستحاضة طاهر وتجوز به الصلاة والصوم ولا تجوز بدم الحيض؟؟؟
والغريب في الأمر أن البخاري طعن في الدين وفي الرسول محمد عليه السلام فجاء في كتابه: 296 حدثنا إسماعيل بن خليل قال أخبرنا علي بن مسهر قال أخبرنا أبو إسحاق هو الشيباني عن عبد الرحمن بن الأسود عن أبيه عن عائشة قالت ثم كانت إحدانا إذا كانت حائضا فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يباشرها أمرها أن تتزر في فور حيضتها ثم يباشرها قالت وأيكم يملك إربه كما كان النبي صلى الله عليه وسلم يملك إربه تابعه خالد وجرير عن الشيباني .
صحيح البخاري ج 1 ص 115 قرص 1300 كتاب.
فيكون الرسول عليه السلام حسب البخاري بذلك قد خالف أمر الله تعالى الذي حرم القرب من النساء في المحيض حتى يطهرن ويتطهرن!!!..
والدين الأرضي البشري كذلك يجيز مباشرة المستحاضة قبل أن تطهر وتتطهر، ضاربين بذلك عرض الحائط أمر الله الذي حرم القرب من النساء في المحيض (وَيَسْأَلُونَكَ عَنْ الْمَحِيضِ قُلْ هُوَ أَذًى فَاعْتَزِلُوا النِّسَاءَ فِي الْمَحِيضِ وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَفَإِذَا تَطَهَّرْنَ فَأْتُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ أَمَرَكُمْ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ التَّوَّابِينَ وَيُحِبُّ الْمُتَطَهِّرِينَ)(222). البقرة. ( ولم يقل سبحانه اعتزلوا النساء في الحيض) ليستثنى من ذلك ما يطلقون عليه اسم ( المستحاضة) فتباشر المرأة رغم وجود الأذى في المحيض ولم تطهر ولم تتطهر بعد!!!!
جاء في كتب السلف:
قوله ويأتيها زوجها هذا أثر آخر عن بن عباس أيضا وصله عبد الرزاق وغيره من طريق عكرمة عنه قال المستحاضة لا بأس أن يأتيها زوجها ولأبي داود من وجه آخر عن عكرمة فقال كانت أم حبيبة تستحاض وكان زوجها يغشاها وهو حديث صحيحإن كان عكرمة سمعه منها قوله إذا صلت شرط محذوف الجزاء أو جزاؤه مقدم وقوله الصلاة أعظم أي من الجماع والظاهر أن هذا بحث من البخاري أراد به بيان الملازمة أي إذا جازت الصلاة فجواز الوطء أولىلأن أمر الصلاة أعظم من أمر الجماع ولهذا عقبه بحديث عائشة المختصر من قصة فاطمة بنت أبي حبيش المصرح بأمر المستحاضه بالصلاةوقد تقدمت مباحثه في باب الاستحاضه وزهير المذكور هنا هو بن معاوية وقد أخرجه أبو نعيم في المستخرج من طريقه تاما وأشار البخاري بما ذكر إلى الرد على من منع وطء المستحاضه وقد نقله بن المنذر عن إبراهيم النخعي والحكم والزهري وغيرهم وما استدل به على الجواز ظاهر فيه وذكر بعض الشراح إن قوله الصلاة أعظم من بقية كلام بن عباس وعزاه إلى تخريج بن أبي شيبة وليس هو فيه نعم روى عبد الرزاق والدارمي من طريق سالم الأفطس أنه سأل سعيد بن جبير عن المستحاضه أتجامع قال الصلاة أعظم من الجماع .
التمهيد لابن عبد البر ج 16 ص 69 قرص 1300 كتاب.
معنى ذلك أن المستحاضة تصلي وتصوم ويأتيها زوجها، ولا يعتبر ذلك مخالفا لأمر الله تعالى كما يعتقدون في تحريم الصلاة والصوم أيام الحيض!!!...
ـ فما الفرق بين دم الحيض في الأذى والطهارة ودم الاستحاضة؟؟؟
لذا فأنا أعتقد يقينا أن الرسول محمدا عليه السلام بريء مما يتقولون ويفترون عليه، مما امتلأت به كتب السلف وعلى رأسها كتاب البخاري الذي يعتبر ( أصح كتاب بعد كتاب الله تعالى)، و أنا أقول إن كتاب البخاري هو أضل كتاب قد أضل المؤمنين، لما يحمل بين دفتيه من اختلاف كثير وكذب وتدليس و وضع لروايات نسبت ظلما وافتراء إلى من لا ينطق عن الهوى إن هو إلا وحي يوحى علمه شديد القوى، لذا لا يمكن أن يخطئ الرسول في تبليغ رسالة ربه التي جعلها في كتاب مبين مكنون لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه تنزيل من عزيز حكيم.
أما النبي فيمكن أن يخطئ في حياته البشرية العادية لأنه بشر مثلنا، (قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَاسْتَقِيمُوا إِلَيْهِ وَاسْتَغْفِرُوهُ وَوَيْلٌ لِلْمُشْرِكِينَ)(6). فصلت. وقد قال الرسل من قبله كذلك: قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلَّا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَنْ نَأْتِيَكُمْ بِسُلْطَانٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلْ الْمُؤْمِنُونَ(11). إبراهيم.
وما يدل على ذلك قوله تعالى:
يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللَّهَ وَلَا تُطِعْ الْكَافِرِينَ وَالْمُنَافِقِينَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا(1). الأحزاب.
يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ تَبْتَغِي مَرْضَاةَ أَزْوَاجِكَ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ(1). التحريم.
الغريب في الأمر معظم الناس يقدسون كتاب البخاري ويحبونه أكثر من تقديسهم لكتاب الله وحبه، ويخافون من سم لحم المشايخ أكثر من وعيد ملك يوم الدين....