كانت ملكة على مصر الجزء الثالث من كليوبترا
قصة مقتل بومبي . والملكة كليوبترا والقيصر

نجلاء محمد في الإثنين ٠٥ - سبتمبر - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

في هذا الجزء الثالث سوف تقص لنا كليوبترا عن علاقتها بيوليوس قيصر من خلال قصة مقتل بومبي بطريقة غادرة وكيف استطاعت الوصول للقيصر بدهائها وكيف استطاعت استمالته إلى جانبها

سألتها قائلة : تكلمت وحكيت لنا عن ماركس أنطونيوس وعن علاقتك به على الرغم من أنه لم يكن الأول في حياتك كما قرأنا في التاريخ ولكن الرجل الأول أيتها الملكة الجميلة كان يوليوس قيصر فهل يمكنك سرد موجز للقصة .

فأجابت كليوبترا وقالت : إن علاقتي بيوليوس قيصر بدات مع هذه القصة التي توضح كيف تم اغتيال القائد الروماني بومبي بطريقة غير شريفة ودنيئة من أناس غير أشراف

تبدأ أحداث هذه القصة عندما استيقظت ذات يوم لأجد نفسي هدفا لجماهير متهكمة غاضبةتطالب بتنازلي عن العرش وذلك بسبب المكائد والدسائس التي قام بها كل من بوثينوس وثيودوتس وآخيلاس ففرقت تلك الدسائس بيتي وبين زوجي بطليموس  فوافق على تآمر هؤلاء الأشرار ليخلععوني عن العرش ، واندس أعوانهم سرا بين جماهير وأهل الاسكندرية يبذرون بذور الكراهية والشك ومن بين ما نشروه من مكائد أنني عمليةمؤتمرة بأمر روما .. وسوف أبيع الإسكندرية ومصر بأكملها إلى قيصر وإنني فاسدة وشره لجمع المال وسوف أزيد الضرائب .. وأنني أتمنى موت أخي واغتصبت السلطات الشرعية منه ...

هكذا أخذوا يملئون آذان الشعب بكل فريةيتفتق عنها ذهنهم .. كما أخذوا يدسون الذهب في أيدي الشعب أيضاً وكل ما كانوا يظنون أنه أكثر تأثيرا.

وعندما وجدت جماهير وأهل الإسكندرية قد تأثروا واقتنعوا بهذه الأفعال الدنيئة ، وكانوا غاضبين ويطالبون بتنازلي عن العرش قابلتهم بشجاعة ولكنهم كانوا أقوياء بالنسبة لي وأنا بمفردي ، فكان علىّ أن أهرب من المدينة مثلما فعل أبي من قبل ، فكان علىّ أن أغادر لأول مرة في حياتي مدينة الإسكندرية موطني الذي أحبه فتركت زوجي الصغير الذي كان زوجا لي بالإسم فقط ومستشاريه الدهاة وفي يدهم سلطان الحكم.

أحسست وقتها بخيبة الأمل .ولكني استدركت بأنني وريثة لعرش الفراعنة ومن ببين من تتجسد فيهن إيزيس على الأرض .

لذلك استطعت أن أدبر الهرب إلى سوريا وهناك جمعت جيشا وعدت إلى مدخل مصر إلى حصن بلوزيوم والذي لم يكن يقع بعيدا عن مجرى قناة السويس الحالية، وهنالك انتظرت لتنشب المعركة بيني وبين بطليموس . فكانت هذه المعركة ضمن المعارك التي روى عنها التاريخ بالرغم من الاستعداد والتأهب الكبير والعتاد الحربي الكامل التي أٌعد لها  .

وتدخلت روما مرة أخرى إذ أن الخيوط المتشابكة لمصير مصر والجمهورية الرومانية قد ازدادت تشابكاً أكثر من ذي قبل .

