مع احترامى لك ولما تفضلت به من نصيحة ، ومع تقديرى لاهتمامك بشخصى الضعيف ووصفك لى بما لا أستحقه فاسمح لى بالقول بأننى رسمت طريقى لنفسى من بداية تكوينى العلمى ، بل وحتى قدرت أننى سألقى متاعب قد تعوقنى بعض سنوات عن تحقيق ما أريد فى الاطار الزمنى الموضوع ، وأخطأت فى تقديرى فلم أكن أتصور أن تصل المعاناة الى الطرد من الجامعة و السجن و التشرد . ولا زلت حتى الآن ماضيا فى طريقى ، راجيا أن أظل عليه الى آخر طرفة من عينى ..
كمؤرخ وباحث ودارس للتاريخ وعاشق له أعرف أننى مجرد شاهد على العصر الذى أعيشه ، هو ليس عصرى لأننى شاهد خصم له وهو منكر لى . العصر القادم هو الذى أتوقع أن يكون منصفا لى ، هو الذى أتوقع أن يكون هو عصرى ، والذى أتمنى أن أجد فيه الانصاف بعد موتى بعدة عقود. ولذا فأنا دائما أخاطب قارئا فى ضمير الغيب لم يوجد بعد ، وأنقل له عصرى وأحداثه ومعاناتى فيه و أبحاثى وأفكارى التى ستكون متداولة و تحظى وقتها بالقبول ـ بل ربما سيستغرب الأحفاد من خبل و حمق أجدادهم فى عصرنا هذا.
ليس هذا هو السبب الوحيد . هناك سبب أعظم وأسمى ..هو الايمان باليوم الآخر .هذا الايمان باليوم الآخر هو الذى أعطانى القوة و العزيمة والتحمل والصبر. فيه سينال الظالم عقابه وينال المحسن ثوابه . وأملى أن يكون جهادى السلمى فى تبرئة الاسلام من جرائم المسلمين هو جواز مرورى الى الجنة ونجاتى من النار. أملى أن أنجح فى نشر كل ما تبقى لى من مؤلفات ، وأن أستكمل ما لم يتم منها حتى تنتهى مهمتى على خير فى هذه الحياة.
. .على الله جل وعلا التوكل ومنه جل وعلا العون