د. زقزوق في " بيت الشاعر " : مستشرقو العصور الوسطى الأكثر إساءة للرسول
|
جانب من الأمسية |
مع تصاعد نعرات العداء للإسلام على كافة الأصعدة الغربية ، تشتد الحاجة لفتح ملف الاستشراق الغربي ، أو ذلك التيار الغربي الراغب في دراسة الشرق بصورة متأنية ، آدابه ولغته وديانته وحضارته ، والذي بدأ منذ العصور الوسطى وإلى الآن واستمدت من خلاله التصورات الغربية عن الشرق عامة وعن العالم الإسلامي بصورة خاصة ، وحول المستشرقين وأساليب الحوار مع الغرب استضاف " بيت الشاعر " وزير الأوقاف المصري د. محمود حمدي زقزوق ، في أمسية قدم لها الإعلامي جمال الشاعر وشهدت حضورا مكثفا وخاصة من دعاة المستقبل الأزهريين .
ولفت جمال الشاعر في البداية إلى ان مكان " بيت الشاعر " الذي تم افتتاحه مؤخرا بشارع المعز ، ذو أهمية كبيرة لإثراء حوار الثقافات لأن معظم مرتاديه من الأجانب والسائحين ، وبالتالي نتمكن عبر الحوار من التعريف بوضوح بأبرز قضايانا .
وقال أن الاستشراق كقضية اهتم بها العديد من الدارسين العرب ، ولكن ادوارد سعيد المفكر الفلسطيني جسدها بكتاباته منذ بداياتها ووصولا للعصر الحالي وكيف حاكت أمريكا كل حروبها ضد المسلمين بزعم محاربة الإرهاب .
من جهته أوضح د. زقزوق أن الإستشراق يتناول ليس فقط ديانات الشرق وعلى رأسها الإسلام ، وإنما أيضا الفكر والحضارة الإسلامية عموما ، وهناك إشارات قرآنية واضحة على علاقة الإسلام بالغرب والتي لا يجب قطعها ؛ ففي بداية الدعوة الإسلامية حينما كان سيدنا محمد – صلى الله عليه وسلم – وأصحابه في مكة يواجهون مشركي قريش ، كانت هناك حربا كبيرا تدور بين الفرس – وهم وثنيون – والروم – وهم مسيحيون – وأنه لما انهزم الروم المسيحيون ، قال مشركو قريش : " هزم أخوانكم أهل الكتاب وانتصر اخواننا الوثنيون ، وسنهزمكم كما هزموهم " ، وسجل القرآن الكريم ذلك في قوله تعالى : " غُلِبَتِ الرُّومُ . فِي أَدْنَى الأَرْضِ وَهُم مِّن بَعْدِ غَلَبِهِمْ سَيَغْلِبُونَ . فِي بِضْعِ سِنِينَ لِلَّهِ الأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ وَيَوْمَئِذٍ يَفْرَحُ الْمُؤْمِنُونَ بِنَصْرِ اللَّهِ".
ونرى أن المسلمين قد حزنوا لهزيمة الروم النصارى ، في حين فرح المشركون ، ومن هنا نرى الخيط الرابط بين الأوروبيين أو الروم قديما وبين الشرق والمسلمين ، والقرآن في نصوصه لا يمنع هذا التعاطف بين أهل الكتاب ؛ فيقول الحق تعالى : " وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ".
وشهدت علاقة المسلمين والغرب توترات عسكرية كثيرة بعد ذلك ، والتي بلغت ذروتها بالحروب الصليبية التي دامت نحو قرن من الزمان ، إلى أن قام القائد المسلم صلاح الدين بحربه الشهيرة التي انتهت بطرد الصليبيين من القدس ، ومع ذلك عاملهم وفق شريعة الإسلام حتى أرسل طبيبه الخاص ليعالج ألد أعدائه ، رغم الفظاعات الوحشية التي ارتكبها الصليبيون حينما احتلوا البلاد ، كما منع صلاح الدين جيشه من تدمير أماكن العبادة والمقدسات المسيحية ، وأمن للصليبيين عودتهم لبلادهم وأعطى لفقرائهم من المؤن ما يعينهم على العودة ، وقد اقتضى في كل ذلك بالنبي – صلى الله عليه وسلم – حينما دخل مكة وأصحابه وعفا عن أهلها من قريش الذين أذاقوهم الويلات قبل الهجرة .
وحينما نتحدث عن الباحثين الغرب الذين درسوا الإسلام عقيدة وحضارة وتاريخ ، فإننا لا نعلم متى نشأت هذه الدراسات ؛ فالبعض يقول أنه كعلم نشأ في عام 1312 حينما صدر قرار مجمع فيينا الكنسي بإنشاء أقسام اللغة العربية في خمس جامعات أوروبية، هي أكسفورد، سلمنكا بأسبانيا، بولونيا، وأيضا جامعة المدينة الباباوية، وجامعة بولونيا.
وبعض المؤرخين يرجعون تاريخ الاستشراق إلى القرن العاشر الميلادي في فترة بابا الفاتيكان الذي تقلد منصب الباباوية تحديدا في 999 وحتى 1003 ميلادية. والبعض الآخر يرجع بداية الاستشراق لبدايات القرن الحادي عشر والثاني، وكل منهم يأتي ببراهينه.
يواصل د. زقزوق : حينما نشأ الإستشراق كانت الحضارة الإسلامية في أوج ازدهارها ، وكانت أوروبا لا تزال تقبع في ظلام العصور الوسطى، ودائما الشعوب المتخلفة تسير على نهج المتقدمة ؛ فنشط الأوربيون في القرن الحادي والثاني والثالث عشر في ترجمة كل ما وصل أيديهم من التراث العربي إلى اللغة اللاتينية، التي كانت لغة ثقافية في كل أنحاء أوروبا، فهي لغة علمية لكن لا يتحدث بها.
واحدة من المستشرقين