نساء مصريات ذكرهن القرآن الكريم
الجزء الثالث والأخير من إمرأة فرعون

نجلاء محمد في الأحد ١٠ - يوليو - ٢٠١١ ١٢:٠٠ صباحاً

يتناول الجزء الثالث والأخير توضيح الشخصية الأكثر احتمالا لفرعون موسى وبالتالي زوجته التي هى موضوع المقالات التي نريد التعرف عليها أكثر من خلال سطور التاريخ .

وأرى في هذا الجزء محاولة الإجابة على سؤال الأستاذ عابد أسير في التعليق على الجزء الأول الذي يقول فيه (إذا كان فرعون موسى  هلك غرقا هو ومن معه فمن الذى قام بالطقوس المعروفة من دفن وتحنيط الخ   ألا يعنى ذلك أن فرعون موسى ليس ممن نعرفهم أو وجدت لهم قبور أو معابد أو مومياوات  وخاصة أن النص القرآن ذكر أنه سبحانه وتعالى  أورث بنى إسرائيل أرضهم بعد هلاكهم أى لم يكن هناك من يهتم لأمر جثة هذا الفرعون أو من معه)

بعد أن أدخل الدكتور سعيد ثابت هذا التوزيع إلى "الكومبيوتر" .. وجاءت النتيجة تقول إن الملك الأكثر احتمالاً بين كل الملوك.. هو الملك الذي كان يعرف "إلهاً " أكثر منه "ملكاً" وكانت قصته أسطورة.

وهذا الملك هو أوزوريس!

  لذلك يرى الدكتور ثابت أن أسطورة أوزوريس.. مبينة على قصة حقيقة.. وإن كان قد أدخل عليها تحريف.

   فقصة أوزوريس .. هى في الأساس صراع بين الخير والشر.. وانتصار الخير في النهاية..

وكذلك قصة موسى وفرعون.. هى قصة الصراع بين الخير والشر .. وانتصار الخير في النهاية.

 

  ويتناول  أسطورة اوزوريس بدراسة مطولة ، ويعقد المقارنة بين الأسطورة التي يرى أن لها أساساً من الحقيقة، وبين القصة الدينية التي أوردها القرآن الكريم.. ويقول:

أولاً:

إن إمرأة فرعون التي يذكر القرآن الكريم أنها كانت مثالاً في الايمان والهداية.. وإنها تبنت موسى فقامت على تربيته ورعايته حتى صار رجلاً .. يذكر التصحيف اليوناني أنها كانت تدعى "إيزيس" .

  أما باللغة المصرية القديمة فكانت تدعى "إست".. وهو اسم قريب من اسم "آسيا" الذي ورد باللغة العربية.

وقد ورد عن إيزيس أيضاً أنها لم تنجب..وإنها تبنت ولداً

 

ثــانيـــاً:  

 إن نهاية فرعون  في القصة الدينية هى الموت غرقاً .

ونهاية  أوزوريس في الأسطورة هى الموت غرقاً .. ويلفت دكتور ثابت النظر إلى أن قصة أوزوريس التي يقال عنها عادة إنها أسطورة.. ليست خيالاً محضاً كما يفهم الناس من كلمة اسطورة.. فالأسطورة عند علماء الأساطير أمثال تايلور وشتراوس وفريزير  تنبع أساساً من الحياة الواقعة للإنسان وتصور مثلاً الطبيعة حوله وتفسرها.. أو تحاول تعليل وقائع تاريخية خارقة للعادة.. وهى  بهذا ليست مجرد خيال عابث لا أساس له من الواقع .. إلا أنها في نفس الوقت تنسج حول هذا الواقع نسيجاً من الخيال تؤثر عليه عوامل مختلفة مثل تضارب المصالح الخاصة بالفئات التي لها دور واضح في عملية صياغة الأسطورة..

 

وهذا الخيال  هو المسئول عن الاختلافات التي تبدو بين الأصل التاريخي والقصة الأسطورية.