فكان الحسد والتنازع سببا في فصم عرى الحكومة الثلاثية ، وما إن عاد يوليوس قيصر من حملاته الخارجية حتى التحم في نضال مميت مع بومبي من أجل السلطة ، وهددت المنافسة والحرب الأهلية بين الروماني والروماني بحلول كارثة ن إذ أنها لا يمكن أن تنتهي إلا بالقضاء التام على واحد منهما .    

وفي موقعة فارسالوس في هذه الموقعة عزف جيش بومبي عن مقاتلة أخوته في السلاح فحلت ببومبي هزيمة ساحقة بدلاً من النصر الذي كان واثقاً من الفوز به.

وبينما كنت أنا كليوبترا في الناحية الأخرى من البحر المتوسط أستعد لملاقاة أعدائي عند بلوزيوم فربومبي من أرض الموقعة وهرب في سفينة وقد أصبح شخصاً مضيعاً تخلا عنه أصدقاؤه القدماء، وكان يريد الهدوء إلى اي مكان ولكن إلى أين يذهب لينشد الأمان والحماية ؟

وكان هناك مكانان محتملان ، إفريقيا ومصر.

وكانت إفريقيا أكثر بعداً من روما ولكن بومبي كان لا يميل إلى ملك موريتانيا الملك جوبا وكان يعرف أنه لا يكون على الرحب والسعة إذا ما جاء إلى بلاط المك طالباً منه الحماية.

فصمم على الذهاب إلى مصر حيث كان يتوقع أن يجد ملاذاً.

وحوالي نهاية شهر سبتمبر سنة 48 ق. م. ظهرت السفينة التي كانت تحمل بومبي وزوجته كورنليا وأبنه الصغير أمام الجيشان المتنافسين (جيشي وجيش بطليموس) اللذان كانا يواجهان بعضهم البعض عند بلوزيوم . ونزل رسول من السفينة يحمل رجاء من دكتاتور روما السابق إلى ملك مصر طالباً منه الحماية والمساعدة .

وتشاور السادة الحقيقيون للبلاد ، بوثينوس وثيودتس وآخيلاس ، وقرروا أنهم إذا أنقذو بومبي فإنه لن يكون نصير إلى عدوتهم كيلوبترا ولكن من الناحية الأخرى فإن ذلك سوف يغضب منهم قيصر ومن المحتمل أن بومبي سوف يصبح آمراً ناهياً بينهم وكان لثيودوتس ، مدرس البلاغة ، الكلمة النهائية  "إن الموتى لا يعضون" وسوف يكون قيصر شاكراً إن هم قتلوا منافسه وكان قيصر وقتئذ أقوى رومانى حي ، ومن ناحة أخرى فإن بومبي سوف لا يكون قادراً على أن يلحق أي ضرر بهم .

وعاهده بعملية القتل الغادرة إلى الرجل الأقوى فيهم    وهو أخيلاس .

فأختار ضابطاً غادراً من ضباط بومبي السابقين ، أسمه سبتميوس ، وقائد مائة لمساعدته . فنزلوا إلي زورق الصيد ثانية إلى الشاطئ وأخذ بيد جندي ليساعده على النزول إلى الأرض ، وفي هذه اللحظة ضرب سبتميوس بومبي من الخلف وطعنه بسيفه العريض ، وفعل أخيلاس والقائد نفس الشيئ وغطى بومبي وجهه ليخفي ما كان  يحس به من ألم ،وسقط بومبي العظيم ميتاً بدون أن يتفوه بكلمة واحدة وكان من الميسور رؤية المأساة بوضوح من السفينة وترددت صرخت كرونليا المفزعة من الشاطئ أمر القائد بالأقلاع على الفور أن تفرد شراعها حتى يستطيعون الخروج إلى عرض البحر تدفعهم الرياح القوية.

