بالرغم من إجماع علماء الدين والمفكرين على رفض التطبيع بكل أشكاله مع إسرائيل، إلا أنهم في مصر انقسموا فيما بينهم حول فتوى أطلقها أحد علماء الأزهر الشريف أخيرا بتحريم زواج المصري المسلم من الفتاة الإسرائيلية.
المؤيدون للفتوى أكدوا أن الفتاة الإسرائيلية الآن «محاربة» لأنها تؤيد احتلال القدس والأراضي الفلسطينية، وبالتالي الزواج منها حرام شرعا.
أما المعارضون فيرون إباحة هذا الزواج على اعتبار أن «الفتاة الإسرائيلية «كتابية» تدين باليهودية، أي أنها من أهل الكتاب، وقد أباح الإسلام الزواج من الكتابيات».
صاحب الفتوى الشيخ فرحات المنجي قال: إن «زواج المسلم من الإسرائيلية باطل شرعا، مشيرا، في تصريحات لـصحيفة الراي العام إلى أن بعض العلماء جعلوا الزواج من الكتابيات مكروها، وبالتالي فإن الزواج من المحاربات حتى لو كن كتابيات حرام».
وأوضح أن الله أحل الزواج من الكتابيات في قوله تعالى (اليوم أحل لكم الطيبات وطعام الذين أوتوا الكتاب حل لكم وطعامكم حل لهم والمحصنات من المؤمنات والمحصنات من الذين أوتوا الكتاب من قبلكم) سورة المائدة ـ «5».
وأشار الشيخ المنجي إلى أن «هذه الإباحة الواردة في الآية ليست على إطلاقها، بل هي تخص الكتابيات غير المحاربات أو غير المعاديات للمسلمين».
وأضاف ان «الإسرائيليات الآن هن معاديات ومحاربات ويشاركن في احتلال الأراضي الفلسطينية وقتل وتشريد المسلمين».
وأكد أن «زواج المسلم من الإسرائيلية سيوقعه في حرج شديد ومتناقضات أشد، وسيترتب على ذلك الكثير من الشرور منها إفشاء أسرار المسلمين، والتجسس علينا، ووجود جيل من الأبناء من هذا الزواج يحملون الجنسية الإسرائيلية لأن ابن اليهودية ينسب إلى أمه».
وتساءل الشيخ المنجي: كيف تتحقق روابط المصاهرة والنسب بين السفاحين والسفاحات الصهاينة وبين المسلمين؟ وكيف نسمح بأن يكون لأبنائنا أجداد وأخوال وخالات صهاينة؟
وعن رأي العلماء في فتوى الشيخ المنجي، فقد تباينت ردود فعلهم ما بين مؤيد ومعارض، وقال أستاذ الفقه والشريعة بجامعة الأزهر في القاهرة الدكتور علوي أمين إن «زواج المسلم من الفتاة الإسرائيلية باطل شرعا ويؤدي إلى مفاسد كثيرة، مشيرا إلى أن الابن من هذا الزواج سيتبع ديانة أمه وهي اليهودية وفقا لشريعتهم».
وأوضح الدكتور علوي في تصريحات لـ «الراي» ان «النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ لم يتزوج من يهودية وهي السيدة «صفية» التي أسلمت وأصبحت من أمهات المؤمنين إلا بعد انتصار المسلمين على قبيلتها اليهودية، وكانت من ضمن السراري، فتزوجها النبي بهدف تحرير الأسرى من قومها وقد أعتقهم، فأسلمت، وأسلم قومها معها».
وأكد الداعية الإسلامي وصاحب فتوى إباحة قتل الإسرائيلي في الشارع الشيخ صفوت حجازي أن «الزواج من الإسرائيليات باطل، لأن الإسرائيليين سواء كانوا رجالا أم نساء هم محاربون ومعادون للإسلام والمسلمين، بل ومحتلون ومغتصبون لأراضينا في فلسطين والجولان وجنوب لبنان».
وخلافا للرأي السابق، فإن وكيل مشيخة الأزهر الشريف الأسبق وعضو مجمع البحوث الإسلامية الشيخ محمود عاشور، رفض فتوى الشيخ المنجي، مؤكدا أن «القرآن الكريم نص على إباحة الزواج من الكتابية مع إعطائها مطلق الحرية للبقاء على دينها، بل وأن تمارس طقوسها الدينية وتتردد على دور عبادتها من دون حرج».
وأضاف في تصريحات لـ «الراي» ان «الزواج من أهل الكتاب حلله الله ولا يمكن لأحد أن يحرمه، وأن المحرم فقط هو الزواج من فتاة تؤمن بالديانات الوضعية غير السماوية».
وأشار عاشور إلى أن «هناك فرقا بين الصهيونية العنصرية وبين اليهودية التي هي دين سماوي».
وأوضح أن «هناك اتفاقية سلام بين مصر وإسرائيل، ولا توجد بينهما حروب الآن وبالتالي لا توجد مشاكل في الزواج من الإسرائيليات».
وقال إن «زواج الرسول ـ صلى الله عليه وسلم ـ من أم المؤمنين (صفية) التي كانت يهودية قبل أن تعلن إسلامها عندما تزوجها الرسول، صار تشريعا للأمة الإسلامية، مشيرا إلى أن السيدة صفية عندما كانت تشتكي إلى الرسول من معايرة بقية أمهات المؤمنين لأنها كانت «يهودية»، كان يقول لها «قولي لهن: أبي موسى وعمي هارون وزوجي محمد».
والرأي نفسه يؤكده أمين عام لجنة الدعوة بجمعية أنصار السنة المحمدية بالقاهرة الشيخ عنتر بكر، بقوله إن «الزواج من أهل الكتاب جائز شرعا، وأوضح أن الفتاة إذا كانت يهودية وتؤمن بالكتب المنزلة فيجوز للمسلم أن يتزوج منها».