 

   وقال: إننا سوف نجد في مقارنتنا أسطورة أوزوريس بسيرة موسى وفرعون مواطن تشابهات عديدة.. وسوف نجد في نفس الوقت مواطن اختلافات كذلك..

 

  لكن هذه الاختلافات لن تؤثر على دقة المقارنة بين الأصل والقصة، وهى راجعة في حقيقتها إلى الطبيعة القصصية الخاصة بالأسطورة بالمعنى المعروف عند العلماء المتخصصين.

·      وفي دراسة مقارنة عن كل من فرعون موسى .. وأوزوريس يذكر الدكتور ثابت أن التشابه قائم في موضعين أساسين.

الموضع الأول: الصراع بين الخير والشر.

أما الموضع الثاني: فهو التشابه في جزيئات أو تفاصيل هذا الصراع.. وأمثلة ذلك:

_ تشابه الأسماء في أفراد العائلة الفرعونية،والأوزورية.

_ إن كلا منهما إدعى الألوهية المطلقة لنفسه.

_ إن كلا منهما كان من الملوك ذوي المقام العالي والثراء الواسع وشدة البأس.

_ إن كلا منهما له الصفة المعروفة بذوي الأوتاد.

_ إن قصة التابوت وما حواه من إنسان قذف به إلى اليم وردت    في سيرة كل منهما .. مع اختلاف تفاصيل القصتين.

_ انتشار السحر في زمان كلا منهما.

_ إن كلا منهما مات غرقاً.

_ إن كلا منهما نجا ببدنه بعد الغرق فصار أسطورة زمانه وزمان من تبعه من أجيال.

 

   ويقول  إن المؤرخ "بلوتارخ" يذكر أن قصة اوزوريس  وإن كانت قدمت على أنها أسطورة  إلا أنه يعتقد أن أوزوريس كان ملكاً حقيقياً .. وكان حاكماً لمصر في زمن من أزمان ما قبل الأسرات.

  أيضا العالم الهولندي "بايكر" فهو يؤيد أن أوزوريس كان ملكاً حكم مصر في وقت من الأوقات.

  أما العالم الفرنسي "الكسندر موريه"  فهو يرى أن الصورة التي صُوِّر بها أوزوريس والتي تظهره على شكل رجل يحمل على رأسه ريشتين ويحمل في يده عصا معقوفة، وفي اليد الأخرى سوطاً هى صورة قديمة جدا مميزة لرئيس القبيلة.. ويذكر أيضا العالم الفرنسي أن أول ما عرف عن أوزوريس كان في بلدة "جدو" عاصمة الإقليم التاسع من أقاليم مصر السفلى وهى بلدة "أبو صير" الحالية التي تقع في منطقة الدلتا إلى الجنوب من سمنود على الضفة الغربية لفرع دمياط.

 ويقول  :إن تلك المنطقة التي أشار إليها العالم الفرنسي الكسندر موريه كانت في رأي كثير من العلماء مسرحاً للأحداث الكبيرة لبني إسرائيل في مصر .. وهو ما يؤكد عليه في بحثه ايضا.  

 

ويتوقف الدكتور سعيد ثابت مرة ثانية عند اسم اوزوريس .. ويقول إن اوزوريس .. وهى التسمية اليونانية ـ كما سبقت الاشارة ـ  كان يُدْعِى في التراجم المصرية القديمة" اون ـ نفر".. وهى كلمة مكونة من مقطعين هما : "أون" .. و.. "نفر" .. ومن الممكن طبقاً لقواعد اللغة الهيروغليفية أن تكتب الكلمة بطريقة عكسية "نفر" .. أون .. ومن الممكن أيضاً ـ طبقاً لعادة قدماء المصريين ـ حذف بعض الحروف الأصلية من الكلمات الصعبة أو كثير الاستعمال.. وإذا طبقنا ذلك على كلمة "نفرــ أون".. فسوف تصبح "فر ــ أون" .. أو "فر ــ عون" وهو ما يمكن اعتباره محتملاً جداً .

 ولم يتوقف الدكتور  ثابت عند تحديد  شخصية فرعون موسى .. بل راح يبحث عن "المومياء" وعن "المقبرة"..