 وأذا كان ثيودوتس وبوثينوس وآخيلاس قد ظنوا بأنهم بهذا العمل الخسيس سوف ينالون حظوة لدى يوليوس قيصر فإنهم كانو مخطئن فبعد أربعة أيام رسا قيصر على شاطئ البحر عند الأسكندرية بفرقة وهو يطارد منافسه المهزوم وأسرع ثيودوتس ليقابله ومعه رأس بومبي ولكن قيصر أشح برأسه في فزع ويأس ، وعندما أعطوه خاتم بومبي الذي نقش عليه صورة أسد ممسكاً سيفه ، أخذه وبكى لقد كان هذا عملاً دنيئاً وعملاً لا ترضى عنه اخلاقه القويمة لقد كان بومبي رومانياً مشهوراً وجندياً ممتازاً وخصماً عنيداً وشريفاً.

فطرد قيصر قتلته وأقام له جنازة تناسب رتبته ومكانته وأرسل سفينة مجللة بالسواد ومعها رماد جثة بومبي إلى أرملته كدليل على أحترامه العميق

نقل جواسيسي كل هذه الأخبار إلى خيمتي في بلوزيوم .  وكان قيصر قد نزل إلى البر ومعه فرقتان وحرس من الفرسان ، ونزل في القصر الملكي في برخيون  في منزلي . ولكي يظهر أنه أراد أن يفرض إرادة روما على سياسة الاسكندرية سار خلال شوارع المدينة على رأس جنده مسبوقا، كما لو كان في موكب قنصلي .

ومع أن أهالي الاسكندرية قد أعجبوا بالعرض فقد استنكروا هذه الإهانة الموجهة إلى سلطتهم الوطنية .واندلعت الاضطرابات فأرسل قيصر في طلب الامدادات من سوريا ، إذ صمم على إصلاح الأمور في البيت المالك المصري المنقسم على نفسه .

سمعت بهذه الأخبار كلها وأنا في معسكري فأثارتني تلك الأنباء فقلت لنفسي هاهو رجل أستطيع أن أعجب به رجل عظيم لدرجة تجعله يكرم عدوه المهزوم ، ولا يخجل من أن يذرف الدمع على نهايته المحزنة .

فسالت طبيبي أوليمبوس ، كم عمر قيصر هذا ؟ وأي نوع من الرجال هو ؟

فأجابني طبيبي بهذا الرد الغامض " إن قيصر كبير السن ، ومع ذلك فهو ليس برجل شيخ .. رجل قام بأعمال عظيمة وعاش حياة قاسية ولم يرحم نفسه أبداً ومع ذلك فهو رجل يعنى بملابسه ويحب النساء اللائي يختارهن بنفس العناية في تأنقه الشديد . رجل يحلم بأنه سيحكم العالم وقد وٌلد ليحكم الرجال"

فسرحت بأفكاري أنني إنسانة منفية بلا أمل في الاقتراب منه لعرض قضيتي لأعرض عليه حقي الشرعي في الجلوس على العرش كحاكم شريك مع بطليموس (الذي أسرع عائدا إلى العاصمة فلم يخوضا معركتهما) . ولكن أعدائي يحيطون بقيصر وسوف ألقي حتفي قبل أن أصل إلى قيصر إذا حاولت ذلك علانية .

وكان قيصر قد استدعى الملك الصبي بطليموس الثاني عشر وكان معه في القصر، وكان من السهل جدا أن يتوسط لصالحه هو . ولم أكن هناك لأعرض قضيتي .

ولم تكن هناك فرصة سانحة أستطيع بها المرور بين صفوف الجيش المصري وأنا على قيد الحياة ، فإن ثيودوتس وآخيلاس سوف لا يجعلنا الفرصة تفوت من بين أيديهما .

ولم يكن يوليوس قيصر قاهر بلاد الغال قد عرف إلا القليل من صفاتي ، لذلك أدركت أنه يتحتم على أن أخدع أعدائي وأن أصل إلى القيصر بطريقة ما ، وخاصة بعدما أخبرني طبيبي أوليمبيوس بأن نقطة ضعف القيصر هى تأثره بالنساء ، فإذا استطعت ان أواجهه شخصياً فكنت واثقة من استمالته إلى جانبي .

وفي الجلسة القادمة سوف أٌكمل باقي القصة إلى النهاية .

اجمالي القراءات 23042