الشريعة و عقوبة السارق و السارقة
مصطفى فهمى
في
الجمعة ١٩ - أغسطس - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً
دعوة للتفكر
إن اللاحق فى هذا البحث لهو دعوة للتفكير و التفكر و الإدراك و العقل و التدبر و البحث فيما هو وارد إلينا و مشهور لدينا بأنه محتوى و تفصيل ما يسمى "بالشريعة الإسلامية" ـ إن جاز لنا هذا التعبير، و ما هو فى ظننا إلا فقه و اجتهاد بشر - وهو بالضرورة ليس كل ما قيل - نأخذه مأخذ المسلمات و نقدسه و نلحقه بالشارع سبحانه و تعالى و نجزم و نرهب الناس أن هذا مراده، و تنبع خطورة ذلك لما يدور الأن بالمطالبة بحق فى ظاهره يراد به باطل فى باطنه بل و يراد به مغنم سياسى للوثوب على الحكم بالتلاعب و ركوب عقول البسطاء و العامة من الشعب المصرى.
تم اختيارى لموضوع مشهور فى ما يسمى "بالشريعة الإسلامية" قد يكون صادما لأغلب الناس و ذلك عن عمد ليكون مثالا لعموم الحال و ليس لخصوص الموضوع.
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَ
إن ما نظن أنه الشرع الإسلامى "(الإسلام اصطلاحا – رسالة الرسول محمد) الذى يلزم بقطع يد من "سرق" "بالبتر" هو فقط التقنين للجريمة و عقوبتها و غير ذلك يكون خارج الشرع، يجانبه الصواب فى رأينا، وإنما ما شرعه الله للبشر هو كليات و رؤوس أقلام، و على البشر إعمال العقل فى تكييف الجرم و تكييف العقوبة حسب الزمان و المكان و الظروف حتى تتحقق نتائجها و تحقق المراد الإلهى و هو عدم الاعتداء على الآخر بالسرقة و كذلك تشريع عقوبة تحقق الردع
وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالًا مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (38) المائدة
لن نتكلم هنا عن تفاصيل توصيف السرقة لأن توصيفها هو توصيف بشرى و إن كان فى عمومه (أخذ من حرز فى غفلة من صاحبه) و لكنه لا يخرج عن كونه نوع من اعتياد الاعتداء على الآخر بالسرقة، و عدم الاعتداء على الآخر هو شرع إلهى لم يحيد عنه الله فى كل رسائله للبشر و لم يختص به رسالة الرسول محمد (الإسلام اصطلاحا)
تعريف "سارق" بصيغة "فاعل"
و من ضمن استعمالات صيغة "فاعل" فى لغة العرب تكون للدلالة على المتابعة. بمعنى استمرارية و دوام الفعل وعدم انقطاعه و عليه نرى أن السارق هو معتاد السرقة
عقوبة السارق و السارقة
أما العقوبة "بقطع" اليد أو الأيادى التى قننت من الفقهاء ببتر اليد عن الجسم و ألصقت بالشرع المسمى بالإسلامى (اصطلاحا) بأنه العقوبة المقصودة من الله و لا غيرها، فإنه فهم بشرى قاصر لفئة من الناس لمعنى الكلمة و المقصود منها، و وضعوا المبررات لفهمهم حسب زمانهم و علمهم، و اتبعهم الباقى بلا تفكير لأنهم ظنوا أنه المراد الإلهى
تعريف معنى القطع
و القطع يتراوح و يحتمل معناه بين البتر و الجرح و التقسيم و الفصل و المباعدة و المنع و الغَل ماديا كان أو معنويا و يكون أيضا لها معانى أخرى بنفس المفهوم حسب موضعها فى السياق
و من يتدبر القرآن يرى كل تلك المعانى للقطع، سواء كانت فاصلة قاطعة على معنى محدد لا يحتمل غيره من السياق أو معنى يراد به توسيع المفهوم على أن يكون تفعيل المراد الإلهى هو المطلوب إدراكه، فمن أخذوا بالقطع على أنه البتر أو من أخذ بالسجن أو من أخذ بالتدرج بينهما حسب فداحة الجرم أو من أخذ بغير ذلك متأكدا حسب علمه و مكانه و زمانه و ظروفه، بأنه يحقق المراد الإلهى بغل"أيادى السارق و السارقة"، فإنه بذلك يطبق مراد الله
و عليه لا نستطيع و لا يجوز تخصيص و إلحاق ما توصل له علم فقه بشرى مختلف فيه من أن عقوبة السارق و السارقة هى بتر اليد أو الأيادى على أنه هو شرع الله و لا غيره، وهذه هى مشكلتنا نحن أتباع رسالة الرسول محمد (المسلمين اصطلاحا) ـ كلّ حسب فرقته ـ حيث ألحقت كل فرقة ما جاءها من علوم الفقه و الأثر بالإله و اعتبرته هو المراد و الحكم الإلهى و لا غيره، و أطلقت عليه (الشريعة الإسلامية اصطلاحا) و أوقفته على كل المكان و على مر الزمان
ولكم منى دوام الود
تعريفات و معانى لازمة
الإسلام و الدين
الإسلام فى العموم هو التسليم بلا قيد أو شرط أى معناه الخضوع
الإسلام فى الخصوص هو التسليم و الخضوع لله المهيمن
الدين فى العموم هو ما ندين به لديان أسلمنا له، و بمعنى آخر، هو طاعة المرء والتزامه بما يعتقد أنه مراد الديان
الدين فى الخصوص هو ما ندين به للديان "الله" الذى أسلمنا له، و بمعنى آخر، هو طاعة المرء والتزامه بما يعتقد أنه مراد الديان من خلال رسائله
قُلْ آمَنَّا بِاللَّهِ وَمَا أُنْزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِنْ رَبِّهِمْ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ (84) وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ (85) آل عمران
المعنى المعجمى للشريعة: الشِّرْعةُ و الشريعة في كلام العرب: مَشْرَعةُ الماء وهي مَوْرِدُ الشاربةِ التي يَشْرَعُها الناس فيشربون منها ويَسْتَقُونَ، والعرب لا تسميها شريعة حتى يكون الماء عِدًّا لا انقطاع له
المعنى القرآنى للشريعة: يكون معنى الشريعة فى القرآن هى المنهل و المورد المتدفق الذى لا ينضب الذى يبين من الأمر (المراد الإلهى) ما يريده الله من الناس، أى أن الشريعة هى أداة و وسيلة ناقلة للأمر (مراد الله) للناس
وَآتَيْنَاهُمْ بَيِّنَاتٍ مِنَ الْأَمْرِ فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْيًا بَيْنَهُمْ إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (17) ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلَا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ (18)الجاثية