             وصارت إمرأة فرعون مثلا للمؤمنين والمؤمنات

   يا نساء مصر ويا فتياتها لكم أتمنى لَكُنّ أن تحذون حذو أمُكُنّ  المؤمنة والتي صارت مثلا للذين آمنوا من المؤمنين والمؤمنات .. والله يجتبي إليه من يشاء .. فلقد اختارها الله تعالى أن تكون ذلك المثل في الإيمان..

 إن الأمومة والأبوة ليست فقط بالصفات الوراثية والرحمية والأصلاب.. ولكن أقوى أصناف الأمومة هى أمومة الروح والعقيدة.. والإيمان ذلك الشعور والوجدان الذي يجعل الإنسان أماً أو أباً حتى ولو باعدت القرون والأزمان والمكان.. بين الأم وبناتها ..

إن إسم الانسان لايهمنا في المقام الأول  ولكن ما يهمنا ويشغلنا هو ذلك الإيمان الذي يملأ سويداء القلب والنفس، ولقد كانت أمُنُا أسيا أو إيزيس من المؤمنات العابدات القانتات .. ولكن "علم التاريخ" يمكن أن يخبرنا بالأسماء للمؤمنين والمؤمنات والمستعلين المتألهين والخائنات.

التاريخ لم يخبرنا أنها لم ترزق الأولاد من رحمها ولكن الله مَنّ عليها ووهب لها طفلا من ذرية طاهرة وسليل ذرية ابراهيم وبنيه..! هذا الطفل هو موسى فكانت له أُمّان ، أم رحمية أنجبته وأرضعته على حين غفلة من فرعون المستبد أوزوريس - كما اتضح من البحث - وهو المستعلي بالألوهية والتجبر.

وأمٌ ربته وعلمته حتى صار رجلاً وإن كانت لم تنجبه وأسبغت عليه الحماية والرعاية حتى بلغ أشده، إنها إمرأة فرعون.. أو بعلم التاريخ ممكن أن تكون (إيزيس) تلك المؤمنة التي صارت مثلا للإيمان والهداية لكل المؤمنين والمؤمنات حتى قيام الساعة..

   ولهذا قال الله تعالى  لموسى "ولتصنع على عيني" لأن له أُمّان" ، أمه التي انجبته من رحمها ووضعته في التابوت وألقت به في اليم كما اوحى الله لها .. وأم ملكة مؤمنة عابدة  تحميه من بطش زوجها الكافر المتأله الذي كان يذبح أبناء بني اسرئيل ويستحيي نسائهم!

  ما أروع إيمان  هذه الملكة المؤمنة العابدة في  سالف الأزمان وأقدمها ..

كل هذا الإيمان بالله تعالى ووحدانيته .. وتعاليمه وانتِ زوجة لرجل كافرمتأله طاغية مستعلي.؟

أهكذا يمكن للفتاة أو المرأة المصرية ان تكون زوجة لرجل مخالف في العقيدة  بل مستعلٍ متكبر كافر لايؤمن بيوم الحساب.. وتحتفظ بإيمانها وتوحيدها لله تعالى وتصير خير خلف لخير سلفٍ

إمرأة فرعون هى فخر ومثل لكل مصرية يجب ان تضعه نصب أعينها ..  وعند اشتداد الأزمات ندعوا دعاءها  حين  ( قَالَتْ: رَبِّ ابْنِ لِي عِندَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ وَنَجِّنِي مِن فِرْعَوْنَ وَعَمَلِهِ وَنَجِّنِي مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ }التحريم11.ودائماً صدق الله العظيم .

كانت هذه نتيجة الدراسة التي قام بها دكتور سعيد ثابت قد يختلف معه البعض وقد يتفق ولكن في النهاية هى مجرد استنتاجات قابلة للصواب وللخطأ .

وفي النهاية نؤكد على أن العبرة ليست بالأسماء ولكن العبرة بالأعمال وبالإيمان الصادر عن هذه الأسماء

اجمالي القراءات 23451